ترجمة: محمد الدخاخني
إنّ موجة التّمرّد الشّعبيّ الّتي اندلعت في الأوّل من آذار (مارس) 2019، في شكل احتجاجات مليونيّة عبر البلاد، غيّرت دون شكّ الوضع السّياسيّ في الجزائر. ومع ذلك، إذا كان ثمّة تغيير على مستوى الوعي، فإنّ توازن القوى الأساسي لم يتحرّك بعد.
وكان المطلب الأساسيّ الّذي انطلقت منه هذه الموجة البشريّة هو معارضة حملة الرّئيس الحاليّ، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة في كرسي الرّئاسة، خاصّة في ظلّ الاعتلال الواضح لصحّته. ومن جانبه، ألغى بوتفليقة، خططه لخوض الانتخابات مجدّداً في 18 نيسان (أبريل) 2019، كما قام بتأجيل الانتخابات الرّئاسيّة المزمعة.
اقرأ أيضاً: إعلان شغور منصب الرئيس.. طوق نجاة للمقربين من بوتفليقة أم حل للأزمة؟
وقد انطلقت الاحتجاجات من معارضةٍ أخلاقيّةٍ لنظامٍ تخبّأ طويلاً وراء عُمر بوتفليقة ومرضه. وباستخدام السّجل الأخلاقيّ نفسه، أعرب المتظاهرون عن رفضهم لنظام "الّلصوص والفَسْدى"، مطالبين بإسقاطه على الفور.
ومع ذلك، فإنّ قوّة هذه الحركة الممتدّة في جميع أنحاء البلاد قد أخذت بالفعل تمرّدها إلى ما وراء الرّفض البسيط لمحاولة بوتفليقة الحصول على ولاية خامسة. لقد أصبح التّمرّد ضدّ الرّئيس، الّذي يحكم البلاد منذ عام 1999، دعوة إلى تغيير سياسيّ واجتماعيّ أعمق بكثير.
رئيسٌ مريض
هذه الحركة لم تسقط من السّماء ولم تنطلق من العفويّة فقط: في الواقع، استمرّت الاحتجاجات الثّقافيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة طوال حكم بوتفليقة الّذي دام عقدين من الزّمن. وقد أثار الإعلان عن اعتزام الرّئيس المريض التّرشح مجدّداً في انتخابات نيسان (أبريل) تمرّداً وصل إلى ذروته في 3 آذار (مارس)، وهو اليوم الّذي أعلن فيه إغلاق قائمة المرشّحين.
على المستوى التّنظيميّ، اتّخذت الحركة الاحتجاجية في الجزائر شكلاً مشابهاً لـ"السّترات الصّفراء" في فرنسا
ومن الواضح أنّ مسألة الاتّجاه الّذي ستتّخذه الأحداث في المستقبل القريب تعتمد على نتيجة الانتخابات. لكن في التّحليل الأخير، يعتمد تطوّر الحركة على مستوى تنظيمها، ونوع القيادة الّتي ستفرزها، والوزن النّسبيّ لمختلف القوى الاجتماعيّة والسّياسيّة المعنيّة. وسيتمّ تحديد ذلك كلّه من خلال صراعات شرسة على كلّ من شعارات الحركة ومطالبها الفوريّة - وهي معركة بدأت بالفعل في الظّهور على السّطح.
على المستوى التّنظيميّ، اتّخذت الحركة شكلاً مشابهاً لـ"السّترات الصّفراء" في فرنسا. فبعد دعوات مجهولة المصدر على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، اندلعت الاحتجاجات في 22 شباط (فبراير) الماضي. ثمّ انتشرت على يد الطّلاب على مدار الأسبوع التّالي، وذلك قبل التّظاهرات الضّخمة الّتي شارك فيها أكثر من مليون شخص يوم الجمعة الموافق 1 آذار (مارس). كذلك، ليس للحركة قيادة. وترفض كلّ تدخّل سياسيّ رسميّ. ومع ذلك فإنّها منظّمة ومنضبطة بشكل رائع.
ومن النّاحية الاجتماعيّة، فإنّها حركة شعبيّة، بمعنى أنّها تتكوّن من أشخاص من كلّ الأعمار والفئات الاجتماعيّة. ومع ذلك، من المهمّ الإشارة إلى الحضور القويّ للشّباب، خاصّة شباب الطّبقات العاملة - وبشكل رئيس طلّاب المدارس الثّانويّة، الّذين أضفوا حالة من التّناغم بين المسيرات وهتافات مدرّجات كرّة القدم. ويوجد أيضاً ما يمكن أن نسمّيه "الطّبقة الوسطى"، وفي هذه الفئة نجد بشكل خاصّ وجوداً قويّاً للنّساء.
اقرأ أيضاً: الجزائر: الدائرة تضيق حول بوتفليقة.. ما الجديد؟
ومن الواضح أنّ وجود العمّال الصّناعيّين قويّ للغاية أيضاً، ولكن ليس كجزءٍ متميّز من الاحتجاجات. فهم عنصر اجتماعيّ ضمن الاحتجاجات، وليسوا قوّة اجتماعيّة مميّزة فيها. كما أنّ الشّعارات الاجتماعيّة والاقتصاديّة غائبة في الوقت الحاليّ. ولم تكن هناك استجابة تُذكر لنداء البعض بالإضراب العام في الأوّل من آذار (مارس)، (إضراب عام لمدّة خمسة أيّام بدأ يوم الأحد الموافق 11 آذار/مارس). لكن، في بوتقة الانصهار الاجتماعيّ هذه، هناك اندماج ووئام بين المتظاهرين - وكما يقولون، "الجميع ضدّ الحكومة غير الأخلاقيّة والسّارقة والفاسدة".
أزمة النّظام
على المستوى الرّسميّ، النّظام الحاليّ متورّط في أزمة سياسيّة. فالنّظام البرلمانيّ المهيمن عبارة عن ائتلافٍ يضمّ أربعة أحزاب: أكبر حزبين، وهما جبهة التّحرير الوطنيّ والتّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ، ومجموعتين أصغر بكثير، وهما الحركة الشّعبيّة الجزائريّة وتجمّع أمل الجزائر. ويُنظر على نطاق واسع إلى هذا التّحالف على أنّه مندمج مع الجيش والشّرطة وأكبر نقابة عماليّة في البلاد، الاتّحاد العام للعمّال الجزائريين، ومنتدى قادة الأعمال.
اقرأ أيضاً: هذا ما قام به بوتفليقة بعد إعلان تخلّيه الترشح لولاية خامسة
وكانت هناك أزمة كامِنة لبعض الوقت، كما يتّضح من الهجمات وعمليّات تصفية الحسابات داخل المؤسّسات نفسها: الاستبدال المشكوك في دستوريّته لرئيس الجمعيّة الوطنيّة الشّعبيّة (مجلس النّواب) في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي؛ "بوابة الكواكيين"، وضبط سبعمائة كيلوغرام من الكوكايين في أيّار (مايو) 2018، وما تبعه من عزل بوتفليقة لـ"أعلى مسؤول أمنيّ في البلاد"، الّلواء عبد الغني هامل؛ التّنازعات بين الجيش والشّرطة.
والمعارضة البرلمانيّة ضدّ الائتلاف الحاكم هي في حدّ ذاتها ليبراليّة، أو حتّى ما يسمّى بـ"الّليبراليّة المُغالية". وليس لهذا الفصيل الأخير أيّ حضور برلمانيّ قويّ، بالرّغم من أنّه يشمل أولغاركيّين من أمثال الملياردير يسعد ربراب، ومجموعات إعلاميّة مختلفة، وبعض الأحزاب منخفضة الوزن، وكذلك مرشّح حاليّ للرّئاسة هو الجنرال المتقاعد عليّ غديريّ.
اقرأ أيضاً: بعد عودة بوتفليقة.. ماذا سيحدث في الجزائر؟
هذا التّناقض السّياسيّ يأخذ شكل حجج حول الإصلاح الدّستوريّ الّذي يجب أن يُتّبع بعد بوتفليقة. وقد اقترح الائتلاف الحاليّ "مؤتمراً شاملاً" بعد انتخابات 18 نيسان (أبريل). ومع إعادة انتخاب بوتفليقة، سيسيطر على اتّجاه هذا "الإصلاح". وإدراكاً منها للفخّ، فإنّ المعارضة الّليبرالية المنقسمة قد طالبت بإجراء انتخابات دون بوتفليقة. وهم يعتقدون أنّ هذا سيسمح بإضعاف الائتلاف الرّئاسيّ الّذي ضربته الأزمة - ومن هنا الخلاف حول سعيه إلى "ولاية خامسة".
قوّة جديدة
ومع ذلك، فإنّ ما كان لفترة طويلة أزمة كامِنة قد خرج الآن إلى العلن. وهذا مردّه إلى تدخّل لاعب ثالث في المعادلة ألا وهو الطّبقات الشّعبيّة.
إنّ طرح هذا الوضع ضمن الخيار بين الثّورة والإصلاح لَهو نهجٌ شكليّ يعتمد على رؤية ثابتة، بل ومدرسيّة، للتّاريخ. فالانقسامات السّياسيّة لا يمكن إعلانها ولا يمكن حلّها بشكل بَعْديّ. فلا وجود لـ"حدث عظيم". وفي الوقت الحاليّ، تتفتّح الأزمة في شكل مطالب فوريّة مرتبطة بنتائج الانتخابات الرّئاسيّة. وستكون النّتيجة بالتّأكيد ثمرةً للنّضالات، بكلّ حصّتها من الصّدف والاحتمالات. وتتمحور النّتائج المحتملة حول ثلاث فرضيّات رئيسة:
من النّاحية الاجتماعيّة، اتسمت الاحتجاجات بأنها شعبيّة، فهي تتكوّن من أشخاص من كلّ الأعمار والفئات الاجتماعيّة
1. اختيار الائتلاف الرّئاسيّ للمواجهة والإبقاء على بوتفليقة كمرشّح له. وهذا يعني عدم إجراء الانتخابات؛ في الواقع، كيف يمكنهم ذلك، بالنّظر إلى توازن القوى الجديد الّذي يفرضه الشّارع؟ ستشمل هذه النّتيجة تدخّل الجيش، من أجل فرض حالة استثناءٍ تسمح بتنظيم "عمليّة الانتقال". ويمكن لهذا الحلّ أن يحصل بسهولة على موافقة واسعة، حتّى بين الجماهير، بالنّظر إلى المستوى الحاليّ للوعي والتّنظيم.
2. استقالة (أو انسحاب) بوتفليقة قبل الانتخابات. وسيؤدّي هذا إلى خلق "فراغ قانونيّ"، وإلغاء الانتخابات فعليّاً. وبالتّالي ستتأخّر، حتّى بدون تدخّل الجيش.
3. هناك إمكانيّة للتّحرك في اتّجاه عمليّة انتقال عن طريق التّفاوض عبر مؤتمر وطنيّ حول الإصلاح الدّستوريّ، قبل التّحرك نحو انتخابات جديدة.
لكن الوقت ينفد. فالجماهير تضغط في الشّارع؛ وفي هذه الّظروف، يُسرِع التّاريخ من خطواته. وفي الوقت الحاليّ، تتركّز القضيّة في حربٍ بين مطالب المحتجّين. فشعار "ضدّ الولاية الخامسة" يهدف إلى إضعاف الائتلاف الرّئاسيّ، والرّغبة في إزالته بالكامل. وشعار "إصلاح الدّستور" (بعد الانتخابات أو قبلها) يتطلّع إلى تنظيم انتقال سلس تحت قيادة النّظام الحاليّ. وبالنّسبة إلى الدّعوة إلى "جمعيّة تأسيسيّة"، فإنّ هذا الشّعار له وظيفة إبقاء الخرق مفتوحاً ومنع الإجماع التّام بين الّليبراليين الّذين تُستبعَد منهم الأصوات المتنافرة.
اقرأ أيضاً: الجزائريون يردّون على رسالة بوتفليقة وحزبه
وعلى كلّ حال، كان هناك تردّد بين القوى السّياسيّة الّتي طالبت تقليديّاً بجمعيّة تأسيسيّة. وإذا كانت هذه القوى قد حطّت لفترة طويلة من قدر هذا الشّعار الوجيه - ووضعته في المقدّمة في وقتٍ كانت فيه الرّهانات منخفضة -، فيبدو اليوم أنّها قد تخلّت عنه أو، على الأقلّ، صمتت الآن بعد رفع الرّهانات. هذا، وهرعت بعض الجماعات الّليبراليّة لتطوير موقفٍ من شأنه أن "يوحّد جميع الجزائريّين"، في حين تعهّدت مجموعات أخرى بدعمٍ حاسمٍ لبوتفليقة. وكلا الفريقين محاصر الآن بهذه المواقف، حيث يتمّ تشكيل إجماع جديد بدونهما.
والمجموعات السّياسيّة الّتي قرّرت عدم المشاركة في الانتخابات لأنّ "الشّروط غير موجودة للمشاركة بطريقة شفّافة" تُركت على الهامش. لكن أولئك الّذين يوجّهون النّداءات لتكوين لجان شعبيّة في أحياء [الطّبقة العاملة] والبلديّات والجامعات من أجل الإعداد لجمعيّة تأسيسيّة، ما يزالون محاصرين في نمط شكليّ مجرّد. فبالرّغم من أنّ نجاح هذه الجمعيّة التّأسيسيّة يتطلّب بالفعل وجود لجان شعبيّة، وما ينتج عنها من قوّة مضادّة، فإنّه من الضروري أيضاً ضمان طابعها الدّيمقراطيّ والتّقدميّ، من أجل تجنّب مصير مثل إيران الخمينيّ.
اقرأ أيضاً: ماذا وراء قرارات بوتفليقة الأخيرة؟
وعندما يُسرع التّاريخ، تقوم الجماهير ببناء هياكلها التّمثيليّة الخاصّة حسب إيقاعها. وتستطيع المنظّمات السّياسيّة تسريع هذه العمليّة، من خلال رفع صوتها. ومع ذلك، فإنّ أولئك الّذين يدعون فقط إلى استقالة بوتفليقة يشيرون في الواقع إلى تأجيل الانتخابات، وهو ما يناسب النّظام ليس إلّا.
ولم يتمّ النّظر أوّلاً إلى مرض المرشّح الرّئيس للنّظام أو نزول الجماهير إلى الشّوارع. فهم ليسوا جزءاً من بعض أشكال التّقويم التّاريخيّ - في الواقع، كان هذا هو الحال أيضاً في التّمرّدات الثّوريّة الّتي وقعت في القرن العشرين! لكن إذا ما تطوّرت ديناميكيّة ديمقراطيّة ذات مغزى، فمن الضّروريّ اغتنام الفرصة للحفاظ على الخرق مفتوحاً، قبل أن ينجح النّيوليبراليّين في رتقه.
الخطّة "ب"
على مستوى آخر من التّحليل، يبرز مرشّح رئاسي معيّن: عليّ غديريّ، وهو جنديّ متقاعد، يظهر ضمن الخطّة "ب". وهو بالتّأكيد قادم متأخّر إلى مكان الحادث، لكن ظهوره يسمح لنا باكتشاف مخطّط قد يكون موضع عمل الآن.
يبدو أنّ غديريّ يمثّل جزءاً من عمليّة الإفساد العسكريّ للمعركة. وهذا تمرّد يحصل وراء الكواليس، لكنها كواليس شبه عائليّة: أكبر من حاشية الرّئيس التّونسيّ السّابق بن علي، وحتّى عشيرة الأسد، الأسرة الحاكمة في سوريا. إنّها مجموعة برجوازيّة-بيروقراطيّة لديها شريحة ضخمة من الزّبائن. وهي راسخة بين السّكان أكثر من البيروقراطيّة المصريّة، وأقلّ نخبويّة من العائلة المالكة المغربيّة، ويصعب التّحكّم فيها أو التّلاعب بها.
من المهمّ الإشارة إلى الحضور القويّ للشّباب، خاصّة من الطّبقات العاملة، فضلاً عن الحضور النسائي
ومهما كانت هذه الخطط، فقد انفتح خرق في النّظام الحاكم. وهذا يمكن أن يفيد الفصيل الأكثر مهارة من النّاحية التّكتيكيّة داخل الائتلاف الحاكم والمعارضة الّليبراليّة. ولهذا يجب أن نراقب تحركّات غديريّ عن كثب.
وفي الوقت الحاليّ، لم يسع النّظام إلى مواجهة مباشرة؛ إذ يمكنه بسهولة نشر قاعدته، زبائنه، في الشّوارع. وحقيقة أنّه لم يفعل ذلك بعد تعني فقط أنّ المناقشات ما تزال مستمرّة.
لكن الحركة نفسها تنمو، وتتجاوز "المُبادِرين"، إذا كان هؤلاء موجودين بالفعل (وهذه إشارة إلى الادّعاء القائل بأنّ الاحتجاجات كانت مدبّرة بواسطة جزءٍ من السّلطة، من النّظام). ويتزايد الضّغط الّذي تفرضه التّظاهرات على هذه المناقشات. فالمعركة بأكملها يجب خوضها بين خيار "الإصلاحات" (ومن الّذي سينظّمها)، ومن ناحية أخرى، إمكانيّة تكوين جمعيّة تأسيسيّة (و، بالطّبع، مسألة من سينظّمها).
وبالنّظر إلى المستوى الإقليميّ والجغرافيّ-السياسيّ، هل يمكننا رؤية هذا التّمرّد كجزءٍ من العمليّة الّتي بدأت في تونس، كجزءٍ من الثّورات العربيّة؟ أم يجب أن نرى هذه الّلحظة بوصفها أزمة أوسع للرّأسماليّة؟
لا شكّ أنّ التّمرد قد يفجّر موجات من الصّدمة لجيران الجزائر: بالنّسبة إلى تونس، حيث ما يزال الخرق الّذي شقّته ثورة 2011 مفتوحاً، وبالنّسبة إلى المغرب، حيث فتح تمرّد الرّيف خرقاً آخر. والمؤامرات الّتي يجري الحديث عنها اليوم لا تحصل فقط وراء كواليس النّظام الجزائريّ. ناهيك عن الأزمة الاجتماعيّة والاقتصاديّة البنيويّة الّتي تتطلّب آثارها استجابةً.
اليوم، توجد كرامة أعيد اكتشافها بين الجزائريّين. إنّهم يشعرون بفرحة القدرة، مجدّداً، على التّفكير في مستقبل مثمر، والاستعداد لصراعات قادمة في الطّريق. ولا يمكننا سوى أن نأمل في ألّا تُقاد البلاد ثانيةً إلى الهاوية.
المصدر: جاكوبين