تحركات لافتة في ليبيا... زيارات مكوكية لحسم الانتخابات وتطويق الصراع السياسي

تحركات لافتة في ليبيا... زيارات مكوكية لحسم الانتخابات وتطويق الصراع السياسي

تحركات لافتة في ليبيا... زيارات مكوكية لحسم الانتخابات وتطويق الصراع السياسي


05/11/2023

تحركات عديدة على مستوى القوى الدولية والأطراف المحلية الفاعلة؛ لتسوية مشهد الأزمة في ليبيا، والاقتراب من عتبة الاستحقاق الانتخابي، خاصّة على منصب الرئيس، وبالتزامن مع ذلك الانتخابات البرلمانية والقطع مع كل المراحل الانتقالية بغية التماس الاستقرار.

فرص ضائعة للاستحقاق الانتخابي في ليبيا

على خلفية ذلك، تحدثت عدة  مصادر لـ (حفريات) حول حديث المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بضرورة الوصول إلى توافق مع مجلس النواب في الأفق المنظور، حتى لا يمضي مجلس النواب في طريقه لتشكيل حكومة جديدة موحدة لإجراء الانتخابات. وأضافت المصادر أنّ ثمة ضغطاً من قبل القوى الدولية؛ لترتيب لقاء مشترك يجمع رئيس النواب المستشار عقيلة صالح  مع محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة؛ بهدف الوصول إلى مقاربة تشاركية تضمن الحد الأدنى من التوافق فيما بين المجلسين، للمرور نحو الاستحقاق الانتخابي، والوصول إلى صيغة تحقق ذلك بين عدة سيناريوهات تتعلق بنفوذ عبد الحميد الدبيبة في العاصمة ومصراتة، تحديداً، وجغرافيا الغرب الليبي بشكل عام. فضلاً عن قاعدة النفوذ مع التشكيلات المسلحة، التي توظف قدراتها الميدانية من أجل خلق حالة سيولة وتهديد الأمن أكثر من مرة في عدة مناطق؛ مثلما حدث في غريان جنوب طرابلس خلال نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

القوانين الانتخابية تخرج إلى النور

يأتي ذلك في سياق اللقاء المعلن بين المستشار عقيلة صالح، والمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، وكذا السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى مهراج، لمناقشة مستجدات الأوضاع السياسية والقوانين الانتخابية، وضرورة تشكيل حكومة واحدة بهدف تنفيذ الانتخابات.

المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند

على خلفية ذلك؛ صدر العدد الـ (14) من الجريدة الرسمية، متضمناً قانوني انتخاب رئيس الدولة، وانتخاب مجلس الأمة ومجلس الشيوخ؛ المعدّين من اللجنة المشتركة (6+6) عقب إقرارهما، رغم اعتراض المجلس الأعلى للدولة عليها.

وبحسب القانون، يترأس الحكومة القادمة رئيس منتخب بشكل مباشر من الشعب، على أن تُجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية في غضون (240) يوماً، منذ تاريخ صدور القوانين الانتخابية.

تحدث عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، في سياق تصريحاتهم لـ (حفريات)، حول ضرورة أن يتم إحاطة أعضاء المجلس بسياق الزيارة وتفاصيلها.

وتُجرى الانتخابات الرئاسية من جولتين، ويتأهل الفائز الأول والثاني للجولة الثانية، بغض النظر عن النسبة التي حصل عليها الفائز الأول والثاني. ووفقاً للقوانين المنشورة؛ تنجز انتخابات مجلس الشيوخ مع الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، بينما تنجز انتخابات مجلس النواب مع الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية. ونص القانون على أن تعلن نتائج انتخابات مجلس الشيوخ عند إعلان نتائج انتخابات الرئاسة ومجلس النواب، وأنّه في حال تعذرت انتخابات الرئاسة تلغى انتخابات مجلس الأمة.

وينتخب (297) عضواً في مجلس النواب عن طريق الاقتراع العام السري، حيث يجري انتخاب (152) عضواً عن طريق القوائم المغلقة، وعدد (145) مقعداً فردياً. كما نص القانون على أن يتكون مجلس الشيوخ من (90) عضواً، على أساس الترشح الفردي بنظام الفائز الواحد.

وذكر القانون أنّه على المترشح للجولة الثانية للانتخابات الرئاسية أن يقدم إقراراً كتابياً مصدقاً من محرر العقود، يفيد بعدم حمله جنسية أجنبية، أو تقديم وثيقة من سفارة الدولة الحامل لجنسيتها، تثبت تقديمه طلب تنازل عن جنسيته. وفي حالة إصدار المحكمة حكماً قضائياً ضدّ أحد المترشحين الاثنين للجولة الثانية، بناء على طعن للقضاء، فإنّ الفائز الثالث في الجولة الثالثة يحل بديلاً عنه.

رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة

ويُعدّ المترشح الرئاسي، سواء مدنياً أو عسكرياً، مستقيلاً من منصبه، وفي حالة عدم فوزه في الانتخابات يعود إلى سابق منصبه ويمارس مهامه. وكان مجلس الدولة والبعثة الأممية قد عبّرا عن تحفظهما على قوانين الانتخابات، كونها تتضمن مواد خلافية، وغير متوافق بشأنها؛ لا سيّما ما يتعلق بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للرئاسة.

ما وراء أردوغان في ليبيا؟

جاءت زيارة رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة لتركيا، واللقاء الذي جمعه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان؛ لمناقشة الأوضاع في ليبيا وتطورات الشأن السياسي، وخاصّة أنّ تركيا تتحرك بنشاط واسع مع كل القوى المحلية الفاعلة في ليبيا، وشرعت في افتتاح القنصلية الخاصة بها ببنغازي شرق ليبيا. فضلاً عن المشاركة الواسعة في مؤتمر إعادة إعمار درنة، الذي تمّ تنظيمه من خلال المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلف أسامة حماد.

 جملة التعقيدات والارتباكات التي تحيط بالمشهد الليبي؛ تدفع جميع القوى إلى ممارسة الضغوط على الأطراف الفاعلة بمناسيب مختلفة، وفي أوقات متباينة

وقد تحدث عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، في سياق تصريحاتهم لـ (حفريات)، حول ضرورة أن يتم إحاطة أعضاء المجلس بسياق الزيارة وتفاصيلها، وخاصّة أنّها جاءت في وقت يحمل دلالات كثيرة، وإشارات بالضغط نحو إحداث توافق حول القوانين الانتخابية.

وتابعت المصادر في سياق حديثها لـ (حفريات) أنّهم لا يمتلكون معلومات محددة حول أهداف زيارة محمد تكالة رئيس مجلس الدولة الاستشاري إلى تركيا، وستتم مطالبته بتقديم إحاطة حول هذه الزيارة بعد رجوعه، من خلال مطالبته إحاطة المجلس بمجريات أحداث الزيارة، وتفاصيل لقائه بالرئيس أردوغان، وكذا رئيس البرلمان.

إلى ذلك يشير الباحث الليبي عبد الهادي حنيتيش، في تصريحات خصّ بها (حفريات)، إلى أنّه بالنسبة إلى مجلس الدولة ومجلس النواب، فالأول أضحى خاضعاً تماماً لرئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة، عن طريق مساعدة محمد تكالة بالفوز بمنصب الرئيس، وتجاوز خالد المشري، والثاني وضع شرطه الرئيس بضرورة تجاوز رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وحتمية تشكيل حكومة واحدة لتنفيذ الانتخابات، وخاصّة أنّه أصدر القوانين الانتخابية ونشرها بالجريدة الرسمية، واضطلع بدوره، ووضع الجميع أمام مسار التنفيذ العملي.

أزمة معقدة

يتابع الباحث الليبي تصريحاته لـ (حفريات)، لافتاً إلى أنّ أعضاء المجلس الأعلى للدولة ليسوا منتخبين، بل تمّ اختيارهم بموجب اتفاق سياسي. وجاءت آلية اختيارهم في ذلك التوقيت من خلال  طيف واحد هو طيف الإخوان المسلمين. وبالتالي عقليتهم ومسار تفكيرهم وأهدافهم بالكامل متقاربة. بيد أنّ جزءاً بسيطاً منهم  يتموضع داخل  كتلة تُسمّى التوافق، وهم إلى حد ما يختلفون عن باقي أعضاء المجلس بشكل أو بأخر، فضلاً عن كونهم استطاعوا تحقيق التوافق مع مجلس النواب، من خلال المقاربة نفسها إبّان ولاية الرئيس السابق للمجلس الاستشاري خالد المشري.

 رئيس النواب المستشار عقيلة صالح

ويمضي الهادي حنيتيش مؤكداً في حديثه أنّ رؤية الإخوان واضحة ومحددة؛ وتستقر عند التأكيد على أنّ تنفيذ مسار الاستحقاق الانتخابي مشروط بإقصاء كل خصومهم، ويعتبرون ذلك الشرط إلزامياً لإجراء الانتخابات.

على خلفية ذلك المشهد، يشرح الكاتب الليبي الواقع الأممي إزاء تعامل الغرب مع الأزمة في ليبيا، ومسارات الحل، حيث إنّ القوى الدولية تدرك جيداً أهمية ليبيا من الناحية الجغرافية، وكذا ما تحتويه من ثروات طبيعية، ممّا يجعلهم يتحركون عبر البعثة الدولية وممثلها عبد الله باثيلي، وأيضاً السفراء العاملين بليبيا، من خلال العمل صوب تحقيق مقاربة تجمع بين الأطراف المحلية والفاعلة، ممّا ينتج عنه انتخابات تفضي نحو رئيس قوي ومعتدل في الوقت نفسه، وبالتالي يحقق التقارب مع الغرب عموماً، والولايات المتحدة الأمريكية خاصّة.

الهادي حنيتيش: الأزمة في ليبيا معقدة للدرجة التي تجعل أفق تغيير عبد الحميد الدبيبة، وتنفيذ الاستحقاق الانتخابي بالشكل الذي يتوافق مع مصالح القوى الدولية، أمراً غاية في الصعوبة.

إلى ذلك، يبدو من الواضح أنّ جملة التعقيدات والارتباكات التي تحيط بالمشهد الليبي؛ تدفع جميع القوى إلى ممارسة الضغوط على الأطراف الفاعلة بمناسيب مختلفة، وفي أوقات متباينة، وعبر عدة آليات؛ بهدف المرور نحو نقطة آمنة في أفق منظور، دون الاحتكاك بقواعد الانفجار الجاهزة  للاشتعال في أيّ وقت، خاصة مع حالة السيولة التي تجتاح النظام الدولي والإقليمي، على خلفية الأزمة والصراع المشتعل في أوكرانيا وغزة.

إلى ذلك، يختتم الكاتب السياسي الليبي الهادي حنيتيش تصريحاته، مؤكداً أنّ الأزمة في ليبيا معقدة للدرجة التي تجعل أفق تغيير عبد الحميد الدبيبة، وتنفيذ الاستحقاق الانتخابي بالشكل الذي يتوافق مع مصالح القوى الدولية، أمراً غاية في الصعوبة، ويضع البلاد على منحدر السيولة مرة جديدة، خاصة مع انخراط تيار الإخوان وتنظيماتهم السياسية والمسلحة في العمل السياسي.

مواضيع ذات صلة:

ليبيا... هل يسعى باتيلي للتمديد لحكومة الدبيبة لمدة عامين؟

إخوان ليبيا وخطة العودة إلى نقطة الصفر بعد حل اللجنة المشتركة (6+6)



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية