لماذا يتجه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أنقرة؟

لماذا يتجه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أنقرة؟


20/07/2020

تتصاعد وتيرة الخلافات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، مؤخراً، على خلفية الانتهاكات المستمرة التي تقوم بها القوات التركية، والميلشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، في ليبيا، والتي تضغط باتجاه المواجهة العسكرية، بينما تعمد إلى خرق قرار حظر السلاح، وعدم الالتزام بمقررات مؤتمر برلين؛ إذ تتواجد عناصر عسكرية تركية في مناطق قريبة من مدينة سرت الليبية، حسبما كشف الجيش الوطني الليبي، إضافة إلى رصد طائرات مسيرة تركية، تقوم بتصوير عدد من الأماكن القريبة من المدينة الساحلية.

أوروبا ضدّ أنقرة

كان الاتحاد الأوروبي، الذي أكّد أنّ "مسار برلين هو الإطار الوحيد لحلّ الأزمة الليبية"، وطالب "الأطراف المتنازعة في ليبيا للامتثال لمخرجات برلين"، قد وصف الوضع في ليبيا، بأنّه "سيئ"، بسبب مواصلة تركيا إرسال الأسلحة للتنظيمات والميلشيات المسلحة، المدعومة من أنقرة؛ حيث كشف "اتخاذ إجراءات لوقف التصرفات التركية في البحر المتوسط، ومواجهة السياسة التركية، ووضع عدة خيارات للرد على تحركات أنقرة في شرق المتوسط، ومقترحات بفرض عقوبات لوقف تصرفاتها في المتوسط".

كما تبذل أنقرة نشاطاً محموماً للتنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية البحرية التابعة لقبرص، وهي العمليات التي تصفها دول الاتحاد الأوروبي بأنّها "غير شرعية"، وقد دفعتها إلى فرض عقوبات على مواطنين تركيين.

اقرأ أيضاً: غطرسة أردوغان تعيد تركيا إلى سلوك الماضي المظلم

وعليه، قام وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بزيارة للحدود اليونانية التركية، وأكّد أنّ الاتحاد "مصمم على حماية حدوده الخارجية"، وذلك إثر تهديد أنقرة بأنّ حدودها البرية مع أوروبا "مفتوحة"، مما يبعث بمخاوف عديدة حول تدفق موجة جديدة من المهاجرين واللاجئين، بينما اتهم وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، تركيا "بالإصرار على تقويض أمن شرق المتوسط واستقراره وسلامه، والتسبب في مشكلات لكلّ جيرانها".

تعدّ عملية التنقيب عن النفط والثروات الطبيعية في شرق المتوسط، وقبالة السواحل القبرصية، من جانب أنقرة، إحدى أبرز الخلافات التي تفاقم المشكلات بين الرئيس التركي وأوروبا

دان الاتحاد الأوروبي، خلال منتصف الشهر الجاري، تموز (يوليو)، سلوك أنقرة في شرق المتوسط، وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، فضلاً عن مواصلة الرئيس التركي تهديداته بورقة اللاجئين؛ حيث شدّد وزير خارجية دول الاتحاد على ضرورة احترام تركيا لمخرجات مؤتمر برلين، والالتزام بحظر السلاح إلى ليبيا، وكذا القيم والمصالح الأوروبية.

تحركات تركيا تهدّد أمن المتوسط

وقال في مؤتمر صحفي، قبل أيام قليلة، جاء في أعقاب اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي: "نحن عازمون على تعزيز نظام العقوبات للمساهمة في تنفيذ أفضل لقرارات مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي سيزيد أيضاً من فاعلية عمليتنا (إيريني)"، وتابع: "تتعرض دول الاتحاد حالياً لضغوط مستمرة من أنقرة، وهناك تطورات مقلقة في ليبيا، وفي شرق المتوسط، تؤثر بشكل مباشر في مصالحنا"، كما طالب تركيا "بمعالجة العديد من القضايا الخطيرة من أجل تغيير ديناميكية المواجهة الحالية، وخلق بيئة من الثقة مع أنقرة".

ووصف بوريل تحركات تركيا في شرق المتوسط؛ بأنّها "أحادية الجانب"، كما أنّها تتعارض والمصالح الأوروبية، وعليه، ليس من الممكن وضع أيّ موقف مشترك بين الجانبين فيما يخصّ ليبيا؛ حيث أوضح بأنّ "علاقة الاتحاد الأوروبي مع تركيا قد تقوضت بسبب التدابير الأحادية التي اتخذتها وتتعارض مع مصالحنا".

اقرأ أيضاً: ما هي دوافع أردوغان لتوريط تركيا في أزمة أرمينيا - أذربيجان؟

ومن جانبها، رأت أنقرة أنّ الموقف الأوروبي "موقف مزدوج"، وقال الناطق الرسمي بلسان الخارجية التركية، حامي أكصوي: "لقد دعمت تركيا وساهمت باستمرار في جميع الجهود الدولية، بدءاً من قمة الصخيرات ووصولاً إلى برلين، تحت رعاية الأمم المتحدة، لإحياء العملية السياسية التي يقودها الليبيون"، مضيفاً: "إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد أن يساهم في الحلّ السلمي للأزمة الليبية، فيجب عليه أن يلتزم بالشرعية الدولية، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتخلي عن الموقف المزدوج، الذي قدمه مع عملية "إيريني" لمراقبة دخول السلاح إلى ليبيا، دون استشارة حكومة الوفاق الليبية، التي يرأسها فائز السراج، والموالية لأنقرة".

مغامرات أردوغان تقوده للعزلة

بيد أنّ عضو البرلمان الأوروبي، ورئيس اللجنة السياسية للمتوسط، كوستاس مافريدس، وصف في تصريحات صحفية لـ "سكاي نيوز" عربية، الأربعاء الماضي، التدخلات التي تقوم بها تركيا في كلّ من سوريا وليبيا بأنّها "تشكّل تهديداً مباشراً على الأمن الدولي، وهو ما يستوجب تحركاً من أوروبا".

اقرأ أيضاً: سوري من ذوي الاحتياجات الخاصة قضى تحت التعذيب بيد فصائل موالية لتركيا

وتابع: "تركيا تلعب دوراً شديد الخطورة في ليبيا، وينبغي التصدي لأطماعها في شرق المتوسط، عبر فرض عقوبات عليها بسبب خرقها حظر السلاح على ليبيا، وتقديمها دعماً للتنظيمات الإرهابية".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يشير الباحث السياسي، إبراهيم عامر، إلى أنّ تركيا أصبحت، بصورة كبيرة، تمثل عبئاً على دول الاتحاد الأوروبي؛ إذ تعكس تحركاتها بالمنطقة، تحديداً في شرق المتوسط، تهديدات واسعة من الناحيتين الأمنية والسياسية، وتهدّد كذلك المصالح الحيوية لأوربوا، كما أنّ استدعاء الرئيس التركي المتكرر لورقة اللاجئين أو الإرهابيين الذين يدعمهم في سوريا وليبيا، للضغط أو التهديد، يفرض على دول التكتل مواجهته، ومن ثم، فرض عقوبات لإعاقة نشاطه السياسي والعسكري.

الباحث السياسي إبراهيم عامر لـ"حفريات": تركيا أصبحت تمثل عبئاً على دول الاتحاد الأوروبي؛ إذ تعكس تحركاتها بالمنطقة، تحديداً في شرق المتوسط، تهديدات واسعة من الناحيتين الأمنية والسياسية

وتعدّ عملية التنقيب عن النفط والثروات الطبيعية في شرق المتوسط، وقبالة السواحل القبرصية، من جانب أنقرة، إحدى أبرز الخلافات التي تفاقم المشكلات بين الرئيس التركي وأوروبا، بحسب عامر؛ حيث دانت الأخيرة تحركات تركيا، وطالبتها بوقف التنقيب عن الغاز والنفط؛ إذ إنّها تتداخل مع المنطقة الاقتصادية لقبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي.

ويعتقد عامر أنّ تركيا، التي تسعى إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، تبتعد عن ذلك بخطوات سريعة، كما أنّها تفقد شركاءها الإقليميين والدوليين، وقد بات ينظر لها بقلق وارتياب شديدين؛ وهو ما يمكن أن نلمحه من بحثها عن حلفاء آخرين، واصطفافها السياسي والعسكري مع خصوم أوروبا، وذلك بعد شراء منظومة الصواريخ الروسية S400، وكذا العملية العسكرية في شمال سوريا، قبل عام، التي تجعل أنقرة، إلى جانب أطراف ولاعبين سياسيين، على النقيض تماماً من مصالح الناتو، وتقف في مواجهة حلف شمال الأطلسي. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية