حل جماعة الإخوان في الأردن ... هل هي النهاية؟

حل جماعة الإخوان في الأردن ... هل هي النهاية؟

حل جماعة الإخوان في الأردن ... هل هي النهاية؟


24/04/2025

في ظل التطورات والأحداث السياسية التي يشهدها العالم اليوم، ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، أعلن وزير الداخلية الأردني مازن قراية أمس الشروع في تنفيذ الحكم القضائي بحلّ جماعة الإخوان المسلمين الصادر من محكمة التمييز في حزيران (يونيو) 2020، بعد سلسلة طويلة من الجدل حول وجود الجماعة في الأردن وشرعيتها، ومدى التوترات السياسية بينها وبين الحكومة، ليخرج تنفيذ قرار حلها في تطور سياسي مفاجئ للعالم. 

وجاء قرار الحل المفاجئ حسب ما أعلن قراية: "لكشف أسلحة ومتفجرات كانت تتحرك في المدن الأردنية وتخزن داخل الأحياء السكنية، وتصنيع وإخفاء صواريخ في ضواحي العاصمة، والقيام بعمليات تدريب في الداخل والخارج، وهو ما لا تقبل به أيّ دولة"، واستمرار الجماعة وفق نشاطها الإرهابي وغير القانوني يُعرّض المجتمع لجملة من المخاطر. 

الفشل السياسي للإخوان المسلمين

بعد الانتفاضات العربية صعدت جماعة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية والاجتماعية، وأعلنت نفسها كحارسة على ضمير الأمّة وصاحبة الثورات والفكر الحر المختلف والعادل، وقدّمت نفسها في التداول السياسي كبديل إلهي عن الحكومات الإنسانية غير المؤهلة المعتدية على الحق الإلهي في الحكم، ونجحت في الصعود إلى السلطة، وكان لها تجربة قدّمت من خلالها مفهومها عن الدولة والسلطة والإدارة السياسية، فتعاملت بمنطق العشيرة والقبيلة لا بمفهوم الدولة المعاصر، وظهر هذا في تعاملاتها وخطابتها السياسية في السياق العربي الإسلامي.

وأفضت تجربة الإخوان في السلطة السياسية إلى فشل سياسي ولفظ اجتماعي لهم غير مسبوق، وقد يُنذر بنهايتها، بيد أنّ تاريخها يوضح براعتها في العمل السرّي، والاستغلال السياسي لكافة الأوضاع المتاحة. وهدأت جماعة الإخوان بعد فشلها السياسي الذريع، ثم عادت مرة أخرى تُقدّم نفسها في صورة مختلفة تبدو فيها أكثر تسامحًا مع المجتمع الذي كثيرًا ما اتهمته بالكفر وعدم الإيمان بها، واتهمته بالتخاذل عن نصرة الدين عندما فشلت سياسيًا، ولم يكن هذا لتغيير في رؤيتها وبنيتها التنظيمية بقدر ما كان أداة لإعادة بناء شعبية لها من جديد. 

وقامت عدة دول عربية بحظر جماعة الإخوان وتجريم نشاطاتها والانتماء إليها، وذلك لما تقوم به من نشاطات خارجة عن القانون، وقيامها بتشكيل كيان موازٍ للدولة يتصرف خارج الإطار القانوني الذي يحكم الدولة ومواطنيها، ويهدّد استقرار أيّ دولة، ليمثل عنصرًا خارجيًا يعمل عادة لمصالح خاصة، أو بتحالفات مع عناصر خارجية للحصول على تمويلات أو تأييد سياسي. وقد خرج فشلها السياسي من عدم استيعابها للدولة الحديثة ومقوماتها، واستمرار تعاملها بمنطق الجماعة والعشيرة، ممّا سهّل عملية لفظها اجتماعيًا بعد حصولها على السلطة.

قامت عدة دول عربية بحظر جماعة الإخوان وتجريم نشاطاتها والانتماء إليها

جماعة الإخوان المسلمين في الأردن 

في الأردن كان وضع جماعة الإخوان المسلمين غير مفهوم، إذ أنّها لم تكن جماعة مُقننة، ولديها تصريح عمل، ولكنّها تعمل تحت مظلة القانون الأردني الذي يكفل حرية تكوين الأحزاب والانتماء الاجتماعي، وكان ذراعها السياسي (حزب جبهة العمل الإسلامي) له حضور سياسي وممارسات سياسية في العملية السياسية الأردنية. ورغم الحكم القضائي بحلّ جماعة الإخوان منذ عام 2020، إلا أنّ السلطة الأردنية كانت تغضّ الطرف عن نشاطاتها، ولم تأخذ الحكومة الأردنية أيّ قرار بشأن حلّها أو تفعيل الحكم القضائي بتجريمها. 

وقد أعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية والحكومة في 15 من الشهر الجاري قيامها "بإحباط مخططات خلية لتصنيع الصواريخ تضم (16) عنصرًا، تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي"، وقالت دائرة المخابرات الأردنية إنّها كانت تقوم بمتابعة هذه المخططات منذ عام 2021، وأطلقت على هذه الخلية اسم "خلية التخريب والفوضى". 

وقال وزير الاتصال الحكومي الأردني محمد المومني: إنّ الخلية "ارتبطت بـ (4) قضايا رئيسية وفق مهام منفصلة؛ شملت تصنيع صواريخ قصيرة المدى يصل مداها بين (3- 5) كم، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، وإخفاء صاروخ مُجهّز للاستخدام، ومشروعاً لتصنيع طائرات مسيّرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعهم للتدريب بالخارج".

وأعلن مومني أنّ دائرة المخابرات الأردنية وفرسان الحق منذ عام 2021 تعقبوا هذه العمليات، وأحبطوا العديد منها، وتمّ القبض على البعض منهم، وقال: إنّ الخلية الأولى المكونة من (3) عناصر ضُبطت بين شهري حزيران (يونيو) وأيار (مايو) عام 2023، وكانت تعمل على تهريب ونقل مواد شديدة الانفجار، وأسلحة أتوماتيكية تم تهريبها كلها من الخارج، وصرّح بأنّ المتورطين ينتمون إلى جماعة غير مرخصة قانونًا في الأردن، وأنّ الرأي العام الأردني سيسمع اسم هذه الجماعة من المتهمين أنفسهم. 

وأكد المتهمون، خلال الفيديوهات المصورة لاعترافاتهم التي تمّ عرضها على التليفزيون، انتماءهم لجماعة الإخوان المسلمين، فقد أكد أنس أبو عواد انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 2010، واعترف عبد الله هشام أحمد عبد الرحمن المتهم في قضية تصنيع الصواريخ بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة منذ عام 2002 حينما كان بالمدارس والمساجد وخلال الأنشطة. وعرضت الفيديوهات (8) أشخاص اعترفوا بانتمائهم لجماعة الإخوان غير المرخصة. 

 وزير الاتصال الحكومي الأردني: محمد المومني

وأصدرت جماعة الإخوان المُنحلة قانونًا في سنة 2020 بيانًا تقول فيه: إنّ ما قام به هؤلاء الأشخاص "أعمال فردية على خلفية دعم المقاومة لا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمتّ لها بصلة." وقالت الجماعة: إنّ المرحلة تتطلب وعيًا وطنيًا صادقًا وتكاتفًا مسؤولًا بين كافة الفصائل ترسيخًا للوحدة الوطنية وتمتينًا للجبهة الداخلية. 

وقال رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي في بيان، قدّمت CNN بالعربية نسخة منه: إنّ "العبث بأمن الوطن جريمة وخيانة تستوجب أقصى العقوبات"، وإنّ اللجوء إلى "الفكر "الميليشياوي في ظل دولة قوية يُعدّ جريمة لا تُغتفر"، وطالب العديد من العناصر البرلمانية بمحاسبة المتهمين في هذه القضية، ودعت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني إلى محاسبة التنظيمات التي ينتمي إليها المتهمون في هذه القضية. 

حلّ ومصادرة أملاك الإخوان في الأردن 

وجاء إعلان حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بعد مرحلة توتر سياسي شديدة، وحظي الإعلان بشعبية كبيرة، وتضمّن الإعلان:

أوّلًا: العمل على الإنفاذ الفوري لأحكام القانون على ما يُسمّى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة باعتبارها جمعية غير مشروعة وفقًا لأحكام القانون. 

ثانيًا: حظر جميع نشاطات جماعة الإخوان المنحلة، واعتبار أيّ نشاط تقوم به تعدّيًا على القانون يوجب المساءلة القانونية. 

ثالثًا: تسريع عمل لجنة الحلّ المكلفة بمصادرة ممتلكات ما يُسمّى بجماعة الإخوان المنحلة، سواء المنقولة منها أو غير المنقولة. 

رابعّا: اعتبار الانتساب إلى ما يُسمّى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة أمراً محظورًا، كما يحظر الترويج لأفكارها تحت طائلة المساءلة القانونية. 

خامسًا: إغلاق أيّ مكاتب أو مقار تُستخدم من قبل ما يُسمّى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة في كافة أنحاء المملكة، حتى وإن كانت بالتشارك مع أيّ جهات أخرى، وتحت المساءلة القانونية. 

سادسًا: منع القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي وسائل الإعلام المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني أو أيّ جهة أخرى من التعامل أو النشر لما يُسمّى بجماعة الإخوان المنحلة، وكافة واجهاتها وأذرعها، وتحت طائلة المساءلة القانونية.

سابعًا: في ضوء ما سوف تسفر عنه تحقيقات المحكمة في القضايا المنظورة حاليًا، سيتمّ اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أيّ شخص أو جهة مرتبطة بهذه الجماعة المنحلة، أو نشاطاتها.   




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية