
أعلن مجلس هيئة السوق المالية في تونس استحداث جهاز جديد للوقاية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار السلاح، تفاديا لتكرار ما عاشته تونس خلال فترة حكم الإخوان، وقال المجلس إن هذا القرار يأتي في إطار تعزيز الجهود الوطنية للوقاية من غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وانتشار التسلح، وتعزيز نزاهة الساحة المالية التونسية.
وأوكلت هيئة السوق المالية للهيكل الجديد مهام توجيه أعمال التفقد والمراقبة على المتدخلين الخاضعين لرقابة الهيئة، بناء على المنهج القائم على المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح.
كما يكلف أيضاً بضمان التنسيق الفعال مع الهياكل الوطنية والدولية ذات الصلة، وتعزيز القدرات الفنية والسهر على برامج التكوين في مجال الحماية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، إلى جانب تحقيق الاستجابة السريعة للتطورات القانونية والمالية ذات العلاقة.
وتعمل خيوط الإخوان، التي لا تزال مزروعة داخل مفاصل الدولة، على تنفيذ مخططات لتأجيج الأوضاع في محاولة يائسة لنشر الفوضى بما يعبد طريق عودتها للحكم.
الإخوان حولوا تونس إلى ملاذ ضريبي
في السياق، قال الخبير الأمني التونسي توفيق الرويسي إن تونس "كانت خلال حكم الإخوان ملاذا ضريبيا آمنا في ما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب"، مضيفا لموقع "العين الإخبارية"، أن "إعلان هيئة السوق المالية عن استحداث جهاز للحماية من مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يهدف للتصدي لأي مخاطر خاصة في ظل تطور طرق غسل الأموال في العالم".
استحداث جهاز جديد للوقاية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار السلاح تفاديا لتكرار ما عاشته تونس خلال فترة حكم الإخوان
وأضاف أن الجهاز الجديد "سيجعل تونس ساحة تداول آمنة خاصة في قطاع الاستثمار". كما أوضح أن تونس اتخذت خطوات مهمّة لمكافحة الإرهاب وتمويله، وأرست منظومة متكاملة للتضييق على تمويل هذه الآفة، مشيرا إلى أن "هذا الجهاز يؤكد أن البلاد ملتزمة بالمكافحة الشاملة للإرهاب بما في ذلك مزيد التصدي لتمويله".
وقد دفع تصنيف تونس في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية في العام 2017، السلطات التونسية إلى العمل على ملاحقة الكيانات والأفراد الذين تتعلق بهم شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
واعتبرت المجموعة، وهي منظمة حكومية دولية تهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، تونس من الدول التي تمثل ملاذا ضريبيا آمنا أو ما يسمى بـ"الجنان الضريبية".
ثم عادت ورفعت تونس من القائمة السوداء في أكتوبر/تشرين الأول 2019، معتبرة أن الحكومة التونسية أوفت بالتزاماتها فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
تمويل الإرهاب
وفي أواخر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، كشف الرئيس التونسي قيس سعيد، في لقاء بوزيرة المالية سهام البوغديري بقصر قرطاج، وثيقة تفيد بتلقي جمعيات في تونس تمويلات تفوق ملياري دينار من الخارج من سنة 2011 إلى العام الماضي.
وأكد سعيد أن لجنة التحاليل المالية أثبتت ذلك دون القيام بدورها كاملا، موضحا أن هذا الرقم الذي جاء في الوثيقة لا يتعلّق إلا بالجمعيات التي تحصّلت على مبالغ من الخارج تفوق 500 ألف دينار (160.2 ألف دولار) وهذه الأموال التي توزع في تونس ودخلت خلسة إلى الحسابات الجارية لجمعيات مذكورة بالاسم.
وحذر سعيد من التدخل الأجنبي في شؤون تونس باسم المجتمع المدني، متابعا "نحن لا نريد مجتمعا مدنيا يمثل امتدادا لقوى ودول من الخارج ويجب ضبط الأمور في هذا المستوى".
بتمويلات أجنبية دخلت عن طريق جمعيات متطرفة تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية على مدى أكثر من عقد
ومنذ وصولهم للحكم، سارع الإخوان إلى وضع مرسوم منظم للجمعيات من أجل تسهيل أعمالهم وتدفق الأموال إليهم، حيث عادوا من سجونهم ومنافيهم محملين بأجندة تخريبية مسمومة لأدلجة المجتمع وزرع بذور التطرف والإرهاب، وتحقيق ثروات طائلة.
وبتمويلات أجنبية دخلت عن طريق جمعيات متطرفة، تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية على مدى أكثر من عقد، ففخخوا مفاصل الدولة التي تسللوا إليها، وعاثوا فيها فسادا، ظنا منهم أنهم فوق المحاسبة.
مخلفات اقتصادية كارثية
وخلال "عشريتهم السوداء"، سجلت البلاد انتكاسة اقتصادية ومالية ظهرت تبعاتها على تطور الدين العام المستحق على البلاد، ليسجل في 2020 مستويات تاريخية غير مسبوقة، وصفها الخبراء بالرحلة "المشؤومة".
وفي عام 2010، بلغ إجمالي الدين العام المستحق على تونس قرابة 16 مليار دولار أمريكي، شكلت نسبته نحو 39% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو آخر عام يسجل فيه الدين العام هذه المستويات المتدنية.
لكن وبعد عام 2010، بدأت أرقام الدين العام تسجل صعودا وسط عجز أظهرته إدارة البلاد عن تسيير تطورات الاقتصاد المحلي في ظل الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
في 2011، سجل الدين العام مستوى 43.1% من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 16.2 مليار دولار، ثم صعد إلى 47.7% من الناتج المحلي في عام 2012، بقيمة تقترب من 17 مليار دولار.
وفي 2013، تراجع الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي إلى 46.8% عند قرابة 16.9 مليار دولار، قبل أن يعاود الصعود إلى 51.5% في عام 2014، بقيمة سجلت 18.2 مليار دولار أمريكي.
وفي 2015، واصل الدين العام صعوده إلى 55.4% من الناتج المحلي الإجمالي إلى قرابة 19 مليار دولار أمريكي، ثم إلى 62.3% بقيمة 20.63 مليار دولار أمريكي، بحسب بيانات من البنك المركزي التونسي.
تعمل خيوط الإخوان التي لا تزال مزروعة داخل مفاصل الدولة على تنفيذ مخططات لتأجيج الأوضاع في محاولة يائسة لنشر الفوضى
وفي 2019، بلغت قيمة الدين العام المستحقة على البلاد 30.46 مليار دولار، شكلت نسبتها 71.8% من الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن يسجل مستوى تاريخي في 2020 بقيمة 35.97 مليار دولار بنسبة 87% من الناتج المحلي الإجمالي.
يُذكر أن تونس عاشت في ظل حكم الإخوان على المعونات والمنح الخارجية ليست المالية فقط، بل تجاوز ذلك إلى تقديم مساعدات عاجلة للبلاد لمواجهة فيروس كورونا، والذي عجزت عن إدارة ملفه منذ آذار / مارس الماضي.
حالة طوارئ
وترفع تونس درجة التأهب الأمني من خلال تعزيز تأمين الحدود، تفاديًا لتعرضها لعمليات إرهابية، أو عودة الإرهابيين التونسيين الموجودين في سوريا إلى البلاد، والذين سهل الإخوان عمليات التحاقهم ببؤر التوتر.
وفي 31 كانون الأول / ديسمبر قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر حتى نهاية كانون الثاني / يناير 2025.
وتمنح حالة الطوارئ وزارة الداخلية صلاحيات استثنائية، بينها منع الاجتماعات، وحظر التجول، وتفتيش المتاجر، ومراقبة الصحافة والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية.