مفاوضات فيينا: الفرص الضائعة لإنقاذ نووي طهران

مفاوضات فيينا: الفرص الضائعة لإنقاذ نووي طهران


13/07/2022

محاولات جديدة حثيثة لإنعاش مفاوضات إحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة. وتعاود التحركات نشاطاتها بعدما دخلت فترة كمون على خلفية سياسة طهران المتشددة، وكذا مطالبها بشأن رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني؛ إذ إنّه بعد دخول قطر كوسيط إقليمي في المباحثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، عرجت الدبلوماسية الإيرانية على العاصمة الفرنسية، باريس، بغية إيجاد مقاربة سياسية بين الأطراف المنخرطة في المحادثات النووية.

الدوحة وباريس على خط المفاوضات

ورغم تقدير مسؤول أمريكي بأنّ المفاوضات التي جرت، في قطر، لم تحقق نتائج، وكانت، في أحسن الأحوال، متعثرة، وفق تعبيره، إلا أنّ وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وصف المفاوضات بالدوحة بـ"الإيجابية". كما طالب، مؤخراً، بضرورة الاستفادة من "الفرصة الدبلوماسية" في المفاوضات لإحياء اتفاق 2015، وذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي جمعه ووزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا.

وقال عبد اللهيان إنّ "تقييمنا للمحادثات الأخيرة غير المباشرة بين طهران وواشنطن في العاصمة الدوحة إيجابي". لكنه اعتبر أنّ "أمريكا جاءت إلى الدوحة دون نهج مبادر". وأضاف: "نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة ونحن جادون وصادقون من أجل التوصل إلى اتفاق جيد ومستدام".

وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وصف المفاوضات بالدوحة بـ"الإيجابية"

ونقل بيان الخارجية الإيرانية عن وزيرة خارجية فرنسا قولها إنّه "من الأفضل أن يكون هناك اتفاق نووي"، وتابعت: "لطالما قدمنا اقتراحاتنا وأفكارنا الإيجابية في المفاوضات". كما وجهت كولونا حديثها إلى جميع الأطراف المنخرطة في المحادثات النووي، وشددت على "ضرورة انتهاز الفرصة والتفاوض للوصول إلى اتفاق يرضي الجميع".

وبالتزامن مع تلك التحركات، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، بزيارة باريس، حسبما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، وهي الزيارة التي امتدت لـ"ساعات محدودة"، بينما تهدف، في المقام الأول، إلى تأكيد "رفض بلاده رفع العقوبات عن إيران، لا سيما تلك الموقعة على الحرس الثوري، فضلاً عن إزالة الأخير من قوائم الإرهاب".

موقف إسرائيل

ووفق الصحيفة، فإنّ مسؤول إسرائيلي قد ذكر للصحفيين الفرنسيين أنّ "الفرنسيين نشيطون للغاية فيما يتعلق بالقضية الإيرانية". وأردف: "من المهم بالنسبة لنا أن ندافع عن قضيتنا.. إسرائيل تعارض العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015). وفي الوقت نفسه، لا نعارض التوصل لاتفاق، وإنّما نسعى إلى اتفاق قوي للغاية. نريد إنهاء المحادثات التي لا تنتهي".

التوترات تتفاقم نتيجة الخروقات النووية من جانب إيران، وعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى التهديدات الأمريكية لإيران، وحالة انعدام الثقة التي تهيمن على العلاقات بينهما

اللافت أنّ مفاوضات فيينا تواجه تحديات جمّة، وذلك على ضوء تمسك الأطراف بمواقفها المبدئية وعدم استعداد الجانبين (واشنطن وطهران) تقديم تنازلات متبادلة يمكن معها إحياء الصفقة النووية، حسبما يوضح مدير تحرير مجلة دراسات إيرانية الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة)، الدكتور محمود حمدي أبو القاسم،  والذي يؤكد على أنّ "التوترات تتفاقم نتيجة الخروقات النووية من جانب إيران، وعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى التهديدات الأمريكية لإيران، وحالة انعدام الثقة التي تهيمن على العلاقات بينهما، ناهيك عن عدم قدرة الأطراف الأوروبية سد الفجوة بين الجانبين، خاصة بعد فشل المفاوضات التي جرت في الدوحة".

وفي حال فشل المفاوضات، ليس من المستبعد أن تستند الولايات المتحدة، أو أحد حلفائها، إلى إدانة إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفق حمدي أبو القاسم في حديثه لـ"حفريات"، وذلك من أجل تحريك ملف إيران في مجلس الأمن ثم استخدام آلية سناب باك، والتي بموجبها يمكن إعادة فرض كامل عقوبات مجلس الأمن، والتي كانت قد رفعت وفق القرار 2231 في عام 2015، خصوصاً أنّ إدارة بايدن نجحت في أن تحصل على دعم كبير لسياساتها من جانب الأوروبيين.

ويشير أبو القاسم إلى أنّ إيران تعمد إلى "تنفيذ نهج المقاومة، مستفيدة من التحولات الدولية والإقليمية التي تمنحها مساحة أوسع للحركة؛ وهي، في هذا الإطار، تتابع سياستها تجاه الصين وروسيا، كما تتابع سياسة الحوار والدبلوماسية الاقتصادية. وعلى الرغم من قناعة إدارة بايدن بأنّ العقوبات لن تفضي إلى إدخال تغييرات جوهرية على سلوك إيران، لكن يبدو أنّ هذا هو الخيار المتاح في ظل التحديات القائمة".

محمود أبو القاسم: التوترات تتفاقم نتيجة الخروقات النووية من جانب إيران

ويمكن القول إنّ هذه المفاوضات لم تقدم ثمّة جديد سوى أنّها أعادت الطرفين إلى طاولة المفاوضات، مجدداً، بحسب المصدر ذاته. ومن المتوقع أن تُستأنف المفاوضات بعد زيارة بايدن للمنطقة، منتصف تموز (يوليو) 2022.

أما بخصوص دخول فرنسا على خط المفاوضات بعد المحادثات التي جرت في العاصمة القطرية، يوضح أبو القاسم أنّ زيارة لابيد لها صلة بالمحادثات النووية؛ حيث إنّ هناك معركة بين إيران وإسرائيل، وأهم محاورها محاولة إسرائيل تدمير مسار المفاوضات النووية، كما أنّ إيران تحاول مواجهة تلك المحاولات الاسرائيلية؛ لأنّها حريصة على بقاء مسار الدبلوماسية مفتوح، مع الوضع في الاعتبار أنّ الوقت يضيق أمام العودة للاتفاق، خاصة أنّ إيران باتت في ظل رفع مستويات التخصيب والكميات المخزنة من اليورانيوم على مسافة قريبة من تحقيق الاختراق النووي.

مدير مجلة دراسات إيرانية محمود أبو القاسم لـ"حفريات": في حال فشل المفاوضات، ليس من المستبعد أن تستند الولايات المتحدة، إلى إدانة إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية

وإلى ذلك، دعا الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، واشنطن إلى ضرورة إتخاذ قرارها بشأن العودة إلى الاتفاق النووي أثناء تسلمه أوراق اعتماد السفيرة الجديدة لسويسرا، نادین اولیویري لوزانو، في طهران.

ومنتصف الأسبوع، قام نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد عبدالرحمن آل ثاني، باتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لجهة تحفيز عملية الوساطة القطرية بشأن الملف النووي، إذ قالت الخارجية القطرية على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "جرى خلال الاتصال استعراض مستجدات محادثات الاتفاق النووي، وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين الدوحة وواشنطن".

كما قال وزير الخارجية الأمريكي عبر "تويتر"، إنّه أجرى محادثات مع وزير الخارجية القطري، وقد "شكرته على مساعدة قطر المستمرة في المفاوضات الإيرانية والأفغانية، وكذلك دعم قطر للبنان".

مواضيع ذات صلة:

مسودة قرار أمريكي أوروبي يتعلق بنووي إيران... هل يعرقل مفاوضات فيينا؟

آفاق الدبلوماسية النووية في فيينا

إيران تلجأ إلى وسيلة ضغط جديدة وتهدد بهذا الأمر .. ما علاقة اتفاق فيينا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية