توقّعات المشهد السياسي التركي عام 2022

توقّعات المشهد السياسي التركي عام 2022


04/01/2022

أتمنى للجميع عامًا جديدًا سعيدًا وسلميًا، لذا اسمحوا لي أن أشارككم بعض توقعاتي حول الأجندة السياسية لتركيا في عام 2022.
لن تتوقف المعارضة عن المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في عام 2022، بينما تريد الحكومة الحالية وأردوغان شخصيا الانتظار حتى يبدأ النموذج الاقتصادي الجديد الذي طرحه اردوغان  في تحقيق نتائج التي يحلم بها والتي ما تزال مجهولة وترافقها الكثير من الشكوك. 
على هذا النحو، ستسعى إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان جاهدة لمعالجة المشاكل الاقتصادية اليومية للعاملين في الحد الأدنى للأجور والمتقاعدين وموظفي الخدمة المدنية من خلال منحهم زيادات وستخصص موارد إضافية للقطاع الزراعي لكنها لن تحل جوهر المشكل الإقتصادي. 
ستعتمد البلاد على عائدات السياحة، حيث من المتوقع أن يتباطأ الوباء اعتبارًا من أبريل، وستحاول كبح التضخم وتعزيز الصادرات وخلق فرص العمل. 
ومن المتوقع أن يؤدي التخفيف من هذه المشاكل والتحديات إلى دفع حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى ترويج نفسه انتخابيا بالتفاخر بإنجازاته للوصول إلى الناخبين.
 مرة أخرى، ستستخدم الحكومة تطورات مهمة مثل عقار تركوفاك ضد فيروس كورونا، كوسيلة دعائية إضافية ثم موضوع انتاج السيارة  الكهربائية وتشغيل المحطة النووية، والاستثمار في الغاز الطبيعي المكتشف حديثًا من البحر الأسود، إلى جانب مع مشاريع أخرى، لتعزيز أجندة إيجابية تسوق حزب العدالة والتنمية وترمم جانبا من صورته المتآكلة، ذلك ما يحلم به اردوغان..
ستكون هناك العديد من المناقشات هذا العام حول المرشحين للرئاسة، والدستور التركي الجديد، والنظام البرلماني "المعزز" ومقترحات الانتقال أو العودة من الرئاسي الى البرلماني. 
سيستخدم السياسيون خطابًا معتدلًا لكسب الناخبين، حيث نشهد هدوءا في التصريحات والاتهامات شديدة اللهجة.
 حزب الشعب الجمهوري المعارض ما يزال يقود حملة ضد الحكومة داعيا الى الانتخابات المبكرة وهو يطرح عدة مرشحين ليخلفوا اردوغان. 
بهذا المعنى، يجب على المراقبين أن يتوقعوا من رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، استمرار محاولاته ليكون استباقيًا، مثل التوجه لزيارة معهد الإحصاء التركي (تركستات) ووزارة التربية الوطنية للحصول على معلومات تدحض حكومة اردوغان وتضعف الثقة في الحزب الحاكم..
في الوقت نفسه، ستشتد المنافسة بين الاحزاب على أجزاء اقسام مهمة من اصوات الناخبين خلال الأشهر المقبلة. الأكراد والناخبون الشباب والمحافظون الدينيون هم من بين الأهداف عالية القيمة. ستواجه الأحزاب الصغيرة مثل السعادة وحزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم بعض المصاعب بالمنافسة لكنها سوف تؤثر ان هي انظمت الى كتلة كبيرة للمعارضة.
يخشى الحزب الحاكم من مناورة قيادة حزب الشعب الجمهوري ان تستثمر معارضتها لأردوغان في محاولة لطمأنة الناخبين المتدينين المحافظين؛ ليكون لهم دورهم في خطط المعارضة المستقبلية.
نقطة أخرى مهمة تتعلق بالتقارب بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه ملاحقة من اردوغان وحزبه والسلطات الحكومية باتجاه اغلاقه بسبب اتهام اردوغان له بصلاته المزعومة بمنظمة حزب العمال الكردستاني. 
كانت مقاومة المعارضة الرئيسية للعمليات العسكرية في العراق وسوريا خطوة حاسمة في هذا الاتجاه.
 للمضي قدمًا، سوف يجذب تعزيز التعاون بين تلك الحركات مزيدًا من الاهتمام، من نواح كثيرة، كما يوحي النقاش الأخير حول توظيف أشخاص يتهمهم الحزب الحاكم انهم منتسبين إلى حزب العمال الكردستاني
 في بلدية إسطنبول 
 بينما يتم بحث مصير حزب الشعوب الديمقراطي، إن تعاون المعارضة مع هذا الحزب او التفاهم معه ستستمر اداة في تأجيج الحملات الاعلامية التي يشنها الحزب الحاكم ضد المعارضة..
في مجال السياسة الخارجية، قد يكتسب التطبيع مع أرمينيا وإسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية زخمًا في عام 2022. 
وبينما يمكن للمعارضة أن تنتقد هذه الخطوات، فإن أجندة التطبيع هذه ستخدم في النهاية مصالح الحكومة على الرغم انها لم تثمر بعد عن نتيجة ملموسة ومجرد تمنيات وتصريحات اعلامية. 
علاوة على ذلك، فإن التوترات المتصاعدة في البحر الأسود وأوكرانيا تتطلب من تركيا أن تلعب دورًا نشطًا على الصعيد  الدبلوماسي. .
في غضون ذلك، سيستمر استخدام الطائرات التركية بدون طيار، التي غيرت قواعد اللعبة في مناطق الصراع مثل سوريا وليبيا وكاراباخ وإثيوبيا، إحدى ادوات اردوغان التي يظنها اداة منافسة وفرض معايير واعتبارات القوة.
بالنسبة لتركيا، ستشمل المصادر الرئيسية للتوتر تلك العلاقة الشائكة مع اليونان وعمليات التنقيب والحفر حول قبرص وشرق البحر الأبيض المتوسط. 
وغني عن القول، إن موقف الاتحاد الأوروبي بشأن تلك النزاعات يهدد بإحداث تأثير سلبي على علاقات تركيا مع الغرب.
إجمالاً، يواجه اردوغان وحكومته تحديات لا حصر له وإن توقعات 2002 لن تأتي له بانتصارات على طبق من ذهب فما زرعه في السنوات الماضية من فوضى واضطرابات وصراعات داخلية وخارجية سوف يجنيه في العام 2022.

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية