صعّد "تيار الدوحة" داخل الحكومة اليمنية من هجماته الإعلامية والسياسية على التحالف العربي الذي تقوده السعودية، مُتهماً إيّاه بفرض وصاية على القرار اليمني.
تزامن ذلك مع تحركات مريبة للميليشيات الإخوانية في محافظتي تعز وشبوة بهدف فرض سيطرتها على المحافظتين وتعزيز نفوذ المشروع التركي القطري في اليمن.
وأبلغت مصادر مطلعة صحيفة "عرب ويكلي" اللندنية، أن هذا التصعيد مرتبط بالجهود التي يبذلها التحالف العربي بقيادة السعودية لتصحيح مسار معسكر الحكومة المُعترف بها دوليًا، وذلك من خلال السعي إلى الإصلاح المؤسسي والعمل على إنشاء حكومة جديدة وفق أحكام اتفاقية الرياض الموقعة بالعاصمة السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019.
ووفقًا لهذه المصادر نفسها ، فإنّ "تيار الدوحة" يخشى من نجاح المشاورات التي ترعاها الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي، لأن هذا النجاح يعني فرض معادلة جديدة تنهي تأثير التيار المناهض للتحالف في الحكومة اليمنية، وبالتالي توجيه طاقات "الحكومة الجديدة" لمواجهة ميليشيات الحوثي.
وبحسب مصادر "عرب ويكلي"، فإنّ الحكومة السعودية ترعى منذ أيام حوارًا واسعًا في الرياض، بمشاركة جميع القوى والمكونات في المعسكر المناهض للحوثيين، بمن فيهم أعضاء رئاسة مجلس النواب، وممثلين عن الهيئة الاستشارية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وكبار الشخصيات في المجلس الانتقالي وممثلي التحالف العربي.
والهدف من هذه المحادثات هو اعتماد خارطة طريق لتنفيذ اتفاق الرياض والبدء فعليًا في تنفيذ المحور السياسي منها، ولا سيما الأولوية القصوى لتعيين حكام جدد ومديرين أمنيين للمحافظات الجنوبية وتعيين رئيس وأعضاء الحكومة القادمة.
وفي محاولة وصفها المراقبون بأنها تهدف إلى إحباط جهود التحالف العربي في هذا السياق، توقع الساسة اليمنيون المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين و "تيار الدوحة" اقتراب التوافق في الرياض بشأن الحكومة اليمنية المقبلة، مُتهمين التحالف العربي بفرض الوصاية على القرار اليمني، وبالتالي إعلان فشل الحكومة المقبلة.
عبد العزيز الجباري، نائب رئيس مجلس النواب اليمني ووكيل الدوحة المعروف، قال في تغريدة في تويتر إنّ "المصلحة الوطنية تتطلب تكليف شخصية وطنية من منطقة حضرموت بتشكيل حكومة جديدة".
وأضاف الجباري أن "فرض شخصية من قبل غير يمني يعني أن معسكر الشرعية بكافة مكوناته أصبح عاجزاً ويجب على الشعب اليمني أن يدرك هذه الحقيقة".
ومرددا نفس الآراء، هاجم علي أشعل، عضو البرلمان اليمني عن حزب الإصلاح الإسلامي، الحكومة المقبلة، واصفا إياها بأنها "كذبة كبيرة".
وكتب على تويتر أن "اليمنيين سيحصدون فقط خيبات الأمل من حكومة" الشركاء المتخاصمين "في غياب هدف ومسار موحد". وأضاف: "نحن نركب زورقا وكل واحد منا يجدف في اتجاه مختلف. لذلك لا أعتقد أن هذا سيكون قارب نجاة ولكنه قارب للموت وإفساد الحياة ".
وبالتزامن مع التصعيد السياسي والإعلامي بقيادة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين داخل معسكر "الشرعية"، هناك حملة تدعمها قطر، تتحرك في محافظتي شبوة وتعز. وبحسب مصادر متعددة، فقد كانت هناك تحركات مشبوهة لميليشيات مسلحة معروفة بتمويلها من قبل قطر من أجل إرباك المشهد اليمني وإحباط جهود التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض ومعالجة أوجه القصور السياسية والعسكرية داخل "الشرعية".
في شبوة، يواصل وزير النقل السابق صالح الجبواني فتح معسكرات التجنيد والتدريب للميليشيات المناهضة للعرب والموالية لتركيا وقطر، بحسب تقارير شهود من مصادر محلية في مدينة عتق، حيث تمّ افتتاح المخيمات الأولى للجبواني بالتزامن مع نشاطات مماثلة من قبل ميليشيات الإخوان في محافظة تعز بقيادة حمود سعيد المخلافي.
كما أكدت مصادر سياسية مطلعة في تعز أن الإخوان اتخذوا قرارًا بإكمال سيطرتهم على المحافظة ونشر الميليشيات في منطقة الحجرية جنوب تعز، حيث هاجمت ميليشيات المخلافي القوات البرية التابعة للواء المدرع 35 واغتيال قائده العميد عدنان الحمادي بتهمة التعاون التحالف العربي ورفض تمديد المشروع التركي القطري في المحافظة.
وأوضحت المصادر أن هذا الانتشار العسكري في جنوب تعز يهدف إلى فتح خرق في محافظتي لحج وعدن والساحل الغربي وفتح جبهات معارك تستهدف قوات المقاومة الجنوبية وقوات المقاومة اليمنية المشتركة. وفي هذه الأثناء ، لا يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء كبيرة من مدينة تعز، وسط المحافظة، في ضوء هدنة غير معلنة بينهم وبين الإخوان المسلمين في المنطقة.
تزامن الانتشار العسكري، الذي تم دون موافقة محافظ تعز نبيل شمسان، مع تظاهرات لجماعة الإخوان المسلمين في تعز لمهاجمة التحالف العربي ورفع شعارات تطالب بالتدخل التركي في اليمن.
وحذرت أطراف يمنية بمحافظة تعز، في بيان لها منذ أيام، من تداعيات الأحداث الجارية في مدينة طربة، حيث رفض قائد الشرطة العسكرية تنفيذ توجيهات المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية بسحب الحملة العسكرية. من المدينة.
واستنكر البيان الذي وقعته المنظمة الناصرية والحزب الاشتراكي وحزب البعث "هذه الأعمال التي ستؤجج الوضع"، مشيرا إلى أن "ما يستحق الشجب هو تكرار عصيان توجيهات المحافظ"، وذلك رغم أن الأحزاب السياسية وقعت قبل عام على اتفاق يتضمن احترام قرارات السلطة المحلية ويؤكد أن المحافظ هو مصدر القرار للأجهزة المدنية والأمنية والعسكرية.
ووصف البيان "استمرار الحشد العسكري في اتجاه مدينة طربة بالتزامن مع التحريض الإعلامي المنهجي" بأنه "يعمق حالة الفوضى ويقوض عوامل الثقة بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية في تعز، وتأجيج صراعات سخيفة لن تخدم سوى ميليشيات الانقلاب".
ويحذر المراقبون من استمرار تجاهل النفوذ القطري، وخلفه الأجندة التركية في المناطق المحررة من اليمن، والتي تستخدم عناصر مؤيدة للدوحة في معسكر "الشرعية" تعمل على تحويل بعض المحافظات المحررة إلى مناطق معادية للتحالف العربي، وذلك من خلال الترويج لشعارات سياسية تصف التحالف بأنه قوة احتلال، في الوقت الذي تستعد فيه لتدخل تركي وتشكيل ميليشيات غير موالية للحكومة الشرعية.
وأكدوا أن المشروع التركي القطري في اليمن وجد بيئة مناسبة في محافظة تعز التي يُهيمن عليها الإخوان المسلمون، في الوقت الذي تقاوم فيه القبائل اليمنية هذا المشروع في محافظة مأرب، بينما يتقدم ببطء في محافظة شبوة، والتي تُعلق عليها جماعة الإخوان آمالا كبيرة بسبب أهمية موقعها الجغرافي على بحر العرب.
عن "أحوال التركية"