إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس

تونس... للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة

إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس


18/04/2023

لا يخلو تاريخ حركة النهضة الإخوانية من شواهد العنف والإرهاب، كلما ابتعدت عن مربع السلطة، فقد ارتكبت جرائم كبرى في منتصف الثمانينيات تمثلت في حرق وتفجير عدد من النزل في محافظتي سوسة والمنستير، إضافة إلى استهداف الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في محاولة لاغتياله عام 1991، وإلقاء "ماء النار" على عشرات التونسيات اللاتي لا يرتدين الحجاب عام 1990.

هذا النهج العدائي، وإن تراجع نسقه أحياناً، ما يزال يطبع الحركة التي ظلّت وفيّة لجذورها كلّما اشتدّ الخناق حولها، فقد هدّد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، في تصريحات حديثة أمام أنصاره، بأنّ إبعاد حزب النهضة عن السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد.

ووفق التسريبات، حذّر رئيس البرلمان المنحل من أنّ إقصاء "الإسلام السياسي" أو اليسار، أو أيّ طرف سياسي آخر، يهدد بحرب أهلية في البلاد، مندداً بما وصفه بـ "الانقلاب" على المؤسسات الدستورية لما قبل 2021.

وكان يشير بذلك إلى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد وعزل بموجبها منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة وحلّ بموجبها البرلمان.

وقال الغنوشي: "ينبغي أن يحتد الخطاب والإدانة لكلّ من تورط في هذه الفضيحة (في إشارة إلى دعم ما يصفه بالانقلاب) الانقلابات لا يحتفى بها، الانقلابات تُرمى بالحجارة. أشد المنكرات هو الاستبداد".

ووصف رئيس حركة النهضة الرئيس التونسي قيس سعيّد بأحد رموز الثورة المضادة والنظام القديم لفترة ما قبل الثورة، وشكك بإجراء انتخابات رئاسية في 2024 بعد أن ألغى الرئيس سعيد دستور 2014.

وقد جاءت تصريحات الغنوشي في اعتصام بمقر جبهة الخلاص الوطني، وهو تجمع سياسي تشكل بعد إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، يضم أحزاباً صغيرة وشخصيات سياسية، ويُعتبر واجهة سياسية للحركة الإسلامية.

هذا النهج العدائي، وإن تراجع نسقه أحياناً، ما يزال يطبع الحركة التي ظلّت وفية لجذورها كلّما اشتدّ الخناق حولها

والغنوشي ملاحق في قضايا أخرى ذات علاقة بالإرهاب، وما يزال على ذمة التحقيقات في قضية تسفير التونسيين للقتال مع الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، ويخضع لتحقيق آخر بشبهة تبييض الأموال تتعلق بتحويلات مالية مشبوهة من الخارج لجمعية خيرية تحمل اسم (نماء تونس).

ومنذ أيار (مايو) 2022 صدر قرار قضائي يقضي بمنع الغنوشي من السفر، وتجميد حساباته المالية، مع قياديين آخرين في حركة النهضة.

واعتبر عدد من المتابعين للشأن العام في تونس أنّ الغنوشي هدد ودعا إلى العنف والحرب الأهلية، بعد حملة منظمة قادتها حركته على الدولة وقواتها المسلحة من أمن وجيش وطني، وذلك بعد ما كتبه صهر الغنوشي رفيق عبد السلام.

صهر الغنوشي يصف الجيش بالانقلابي

وقد نشر القيادي بالحركة ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام (صهر الغنوشي) تدوينة على صفحته الرسمية بموقع (فيسبوك) الأربعاء الماضي، انتقد فيها أدوار الجيش التونسي وشكّك في وطنيته، واتهم جنرالاته بعدم الحيادية والتدّخل في السياسة من خلال دعم الرئيس قيس سعيد "لإحكام قبضته على السلطة".

وقال: إنّ "حياد الجيش وابتعاده عن السياسة كذبة كبيرة"، ووصفه بـ "الانقلابي"، في موقف عرّضه وحزب النهضة لموجة انتقادات كبيرة، وأثار استياءً واسعاً لدى التونسيين، واعتُبر بمثابة إعلان حرب من الإخوان على المؤسسة العسكرية.

 تدوينة القيادي بالحركة ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام (صهر الغنوشي)على صفحته الرسمية بموقع (فيسبوك)

ردّاً على ذلك، أعلنت حركة النهضة التونسية أنّها تتبرّأ من موقف عبد السلام تجاه المؤسسة العسكرية، وذلك بعد تعرّضها لانتقادات واتهامات بالتحريض على الجيش والإساءة لأجهزة الدولة.

الغنوشي: حياد الجيش قد لا يدوم

وفي تصريحات سابقة أثارت الجدل بتونس، واعتُبرت بمثابة تحريض على المؤسسة الأمنية والعسكرية، ذكّر الغنوشي بأنّ "القوى الصلبة"، في إشارة إلى المؤسسة العسكرية والجهاز الأمني، تخضعان للدستور، لكنّه يستدرك بأنّ الحياد قد لا يطول إذا ما تحرّك الشارع التونسي.

قال الغنوشي إنّ المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس "غير مضمونتين"، محذراً السلفيين من أنّ المكاسب التي تحققت لهم منذ وصول النهضة إلى الحكم "قابلة للتراجع"

وكان مسؤولون سابقون، من بينهم الرئيس المنصف المرزوقي، قد دعوا الجيش صراحة للتدخّل ضدّ "انقلاب قيس سعيد".

الغنوشي: الجيش ليس مضموناً

تدوينة عبد السلام أعادت إلى أذهان التونسيين تصريحاً لراشد الغنوشي عام 2012، قال فيه: إنّ "الجيش ليس مضموناً، والشرطة ليست مضمونة"، معتبرين أنّ موقف صهره من الجيش، يُعبّر عن فكر حركة النهضة.

وقال الغنوشي حينها في شريط فيديو نادر: إنّ المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس "غير مضمونتين"، محذراً السلفيين في بلاده من أنّ المكاسب التي تحققت لهم منذ وصول النهضة إلى الحكم "قابلة للتراجع"، مثلما حصل مع إسلاميي الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي.

ويتضمن شريط الفيديو تسجيلاً بهاتف محمول، على ما يبدو، للقاء جمع بمقر حركة النهضة قيادات سلفية بالغنوشي.

ويرجح أنّ الغنوشي الحريص على الظهور أنيقاً في وسائل الإعلام، لم يكن على علم بالتسجيل، فقد ظهر فيه جزء من قصبة ساقه اليمنى مكشوفاً.

وقال الغنوشي في الشريط: "صحيح أنّ الفئات العلمانية في هذه البلاد لم تحصل على الأغلبية" في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011، وفازت فيها حركة النهضة، لكنّ "الإعلام والاقتصاد والإدارة التونسية بيدهم ... بيدهم الجيش، الجيش ليس مضموناً، والشرطة ليست مضمونة ... أركان الدولة ما زالت بيدهم".

في المقابل، قال الغنوشي: "الآن، ليس لنا جامع فقط، بل لدينا وزارة الشؤون الدينية... عندنا الدولة... أنا أقول للشباب السلفي... المساجد بأيدينا، ادرسوا فيها متى شئتم... استدعوا الدعاة من كل مكان... المفروض أن نملأ البلاد بالجمعيات الدينية وننشئ المدارس القرآنية في كل مكان، لأنّ الناس في تونس ما تزال جاهلة بالإسلام"، على حدّ قوله في الفيديو.

وأضاف: "نحن اكتسبنا يا إخواننا في عام واحد شيئاً عظيماً، وهذا الشيء العظيم ليس مكسباً نهائياً وثابتاً"، مذكراً بتجربة الإسلاميين الجزائريين خلال تسعينات القرن الماضي.

ارتكبت حركة النهضة جرائم كبرى في منتصف الثمانينيات، تمثلت في حرق وتفجير عدد من النزل في محافظتي سوسة والمنستير

وتساءل مخاطباً السلفيين: "هل تظنون أنّ ما تحقق لكم غير قابل للتراجع فيه؟ هكذا كنا نظن عندما كنا في الجزائر عام 1991، وظهورنا محمية بالجزائر، كنّا نظن أنّ الجزائر أقلعت ووصلت إلى نقطة اللّاعودة، لكن تبين أنّ ذلك كان تقديراً خاطئاً، فقد عدنا إلى الوراء، وأصبحت المساجد تحت سيطرة العلمانيين من جديد، وأصبح الإسلاميون مطاردين، ألا يمكن أن يحصل هذا في بلادنا؟" فأجابه الحاضرون: (نعم).

"الإرهابيون في الشعانبي كانوا يمارسون الرياضة"

ويتداول التونسيون من حين إلى آخر تصريحاً سابقاً للناطق باسم وزارة الداخلية في عهد الترويكا، حول العناصر الذين كانوا يتدربون في الشعانبي أنّهم كانوا يمارسون الرياضة، في محاولة للتغطية على انتشار عناصر إرهابية بتونس لأول مرّة خلال الأعوام الأولى من الثورة.

وقد برّر ذلك حينها رئيس الحكومة السابق والقيادي البارز في حركة النهضة علي العريض بالقول: إنّه "تصريح للتمويه لا غير، لأنّهم كانوا يريدون مماطلة هذه العناصر، كما كانت الغاية منه أن لا يعرفوا ذلك".

وقال حينها: إنّ الإعلام لا يتوانى عن تقديم جملة من المغالطات، كأن يكتفي بجزء بسيط من خطاب يدوم (30) دقيقة.

مواضيع ذات صلة:

هل يتخلى أردوغان عن الغنوشي؟

انحاز للفئات التونسية الفقيرة... ما تداعيات رفض سعيد لشروط النقد الدولي؟

"نشر الشائعات"... سلاح جديد يعتمده إخوان تونس لحماية أنفسهم



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية