تمعن حكومة حزب العدالة والتنمية في تجريد الجيش التركي من صفته العلمانية، فبعد حملة التطهير المنظمة التي تعرض لها بحجة الانقلاب المزعوم ضد الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان في عام 2016، ستبدأ القوات المسلحة التركية في تجنيد ضباط الدين أو الضباط الأئمة إلى صفوفها.
وذكرت صحيفة يني أكيت المحافظة الموالية للحكومة مؤخرا أن القوات المسلحة التركية ستبدأ في تجنيد ضباط أئمة مرة أخرى، بعد أن تم حظر هذا المنصب في عام 1967.
وقالت أكيت إن الضباط الأئمة سيعملون في القوات البرية والجوية والبحرية.
ولم تكن الكمالية ضد الدين خلال تاريخ الجيش التركي الحديث، ولكن ثمة خطوطا حمراء لم يكن من المتوقع أن ينتهكها المتدينون بشكل قاطع. وقد عمل الضباط الكماليون اليمينيون بشكل جيد مع الأطراف الإسلامية حتى تحت الحكم العسكري بعد انقلاب عام 1980.
لكن الكمالية اليمينية واجهت أزمة في تسعينات القرن الماضي عندما أصبح حزب الرفاه الإسلامي أكبر الأحزاب. كان الزخم الديني في البلاد قويا إلى درجة أنه لم تكن هناك فرصة لإبقائه ضمن الهوامش التي طالب بها الضباط الكماليون اليمينيون. ونتيجة لذلك، أجبر الجيش حزب الرفاه الاجتماعي على ترك الحكومة في عام 1999، لكنه خسر خلال العملية شرعيته المحلية والدولية.
وبدأ الإسلاميون مثل الرئيس الحالي أردوغان، الذي جاء إلى السلطة رئيسا للوزراء في عام 2003، مع حلفائه في الحركة السرية لرجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، في تدمير قاعدة السلطة الكمالية داخل الجيش وشغل المناصب بموالين لهم. لكن منذ محاولة انقلاب عام 2016 التي تقول الحكومة إن أنصار غولن قاموا بها، تم طرد الآلاف من أتباع رجل الدين المنعزل من الجيش، وقام أردوغان بتغيير نظام التعليم العسكري لجعل الضباط الجدد أكثر ميلا للإسلاميين وأقل ولاء للهوية الكمالية اليمينية السابقة.
وتتابع الصحيفة أنه قد تم حظر هذا المنصب في أعقاب الانقلاب العسكري في 27 مايو 1960، ولكن تم السماح للضباط الأئمة بالمشاركة في التوغل التركي في قبرص عام 1974 للمرة الأخيرة.
وستقوم القوات المسلحة التركية بتعيين الضباط الأئمة كجزء من طلبات 2020 لضباط الخدمة الفعلية المستعان بهم والتي ستستمر حتى 10 ديسمبر.
ويتم شرح واجبات الضابط الإمام على موقع سلاح الجو على أنها “إعطاء التوجيه الروحي حتى تصل معنويات الموظفين والرعاية الاجتماعية والسعادة إلى المستوى المطلوب، والتعامل مع التعليم الديني وأنشطة العبادة والاحتفالات الدينية، وتنسيق السلطات ذات الصلة لتلبية الاحتياجات المتعلقة بأماكن العبادة وإدارة الشؤون
الدينية”.
وقامت صحيفة أكيت، بحملة من أجل عودة الضباط الأئمة لفترة طويلة وتصر على أن جميع الجيوش المتقدمة لها موقف مماثل.
ووفقا للصحيفة المحافظة كان للولايات المتحدة قساوسة منذ عام 1775، بينما ظل “منصب الضابط الديني متاحا في فرنسا العلمانية منذ عام 1905”. وهناك 1200 قسيس في الجيش الأميركي، في حين أن فرنسا لديها 419، والعديد من الدول الأوروبية لديها قساوسة تتراوح من 85 في الجيش البلجيكي إلى 700 في الجيش الإسباني.
وقالت الصحيفة إن الأئمة أزيلوا من الجيش خلال السنوات الأولى للجمهورية وأعيد النظام في عام 1948.
ونقلت صحيفة جمهوريت المعارضة اليومية عن الجنرال المتقاعد أردوغان كاراكوش قوله “إن مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك كان لديه ضباط أئمة في الجيش، تم اختيارهم من بين الأشخاص الذين أكملوا دراساتهم الأكاديمية في تخصصهم. كانوا جنودا أولا ثم ضباطا أئمة ثانيا. كان نظام أتاتورك مختلفا فقد استند إلى تمجيد روحانية الجندي من وجهة نظر تفصل بين السياسة والدين”.
وأضافت جمهوريت أنه خلال الوقت الذي كان فيه هذا الأمر قانونيا في ظل الجمهورية التركية لم يكن منصب الضابط الإمام ينشط إلا في زمن الحرب.
وتستمر حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تطبيق سياساتها المتعلقة بالجيش، وقد سبق أن نقلت وكالة الأناضول خبرا أفادت فيه بأن المحكمة الإدارية العليا في تركيا رفضت طلبا من أحد الأحزاب بتعليق قرار لوزارة الدفاع سمح للعاملات في صفوف القوات المسلحة بارتداء الحجاب خلال أدائهن الخدمة العسكرية.
عن "العرب" اللندنية