عندما ابتكر العُثمانيون لقاحاً ضدّ وباء كورونا.. ما علاقة قناة الجزيرة؟

عندما ابتكر العُثمانيون لقاحاً ضدّ وباء كورونا.. ما علاقة قناة الجزيرة؟


03/02/2021

عُرف عن قناة الجزيرة القطرية، تقاريرها المُضلّلة بشكل خاص منذ ربيع العام 2011 الذي قيل حينها إنّه "ربيع عربي" فحوّلته عبر دعمها لتيارات الإسلام السياسي، وفي مُقدّمتها تنظيم الإخوان المُسلمين، ويشمل ذلك بالطبع تنظيم القاعدة ولاحقاً جبهة النصرة وداعش، إلى خراب شملَ، وما زال، العديد من الدول.
وتتنافس الجزيرة اليوم، مع وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، في الترويج لسياسات حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا، حيث لا تتوانى عن اختلاق القصص والأخبار في سبيلها نحو ذلك، بل وتعدّت ذلك نحو اختلاق إنجازات وهمية من الماضي والحاضر لتنسبها للعُثمانية البائدة، وبالتالي للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان "الوريث الشرعي لآل عثمان" كما يُحب هو أن يرى ذلك.
وفي إطار المبالغات غير المنطقية وسياسة أنّ تركيا أفضل دول العالم والجميع يحسدها، فقد وعد أردوغان مواطنيه مراراً بابتكار لقاح محلي ضدّ فيروس كورونا في أبريل (بعد أن تم اكتشاف العديد من اللقاحات العام الماضي في روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة).
وعلى الرغم من أنّ أردوغان حصل لنفسه منذ أيام على اللقاح الصيني، إلا أنّ قناة الجزيرة تجاوزت كلّ حدّ ممكن في سبيل تلميع صورة الرئيس التركي و"أجداده العُثمانيين".
اليوم، بثّت قناة الجزيرة عبر موقعها الإلكتروني تقريراً تجاوزت فيه كل ما قدّمته في وقت سابق من تضليل، إذ قالت إنّه ليس مُستغرَباً أنّ نرى الدولة العثمانية هي من اخترع وابتكر التطعيم ضدّ الأمراض بنوعيه التقليدي المتوارث والحديث المُكتشف "فأرضها هي المعبر الأول الذي انتقل منه التطعيم إلى أوروبا ثم منها إلى بقية العالم بصيغة أكثر حداثة وفعالية".

هذا ما لوحظ أيضاً في طريقة تعامل أنقرة مع توصّل زوجين ألمانيين من أصول تركية لأول لقاح مضاد لفيروس كورونا، إذ حاول الإعلام التركي الرسمي جاهداً الحصول على تصريح من أوغور شاهين، المولود في مدينة إسكندرونة السورية المحتلة، وهو أحد مُخترعي اللقاح، للإشادة دون جدوى بأردوغان وإنجازاته، وذلك على غرار اللاعب الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل الذي خسر جزءاً كبيراً من شعبيته بسبب علاقته مع الرئيس التركي.
في هذا الصدد، رأت الجزيرة أنّ "الأتراك يبدو أنهم ما زالوا -حتى اللحظة- قادرين على الإسهام الرائد في مجال التطعيمات الطبية؛ إذ يتصدر المشهدَ العالمي اليوم اثنان من حفدة العثمانيين يحملان الجنسية الألمانية، وهما البروفيسور أوغور شاهين وزوجته الدكتورة أوزليم توريتشي اللذان طوّرا أهمّ لقاح -حتى الآن- مضادّ لفيروس كورونا (كوفيد 19)".
ووفقاً لما ذكرته، فإنّ المقال المنشور، يُقدّم محاولة لتقفي رحلة التطعيم الطبي في مسارها المتعلق بالمسلمين، وخاصة في حقبة الدولة العثمانية وإسهامها في نشره بين رعاياها ونقله إلى أوروبا باعتراف الغربيين أنفسهم، كما يرصد المواقف الإسلامية والمسيحية من هذا الأسلوب الطبي الوقائي، وكيف تبنّت رفضه برلمانات ومؤسسات علمية يفترض فيها الانحياز إلى المنطق العلمي.
ونقّبت الجزيرة عن الأصول التراثية للتطعيم ودور المسلمين في تعريف الآخرين به، لتجد دون دليل أن الأتراك العثمانيين كانوا أصحاب سبق مشهود في ميدان التطعيم، بل كانوا بوابته إلى أوروبا التي انتشر عبرها تدريجيا إلى العالم كلّه، وتناست الدور العثماني في تدمير الحضارة العربية الإسلامية ونهب خيراتها والاستيلاء على علمائها.

ونقلت الجزيرة عمّن أسمتهم مؤرخين أتراك، قولهم إنّه بفضل الأتراك فقد وصل التطعيم إلى أوروبا ضمن ما نقلته عنهم من العادات الصحية والأساليب الطبية، والذين زعموا أنّ التطعيم انتقل من العاصمة العثمانية الآستانة إلى أوروبا في الثلث الأول من القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي، مع وجود رفض من الكنائس في بريطانيا وفرنسا بشكل خاص.
ورأت قناة الجزيرة أنّه "من العجب أن أوروبا -وهي في أوج عصر نهضتها العلمية- قاومت التطعيم على الطريقة التركية مقاومة شديدة في بداية تعرّفها عليه، وكانت في ذلك مدفوعةً بأسباب غريبة جدًّا دارت بين السياسي والأيديولوجيّ، وقد لخص ذلك المؤرخ التركي أوزتونا بقوله /قاومت أوروبا مدة طويلة اللقاح الذي طبقه الأتراك لعصور طويلة…، إن حدوث الاكتشاف من قبل الأتراك أوقع أوروبا في تردد طويل الأمد جدا، وأعلن الرهبان أن الذي يسمح بإجراء تطعيم له يعتبر خارجا على الدين!/".
وخلصت القناة القطرية، للقول إنّ رجال الدين المسيحيين كانوا في طليعة من ناهضوا تجارب التطعيم تلك، كما لم تكن المعارضة الأوروبية للتطعيم إنجليزية فقط، بل كان لفرنسا "عصر الأنوار" نصيبها الوافر من الريبة القوية في هذا الوافد العثماني إلى بلاد الغال والوقوف أمام زحفه. ومن العجب أن تتصدر مشهدَ معارضة التطعيم، والإنجازات العُثمانية، النخبتان العلمية والسياسية ممثَّلتيْن في جامعة باريس والبرلمان الفرنسيّ.

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية