مشروع قانون لمراقبة نووي إيران: ثقوب في دبلوماسية بايدن

مشروع قانون لمراقبة نووي إيران: ثقوب في دبلوماسية بايدن


31/07/2022

في ظل تراجع فرص واحتمالات عملية إحياء الاتفاق النووي، وكذا تنامي العمليات الاستخبارية التي تقوم بها إسرائيل ضد إيران، فإنّ رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، والعضو الجمهوري في اللجنة السيناتور ليندسي غراهام، قدما مشروع قانون يلزم إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتقديم تقارير منتظمة ومفصلة حول البرامج النووي الإيراني.

مشروع قانون أمريكي لمحاصرة إيران

ويهدف مشروع القانون المسمى بـ"قانون مراقبة قدرة الأسلحة النووية الإيرانية في عام 2022"، في حال الموافقة عليه، إلى الانخراط، بصورة أوسع، في صناعة السياسات المتعلقة بإيران. وينص القانون على تدشين فريق عمل مشترك بقيادة وزارة الخارجية الأمريكية للمراقبة، ثم تقديم تقارير منتظمة إلى الكونغرس بخصوص أنشطة الأسلحة النووية والصواريخ الإيرانية.

وقال السيناتور غراهام حول المشروع إنّه "من الضروري أن تستمر الحكومة الأمريكية في تركيزها على مراقبة طموحات إيران النووية"، ومؤكداً على أنّ "أفضل طريقة للقادة الأمريكيين لإصدار الحكم الصحيح بشأن إيران هي الحصول على أحدث المعلومات وأكثرها موثوقية". فيما أوضح السيناتور غراهام أنّ التشريع يتطلب من واشنطن التعاون مع حلفاء إقليميين مثل إسرائيل.

يهدف مشروع القانون، في حال الموافقة عليه، إلى الانخراط، بصورة أوسع، في صناعة السياسات المتعلقة بإيران

كما شدد السيناتور بوب مينينديز على مخاطر دعم إيران "للإرهاب"، بالإضافة إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، ثم عرج على عدم امتثال طهران للقوانين والتحذيرات الدولية. وتابع: "لا يوجد سبب يمنع الكونغرس الأمريكي من تلقي أحدث معلومات حول الأنشطة النووية والصاروخية الإيرانية، والجهود الدبلوماسية للحكومة الأمريكية لمواجهة تهديدات إيران".

ويتزامن مشروع القانون الأمريكي مع التعثر الجديد والمتواصل في المفاوضات النووية، من جهة، فضلاً عن استمرار طهران في تصعيدها النووي، من جهة أخرى، وذلك من خلال خروقاتها لبنود اتفاق 2015، وكذا تدشين منشآت نووية جديدة، ورفض تشغيل كاميرات الطاقة الذرية.

يتزامن مشروع القانون الأمريكي مع التعثر الجديد والمتواصل في المفاوضات النووية، فضلاً عن استمرار طهران في تصعيدها النووي، وذلك من خلال خروقاتها لبنود اتفاق 2015

إذاً، لا يزال الملف النووي الايراني "الشغل الشاغل" لصناع القرار في واشنطن وحلفائها الغربيين والنظام الاسلامي في طهران على حد سواء، حسبما يوضح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، والمقيم في واشنطن، زياد سنكري، الذي أبلغ "حفريات" أنّ سائر الأطراف مأزومةخصوصاً في ظل عدم وجود بوادر حل في المدى المنظور.

حلفاء أمريكا والتخطيط للخطة "ب"

ومن هنا، تأتي خطوة السيناتور الديمقراطي مينينديز والذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ مع أحد أقطاب الحزب الجمهوري السيناتور غراهام، بطرح مشروع قانون يلزم الإدارة الأمريكية تقديم تقارير منتظمة ومفصلة حول البرامج النووي الإيراني، في محاولة للضغط على الرئيس بايدن وفريقه التفاوضي، لعدم التساهل مع طهران، وتجنب إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد الرئيس باراك أوباما.

ويعد السيناتور مينينديز أحد أهم الداعمين لإسرائيل، بينما يعتبر أنّ أيّ اتفاق ينبغي أن يراعي هواجس تل أبيب، السياسية والأمنية، خاصة أنّ إسرائيل تعتبر "إيران النووية" بمثابة خطر وجودي عليها.

وبالتالي، يرجح سنكري أن يحصل مشروع القانون على موافقة جميع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، في حين يقوم العديد من الأعضاء الديمقراطيين وخصوصاً حلفاء بايدن بـ"جس نبض" إدارته، في وقت يشعر البعض أنّ هذا المشروع من شأنه أن يحد من هامش حرية الرئيس في مفاوضاته، وخصوصاً أنّ السياسة الخارجية الأمريكية يرسمها الرئيس حصراً.

الباحث مايكل مورغان: هامش البيت الأبيض بتقديم تنازلات بدأ يضيق

ويلفت الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إلى أنّ الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة اوباما لا يرقى إلى مستوى المعاهدة، حيث لم يتم التصويت عليه في مجلس الشيوخ (تصويت ثلثي الأعضاء)، وهو أمر مستحيل في ظل التركيبة الحالية والشرخ الداخلي الأمريكي.

المؤشرات تبقى سلبية خصوصاً في ظل المطالب الإيرانية "التعجيزية"، والتي لا يمكن لإدارة الرئيس بايدن القبول بها لأسباب كثيرة، داخلية وخارجية، على حد تعبير سنكري، لافتاً إلى أنّ إدارة بايدن قامت، الشهر الماضي، بتقديم إحاطة سرية حول إيران، وملفها النووي لأعضاء مجلس الشيوخ، بينما تم استعراض الخطة الرديفة، أو بما يعرف الخطة "ب"، للتعامل مع طهران في ظل الأفق الدبلوماسي المسدود، حتى اللحظة.

العتبة النووية واختبار الدبلوماسية

وبالرغم من مؤشرات عديدة ترجح أنّ إيران تقترب من "العتبة النووية"، لا سيّما أنّها أعلنت تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمئة، ومن ثم، وصولها إلى نسبة ستين بالمئة، مما يعني أنّها باتت على بعد خطوات من الوصول إلى نسبة تسعين بالمئة التي تمكنها من صناعة الأسلحة النووية، فإنّ الإدارة الأمريكية تراهن على عامل الوقت بينما تستند إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يؤكد على أنّه حتى لو وصلت إيران إلى نسبة 90 بالمئة من التخصيب، فإنّ الأمر قد يستغرق نحو عامين ليتمكن الإيرانيون من إنتاج سلاح نووي.

الباحث السياسي بمركز لندن للدراسات السياسية، مايكل مورغان لـ"حفريات": مشروع القرار المطروح في الكونغرس أكبر دليل على الضغوط التي تتعرض لها إدارة بايدن في الداخل الأمريكي

الثابت الوحيد في سياسة إدارة بايدن هو استبعاد الخيار العسكري، وفق المصدر ذاته؛ حيث إنّ مقاربته للحل لا تريد التخلي عن الخيار الدبلوماسي باعتباره الطريق الأجدى، حالياً، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي في زيارته الشرق أوسطية الأخيرة.

ويختم: "يبقى الأمل ضئيلاً بإيجاد مخرج دبلوماسي للأزمة، ولكنه ليس مستحيلاً، خصوصاً إذا ما شعر النظام الأيراني بأنّ رفع العقوبات باسثناء الحرس الثوري من شأنه أن يشكل انفراجة اقتصادية في ظل أزمة خانقة تعصف بالبلاد، وسط انهيار، عير مسبوق، في العملة الإيرانية، ومؤشرات تضخم تؤرق الشعب الإيراني".

وإلى ذلك، يرى الباحث السياسي بمركز لندن للدراسات السياسية، الدكتور مايكل مورغان، أنّ مشروع القرار المطروح في مجلس الشيوخ هو أكبر دليل على الضغوط التي تتعرض لها إدارة الرئيس بايدن في الداخل الأمريكي، والذي يجب على المفاوض الإيراني أن يتابعها بدقة، وأن يدرك أنّ هامش البيت الأبيض بتقديم تنازلات بدأ يضيق، وخصوصاً أنّنا على أبواب انتخابات أمريكية من شأنها أن تؤدي، حسب التوقعات، إلى سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما يعتبر ضربة نهائية مؤثرة للمسار التفاوضي للخروج باتفاق قابل للحياة يعالج الطموح النووي الإيراني.

ويلفت مورغان في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ السيناتور الديمقراطي بوب مينديز قام بالمشاركه مع السيناتور الجمهوري غراهام بالتقدم بمشروع قانون لمراقبه أنشطه ايران النووية، ومراقبة نشاطاتها التسليحية الأخرى، فضلاً عن تتبع محاولتها تطوير السلاح النووي للوصول إلى القنبلة النووية، الأمر الذي يهدد الاستقرار في منطقه الشرق الأوسط ويفاقم مخاوف إسرائيل؛ حيث إنّ امتلاك طهران السلاح النووي يشكل تهديداً، بشكل مباشر، على الوجود الاسرائيلي كما يعتبر تفوق حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، من الناحية العسكرية والتسليحية، على القوى السنية في المنطقة بمثابة إختلال في ميزان القوى.

ويردف مورغان: "كما أنّ هذا يصب، بشكل مباشر، في مصلحة كل من روسيا والصين، والتي تتمتع بتقارب قوي في العلاقات مع النظام الإيراني، بما يتناقض مع مصالح الولايات المتحده".

ويتضمن القانون "تشريعات ونظام مراقبة للأنشطه النووية الإيرانية، وكيفية عرض تقارير المراقبة على الكونغرس الأمريكي بالمشاركه مع الخارجية الأمريكية"، وفق مورغان، الأمر الذي يسرع من الوصول إلى قرار سريع ومزدوج من الخارجية ومجلس  النواب دون التعطيل بسبب البيروقراطية، أو الأخطاء التقنية، التي قد تضيع فرص الردع في حال ضرورتها.

كما اقترح السيناتور الحمهموري غراهام، بأن يكون هناك تعاون مباشر مع الحلفاء في المنطقه، مثل إسرائيل، لجهة مراقبه طموحات الإيرانين في الوصول إلى سلاح نووي، بغض النظر عن إمكانية واحتمالات الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران، مع الوضع في الاعتبار أنّ هذا الملف هو من بين الملفات القليلة الذي يجتمع عليه طرفا السياسة الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

مواضيع ذات صلة:

مفاوضات فيينا: الفرص الضائعة لإنقاذ نووي طهران

الاتحاد الأوروبي يحاول إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لهذه الأسباب

ماذا يعني أن تكون المنشآت النووية الإيرانية في عهدة الحرس الثوري؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية