مآلات التحرش الأمريكي الإسرائيلي بإيران وحزب الله

مآلات التحرش الأمريكي الإسرائيلي بإيران وحزب الله


27/07/2020

يتفق مراقبون ومحللون سياسيون على أهمية استخلاص الدلالات من حادثة الاعتراض الأمريكي للطائرة الإيرانية المتجهة الى بيروت الخميس، وقبله الغارات التي استهدفت الاثنين دمشق، وأدت إلى مقتل خمسة مقاتلين من الميليشيات الإيرانية، بينهم علي كامل محسن، أحد مقاتلي حزب الله في غارة صاروخية إسرائيلية.

ويرى المراقبون أنّ ذلك بمثابة رسالة واضحة لما ستكون عليه عناصر المواجهة حتى في تفاصيل التفاصيل التي تعتمدها إسرائيل في انتقاء أهدافها لتشاركها في ذلك القوات الأمريكية في المتوسط. على أنّ الفاصل بين اشتعال الاشتباك بين الطرفين هو الانتخابات الأمريكية التي قد تستخدم كعنصر جاذب فيها، وبين التردد الإيراني الذي يسعى إلى نزع فتيل المواجهة المباشرة لسحب رصيد يمكن أن يضيفه ترامب إلى اعتماده في عملية إعادة انتخابه، بحسب الكاتبة غادة حلاوي في موقع "نداء الوطن".

فرضيتان

ويمكن التعاطي مع اعتراض طائرتين أمريكيتين لطائرة ركاب إيرانية مدنية فوق سماء سوريا، انطلاقاً من فرضيتين: الأولى أنّ المقصود هو إجبار الطائرة على تغيير مسارها ليتم التصدي لها من قبل الدفاعات الجوية السورية، فتوقع طائرة الركاب الإيرانية ما يتسبب بأزمة بين إيران وسوريا.

اعترضت أمريكا طائرة إيرانية متجهة الى بيروت الخميس الماضي

والثانية، وفق حلاوي، هي اعتماد التبرير الأمريكي الذي ادعى تخوفه من أنّ وصول الطائرة الإيرانية فوق سماء التنف محاولة لاستهداف للقواعد الأمريكية الموجودة هناك. والمعلوم أنّ التنف خاضعة عسكرياً للوجود العسكري الأمريكي، وهناك مثلث حدودي عراقي - سوري - أردني يمنع تحليق الطيران في أجوائها.

وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن قائد المنطقة الشمالية، أمير برعام: تقدير الوضع في الجيش الإسرائيلي يشير إلى أنّ حزب الله يخطط لعملية انتقامية، ونحن نستعد لمروحة واسعة من السيناريوهات

 وتكمن رمزية اعتراض طائرة إيرانية في الأجوء السورية، في أنّ الولايات المتحدة قادرة على السيطرة على الأجواء الإيرانية والسورية واللبنانية معاً، وقادرة على منع وصول هذه الطائرات إلى لبنان، بمعزل عن عدم اتخاذ الحكومة اللبنانية لأي قرار بوقف الرحلات مع إيران، أو عدم تفتيش هذه الطائرات كما يجب؛ فيتمكن حزب الله والحرس الثوري الإيراني من تهريب الأموال والأسلحة على متنها، طالما أنّ المطار خاضع لسيطرة الحزب وقادر على إدخال كل ما يريده.

الأمريكيون يخيّرون حزب الله والإيرانيين

ويقرأ الكاتب منير الربيع هذه الدلالات في سياق أنّ الأمريكيين يخيّرون حزب الله والإيرانيين واللبنانيين: إما عليهم الرضوخ لما تفرضه واشنطن، أو أنّ الخيارات ستكون أقسى. وتلك تجربة واضحة من خلال الإصرار الأمريكي قبل أشهر على مبدأ ترسيم الحدود. ولما استمر لبنان بتمنّعه وتعنّته وصل إلى الانهيار وإلى الحصار غير المعلن.

وفي ظل كثافة هذه الوقائع، لم يعد أمام إيران الكثير من الفرص للمناورة والتحمّل من دون ردّ، كما يقول الربيع في موقع "المدن"، إذ لا بد من البحث عن ردّ نوعي، لكن من دون انفجار الحرب وانفلاتها من عقالها. وحزب الله أيضاً لن يكون قادراً على عدم الردّ. وهو معني بالبحث عن ردّ نوعي يتمكن من خلاله إعادة الاعتبار لتوازن الردع.

وفي حين قالت مصادر لبنانية مطّلعة على أجواء حزب الله لـ "العربية. نت" إنّ الحزب سيعتمد على "عنصر المفاجأة" بالمكان والزمان للردّ على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، اعتبر المحلل العسكري والإستراتيجي العميد خالد حمادة أنّ حزب الله لن ينجح في "استغلال" هذه المناورة العسكرية من أجل إعادة شدّ عصب بيئته الشيعية أولاً واللبنانيين ثانياً حوله، بعدما فقدوا ثقتهم به نتيجة تحميله جزءاً من مسؤولية الأوضاع السيّئة التي يمرّ بها لبنان. وبرر حمادة قوله بأنّ "هناك اقتناعاً أوروبياً ودولياً بأنّ دور حزب الله الإقليمي يُشكّل عثرة أمام استقرار لبنان".

تكمن رمزية اعتراض طائرة إيرانية في الأجوء السورية، في أنّ أمريكا قادرة على السيطرة على الأجواء الإيرانية والسورية واللبنانية معاً

في هذه الغضون، وعلى المستوى العسكري، كان لافتاً حجم الانخراط الأمريكي في إطلاق "الرسائل"؛ فالأسبوع الماضي، قال الجنرال كينيث ماكنزي، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، "سيكون من الخطأ الكبير أن يحاول (حزب الله) تنفيذ عمليات ضد إسرائيل. لا أستطيع أن أرى أنّ له نهاية جيدة". وجرى دعم هذا التصريح، كما كتب إبراهيم حميدي في "الشرق الأوسط" بزيارة لم يعلن عنها مسبقاً لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي إلى تل أبيب، مؤخراً، لإجراء محادثات حول "التحديات الأمنية الإقليمية"، في إشارة إلى إيران وحزب الله، في وقت وصلت إلى البحر المتوسط قطع عسكرية أمريكية ضخمة قبالة شواطئ سوريا ولبنان، لتنفيذ مناورات مع اليونان.

الدور الروسي

ولكن ما دور روسيا فيما يجري في هذا الإقليم الملتهب؟

يرى حميدي أنّ روسيا، فتبدو وكأنها صاحبة كلمة مرجحة فيما يجري؛ فترفع صوتها ضد "الاحتلال الأمريكي" وضد "العقوبات الغربية الأحادية"، لكنها صامتة إزاء الغارات الإسرائيلية التي تستهدف إيران. موسكو، التي تريد أن تكون ضابط الإيقاع في سوريا، لم تكن مرتاحة لقرار طهران تزويد دمشق بخبرات ومعدات لتطوير المنظومة الجوية السورية "إس 200" والجيل الأقدم، خصوصاً أنّ روسيا منذ تدخلها في نهاية 2015، لا تزال تمسك مفاتيح منظومات "إس 400" و"إس 300" و"إس 300" المتطورة. بل، إنّ الموجة الأخيرة من الغارات على مواقع إيران في سوريا، جرت بعد محادثات عسكرية روسية- إسرائيلية لـ"التنسيق".

على ذمة "الميادين"

وعلى وقع الاستنفار على جبهات عدة، وبخاصة التوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، نقلت قناة "الميادين" المقربة من حزب الله، عن مصادر خاصة أنّ الأمم المتحدة أبلغت الحزب رسالة من إسرائيل حول مقتل، علي كامل محسن، أحد عناصر الحزب في سوريا.

المحلل العسكري العميد خالد حمادة: حزب الله لن ينجح في "استغلال" هذه المناورة العسكرية من أجل إعادة شدّ عصب بيئته الشيعية أولاً واللبنانيين ثانياً حوله، بعدما فقدوا ثقتهم به

وعلى ذمة "الميادين"، أوضحت المصادر أنّ فحوى الرسالة تكمن في أنّ إسرائيل لم تكن على علم بوجود محسن ولم تكن تقصد قتله، مؤكدة مع ذلك أنه لا صحة لأي تقارير حول رسائل إسرائيلية لحزب الله عبر وسطاء دوليين كروسيا أو غيرها.

روسيا صامتة إزاء الغارات الإسرائيلية التي تستهدف إيران

وذكر تقرير "الميادين" أنّ إسرائيل أبلغت حزب الله عبر الرسالة، بما وصفته المصادر بالتحذير من مغبة عمل عسكري انتقامي، مشيرة إلى أنّ الأخير اكتفى بتبلغ الرسالة، لكنه أكد رفضه أي تحذيرات أو تهديدات إسرائيلية.

وقالت المصادر لـ"الميادين" إنّ الجيش الإسرائيلي اتخذ إجراءات على الحدود الشمالية بعد علمه أنّ حزب الله حسم قراره، لافتة إلى أنّ "الجيش الإسرائيلي يرصد حركة واسعة لعناصر حزب الله، لكنه مشوش من كيفية الرد".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلت، الجمعة، عن قائد المنطقة الشمالية، أمير برعام، قوله إنّ تقدير الوضع في الجيش الإسرائيلي يشير إلى أنّ حزب الله يخطط لعملية انتقامية، وصرح المسؤول العسكري الرفيع: "نحن نستعد لمروحة واسعة من السيناريوهات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية