
تسود موجة من التفاؤل الحذر بشأن توصل إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أشهر من الجمود وحرب مدمرة مستمرة منذ أكثر من 14 شهرا.
وإذا صدقت نوايا طرفي النزاع ولم يتراجع أحدهما عن المضي قدما مثلما انهارت مفاوضات مماثلة في شهر أغسطس الماضي، فإن الاتفاق يمكن أن يرى النور في الأيام القليلة القادمة. واستأنف كبار المسؤولين من الولايات المتحدة وقطر ومصر جهود الوساطة في الأسابيع الأخيرة وأفادوا عن استعداد أكبر من جانب الأطراف المتحاربة لإبرام اتفاق.
وفي تنازل رئيسي، قال مسؤولو حماس إنهم مستعدون لإظهار المزيد من “المرونة” بشأن توقيت انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس الاثنين، إن الاتفاق أصبح أقرب من أي وقت مضى. لكن هناك شعورا عاما بالتفاؤل كان مفقوداً لعدة أشهر. وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في بيان أمس الثلاثاء إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الرهائن والسجناء ممكن إذا توقفت إسرائيل عن وضع شروط جديدة.
وصدر البيان بعد أن قالت مصادر مطلعة لرويترز إن من المتوقع توقيع اتفاق في الأيام المقبلة. وقال بيان حماس “تؤكد حركة المقاومة الإسلامية حماس أنه وفي ظل ما تشهده الدوحة اليوم من مباحثات جادة وإيجابية برعاية الإخوة الوسطاء القطري والمصري فإن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة.”
وحذر المسؤولون من جميع الأطراف من أنه لا يزال يتعين العمل على التفاصيل الرئيسية. ويرى محللون أن المشاعر المتغيرة هي نتيجة لعدة عوامل. فقد ألحقت إسرائيل أضراراً جسيمة بحماس على مدار الحرب. وأصبحت المجموعة أكثر عزلة بعد وقف إطلاق النار الذي أعلنه حزب الله مع إسرائيل، كما عانت إيران، الداعم الرئيسي لكلا المجموعتين المسلحتين، من عدد من النكسات، أبرزها سقوط حليفها الوثيق، بشار الأسد في سوريا.
وفي الولايات المتحدة، أشارت كل من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المنتهية ولايتها والإدارة القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى أنهما تريدان إتمام الصفقة قبل تنصيب ترامب في 20 يناير المقبل.
وبحسب مسؤولين مصريين ومسؤولين من حماس، فإن الاتفاق سوف يتم على مراحل، ويتضمن وقف القتال، وتبادل الأسرى الإسرائيليين الأسرى بالسجناء الفلسطينيين، وزيادة المساعدات المقدمة لقطاع غزة المحاصر. وتقول إسرائيل إن حماس تحتجز 100 رهينة ــ ويعتقد أن أكثر من ثلثهم ماتوا.
وبحسب مسؤولين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم للأسوشيتد برس فإن اتفاق وقف إطلاق النار سيتضمن 4 مراحل:
♦ وقف إطلاق نار أولي: ستستمر المرحلة الأولى من ستة إلى ثمانية أسابيع. وخلال تلك الفترة، ستفرج حماس عن نحو 30 رهينة ــ نصفهم تقريباً من المعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة. ومن بينهم ثلاثة أو أربعة مواطنين أميركيين وإسرائيليين مزدوجي الجنسية.
وستفرج إسرائيل عن مئات السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك ما يصل إلى مئة سجين يقضون أحكاماً طويلة بتهمة التورط في هجمات دامية.
♦ زيادة المساعدات: يدعو الاتفاق إلى زيادة هائلة في المساعدات المقدمة إلى غزة، التي انزلقت إلى أزمة إنسانية خلال الحرب التي استمرت 14 شهراً.
وتشير التقديرات إلى أن 90 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة قد نزحوا، وفي الكثير من الحالات عدة مرات، ويفيد عمال الإغاثة بوجود جوع شديد في مختلف أنحاء القطاع.
ومن المتوقع أن يشمل هذا إعادة فتح معبر رفح بين القطاع ومصر، والذي أغلق منذ غزت القوات البرية الإسرائيلية بلدة الحدود الجنوبية في مايو. ويشكل المعبر أهمية خاصة لأنه نقطة الخروج الأساسية للفلسطينيين في غزة الذين يريدون السفر إلى الخارج، وهو المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل.
ويقول الوسطاء إنهم يفكرون في العودة إلى اتفاق عام 2005 الذي سمح للسلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً بتشغيل المعبر بمراقبين من الاتحاد الأوروبي. وانهار هذا الاتفاق عندما سيطرت حماس على غزة في عام 2007 وطردت قوات السلطة الفلسطينية.
♦ الانسحابات الإسرائيلية: خلال المرحلة الأولى، ستنسحب القوات الإسرائيلية من بعض المراكز السكانية الفلسطينية، مما يسمح للعديد من الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم. لكن القوات الإسرائيلية لن تغادر غزة بالكامل في هذه المرحلة. بل ستبقى على طول ممر فيلادلفيا ـ وهو شريط إستراتيجي من الأرض على طول حدود غزة مع مصر.
♦ إنهاء الحرب: خلال وقف إطلاق النار الأولي، سيواصل الجانبان المفاوضات بشأن اتفاق دائم، يشمل إنهاء الحرب، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح الرهائن والجثث المتبقية لدى حماس.
وستبدأ المحادثات بشأن الترتيبات النهائية لغزة، بما في ذلك من سيحكم المنطقة وخطط إعادة بناء ما دمر. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الثلاثاء، إن بلاده تعتزم الحفاظ على “السيطرة الأمنية” في قطاع غزة حتى بعد وقف إطلاق النار.
ويعني ذلك أنه بعد تفكيك القدرات العسكرية والإدارية لحركة حماس، سيحتفظ الجيش الإسرائيلي “بحرية التصرف الكاملة”، على غرار الوضع في الضفة الغربية. وفي الضفة الغربية، تقوم القوات الإسرائيلية بشكل منتظم، بشن غارات على المدن الخاضعة تقنيا للسيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية.
العرب