تونس: هل تدخل معركة قيس سعيد ضد القضاء مرحلتها الحاسمة؟

تونس: هل تدخل معركة قيس سعيد ضد القضاء مرحلتها الحاسمة؟

تونس: هل تدخل معركة قيس سعيد ضد القضاء مرحلتها الحاسمة؟


29/12/2022

بإجراء الانتخابات التشريعية؛ انتهت تونس من خطوات خارطة الطريق السياسية التي رسمها مسار 25 تموز (يوليو)، ومن المقرر أن تبدأ مرحلة سياسية جديدة في البلاد بعد إقرار دستور جديد بدلاً من الدستور الذي وضعته حركة النهضة الإخوانية، مع إدخال تعديلات على المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية لتحصين البلاد من الاختراقات الإخوانية، التي عطلت الكثير من القضايا المتعلقة بالإرهاب والفساد المالي والاغتيالات السياسية التي تطال عناصرهم.

انطلاقاً من هذه المرحلة الجديدة، طلب القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس من المجلس الأعلى للقضاء رفع الحصانة عن (13) قاضياً معزولاً للتحقيق معهم في شبهات تورطهم في جرائم ذات صبغة إرهابية.

 المتحدث باسم هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين العياشي الهمامي

قضاة إلى قفص الإرهاب

وقرر المجلس الأعلى للقضاء في تونس استدعاء القضاة الـ (13) للمثول أمامه يوم 24 كانون الثاني (يناير) المقبل، وقال المتحدث باسم هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين العياشي الهمامي في تصريح لموقع إخباري محلي: إنّ "المجلس الأعلى للقضاء سينظر يوم 24 كانون الثاني (يناير) في مطالب لرفع الحصانة عن (13) قاضياً".

إدخال تعديلات على المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية؛ لتحصين البلاد من الاختراقات الإخوانية التي عطلت الكثير من القضايا المتعلقة بالإرهاب

وأوضح الهمامي أنّ "القضاة الـ (13) تعلقت بهم قضايا حول التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إرهابي"، مشيراً إلى وجود "قضاة آخرين محالين على قطب مكافحة الإرهاب لم يتم استدعاؤهم بعد من المجلس الأعلى للقضاء للنظر في وضعيتهم".

وضمّت القائمة التي أعفاها سعيّد كبار قضاة البلاد؛ مثل يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل، والبشير العكرمي، وهو قاضٍ يتهمه نشطاء سياسيون بأنّه أخفى ملفات قضايا إرهابية، وبأنّه على علاقة وطيدة بحزب النهضة الإسلامي، الأمر الذي ينفيه الحزب.

 أعلن مجلس القضاء العدلي بتونس العام الماضي إيقاف القاضي بشير العكرمي عن العمل

وفي العام الماضي أعلن مجلس القضاء العدلي بتونس إيقاف القاضي بشير العكرمي عن العمل، وإحالة ملفه إلى التحقيق أمام النيابة العامة في تهم تتعلق بالتستر على أكثر من (6) آلاف ملف وقضية إرهابية.

تستر على الإرهاب

وبحسب تقرير هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي الصادر في حزيران (يونيو) 2021 بعنوان ''التفقدية العامة بوزارة العدل حول بشير العكرمي... القطب في قبضة الإرهاب''، تستر العكرمي على (6268) ملفاً إرهابياً، و(1361) قضية إرهابية، إضافة إلى تهديده المجلس القطاعي العدلي.

وقال عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي رضا الرداوي حينها: إنّه "تم كشف خفايا الجهاز السرّي لحركة النهضة والغرفة السوداء"، وإنّ حزب النهضة وراء الجهاز السرّي، متهماً بشير العكرمي بالتستر على ملفات تدين الحركة الإخوانية التي هيمنت على الحكم طيلة العشرية الماضية.

وواجه العكرمي، وهو واحد من عشرات القضاة المعزولين، اتهامات من قبل القاضي الطيب راشد بتعطيل ملفي اغتيال بلعيد والبراهمي، وردّ عليه العكرمي بأن اتهمه بالفساد المالي.

تستر العكرمي على (6268) ملفاً إرهابياً، و(1361) قضية إرهابية، إضافة إلى تهديده المجلس القطاعي العدلي

وكان الرئيس سعيّد، الذي اعتبر القضاء وظيفة وليس سلطة، قد اتهم عدداً من القضاة المعفيين بأنّهم متورطون في علاقات مشبوهة مع أحزاب سياسية، في إشارة إلى حركة النهضة الإخوانية، وأنّهم عمدوا إلى التستر على ملفات إرهابية، وملفات تتعلق بالفساد، والتورط في ملفات أخلاقية تضرّ بصورة القضاء.

وأكد الرئيس التونسي حينها أنّ أحد القضاة، في إشارة إلى القاضي المتعهد بملفات الاغتيال بشير العكرمي، متورط في التستر على نحو (6) آلاف ملف متعلق بالإرهاب.

تطهير القضاء

وفي حزيران (يونيو) الماضي عزل الرئيس التونسي قيس سعيد (57) قاضياً اتهمهم في وقت سابق بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب، وأوضح أنّ التهم التي تلاحقهم تتعلق بشبهات تغيير مسار قضايا إرهابية، وتورط في فساد مالي وأخلاقي، وارتشاء وثراء فاحش، مشيراً إلى أنّه "تم النظر في كل الملفات من أكثر من مصدر، حتى لا يظلم أيّ أحد، والتدقيق فيها لمدة أسابيع"، وإلى أنّه "لم يعد مقبولاً اليوم أن تغيب العدالة عن قصور العدالة".

وانتقد سعيّد حينها بشدة مظاهر الفساد والقصور والتقصير التي يعاني منها مرفق القضاء، ووّجه سلسلة من الاتهامات لبعض القضاة الذين تحوم حولهم شبهات الضلوع في الفساد والتستر على فاسدين، وتعطيل تتبع ذوي الشبهة في قضايا إرهابية، والتواطؤ مع جهات سياسية أو مالية نافذة.

وقال سعيّد: "لقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة، وتم التحذير حتى يُطّهر القضاء نفسه، ولا يمكن أن أطهر البلاد من الفساد ومن تجاوز القانون، إلا بتطهير كامل للقضاء"، مضيفاً أنّه يوجد "تلكؤ وتأخير متعمّد لفتح كل الملفات، بالرغم من أنّها جاهزة"، مؤكداً في السياق نفسه أنّه "لا يمكن أن يستمر الوضع دون نهاية".

عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي رضا الرداوي

وفي شهر آب (أغسطس) الماضي أحالت وزارة العدل (109) ملفات إلى القضاء المختص في الجرائم الإرهابية والفساد المالي، تتعلق بالقضاة الذين عزلهم الرئيس قيس سعيّد للتحقيق معهم في جرائم فساد مالي وأخرى ذات صبغة إرهابية، كالتستر على تنظيم إرهابي، وتعطيل الإجراءات والانحراف بها.

ملفات قضائية على رف الانتظار

هذا، ويرقد في رفوف المحاكم العديد من القضايا، وتطول مدّة الإيقاف التحفّظي ضدّ المشتبه فيهم لأعوام، في الوقت الذي تحدّد فيه مجلة الإجراءات الجزائية في فصلها الـ (85) مدّة الإيقاف بـ (6) أشهر في الجنايات والجُنح المتلبَّس بها، مع إمكانيّة التمديد في مدة الإيقاف لمدة (3) أشهر بالنسبة إلى الجُنح، و(8) أشهر على أقصى تقدير بالنسبة إلى الجنايات.

وينتقد ناشطون تونسيون سير القضاء في تونس، معتبرين أنّه "قضاء السّلطة والشخصيات النافذة"، وأنّ أحكامه "لا تسري إلا على الضّعفاء".

وتظل قضية اغتيال اليساريين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، التي تُتهم حركة النهضة الإخوانية بالتورط فيها، من أبرز عناوين طول الإجراءات وعدم حسم الملفّات وتوجيه التُّهم، والتي كانت سبباً في تأجيج الصراع بين المحامين والقضاة.

هذا فضلاً عن قضايا العمليات الإرهابية التي عاشتها تونس بعد عام 2013، أي خلال فترة حكم حركة النهضة التي قادت حكومة الترويكا، دون اعتبار قضية عمر العبيدي التي تعود إلى عام 2018، دون أن يتمّ إصدار حكم نهائي بشأنها، رغم أنّها أصبحت قضية رأي عامّ محلّي ودولي، إضافة إلى قضايا العدالة الانتقالية وجرحى الثورة، التي بقيت حبيسة الأروقة منذ إحداث الدوائر القضائية المتخصصة في أيار (مايو) 2018، والتي تشمل رموز القمع والأجهزة الضالعة في التعذيب والتنكيل بالخصوم السياسيين والمتورطين في جرائم فساد مالي.

مواضيع ذات صلة:

التحديات الاقتصادية تطارد تونس في العام الجديد

- بعد المريمي... هل سلّمت حكومة الدبيبة السنوسي إلى واشنطن؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية