حرب تركيا المائية تدمر مناطق سورية وعراقية... ما الجديد؟

حرب تركيا المائية تدمر مناطق سورية وعراقية... ما الجديد؟


27/04/2021

تشن أنقرة حرباً على الشعب السوري مستغلة حاجته للمياه لاستمرار دوران عجلة الحياة التي تعطلت بسبب ممارسات نظام رجب طيب أردوغان، وجرائم الميليشيات الموالية له، التي تفاقم يوماً بعد يوم معاناة السوريين شمالي البلاد. 

ومع بدء درجات الحرارة في الارتفاع نسبياً في سوريا واقتراب فصل الصيف وارتفاع الطلب على المياه لري المزروعات، قامت أنقرة بتقليص مياه نهر الفرات كثيراً، ما يفاقم الأزمة لدى السكّان.

 

مع بدء درجات الحرارة في الارتفاع واقتراب فصل الصيف وارتفاع الطلب على المياه لري المزروعات، قامت أنقرة بتقليص مياه نهر الفرات

 

وحذّرت "الإدارة الذاتية" لشمال سوريا وشرقها من كارثة بيئية وإنسانية محتملة، جرّاء قيام تركيا بتخفيض واردات مياه نهر الفرات التي تتدفق إلى الجانب السوري في مناطق تخضع بالكامل لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".

وقال محمد طربوش، وهو أحد العاملين في الإدارة العامة لسدود شمال شرق سوريا: إنّ "الكارثة قادمة مع استمرار الجانب التركي بقطع واردات مياه نهر الفرات منذ يوم 27 كانون الثاني (يناير) الماضي"، مضيفاً أنّها "المرّة الأولى التي تواصل فيها أنقرة قطع مياه الفرات لمدّة تتجاوز 3 أشهر".

حذّرت "الإدارة الذاتية" لشمال سوريا وشرقها من كارثة بيئية وإنسانية محتملة

واعتبر طربوش في مقابلة مع "العربية" أنّ "قيام تركيا بمنع تدفق المياه عبر مجرى نهر الفرات إلى مناطقنا أمرٌ يخالف الاتفاقيات الدولية والأعراف الإنسانية التي لا تجيز استخدام المياه وسيلة ضغط أو سلاح مهما كانت أسباب ذلك".

وكشف أنّ "الوارد المائي لا يتعدى 200 متر مكعب في الثانية، وهي كمية لم تتغير منذ 3 أشهر"، منوّهاً إلى أنّ "انخفاض منسوب المياه في بحيرة سدّ الفرات تعدى 5 أمتار وتسبب بتقليل مساحة الخزان المائي للبحيرة".

وأوضح أنّ "الانخفاض الكبير لمنسوب مياه نهر الفرات يهدد بكارثة بيئية مع النفايات التي تلقى في النهر إلى جانب ظهور الطحالب في مياهها، بالإضافة إلى أنّ انخفاض تدفق المياه من الجانب التركي سوف يؤدي إلى تلوثها، وبالتالي نشر الأمراض، لا سيّما أنّ أغلب السكان يعتمدون على مياه الفرات للشرب دون وجود محطات لتصفيتها".

 

"الإدارة الذاتية" لشمال سوريا وشرقها تحذّر من كارثة بيئية وإنسانية محتملة، جرّاء قيام تركيا بتخفيض واردات مياه نهر الفرات

 

وتخفيض تركيا منسوب مياه نهر الفرات التي تتدفق من أراضيها يهدد الأمن الغذائي في عموم المناطق السورية التي تقع بالقرب من نهر الفرات، إضافة إلى نشر الأوبئة والأمراض.

وقال طربوش في هذا الصدد: إنّ "الأمن الغذائي في مناطقنا مهدد أيضاً، باعتبار أنّ المزارعين يعتمدون على مياه النهر في ريّ القمح"، مضيفاً أنّ "استمرار أنقرة بقطع المياه سيؤدي أيضاً إلى أزمة في إنتاج الطاقة الكهربائية".

وكانت إدارة السدود في شمال سوريا وشرقها قد أعلنت أنّ الوارد المائي لنهر الفرات من طرف تركيا بلغ أقلّ من ربع الكمية المتّفق عليها دولياً، وأنّ الانخفاض الكبير في منسوب مياه السدود أثّر في الكهرباء التي تغذّي مناطق الجزيرة السورية التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال سورية وشرقها.

وصرّح رئيس دائرة العمليات في سدّ تشرين (الذي يقع على نهر الفرات قرب كوباني) المهندس جهاد بيرم لـ"إندبندنت عربية" بأنّ "منسوب سد تشرين وسد الفرات انخفض حوالي 3 أمتار، وأنّ حصة سوريا بحسب آخر اتفاقية بينها وبين تركيا هي 500 متر مكعب في الثانية".

 الوارد المائي لنهر الفرات من طرف تركيا بلغ أقلّ من ربع الكمية المتّفق عليها دولياً

وأشار إلى أنّ "وارد مياه النهر منذ أواسط نيسان (أبريل) الماضي انخفض إلى ربع الكمية المتّفق عليها، مضيفاً أنّ ساعات تشغيل توليد الكهرباء في السدّ انخفضت وجرى تحديدها من الساعة الـ2 ظهراً حتى منتصف الليل، وأنّ استمرار انخفاض منسوب المياه ينذر بكارثة إنسانية، لا سيّما أنّ "سقاية الأراضي الزراعية على جانبَيْ النهر ومياه الشرب لسكان المناطق المجاورة تحتاج إلى ما بين 160 و200 متر مكعب/ الثانية".

الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد اتهمت تركيا باستخدم "الوسائل كلها للتضييق على سكان مناطق الإدارة الذاتية"، مضيفة أنّ أنقرة قطعت مياه الشرب من محطة علوك عمّا يزيد على نصف مليون إنسان في مدينة الحسكة.

ونوّهت أحمد إلى أنّ تركيا قطعت مياه نهر الفرات بعدما بنت السدود عليه، و"أنها تعرّض حياة نحو 5 ملايين نسمة من السوريين للخطر".

واعتبرت القيادية الكردية البارزة أنّ هذا العمل التركي خرق للقوانين الدولية، وأنه "لا بدّ من التدخل لتصحيح هذا الوضع".

 

محمد طربوش: الوارد المائي لا يتعدى 200 متر مكعب في الثانية، وهي كمية لم تتغير منذ 3 أشهر

 

بدوره اعتبر الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، في تصريح نقلته "روسيا اليوم"، أنّ "تركيا اليوم في أفضل حالاتها من حيث التحكم في الإقليم والمنطقة، خاصة في سوريا والعراق بسبب الضعف في هاتين الدولتين".

وأضاف أنّ لتركيا "مشكلة مع الأكراد في المنطقة، وبالتالي فهي تحاول أن تحاصر كل النجاحات التي تتم في شمال وشرق سوريا على الأقل، حيث يوجد مشروع يمكن أن يتطور ليصبح قاعدة لبناء سوريا الجديدة".

ويرى درار أنّ تركيا "تتحكم بجزء كبير من الأرض السورية، ترفع عليها أعلامها وتدرّس لغتها، وأيضاً يتم التداول بنقودها، وأنّ هذا الأمر الجديد، أي أمر المياه، هو جزء من محاولة الضغط على المنطقة للمزيد من المكاسب".

وحول الأضرار التي يسببها استخدام تركيا للمياه كسلاح، يقول درار: إنها "كبيرة، سواء في الجفاف الذي يمكن أن يحصل في المنطقة، أو في التهجير الذي يمكن أن يتم بسبب عدم إمكانية العيش بسبب نقص المياه"، مضيفاً أنّ "هناك محاولة لمقايضة النفط بالماء ويمكن لتركيا أن تفعل ذلك، وهي تطلبه علانية".

ويضيف الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية أنه لا توجد قدرة لدى دمشق -   وهو حال بغداد أيضاً- على مواجهة تركيا، كما كان يحصل في فترات القوة لهذين البلدين، وضعف كل من دمشق وبغداد "يجعلهما ينتظران مصيرهما حسبما تقرره الدول الكبرى ودول الإقليم المتحكمة: إيران وتركيا".

وتعمل تركيا منذ أعوام على تخفيض منسوب مياه نهري الفرات ودجلة إلى سوريا والعراق المجاور، لكنّ نهر الفرات الذي يمرّ في الأراضي السورية تحوّل إلى مجرى صغير مع انتهاء أنقرة العام الماضي من بناء سد ضخم يقع بالقرب من الحدود السورية ـ العراقية.

 

درار: تركيا تتحكم بجزء كبير من الأرض السورية، وموضوع المياه هو جزء من محاولة الضغط على المنطقة للمزيد من المكاسب

 

 وتظهر الصور والفيديوهات الملتقطة حديثاً، التي بثتها وكالة أنباء "هاوار" الكردية السورية، تلوث مياه الفرات على كلتا ضفتيه ضمن الأراضي السورية.

هذا، وتتحكم تركيا بكميات المياه التي تنبع من أراضيها، من خلال عدد من السدود أكبرها سد أتاتورك على الفرات الذي يُعدّ ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط، وأحدثها هو سد إليسو الذي تم افتتاحه في العام 2018، على نهر دجلة، وذكرت تقارير إعلامية أنّ بناء السد أدى إلى انخفاض حصة العراق من مياه النهر بنسبة 60%.

وتسبّب سد أتاتورك بتراجع حصة السوريين من مياه الفرات إلى مستويات غير مسبوقة وتنذر بالأسوأ، فقد تراجعت إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها دولياً.

وإلى جانب قطع مياه نهر الفرات، تعمّدت جماعات مسلّحة سورية موالية لأنقرة قطع مياه الشرب عن كامل محافظة الحسكة السورية، بعد سيطرتها رفقة الجيش التركي على بلدة تقع بالقرب منها محطة مياه في ريف مدينة رأس العين.

وبحسب وثيقة أرسلتها وزارة خارجية النظام السوري في دمشق إلى الأمم المتحدة ومنظمات دولية، منها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإنّ أنقرة والجماعات السورية المتحالفة معها عطّلت محطة مياه علوك الواقعة في ريف مدينة رأس العين أكثر من 23 مرّة خلال آخر عامين ونصف العام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية