كيف تراجعت قضية فلسطين في هرم الأولويات الإخواني في ليبيا؟

كيف تراجعت قضية فلسطين في هرم الأولويات الإخواني في ليبيا؟

كيف تراجعت قضية فلسطين في هرم الأولويات الإخواني في ليبيا؟


19/11/2023

على الرغم من ادعاء الإخوان دائماً مركزية القضية الفلسطينية، وأنّها أحد أهم عوامل الوجود الإخواني لنصرة الحق والدفاع عن شعب فلسطين المظلوم، إلّا أنّ واقع الأمر، في ظل حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة، يكشف عن انتهازية الجماعة وكذب ادعاءاتها، حيث إنّ الجماعة لم تعر الحدث الفلسطيني الجاري أيّ اهتمام، وأصبحت القضية في ذيل أولويات التنظيم الباحث عن السلطة في ليبيا.

حزب العدالة والبناء الليبي، الذراع الإخوانية الأبرز في البلاد، أصدر بياناً يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ثمّن فيه عمل المقاومة، دون أن يشير إلى عملية "طوفان الأقصى"، مديناً الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ومحملاً المجتمع الدولي المسؤولية، داعياً إلى وقف ما هو متوقع من مجازر ومذابح بحق الشعب الفلسطيني.

صمت العدالة والبناء

وفي أعقاب هذا البيان التقليدي، حلّ الصمت على الحزب، ولم يعقب على التجاوزات الإسرائيلية، أو يشارك في الإدانة، وبينما الجميع منغمس في متابعة المأساة والانخراط في الدفاع عن الفلسطينيين العزّل، أصدر حزب العدالة والبناء بياناً يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بشأن مراجعة قوانين لجنة (6+6) من قبل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا!

الحزب رحب ببيان بعثة الأمم المتحدة، الذي أكد أنّ القوانين الانتخابية تحتاج إلى المزيد من التوافقات، وبينما العالم يدين الصمت الأممي تجاه المأساة الإنسانية في ليبيا، أشاد الحزب الإخواني بموقف الأمم المتحدة وبيانها تجاه القوانين الانتخابية، والذي جاء متناغماً مع موقف العدالة والبناء، بحسب تعبير البيان.

الجماعة لم تعر الحدث الفلسطيني الجاري أيّ اهتمام، وأصبحت القضية في ذيل أولويات التنظيم الباحث عن السلطة في ليبيا

وعلى صعيد الأحداث في غزة، كان الظهور الأخير لحزب العدالة والبناء يوم 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حين أصدر الحزب بياناً مقتضباً أدان فيه رئيس الحزب عماد البناني قصف مبنى مستشفى المعمداني بقطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مطالباً بفتح ممرات آمنة، والسماح بدخول المساعدات للفلسطينيين، قبل أن يختفي الحزب تماماً عن متابعة ما يحدث في قطاع غزة.

ومع تصاعد وتيرة الانتقادات جراء تجاهل الحزب للحدث الفلسطيني، استضاف حزب العدالة والبناء يوم الإثنين 24 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وفداً من المشايخ، قال إنّهم يمثلون هيئة علماء فلسطين، ورابطة علماء المسلمين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو الحدث الذي لم يحضره رئيس الحزب، واكتفى بإرسال نائبه عادل بوقرين.

حزب العدالة والبناء الليبي، الذراع الإخوانية الأبرز في البلاد، أصدر بياناً يوم 7 تشرين الأول الماضي، ثمّن فيه عمل المقاومة، دون أن يشير إلى عملية "طوفان الأقصى"

اللقاء كان إيديولوجياً، واقتصر على عدد بسيط من أعضاء الهيئة العليا للحزب، وصاحبته دعاية سياسية لإخوان ليبيا، ولم يصدر عنه أيّ بيانات أو مخرجات ذات علاقة بالمحرقة الجارية في القطاع.

وعليه ينكشف أمام الجميع أنّ الدافع الحقيقي للإخوان كان دائماً البحث عن السلطة، وأنّ هرم الأولويات لدى الجماعة لا يكترث كثيراً بآلام الفلسطينيين، وما يحدث لهم من قتل وترحيل قسري، فالإخوان لا همّ لهم غير السلطة ونهم الحكم.

تجاهل الحزب الديمقراطي

على الجانب الآخر، وعلى صعيد الحزب الديمقراطي، الذراع الإخوانية المنافسة للعدالة والبناء، فإنّ الوضع كان أسوأ بكثير، فمع انطلاق الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، عقد مجلس السياسات بالحزب الديمقراطي اجتماعاً يوم 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بمقر الحزب بالعاصمة طرابلس، واقتصر الاجتماع على بحث آخر المستجدات السياسية الراهنة على الساحة الليبية، وبعض المقترحات حول عمل مجلس السياسات، ولم يتم التطرق بشكل أو بآخر للأحداث في قطاع غزة.

الحزب الديمقراطي انتظر حتى يوم 10 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ ليصدر بياناً رتيباً أدان فيه الاعتداءات الصهيونية، مطالباً الشعب الليبي بالتضامن مع أهل غزة، دون أن يبين شكل هذا التضامن أو أوجهه.

وقد تجاهل مجلس السياسات في الحزب الديمقراطي في جلسته المنعقدة بتاريخ 12 تشرين الأول (أكتوبر) ما يحدث في قطاع غزة، وتناولت الجلسة موضوع التوافقات السياسية في ظل الانقسام الذي تُعاني منه ليبيا، كذلك انعكاسات ملف كارثة درنة، إضافةً إلى ملف إعادة إعمار المدن المُتضررة، وهي كلها أمور انتخابية، تعكس الوجه الحقيقي للإخوان.

هرم الأولويات لدى الجماعة لا يكترث كثيراً بآلام الفلسطينيين

رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان ظهر أخيراً يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لا ليتحدث عن مأساة غزة، وإنّما ليُعلق على ما صدر عن بعثة الامم المتحدة ومبعوثها السيد باتيلي، مؤكداً أنّ السيد باتيلي تجاوز صلاحيات ولايته كمبعوث أممي؛ بإعادة طرح نقاط كانت محل نقاش، وتوصيات لجنة (6+6)، وتجاهل بشكل مريب التحدث عن تجازوات إسرائيل في حق الفلسطينيين.

الحزب الديمقراطي ظهر أخيراً على صعيد الحدث الفلسطيني يوم 18 تشرين الأول الماضي، ليعلن عن مبادرة غريبة، هي عبارة عن مذكرة موجهة للحزب الشيوعي الصيني.

الحزب الديمقراطي دشن حملة "الديمقراطي معكم"؛ لإغاثة المتضررين جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت شرق البلاد، بالإضافة إلى الاتفاق على تشكيل لجان تسييرية في المناطق المنكوبة، وشهد مقر الحزب ورش عمل وندوات متعددة على مدار الأيام التالية، لبحث ملف القوانين الانتخابية، والنظام الصحي في إطار مفهوم الديمقراطية الاجتماعية، كما أصدر عضو مجلس السياسات بالحزب الديمقراطي مصباح السنوسي بياناً حول مخرجات لجنة (6+6)، بينما العالم كله يتحدث عن مجزرة المستشفى المعمداني في قطاع غزة.

الحزب الديمقراطي ظهر أخيراً على صعيد الحدث الفلسطيني يوم 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ليعلن عن مبادرة غريبة، هي عبارة عن مذكرة موجهة للحزب الشيوعي الصيني، تطالب بإدانة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مطالبة بوقف فوري لهذه الحرب، وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة بشكل عاجل.

الأولوية للانتخابات

الحزب الديمقراطي يبدو أنّه أرضى ضميره تجاه القضية الفلسطينية، من خلال مبادرته التي وصفها مراقبون بأنّها خارج السياق، ليصبّ بعد ذلك كل اهتمامه على الانتخابات، ففي إطار عمل الحزب على زيادة الوعي الانتخابي لكوادره، أقام دورة تدريبية حملت عنوان "إدارة الحملات الانتخابية"، قدمها المعهد الديمقراطي الأمريكي، المرتبط بالحزب الديمقراطي، المشارك بالدعم والتأييد في المجزرة الصهيونية في قطاع غزة.

رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان

وفي 25 تشرين الأول (أكتوبر) لم ينسَ الحزب الديمقراطي الاحتفال بالذكرى الثانية لتأسيسه، وفي اليوم نفسه أقام الحزب حفلاً لتكريم فريق حملة الديمقراطي معكم، وشهد الحفل كلمات لعدد من قيادات الحزب، في مقدمتهم رئيس الحزب محمد صوان، إضافةً إلى رؤساء فرق الحملة، وكانت فلسطين الغائب بامتياز في هذا اليوم.

حلّ الصمت بشكل تام على مواقف الحزب الديمقراطي، وتواصلت في المقابل فعاليات نادي الكتاب، وورش العمل التي تصدرتها الانتخابات

وما بين ورش العمل، وعشرات الندوات والصالونات الأدبية، والحفلات هنا وهناك، واصل الحزب الديمقراطي أنشطته، قبل أن يصدر بياناً في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري أدان فيه المواقف الغربية تجاه ما يحدث في فلسطين، وثمّن مواقف الدول اللاتينية التي قطعت علاقاتها بإسرائيل. كما دعت كتلة الحزب الديمقراطي بالمجلس الأعلى للدولة عدداً من البرلمانات العربية والإسلامية والأجنبية إلى تبنّي عدد من القرارات و القوانين، التي تعترف بفصائل المقاومة الفلسطينية كحركات تحرر وطني، وتمنع الشركات والمؤسسات الاقتصادية الداعمة لإسرائيل من المشاركة في أيّ مناقصات في قطاعات النفط والغاز والتعدين والإنشاءات. وقُدِّمت هذه النقاط عبر خطابات وُجّهت إلى برلمانات: قطر، والعراق، وسوريا، وموريتانيا، والكويت والجزائر، وإيران، وتركيا، وجنوب أفريقيا، وعدد من الدول الأفريقية (غير البترولية)، وماليزيا، وأندونيسيا، والمالديف، وباكستان، وبنغلاديش.

بعد ذلك حلّ الصمت بشكل تام على مواقف الحزب الديمقراطي، وتواصلت في المقابل فعاليات نادي الكتاب، وورش العمل التي تصدرتها الانتخابات.

مواضيع ذات صلة:

تحركات لافتة في ليبيا... زيارات مكوكية لحسم الانتخابات وتطويق الصراع السياسي

ليبيا... هل يسعى باتيلي للتمديد لحكومة الدبيبة لمدة عامين؟

ليبيا: اشتباكات في بنغازي وانقطاع متواصل للاتصالات... ما القصة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية