
رفضت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات أمس الطعون التي قدمها المدانون في قضية "تنظيم العدالة والكرامة" الإخواني الذي تصنفه أبو ظبي "إرهابيّاً"، وهذا الرفض يؤكد أنّه لا تهاون إماراتيّاً مع كافة التنظيمات المتطرفة والإرهابية، فقد راكمت الإمارات خبرة دولية في مكافحة الظاهرة العالمية، ممّا جعلها من بين أكثر الدول أماناً في العالم.
وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) بأنّ دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا قررت خلال جلستها أمس تأييد الحكم الصادر من محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية، بالإضافة إلى تأجيل النظر في الطعن المقدم من النائب العام إلى جلسة 8 نيسان (أبريل) المقبل.
وكانت محكمة أبو ظبي الاتحادية قد أدانت المتهمين في القضية، والبالغ عددهم (59) متهماً، وحكمت على (53) متهماً من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي و(6) شركات بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد، والغرامة البالغ قدرها (20) مليون درهم.
وصدرت أحكام بالسجن المؤبد على (43) متهماً بعد ثبوت تورطهم في قضية تنظيم العدالة والكرامة، وأصدر القضاء الإماراتي أحكاماً بالسجن تتراوح بين (10 و15) عاماً، وغرامات مالية كبيرة في حق عدد من المتهمين الآخرين، وفق (ميديل إيست أون لاين).
وتصنف الإمارات منذ العام 2014 جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، وفي العام 2013 حاكمت أبو ظبي (94) شخصاً من أعضاء ومؤيدي جمعية (الإصلاح) الإسلامية المحظورة المرتبطة بالجماعة.
ويواجه المتهمون في قضية تنظيم العدالة والكرامة اتهامات بتأسيس وإدارة تنظيم سري إرهابي يهدف إلى ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وتشمل التهم أيضاً جمع الأموال وتمويه مصدرها وإخفائها لصالح التنظيم، بالإضافة إلى التعاون مع تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي.
وقد كشف الموقوفون من أعضاء التنظيم تفاصيل عن هيكله ونشاطه وأدوار أعضائه في العمل على تهديد الاستقرار، وقيادة حملات التشويه وخطاب الكراهية والتشكيك في مكتسبات الدولة وبث الفتنة بين أبناء البلاد، وتمويل الإرهاب وغسل الأموال، والتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية؛ بهدف زعزعة أمن الدولة والتحريض ضد مؤسساتها الرسمية ومهاجمتها في مجال حقوق الإنسان لإضعافها وهزّ ثقة المجتمعات فيها، وإثارة الرأي العام عبر الإنترنت على صفحات إلكترونية وحسابات وهمية أنشؤوها لهذا الغرض، وفق الوكالة الإماراتية.
ووفق (العين) الإخبارية فإنّ الأحكام تُعتبر دلالات ورسائل تعكس حرص دولة الإمارات وقضائها المستقل على توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة ونزيهة ومراعاة حقوق الإنسان للمتهمين رغم خطورة جرائمهم، فقد أتاحت الدولة للمتهمين مرحلة أخرى للتقاضي، وهو ما تم بالفعل بالطعن في الحكم الصادر ضدهم في 10 تموز (يوليو) الماضي، والذي تم رفضه اليوم.
الحكم يأتي بعد نحو (6) شهور من نجاح النيابة العامة الإماراتية في الكشف عن تنظيم سري جديد خارج الإمارات، شكله الهاربون لإعادة إحياء التنظيم.
ويتوج الحكم جهود دولة الإمارات الشاملة والمتواصلة لمكافحة الإرهاب، وحرصها على نيل كل مدان الحكم العادل الرادع.
وخلال المحاكمة كفلت الإمارات للمتهمين جميع حقوقهم وضماناتهم المقررة قانوناً، ومكنتهم من اختيار محاميهم، وندبت محامياً للدفاع عن كل متهم ليس له محامٍ، واستمعت لدفاعهم ومحاميهم، واطلعت على ما قدموه من مذكرات دفاع مكتوبة، واستمعت لشهادة الشهود في جلسات علنية، وسمحت خلالها للمتهمين ومحاميهم بمناقشتهم.
وعرضت النيابة العامة في مرافعتها خلال جلسة علنية أدلة الإثبات في القضية، والتي شملت: اعترافات وإقرارات المتهمين، وتحريات وشهادة ضباط جهاز أمن الدولة، وشهادات الخبراء الفنيين وتقاريرهم الفنية، والتي توافقت جميعها في إثبات الجرائم، وارتكاب المتهمين لها، وأدوارهم فيها.
على الصعيد الأمني والقضائي، يأتي الحكم بعد نحو (6) شهور من نجاح النيابة العامة الإماراتية في آب (أغسطس) الماضي في الكشف عن تنظيم سري جديد خارج الإمارات، شكله الهاربون من أعضاء تنظيم دعوة (الإصلاح) "جماعة الإخوان" المصنف إرهابيّاً في دولة الإمارات، لإعادة إحياء التنظيم، وبهدف تحقيق أغراضه نفسها.
وتم القبض على أحد أعضاء التنظيم بالخارج، وقد تضمنت اعترافاته الكشف عن بيان هيكل التنظيم ونشاطه، وأدوار أعضائه.
وبحسب صحيفة (العرب) اللندنية فقد أظهرت نتيجة التحقيقات أنّه بالرغم من أنّ التنظيم يحمل الصفة الإماراتية إلا أنّه كشف عن كونه جزءاً من تنظيم دولي مهمته التآمر على الدول وتحريض المنتسبين إليه على بلدانهم الأصلية وربطهم بهوية الجماعة والانتماء إليها بدلاً من هوية الدولة والولاء لعلمها ورموزها، وهو ما يؤكد الاتهامات التي سبق أن وُجهت للتنظيم والأحكام التي صدرت في حق أعضائه وتصنيفه إرهابيّاً.
وفي سياق متصل بالجماعات الإرهابية في الإمارات، نشرت صحيفة (البيان) في أوقات سابقة مقالاً تؤكد فيه أنّه منذ حل جمعية (الإصلاح) التي أسسها القيادي الإخواني محمد أحمد الراشد بالإمارات عام 1994، وجماعة الإخوان تحاول باستماتة أن تعود إلى العمل على الأرض، وكسب الأتباع، وتجنيد الشباب، والعودة إلى الزمن القديم بالمحاضرات والمجلات الصادرة آنذاك، ضمن تاريخ من الصراع مع الدولة، يعرفه الإماراتيون وذاقوا ويلاته.
وبحسب الصحيفة يحاول نشطاء متحمسون العودة إلى التأسيس، لكن هذه المرة عبر "السوشال ميديا"، باحثين عن الوهج والرواج، غير أنّ الأجهزة الأمنية الإماراتية أعلنت مراراً أنّ جمعية (الإصلاح) الجديدة انتهت كسابقتها القديمة، وأنّه لم يعد لهم أيّ تأثير على أرض الواقع في دولة الإمارات.