شكّل هجوم أربيل الصاروخي خطوة غير مسبوقة للميليشيات الإيرانية في العراق، بقصف مدينة رئيسية، وقاعدة أمريكية في إقليم كردستان، ما يحمل رسائل عديدة من طهران، ويستوجب تحركاً حاسماً من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لردع نظام الملالي.
وذكر تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أنّ الهجوم الذي شهدته مدينة أربيل عاصمة كردستان العراقية، يوم 15 شباط (فبراير) الجاري، نُفذ بإطلاق 28 صاروخاً، سقط أكثر من 12 منها على المدينة المكتظة بالسكان، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
معهد واشنطن: الهجوم له صلة بجماعة عصائب أهل الحق، ومعلومات استخباراتية تؤكد دور إيران فيه
وعن الجهة التي نفذت هجوم أربيل، أوضح التقرير أنه بعد وقوعه أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم "سرايا أولياء الدم" مسؤوليتها عنه، وهي جماعة تتبنّى بعض الهجمات بين الفينة والأخرى، آخرها هجوم 25 كانون الثاني (يناير) 2021 بتفجير مركبة أحد المقاولين العاملين مع قوات التحالف، جنوب العراق.
وأوضح التقرير أنّ الهجوم له صلة بجماعة عصائب أهل الحق المرتبطة بإيران، والتي صنفتها الولايات المتحدة ضمن الجماعات الإرهابية في 3 كانون الثاني (يناير) 2020، فبعد دقائق من الهجوم، نشر موقع "صابرين نيوز" التابع لها صوراً أوّلية للهجوم.
وذكر تقرير معهد واشنطن أنّ المعلومات الاستخباراتية الأمريكية السرّية تشير إلى ضلوع إيران في الهجوم، وبالتالي فإنّ إدارة بايدن تواجه الآن المهمّة الصعبة، بصياغة الرد على عملية أربيل، وهو الرد الذي يجب أن يكون محسوباً، ويجب أن يتمّ اتخاذ بعض القرارات الخاصة بكيفية ردع أي هجمات مماثلة تستهدف أفراداً أمريكيين أو شركاء أمريكا في المستقبل، وإلا فإن إدارة بايدن ستفقد مصداقيتها في عيون الشركاء الإقليميين.
دبلوماسي أمريكي: هجوم أربيل حمل دلالات تشير بالإصبع إلى الميليشيات الموالية لإيران
واعتبر تقرير معهد واشنطن أنّ هناك العديد من الخطوات التي يجب على إدارة بايدن الإقدام عليها، أهمها أن تعلن واشنطن أنّ رفع العقوبات عن طهران والعودة إلى المفاوضات مقترن بوقف العنف، مثل هجمات الطائرات المسيّرة التي يشنّها الحوثيون على المملكة العربية السعودية، واستهدافهم للحكومة اليمنية في هجوم مطار عدن، وكذلك هجمات عصائب أهل الحق الصاروخية.
وفي السياق، قال دبلوماسي أمريكي كبير سابق وخبير إقليمي، بحسب ما أوردت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية اليوم: إنّ هجوم أربيل حمل دلالات تشير بالإصبع إلى الميليشيات الموالية لإيران، عبر التكتيكات والأسلحة والمنشورات التي بثت على الإنترنت، والتي جاءت مشابهة إلى حد بعيد لهجمات سابقة تعرّضت لها أهداف أمريكية في العراق.
وقال دوغلاس سيليمان الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق من 2016 إلى 2019 : "ليس لدي أدنى شك حول هوية من يقف وراء ذلك... الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران هي التي تقف وراء ذلك".
وأضاف: "لقد كان هجوماً مخططاً له بجدّية عبر استخدام الخبرات العسكرية التي اكتسبتها الميليشيات الشيعية على مدى العقد الماضي في القتال ضد داعش والتدريب من قبل إيران، واستخدام الأسلحة التي من شبه المؤكد أنها مقدّمة من إيران أيضاً".
إلى ذلك، أوضح سيليمان، الذي يشغل منصب الرئيس الحالي لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، أنّ ما يُعرف محلياً بالميليشيات الولائية "أنشأت عدداً من المجموعات الأصغر في محاولة لتجنب أي مسؤولية عن استخدام العنف"، في إشارة إلى "سرايا أولياء الدم" التي أعلنت لاحقاً مسؤوليتها عن الهجوم.
لكنّ سيليمان وخبراء آخرين أكدوا أنّ تلك الجماعة مجرّد "واجهة" أنشأتها الميليشيات الشيعية الرئيسية في البلاد.
يُذكر أنّ العراق شهد خلال الأشهر الماضية عدة هجمات صاروخية، استهدفت قواعد عسكرية تضم قوات أمريكية، واستهدف محيط سفارة الولايات المتحدة في بغداد مراراً خلال الأعوام الأخيرة.
وغالباً ما تتجه أصابع الاتهام، على الرغم من عدم توقيف السلطات العراقية لأي متورطين، إلى ما يُعرف بالفصائل الولائية، وهي الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في البلاد.