إخوان ليبيا وخطة العودة إلى نقطة الصفر بعد حل اللجنة المشتركة (6+6)

إخوان ليبيا وخطة العودة إلى نقطة الصفر بعد حل اللجنة المشتركة (6+6)

إخوان ليبيا وخطة العودة إلى نقطة الصفر بعد حل اللجنة المشتركة (6+6)


10/10/2023

أنتج موقف المجلس الأعلى للدولة، الرافض للقوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب، بناء على ما أنجزته اللجنة المشتركة (6+6)، أنتج موجة جديدة من الغموض والارتباك في المشهد السياسي الليبي، وشكك في القدرة على طرح استجابة حقيقية لتحديات الاستحقاق الانتخابي على منصب الرئيس، والعبور بسلام نحو بر الأمان.

جاء  قرار البرلمان الليبي بعد يومين من إعلانه الموافقة على إصدار قوانين الانتخابات التي أقرتها اللجنة المشتركة مع المجلس الأعلى للدولة، ليجري بموجبها انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمّة.

المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، قال في بيان عبر (فيسبوك): إنّ المجلس "أصدر قانون انتخاب رئيس الدولة، وقانون انتخاب مجلس الأمّة، يوم الأربعاء 4 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وفقاً للتعديل الدستوري الـ (13)، ووفقاً لما أقرته لجنة (6+6)، مضيفاً أنّ رئيس المجلس عقيلة صالح "أمر بإحالتها وتسليمها للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات".

وقد صرح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي لـ "حفريات" أنّ مجلس النواب الليبي وافق بالإجماع خلال جلسته، على إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة، وقانون انتخاب مجلس الأمّة، وهي القوانين المنجزة من لجنة (6+6).

الأعلى للدولة يُصعّد

في المقابل، أعلن المجلس الأعلى للدولة "التمسك بمخرجات لجنة (6+6)، الموقعة في بوزنيقة المغربية، الصادرة في شهر حزيران (يونيو) الماضي"، رافضاً إجراء تعديل عليها، كما قرّر "حل فريقه الممثل له في اللجنة، بعد أن أنجز مهمته".

 رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري

وشدّد رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة على "تمسك المجلس بالمخرجات الصادرة عن اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية"، رافضاً إجراء أيّ تعديلات أخرى عليها. وقال تكالة: إنّ "تلك المخرجات جاءت بعد جهود طيبة ومضنية من التوافق بين المجلسين، وفقاً لما نص عليه الاتفاق السياسي الليبي".

فتحي المريمي: مجلس النواب الليبي وافق بالإجماع خلال جلسته على إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة، وقانون انتخاب مجلس الأمّة، وهي القوانين المنجزة من لجنة (6+6)

في هذا السياق يذهب الباحث السياسي الليبي عبد الله الديباني إلى التأكيد على أنّ ما  قام به مجلس الدولة بإلغاء لجنة (6+6)، وما نتج عنها من مخرجات، هو أمر مستغرب وغير مقبول.

واستطرد الديباني في إطار تصريحاته لـ "حفريات" قائلاً: إنّ قرار حل اللجنة جاء بطريقة استثنائية غير مسبوقة ومفاجئة، ولم يراعِ ما جاء في التعديل الـ (13) من الإعلان الدستوري، الذي يقول: إنّ اللجنة التوافقية ما بين مجلس الدولة ومجلس النواب، بمجرد توافقها وإقرارها على القوانين الانتخابية، تعتبر هذه القوانين معتمدة من تلقاء نفسها، ولا يجوز لمجلس الدولة ولا لمجلس النواب أن يعدلها أو يضيف عليها إضافات. مضيفاً: "ما قام به مجلس الدولة، هو نوع من أنواع عملية خلط الأوراق، والعودة إلى دائرة الأزمة، ممّا يضعنا مرة جديدة في مواجهة الكتلة الحرجة لمسار الحل السياسي في ليبيا، بعد ما كنّا على وشك الإعلان عن  التوافقات التي تفضي بالضرورة  إلى الاستحقاق الانتخابي.

العودة إلى نقطة الصفر

وبحسب الباحث الليبي عبد الله الديباني، فإنّ مجلس النواب وضع مجلس الدولة في زاوية حرجة، خصوصاً أنّه قام باعتماد هذه المخرجات، وأقرّ القوانين التوافقية الانتخابية، وقدّم ما ينبغي لتنفيذ الانتخابات، وذلك في مواجهة مجلس الدولة، الذي يعطل مسار الاستحقاق الانتخابي؛ استجابة لإملاءات يعلمها الجميع، والتي تبدو واضحة من خلال انجذابه نحو طرف سياسي دون آخر.

عبد الله الديباني: القرار الأخير لمجلس الدولة أنتح حالة من الانقسام الكبير في المجلس، وأفشى حالة من عدم الرضا تجاه حل لجنة  (6+6)، وإلغاء كل ما أقرته

ويكشف عبد الله الديباني أنّ القرار الأخير لمجلس الدولة أنتح حالة من الانقسام الكبير في المجلس، وأفشى حالة من عدم الرضا تجاه حل لجنة  (6+6)، وإلغاء كل ما أقرته، وما نتج عنها من مخرجات؛ وبالتالي هناك صراع داخلي في مجلس الدولة؛ لأنّه خالف نصوص الإعلان الدستوري.

ويؤكد الديباني أنّ ما أقره مجلس النواب من قوانين، هو ما تم التوافق عليه من قبل اللجنة المشتركة، دون أيّ تعديل أو إضافة. لافتاً إلى أنّ قرار محمد تكالة غير صائب، حيث جعل أصابع الاتهام تتجه نحو مجلس الدولة كمعرقل أساسي للاستحقاق الانتخابي؛ سواء كان الرئاسي أو البرلماني، حيث إنّه ينجذب أو ينحاز لطرف سياسي، يتمثل في عبد الحميد الدبيبة وحكومته؛ لأنّه المستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه.

 الناطق باسم البرلمان عبد الله بليحق

ويرى الديباني أنّ المجتمع الدولي الآن يريد هذا الاستحقاق ويسعى له، وبحسب تأكيدات سياسيين بمجلس النواب؛ فإنّ هذه الانتخابات ستكون في مطلع العام 2024. وبالتالي بالنسبة إلى مجلس النواب فهو مع الاستحقاق الانتخابي، ومع الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، وأقرّ القوانين التي خرجت من لجنة (6+6)، والآن الأساس هو عمل المفوضية على البدء في العملية الانتخابية بفتح سجل الناخبين. كما أنّ ما تمّ إدراجه من ملاحظات من المفوضية، حول بعض المخرجات قبل إقرارها من لجنة (6+6)، أخذ بها من قبل اللجنة وتم تعديلها، كونها أموراً فنية أشارت إليها المفوضية؛ وبالتالي يستوجب على المفوضية أن تبدأ في مجريات الاستحقاق الانتخابي وتسجل الناخبين.

من جانبه، يشير نائب رئيس تحرير بوابة أفريقيا الإخبارية حسين مفتاح، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ مجلس الدولة عاد إلى سياساته التي دأب على ممارستها خلال الأعوام الأخيرة؛ والمتمثلة في الظهور من خلال عدم التوافق مع مجلس النواب. واستطرد لافتاً إلى أنّ ذلك بدا واضحاً  في ردات الفعل التي ظهرت من خلال قراره الأخير، مع  تولي محمد تكالة منصب رئاسة مجلس الدولة.

حسين مفتاح: المفوضية العليا للانتخابات استلمت نسخة من تلك القوانين، كما اجتمع السيد عماد السائح مع المستشار عقيلة صالح

ويلفت مفتاح إلى أنّه منذ تلك اللحظة، أصبح هناك فتور في التعاون بين المجلسين، وذلك على خلاف فترة ولاية السيد  خالد المشري، رغم كلّ التحفظات على التيار الذي يمثله، بيد أنّ واقع تلك الفترة كان يشي بثمّة تقارب معقول، دخل منسوب الحدّ الادنى من متطلبات التوافق بين الطرفين، غير أنّ ردة الفعل التي ظهرت من خلال تصريحات وقرارت محمد تكالة، على قرارات  القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب؛ بناء على الصيغة النهائية الموجهة إليه من اللجنة المشتركة (6+6)، كشفت حقيقة نوايا  المجلس وقياداته، وكذا حقيقة أنّه ليس هناك مسعى صادق لإجراء الانتخابات من قبل الدولة، والتيار الذي يتحكم فيها.

غموض حول موقف المفوضية العليا للانتخابات

يؤكد نائب رئيس تحرير بوابة أفريقيا الإخبارية أنّ ما يحدث ليس بجديد على الواقع السياسي في ليبيا، وإشكاليات تداخل قوى الإسلام السياسي، غير أنّ ثمّة أملاً كان الجميع يتعلق به، وهو أن تتجاوز الأطراف السياسية تلك الخلافات؛ عبر قناعة بضرورة التوافق، وأنّ الاستحقاق الانتخابي يستوجب ذلك التوافق؛ حتى نشهد مساراً سياسياً واضحاً تستقر من خلاله مؤسسات الدولة.

ويشير حسين مفتاح إلى أنّ الأزمة واضحة الآن، وتتمحور حول أزمة القوانين الانتخابية المتعلقة بشروط المترشحين لمنصب الرئيس، كما أنّ الوضع حالياً يتطابق بشكل كبير مع الظروف التي كانت عليها في نهاية كانون الأول (ديسمبر) من العام  2021، الأمر الذي عطّل العملية الانتخابية؛ بدعوى القوة القاهرة، على خلاف حقيقة الأمر، حينذاك، وعدم مواجهة الإملاءات الخارجية التي قررت تعطيل الاستحقاق الانتخابي وإيقاف مساره؛ كونها كانت ستفضي إلى قيادات وطنية تستطيع أن تحقق استقلال ليبيا.

بالنسبة إلى وضعية مجلس النواب على خلفية قرار المجلس الأعلى للدولة، بحل اللجنة المشتركة؛ يرى حسين مفتاح أنّ مجلس النواب ليس أمامه أيّ خيار، وخاصّة أنّه قام بالدور المطلوب منه، وأصدر القوانين الانتخابية بحسب بنود التوافق مع مجلس الدولة.

ويشير مفتاح إلى أنّ المفوضية العليا للانتخابات استلمت نسخة من تلك القوانين، كما اجتمع السيد عماد السائح مع المستشار عقيلة صالح، ولكن لم تصدر المفوضية أيّ ردة فعل إزاء النسخة التي استلمتها من القوانين الانتخابية، كما أنّ السائح لم يكشف عن مضمون اللقاء، وما جرى من تفاهمات مع رئيس مجلس النواب.

ويختتم نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا" الإخبارية حسين مفتاح تصريحاته لـ "حفريات" بحديثه عن رؤيته للموقف الدولي من تلك التطورات، بقوله: إنّه لا يستطيع الحديث عن ردود فعل دولية واضحة ومباشرة حيال تلك الأحداث، سوى من خلال الموقف الأمريكي وتصريحات المبعوث ريتشارد نورلاند، والتي أشارت بتلميح أقرب إلى التصريحات، إلى أنّ القوانين التي صاغتها اللجنة المشتركة، وأقرها مجلس النواب، غير كافية لإجراء الانتخابات، وضرورة عودة الأطراف السياسية لنقاش مفتوح، مع دعم مسار المبعوث الأممي عبد الله باتيلي نحو الحوار، الأمر الذي يكشف عن اعتراض  واشنطن على صيغة القوانين، ومن ثمّ، فإنّ الملف الليبي يعود إلى نقطة الصفر مرة جديدة، لتظل  ليبيا رهن واقعها المأزوم؛ طالما ملف انتخابات الرئيس لن ينتج المواصفات التي يراها اللاعب الدولي حتمية الحدوث، ولا تقبل أيّ شك.

مواضيع ذات صلة:

ملحمة إغاثة مصرية في ليبيا تحبط مخططات الإخوان

كيف تؤثر اشتباكات طرابلس على خارطة الطريق الليبية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية