
قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور عمر الرداد إن عملية تصفية عدد من قادة كتائب القسام داخل قطاع غزة تعد ترجمة دقيقة لسياقات أعمق، تتقاطع فيها الأبعاد السياسية، والأمنية’، والاستراتيجية. وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه التصفيات جاءت نتيجة مجموعة متداخلة من العوامل، أبرزها المواقف المتصلبة التي تبنّاها القادة المستهدفون إزاء مختلف المبادرات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وعلى رأسها الهدنة المُقترحة والمعروفة باسم "مقترح ويتكوف". وبيّن الرداد أنه في الوقت الذي تواصل فيه الأطراف الإقليمية والدولية الدفع باتجاه التهدئة، ظهرت تسريبات تُشير إلى أن عزّ الدين الحداد، الذي يُعد حاليًا المرجعية القيادية العليا لـ"حماس الداخل"، هو الجهة المركزية التي تعارض، وبشكل مباشر وحازم، مضمون مقترح ويتكوف، بما يتضمنه من بنود تتعلق بالترتيبات الأمنية والسياسية ما بعد وقف إطلاق النار، وهو ما أدى فعليًا إلى تعطيل مسار التفاوض وخلق حالة من الجمود المدروس. وقد تسربت هذه المعلومات الحساسة إلى كل من الجانبين الأميركي والإسرائيلي، ما أوجد تغيرًا ملحوظًا في مقاربة تل أبيب للمشهد القيادي داخل "حماس"، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مضيفًا أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس، أعلن بعيد تأكيد تصفية محمد السنوار، أن كلًا من عزّ الدين الحداد وخليل الحية باتا على رأس قائمة الأهداف الإسرائيلية، ما يفتح الباب أمام احتمالية تصفيتهما في وقت قريب، في حال ارتأت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الظروف العملياتية والسياسية ملائمة لذلك. وذكر أن هذا التوجّه، رغم وضوحه الظاهري، لا يخلو من تعقيد استراتيجي، إذ يرى مراقبون أن إبقاء الحداد على قيد الحياة – في هذه المرحلة على الأقل – قد يخدم، من زاوية معينة، أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يُتهم – داخليًا وخارجيًا – بالسعي إلى إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية تتعلق بوضعه الشخصي ومستقبله السياسي، فموقف الحداد الرافض للهدنة، من شأنه أن يوفّر ذريعة إضافية لتأجيل أي تسوية، وهو ما يمنح حكومة نتنياهو مزيدًا من الوقت والمجال للمناورة الداخلية والدولية على حد سواء. وأشار الرداد إلى أن مسألة تصفية الحداد لم تعد مسألة "إنْ"، بل "متى وكيف ولماذا الآن؟"، وهي أسئلة تبقى مرهونة بحسابات معقدة تتقاطع فيها النوايا السياسية، والمعادلات الميدانية، وضغوط الأطراف الفاعلة في الإقليم، فضلًا عن ديناميكيات القرار داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ذاتها.
أخبار الأردن