كيف يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على إسرائيل؟

كيف يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على إسرائيل؟

كيف يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على إسرائيل؟


22/03/2023

يبدو أنّ تبعات الاتفاق السعودي الإيراني ستكون كبيرة على المنطقة، بما فيها إسرائيل. بالنسبة للأخيرة هناك ثلاثة مسارات للتأثير؛ الأول ما يتعلق بالصراع مع إيران في ملفات البرنامج النووي والعسكري، ومناطق الصدام بين الطرفين في لبنان وسوريا واليمن والمياه الدولية.

الثاني يتناول مكانة إسرائيل التي تسعى لبلوغها في المنطقة، كركن أساسي في العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية، والتي كانت تأمل إلى ترجمتها في حلف دفاعي، يستهدف في المقام الأول إيران.

والمسار الثالث تبعات الاتفاق على الائتلاف الحكومي بقيادة واحد من أشد الرافضين للتسوية الدولية مع إيران، بنيامين نتنياهو. يواجه الائتلاف تحديات داخلية على خلفية قضية الإصلاحات القضائية، وتنامي المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، والعنف المفرط من المستوطنين والقوى الأمنية ضد الفلسطينيين.

المواجهة مع إيران

تتبادل إسرائيل وإيران العداء، منذ الإطاحة بنظام الشاه في ثورة العام 1979. خلال الفترة التي شهدت تطور البرنامج النووي الإيراني، ثم إخفاق اتفاق العام 2015 بشأنه، صعّدت تل أبيب من نبرتها ضد إيران، بعد أنّ باتت طهران تحظى بوجود عسكري في سوريا.

سعت إسرائيل بدعم الولايات المتحدة لتأسيس تعاون أمني وعسكري مع دول خليجية وعربية لمواجهة إيران، مستفيدةً من تصاعد الخلافات بين إيران ودول عربية، على وقع تدخل طهران في الشؤون الداخلية العربية وتهديدها الملاحة الدولة وأمن السعودية.

رضا نصري: نظام أمني إقليمي جماعي جديد

ولم تكن اتفاقات التطبيع بعيدة عن ذلك، إذ عملت إسرائيل على تعزيز علاقاتها العسكرية مع دول خليجية، لكن حدثت تحولات قللت من قيمة التعاون مع إسرائيل؛ لأنّ الأخيرة تستمد مشروعيتها وقوتها للبلاد العربية من علاقتها بواشنطن في المقام الأول.

توترت العلاقات بين السعودية والإمارات والولايات المتحدة على خلفية الاعتداء الحوثي الإيراني على البلدين، دون جدية أمريكية في حماية الأمن الخليجي. تبع ذلك توتر علاقات الرياض مع واشنطن على خلفية أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا، مقابل نمو العلاقات مع الصين.

يمثّل الاتفاق السعودي الإيراني تحديات كبيرة أمام إسرائيل، وسيكون له تبعاته على السياسة الداخلية التي تشهد انقسامات حادة، ومكانة إسرائيل في المنطقة، وخططها العسكرية ضد إيران

لهذا جاء الاتفاق السعودي مع إيران ليقطع الطريق على تلك الآمال الإسرائيلية، فضلاً عن أنّ لدول الخليج مقاربات أوسع بعلاقتها بإيران بخلاف تل أبيب.

يقول المحلل السياسي والمحامي الدولي الإيراني رضا نصري، بأنّ اتفاقيات التطبيع رغم أنها شملت مجالات متعددة للتعاون بين الأطراف المعنية، إلا أنّ مناهضة إيران كانت في القلب منها.

وذكر المحامي الإيراني لـ"حفريات" بأنّ نتنياهو وصفها بأنها "جدار دفاعي إقليمي ضد إيران".

على نفس المنوال، علق زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد على الاتفاق بقوله إنّ "الاتفاق السعودي الإيراني هو فشل تام وخطر لسياسة الحكومة الإسرائيلية الخارجية. إنه انهيار للجدار الدفاعي الإقليمي الذي بدأنا ببنائه ضد إيران".

يرى المحامي الإيراني، بأنّه إذا وسعت إيران وجيرانها العرب من تعاونهم لتشكيل "نظام أمني إقليمي جماعي" جديد، سيعود بالنفع على الجميع، ويبطل أي تعويل إسرائيلي على اتفاقيات التطبيع لمواجهة إيران.

مكانة إسرائيل الإقليمية

لم تخفِ إيران رفضها للتقارب الخليجي مع إسرائيل. لم يكن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بعيداً عن قرار إيران استهداف الإمارات عبر حلفائها الحوثيين في اليمن. من جانب آخر تدرك الدول الخليجية التكلفة الكبيرة لشنّ هجمات أمريكية - إسرائيلية ضد إيران، على الاقتصاد والسياحة وإمدادات الطاقة. يرى مراقبون أنّ العام الماضي شهد تحولات خليجية كبيرة نحو صياغة إستراتيجية لاحتواء إيران بدلاً من الصدام معها. وفرت تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا فرصة لذلك التحول، بما قدمته من فرص وتحديات في العلاقات الدولية.

إيهاب جبارين: لا يملك نتنياهو قدرة كبيرة على المناورة

ويرى نصري، أنّ التقارب الإيراني السعودي سيقطع الطريق أمام مزيد من التعاون العسكري الخليجي مع إسرائيل؛ منعاً لاستفزاز طهران، وبناءً على التقارب الجديد بين الجيران.

من جانبه، قال المحلل السياسي، من عرب الداخل، إيهاب جبارين، بأنّ نتنياهو جعل من إيران فزاعة، تهدد وجود إسرائيل، واستغل ذلك في مسيرته السياسية.

وأشار لـ"حفريات" إلى أنّ إسرائيل عملت على استغلال الخلافات السنية الشيعية، لتكوين تحالف مع دول سنية في مواجهة إيران، لكنّ الاتفاق السعودي الإيراني قطع الطريق على ذلك.

المحلل إيهاب جبارين لـ"حفريات": إسرائيل لم تكن تعول على بناء تكتل إقليمي لمواجهة إيران فقط بل كانت تؤطر سياستها الخارجية ومكانتها الإقليمية من خلال ذلك التكتل

ونوه جبارين بأنّ إسرائيل لم تكن تعول على بناء تكتل إقليمي لمواجهة إيران فقط، بل كانت تؤطر سياستها الخارجية ومكانتها الإقليمية من خلال ذلك التكتل.

وطمحت إسرائيل إلى توقيع اتفاق سلام مع السعودية، مستفيدةً من زخم العلاقات الإسرائيلية العربية خلال الأعوام الماضية. قدمت تل أبيب نفسها كجزء من الأمن الإقليمي في مواجهة المخاطر الإيرانية المتنامية. لكنّ تولي حكومة يمينية متطرفة، أدت لتأجيج التوترات في الأراضي المحتلة، بجانب الحروب التي طالت غزة، وكان آخرها في أيار (مايو) 2021، وآب (أغسطس) 2022، خصم من رصيد الانفراجة العربية - الخليجية على إسرائيل.

في السياق ذاته، أوضح رضا نصري، بأنّ الاتفاق السعودي الإيراني لا يستهدف إسرائيل على وجه التحديد، لكنّ الوصول إلى أهداف طويلة المدى بين إيران والدول العربية لتأسيس نظام تعاون إقليمي، لن يكون في صالح إسرائيل.

الائتلاف الحكومي

يرى المحلل السياسي إيهاب جبارين، بأنّ المساعي الدبلوماسية الإقليمية كانت أحد مميزات نتنياهو كسياسي إسرائيلي، وفقدها بعد التوافق السعودي الإيراني، الذي كتب النهاية لمسعى التطبيع مع السعودية وتكوين حلف إقليمي ضد إيران، ضربة كبيرة.

وأشار جبارين إلى أنّ ذلك يأتي في وقت يواجه نتنياهو فيه أزمة الإصلاحات القضائية التي تسببت في شرخ كبير في المجتمع الإسرائيلي. وسط تلك الضغوط لا يملك نتنياهو قدرة كبيرة على المناورة، مع تردي الأوضاع الأمنية وارتفاع التوترات بين الفلسطينيين والقوة الإسرائيلية المدعومة من المستوطنين.

يجد نتنياهو نفسه في موقف صعب، بسبب الصراعات التي تحيط به، منها الفلسطيني - الإسرائيلي، والاحتجاجات الكبيرة داخل المجتمع، وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل انخفاض العملة المحلية، الشيكل، مقابل الدولار. إلى جانب إخفاق مفاوضات الولايات المتحدة وإيران للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وتطور القدرات النووية الإيرانية.

الاحتجاجات ضد نتنياهو في تزايد

تجعل تلك التحديات نتنياهو في حاجة إلى واشنطن أقرب من أي وقت مضى، لكنّ الأخيرة التي طالما أكدت على ضمان أمن إسرائيل، لا تريد التورط في حرب مع إيران في ظل انشغالها بالصراع في أوكرانيا. فضلاً عن أنّ واشنطن غير راضية عن سياسة الائتلاف اليميني الحاكم، سواء التي تتعلق بالفلسطينيين أو الداخل.

تبعاً لذلك، يمثّل الاتفاق السعودي الإيراني تحديات كبيرة أمام إسرائيل، وسيكون له تبعاته على السياسة الداخلية التي تشهد انقسامات حادة، ومكانة إسرائيل في المنطقة، وخططها العسكرية ضد إيران. أما ملف التطبيع مع السعودية فمن غير الوارد حدوث اختراق فيه قريباً، في ظل تصاعد الأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة، وتمسك المملكة بالمبادرة العربية للسلام كأساس للسلام.

وفي 10 آذار (مارس) وقعت السعودية وإيران في بكين اتفاقاً برعاية الصين، تضمن العمل على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، واحترام سيادة الدول، وإحياء العمل باتفاقية التعاون الشاملة لعام 1998 واتفاقية التعاون الأمني لعام 2001. وأكد بيان الدول الثلاث على بذل الجهود كافة لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.

مواضيع ذات صلة:

بعد الاتفاق مع السعودية... هل توقف إيران جرائم الميليشيات الحوثية؟

عودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية... ما أبعادها وانعكاساتها؟

السعودية وإيران تعقدان اتفاقاً تاريخياً... أبرز ردود الفعل العربية والدولية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية