تصعيد الغنوشي مغامرة شخصية أم أجندة بضوء أخضر خارجي؟

تصعيد الغنوشي مغامرة شخصية أم أجندة بضوء أخضر خارجي؟


29/03/2022

فسّرت أوساط سياسية تونسية عودة راشد الغنوشي إلى الواجهة وتحريكه أنشطة البرلمان بعد أشهر من التجميد بأنهما استجابة لإشارات خارجية أكثر من كونهما مغامرة شخصية للرجل الذي دأب على الظهور أمام الأضواء، مشيرة إلى أن إشراف الغنوشي على جلسة افتراضية لمكتب المجلس وإقرار عقد جلسة عامة الأربعاء هما جزء من حراك تزامن مع قيام وكيلة وزارة الخارجية الأميركية عزرا زيا بزيارة إلى تونس وعقدها لقاءات مختلفة مع فاعلين سياسيين واجتماعيين.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن عقد جلسة افتراضية للبرلمان بهدف إلغاء إجراءات الخامس والعشرين من يوليو الماضي -التي قام بموجبها قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب- قد يقود البلاد إلى تصعيد خطير ستكون من أبرز محاذيره العودة إلى صراع الشرعيات بين رئيس البرلمان المجمد من جهة والرئيس قيس سعيد من جهة ثانية، وهو ما يزيد من حدة الأزمة السياسية التي تعيشها تونس.

ولفتت إلى أن عودة البرلمان إلى حلبة الصراع مع قيس سعيد ستقود آليا إلى تجميد التدخلات الخارجية الهادفة إلى مساعدة تونس على الخروج من أزمتها الاقتصادية الحادة، وخاصة تدخل صندوق النقد الدولي الذي يرفض منح أي مساعدات في ظل الصراع على الشرعية وغياب توافق شامل على الإصلاحات المطلوبة.

وقال الغنوشي في بيان على صفحته في فيسبوك إن الجلسة الأولى ستعقد يوم الأربعاء وستدرس النظر في إلغاء التدابير الاستثنائية وستخصص الثانية يوم السبت للنظر في الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

ومن المرجح أن يحاول البرلمان عقد الجلستين عبر رابط فيديو على الإنترنت في ظل استمرار وجود قوات أمنية تغلق مقر البرلمان منذ الخامس والعشرين من يوليو.

وإذا عقدت الجلسة عبر الإنترنت من المتوقع أن يشارك فيها نواب من حزب النهضة ومن ائتلاف الكرامة ونواب من حزب قلب تونس، إضافة إلى نواب من المستقلين.

وقبل ذلك دعا 27 نائبا مستقلا ومن كتل صغيرة إلى عقد جلسة عامة. لكن الرئيس سعيد سرعان ما رد مُلمّحا إلى هذه المحاولة بقوله “من يريد العودة إلى الوراء فهو واهم.. فليجتمعوا في مركبة فضائية”.

وقال قيس سعيد ”من يريد أن يجتمع خارج الفضاء هناك مركبة فضائية في السماء فليجتمعوا في هذه المركبة الفضائية إن أرادوا ولكن المجلس مجمّد وأيّ قرارٍ سيتم اتخاذه خارج الفضاء وخارج التاريخ وخارج الجغرافيا ومن يحلم بأن يعود إلى الوراء فهو واهم ولن تتحقق أضغاث أحلامه”.

ومن المنتظر أن يترأّس طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، جلسة الأربعاء بحضور حوالي 120 نائباً، وفق تقديرات النائب وليد جلّاد في تصريحه لإذاعة موزاييك المحلية، مذكّرا بأن هدف الجلسة هو التشاور “من أجل التوصّل إلى حلول دستورية لوضع حد للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد”.

واعتبر مراقبون محليون أن دخول البعد الخارجي بشكل مكشوف على خط الأزمة لن يساهم في حلها، بل على العكس قد يدفع بها إلى المزيد من التوتر، خاصة في ظل رفض قيس سعيد أي تدخل خارجي مهما كانت الجهة أو الدولة المعنية بذلك، مضيفين أن هذا سيفاقم عزلة الأطراف المعارضة المشاركة في هذا المسار وسيزيد من ابتعادها عن الشارع التونسي الذي مازال إلى الآن يحملها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وأيضا مسؤولية إضعاف الدولة وإغراقها بالديون والالتزامات المالية التي لا تقدر على الإيفاء بها مثل مسار الزيادات المستمرة في الرواتب.

ونشرت الخارجية الأميركية بيانا كشفت فيه مخرجات زيارة وكيلة وزارة الخارجية الأميركية إلى تونس من الثالث والعشرين إلى السابع والعشرين من مارس الجاري. وقالت الخارجية الأميركية إنّ عزرا زيا شدّدت خلال لقاءاتها على أهمية تعزيز الديمقراطية في تونس وتنفيذ عملية إصلاح سياسي واقتصادي شاملة بالتنسيق مع الأحزاب السياسية والاتحادات النقابية والمجتمع المدني.

وتعهدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في فيديو على حسابها الخاصّ بفيسبوك الاثنين برفع قضية ضد قرارات جلسة الأربعاء فيما لو أقرت بإلغاء إجراءات الخامس والعشرين من يوليو، وحملت قيس سعيد مسؤولية تحرك الغنوشي وتوظيفه لمؤسسة البرلمان لأنه رفض دعواتها إلى حل البرلمان بشكل بات بدل قرار تجميده.

وحذرت موسي من أن إلغاء البرلمان المجمد لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو سيعني إسقاط شرعية كل المؤسسات التي جاءت بعد إمساك قيس سعيد بكل السلطات بما في ذلك الحكومة والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء.

وذكّرت بأنّها كانت قد أعلنت عن فحوى تلك الجلسة العامة وذلك يوم السبت المنقضي، وأكّدت أنّه في صورة تصويت النواب بالأغلبية على إيقاف العمل بالتدابير الاستثنائية ، فإنّ حكومة نجلاء بودن ”تسقط عنها الشرعية” و”يسقط أيضا عن رئيس الجمهورية الجمع بين كل السلط”.

ووصف أستاذ القانون بالجامعة التونسية الصغير الزكراوي عقد جلسات عامة للبرلمان بأنه “تمرد على حالة الاستثناء وعلى سلطة رئيس الجمهورية”. وحمل الزكراوي قيس سعيد “مسؤولية هذا الأمر لأنه تلكّأ في وضع حد لمنظومة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو”.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية