صغير الحيدري
لجأ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذراع جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، إلى استعادة جبة الواعظ الديني بهدف استعادة شعبية الحزب الطامح لتجاوز الانتكاسة التي تعرض لها في الانتخابات البرلمانية في الثامن من سبتمبر الماضي.
وبدا واضحا أن الإسلام بات يشغل حيزا هاما من خطابات ومواقف بنكيران، حيث دعا أعضاء الأمانة العامة لحزبه إلى “تخصيص وقت محدد في اليوم لقراءة وردهم اليومي من القرآن”.
وطالب بنكيران الخميس الماضي أيضا أعضاء المجموعة النيابية لحزبه وعموم أعضائه والمواطنين بأن ينعكس الإسلام على سلوكهم ومبادئهم وقيمهم وأخلاقهم، مشيرا إلى أن “هذه الأمة المغربية المتميزة، التي تخط تاريخها بطريقتها الخاصة، والتي بقيت صامدة عبر 14 قرنا، إنما تحقق لها ذلك بفضل الإسلام”.
وأشار في لقاء جمعه بأعضاء المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية إلى مركزية الإسلام في بقاء واستمرار واستقرار المغرب، مشددا على “ضرورة عرض الأقوال والأفعال على مرآة الإسلام، وما ينسجم معها فهو في صالح بلدنا وأمتنا”، وفق ما أورده الموقع الإلكتروني للحزب.
ويرى مراقبون مغاربة أن بنكيران يتعمد اللجوء إلى الخطاب الديني لدغدغة المشاعر مرجحين ألا يكون له أثر على المغاربة الذين سبق وجربوا حزب العدالة والتنمية في الحكم لـ10 سنوات كانت حصيلتها سلبية للغاية، علاوة على العوامل الخارجية المرتبطة بانهيار مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة على غرار مصر وتونس وغيرهما.
وقال المحلل السياسي المغربي حسن بلوان، إن “خرجات بنكيران تبقى دائما خرجات استثنائية ومضطربة أساسا، وعند التطرق لخطابه السياسي يجب الوضع في الحسبان سيكولوجية الرجل المثيرة للجدل، وهو معروف بقفشاته التي لا تقدم ولا تؤخر، سوى المزيد من الشعبوية التي قطع معها المغرب لكن للأسف لا تزال تعتمدها الحركات الإسلامية داخل المملكة”.
وأوضح بلوان في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “خرجات بنكيران أيضا معزولة وبعيدة كل البعد عن الواقع، لقد أوصل حزبه إلى الهاوية بعد شخصنته وإدارته بطريقة فردية طيلة عشر سنوات، عندما أصيب الحزب بانتكاسة وعاقبه الشعب بطريقة ديمقراطية نظرا إلى سياساته اللاشعبية طيلة 10 سنوات يحاول بنكيران اليوم أن يعيد الخطاب القديم الديني والشعبوي الذي قاد الحزب إلى تصدر المشهد السياسي ولن يعود العدالة والتنمية لتصدر المشهد.. بعد تعرض الإسلاميين لضربة قاصمة”.
وشدد على أن “الحكومة والشعب المغربي لا يعيران تصريحاته أي اهتمام اللهم حزب سياسي وطني.. الإسلام السياسي تعرض لضربة موجعة نتيجة التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي… النظام السياسي في المغرب كشف حقيقة الإسلاميين الذين يدغدغون المشاعر، كما باقي الدول الأخرى التجربة المغربية أسقطت شعارات الإسلاميين بطريقة ديمقراطية”.
وتعرض حزب العدالة والتنمية إلى زلزال داخلي في سبتمبر الماضي عندما مُني بانتكاسة انتخابية ترجع على ما يبدو إلى عوامل داخلية مرتبطة بالفشل في إدارة ملفات عدة في المغرب وخارجية مرتبطة بوضع الإخوان المسلمين الذين يعيشون أزمة في أكثر من دولة في المنطقة.
وتراجع الحزب من المرتبة الأولى بـ125 مقعدا نيابيا إلى المرتبة الثامنة بـ13 مقعدا من أصل 395. وحصل بنكيران (67 عاما) على قرابة 82 في المئة من أصوات المؤتمرين (1221 صوتا من أصل 1252) ما دفع أمينه العام السابق الذي كان يرأس الحكومة أيضا سعدالدين العثماني يقدم استقالته ما مهد الطريق لإعادة تدوير بنكيران سعيا لتجاوز الحزب أزمته.
وبرزت أصوات داخل الحزب تدعو إلى القيام بمراجعات تتماشى مع الواقع المغربي الجديد غير أن بنكيران قطع الطريق بسرعة أمام هذه الأصوات.
ويستبعد محللون أن يكون لدى خطاب بنكيران القديم الجديد صداه في الشارع المغربي الذي لفظ الإسلاميين بسبب فشلهم في الحكم، علاوة على حالة الوهن التي يعيشها الإخوان في المنطقة.
وقال بلوان إنه “في المغرب تم إسقاطهم (الإسلاميين) من طرف الشعب، لأن الإسلاميين تبنوا سياسات لاشعبية، المجتمع المغربي واع يميل إلى المحافظة لكنه لن يصوت مستقبلا لأي حزب إسلامي بسبب حصيلتهم السلبية طيلة 10 سنوات، لم يحققوا ما كان يصبو له المغاربة.. بنكيران وحيد وحتى رفاقه غادروه، هو يغرد خارج السرب”.
عن "العرب" اللندنية