كيف استغل زعماء هذه الدول فيروس كورونا؟

كيف استغل زعماء هذه الدول فيروس كورونا؟


19/04/2020

اتخذ رؤوساء بعض الدول من فيروس كورونا المستجد وسيلة لقمع المعارضين وتعزيز السلطة وتعليق الديمقراطية، متذرعين بالصحة العامة، وحماية المواطنين من أنفسهم.
ففي تركيا مثلاً؛ اعتقل المئات بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعرض الروس لتهديدات بالسجن بسبب أي شيء تعتبره السلطات أخباراً كاذبة، وهناك مخاوف من أنّ الديمقراطية مهددة في بولندا، وأنّها تلاشت بالفعل في المجر، وفق ما أوردت شبكة الـ "بي بي سي".

أردوغان يفرض قوانين  لزيادة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي ويضعف المجتمع والمعارضة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا يحتاج تفشي فيروس كورونا للاستحواذ على السلطة، لأن لديه القدر الوافر منها بالفعل.
وفي هذا الصدد، قالت مديرة قسم تركيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إيما سنكلير ويب؛ "في مثل هذا النظام المركزي ليست هناك حاجة للاستيلاء على المزيد من السلطة".

وأضافت؛ "مع ذلك، كانت هناك محاولة انتهازية لاستكشاف رد الفعل، وذلك بطرح مقترحات بزيادة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد دُفنت في أعماق مشروع قانون يتناول أساساً التدابير الاقتصادية لتخفيف تأثير انتشار الفيروس".

وتقول ويب إنّ الهدف كان "إخضاع منصات وسائل التواصل الاجتماعي بقوة لسيطرة الحكومة والرقابة"، مُشيرة إلى أنّ مسودة التعديلات أسقطت فجأة، متوقعة عودتها في المستقبل.
واعتقلت السلطات التركية المئات بسبب "منشورات استفزازية" حول كوفيد 19 على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولم يجرؤ سوى عدد قليل من الأطباء على التحدث بصراحة. ويعلق المسؤول في نقابة الاطباء التركية علي سركيزوغلو على الموضوع قائلاً؛ "للأسف صار إخفاء الحقائق والاحتكار الطريقة التي يتم بها حكم هذا البلد. لقد اعتاد الأطباء والممرضون والعاملون الصحيون على ذلك في الأعوام العشرين الماضية".

فيكتور أوربان يواجه اتهامات باستغلال أزمة فيروس كورونا للاستحواذ على المزيد من السلطة

وتخشى المحامية حوريم سونميز من أن يمثل تفشي الوباء فرصة مواتية للرئيس أردوغان. وتقول سونميز، التي مثّلت متهمين في قضايا متعلقة بحرية التعبير، إنّ "المجتمع والمعارضة أضعف بسبب الوباء".

وتضيف قائلة؛ "الجميع لديهم جدول الأعمال ذاته: الفيروس؛ فالأولوية هي البقاء على قيد الحياة، وهناك قلق شديد من أن هذه الحكومة قد تسيء استخدام الوضع".

وفي سياق متصل باستغلال كورونا، يواجه رئيس وزراء المجر القوي فيكتور أوربان اتهامات في الداخل والخارج باستغلال أزمة فيروس كورونا للاستحواذ على المزيد من السلطة، بدلاً من توحيد البلاد.

ففي البداية، أعلنت حكومته حالة الخطر في 11 آذار (مارس) الجاري، وكسبت وقتاً ثميناً للاستعداد للوباء، لكنّها استخدمت بعد ذلك أغلبيتها البرلمانية لتمديد ذلك إلى أجل غير مسمى، وبالتالي فإنّ الحكومة لديها الآن سلطة الحكم بمقتضى مرسوم يفوضها بذلك طالما كان الأمر ضرورياً. والحكومة هي التي تُقرر بنفسها متى تنتهي حالة الخطر.

ويتحدث منتقدون عن نهاية الديمقراطية في المجر، لكنّ وزير العدل يصر على أنّ "قانون التفويض" سينتهي مع نهاية حالة الطوارئ، وأنه كان ضرورياً ومناسباً.

أمّا في روسيا، فقد كان الكرملين يعتزم، في كانون الثاني (يناير) الماضي، إعادة صياغة الدستور، للسماح في المقام الأول للرئيس فلاديمير بوتين بالاستمرار لفترتين جديدتين في منصبه، ثم إجراء "تصويت وطني" احتفالي في 22 نيسان (أبريل) يدعم فيه الروس التغييرات. ووصف منتقدو الرئيس ذلك بأنه "انقلاب دستوري"، لكن بدا أنّ الأمر حُسم بالفعل.

 

 

غير أنّ كوفيد 19 علق كل شيء؛ فقد اضطر الرئيس بوتين إلى تأجيل الاقتراع، فكيف يمكنك أن تدعو الناس إلى الخروج والتصويت في خضم وباء؟ ومشكلة الكرملين الآن هي هل سيجرى الاقتراع ومتى، ذلك أنّ إقرار دستور جديد قد يكون آخر أمر في أذهان الروس.

ويبدو أنّ الإغلاق الناجم عن انتشار فيروس كورونا بصدد ضرب الاقتصاد في روسيا، مع توقعات بركود يدوم عامين وفقدان الملايين من الوظائف.
وسوف يجادل أنصار الرئيس بوتين، بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية، بأنه في أي أزمة وطنية تحتاج روسيا إلى قيادة قوية ومستقرة أكثر من أي وقت مضى، وبقول آخر: ضرورة تمديد عهد بوتين. أمّا بالنسبة لمنتقدي الكرملين؛ فقد اتهموا بالفعل السلطات باستخدام الوباء لإحكام قبضتها.

ويفرض قانون جديد، مرّره البرلمان على عجل، عقوبات صارمة على المدانين بنشر ما يعتبر معلومات كاذبة عن فيروس كورونا، تتمثل في غرامات تعادل 25 ألف دولار أو السجن لمدة تصل إلى خمسة أعوام. وهناك مخاوف بشأن استخدام أنظمة المراقبة لفرض الحجر الصحي.

ويعني الإغلاق أيضاً عدم قدرة المعارضة على تنظيم احتجاجات؛ فالتجمعات الجماهيرية محظورة حالياً لمنع انتشار الفيروس.

إلى ذلك، يواجه الحزب الحاكم في بولندا اتهامات بتعريض الأرواح للخطر على نحو متهور، وذلك من خلال المضي قدماً بالاستعداد لانتخابات الرئاسة المقررة في  أيار (مايو) المقبل، خلال هذا الوباء. وشهدت أسهم الرئيس أندريه دودا، حليف الحكومة، ارتفاعاً في استطلاعات الرأي خلال الوباء، فهو المرشح الأوفر حظاً للفوز.

المعارضة الروسية اتهمت بوتين والكرملين باستخدام الوباء لإحكام قبضته على السلطة

ويقول حزب القانون والعدالة الحاكم إنّه مُلزم دستورياً بإجراء الانتخابات، مشيراً إلى أنّ التصويت البريدي فقط هو الحل الآمن في ظل الإغلاق.

وهذا هو الخيار المفضل للحزب الحاكم الذي يؤيد أيضاً اقتراحاً بتغيير الدستور للتمديد للرئيس دودا لعامين آخرين، طالما أنّه لا يستطيع السعي لإعادة الترشح.

وتقول المعارضة، إنّ التصويت البريدي يُعرّض الناخبين والعاملين في البريد وموظفي الانتخابات للخطر. كما أثار الاتحاد الأوروبي واللجنة الانتخابية البولندية مخاوف بشأن إجراء الانتخابات.

وتُصر المعارضة على وجود طريقة قانونية للتأجيل، وذلك بإعلان حالة كوارث طبيعية، والتي تحظر عقد انتخابات أثناء سريان إجراءات استثنائية، ولمدة 90 يوماً بعد ذلك. وتقول الحكومة إنّ الإعلان عن تدابير استثنائية سيجعلها مسؤولة عن مطالبات بتعويضات.

وإذا جرت الانتخابات في أيار (مايو) ، فإنّها لن تكون نزيهة، بحسب جماعات ناشطة في مجال حقوق الإنسان، لأنّ المرشحين أوقفوا الحملات الانتخابية في حين لا يزال شاغل الوظيفة يتمتع بتغطية إعلامية واسعة النطاق خلال مساعدته الحكومة وزياراته للعاملين في مجال الرعاية الصحية.

الحزب الحاكم في بولندا يواجه اتهامات بتعريض الأرواح للخطر من خلال الاستعداد للانتخابات الرئاسية

وإذا تأجلت الانتخابات، فقد تكون بولندا في خضم حالة من الركود، وقد تتضاءل فرص دودا في إعادة انتخابه إلى حد كبير. وفي حالة انتخاب مرشح للمعارضة؛ فإنّ حق النقض الذي يتمتع به الرئيس الجديد يمكن أن يعطل إلى حد كبير قدرة الحكومة على المضي قدماً في برنامجها للأعوام الثلاثة والنصف المقبلة.
هذا وغيّر فيروس كورنا البوصلة السياسية في العراق أيضاً؛ فبين ليلة وضحاها اعتذر المكلف بتشكيل الحكومة العراقية عدنان الزرفي، ليعود إلى الواجهة مدير المخابرات مصطفى القاظمي، مستنداً إلى وقف الحراك الشعبي الرافض له بسبب فرض الحظر في إطار مواجهة فيروس كورونا.
يذكر أنّ أغلب الدول التي وصلها فيروس كورونا المستجد وضعت قوانين صارمة للحد من تفشي الوباء، أهمها فرض حظر التجوال، والتباعد الاجتماعي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية