أوروبا تضرب إسرائيل وتقصد ترامب!

أوروبا تضرب إسرائيل وتقصد ترامب!


21/05/2020

بعد أن قضى على وباء "كورونا"، الذي ضرب الدول الأوروبية بشدة، وتغلب على الصدوع الحادة التي برزت في صفوفه، تفرغ الاتحاد الأوروبي لمعالجة الموضوع المستحب لديه جدا: إسرائيل.

لم تنشر الحكومة التي تشكلت بصعوبة بعد خطة عملها، وإذا بالاتحاد الأوروبي يسارع الى تهديدها بأنه سيتخذ اجراءات عقابية، بما في ذلك عقوبات اقتصادية، بل سيعلق العلاقات الدبلوماسية إذا تجرأت إسرائيل على تنفيذ نيتها بسط القانون الإسرائيلي على أجزاء من "يهودا" و"السامرة".
لا يمكن للبيروقراطيين في قيادة الاتحاد في بروكسل حقاً أن يجرّوا أوروبا الى حرب ضد إسرائيل، فللعديد من دول القارة، مثل النمسا، وتشيكيا، وهنغاريا وغيرها، علاقات وثيقة مع إسرائيل. لكل أولئك بطن مليئة على الاتحاد الأوروبي، الذي فشل في لحظة الحقيقة، وتركها، كل واحدة بمفردها، في وجه تحدي الحجر، والموت، والأزمة الاقتصادية التي جلبها "كورونا". ولكن بضع دول رائدة في أوروبا، وعلى رأسها فرنسا، وبلجيكيا، واسبانيا وايرلندا، والتي لبعضها عداء واضح لإسرائيل، مصممة على اتخاذ خطوة مناضة لإسرائيل، وهددت بتفعيل خطوات عقابية حتى لو لم تنضم معظم دول الاتحاد.
الخلاف بين الاصدقاء مشروع، ولكن في كل ما يتعلق بعلاقات إسرائيل وأوروبا، وللدقة، بضع دول في الاتحاد، ليس هكذا هو الأمر. فالفلسطينيون يهمون الاتحاد الأوروبي كما تهمهم قشرة الثوم. كما أن الحرص على القانون الدولي، الذي على حد قوله تخرقه إسرائيل، ليس في رأس اهتمامه. فبعد كل شيء، يبدي الاتحاد الأوروبي استخفافا بالاحتلال التركي لقبرص. وكذا التبت أو الصحراء الغربية، الأمر الذي تسكت عليه ولا تذكره بروكسل.
ولكن إسرائيل تعتبر دوما هدفا جذابا لضربه من أجل تحقيق تعاطف عربي وعموم اسلامي. فضلا عن ذلك، فان الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزما بثابت يعود لعشرات السنين ويقضي بان المسألة الفلسطينية هي المفتاح لحل مشاكل الشرق الاوسط كله. هذا لا يعني أن الأوروبيين يهمهم الفقر والضائقة في أرجاء الشرق الاوسط، ولكنهم قلقون من موجات الهجرة التي تجتاح أوروبا، نتيجة لعدم الاستقرار في العالم العربي، ومقتنعون بأن هذا سيمكنهم من وقفها.
يخيل مع ذلك أن للهوس الأوروبي بإسرائيل دافعاً عميقاً آخر. الأوروبيون يضربون إسرائيل، ولكنهم يقصدون بالضربة الرئيس ترامب، الذي يراه الكثير من الأوروبيين خصما. هذا جزء من مشاعر متجذرة مناهضة لأميركا، تختلط بحسد متبّل بمشاعر التعالي، على من يشكل نظرية مضادة ناجحة ويتفوق على "القارة القديمة".
ان الارتباط الوثيق والتحالف الحميم بين إسرائيل والولايات المتحدة هما بلا شك نقطة قوة لإسرائيل، وهما يشقان لها السكك في كل أرجاء العالم. ليس في أوروبا. ففي عيون الأوروبيين، التماثل المتعمق بين القدس وواشنطن والحميمية المزدهرة في العلاقات بينهما هي بمثابة خطيئة اولى او شراكة مهددة. هكذا تطلق السهام من أوروبا الى إسرائيل بدلا من ان توجه نحو واشنطن، على أمل أن الألم ستشعر به ليس فقط الحكومة في إسرائيل، بل سيشعر به البيت الأبيض ايضا.
يدور الحديث، إذاً، عن تيار عميق ومتجذر في أوروبا، حتى التسوية مع الفلسطينيين لن تحله على ما يبدو. ستعود علاقات إسرائيل ودول أوروبا الى مجراها على أي حال، إذ يوجد ما يكفي من الزعماء الراشدين في أوروبا، مثل المستشارة ميركيل وآخرين، الذين ينصتون لإسرائيل ومشاكلها، بل يعترفون أيضا بالمصلحة الأوروبية في وجود العلاقات معها. ولكن يمكن الافتراض بأن البيروقراطيين في بروكسل وخلفهم بعض الدول في أوروبا سينتظرون الفرصة التالية ليضربوا إسرائيل.

مصدر الترجمة: ايال زيسر - "إسرائيل اليوم" / نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية