بعد استحواذ "ماسك" على تويتر... هل ينعم الطائر الأزرق بالحرية؟

بعد استحواذ "ماسك" على تويتر... هل ينعم الطائر الأزرق بالحرية؟


04/05/2022

بعد أعوام قضاها طائر تويتر الأزرق في قفص من القيود على حرية التعبير، علق الكثيرون آمالاً عريضة على الإدارة الجديدة لتويتر، لتحرير المنصة الدولية، الأكثر تأثيراً في السياسة الدولية، من تلك القيود التي فرضتها الإدارة السابقة على حرّية التعبير والتعاطف مع أكثر القضايا مأساوية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني.

وجاءت صفقة استحواذ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، صاحب شركة السيارات الكهربائية "تيسلا" وأغنى أغنياء العالم، على موقع التواصل "تويتر" مقابل (44) مليار دولار، بعد سلسلة تغريدات له انتقد فيها القيود التي فرضها تويتر على حرية التعبير، ممّا قد يوحي بأنّ المنصة الإلكترونية، التي شكلت الرأي العام العالمي على مدار العقد الماضي، ستمنح مساحة أكبر للتعبير عن الرأي بحرية تجاه كافة القضايا على حدٍّ سواء.

ووفقاً لموقع "بوبيولار ميكانيكس"، فإنّ أمام رجل الأعمال الأمريكي الثري ماسك (5) طرق لتغيير إمبراطورية "تويتر" التي يعتبرها كثير من المراقبين والمحللين الدوليين "أقوى من الدول"، ومن بين تلك الطرق الـ5:

 حرية التعبير

لا يعتقد ماسك أنّ تويتر يتعامل مع حرية التعبير "بشكل جيد"، وأنّ الرقابة على "تويتر" "تنحرف" بناءً على السياسة ولا تسمح بخطاب عام حقيقي للأفكار، فقد غرّد، في آذار (مارس)، قبيل الحديث عن الاستحواذ على المنصة الأكثر تفاعلاً مع القضايا الدولية الحيوية، أنّ "حرية التعبير ضرورية لديمقراطية فاعلة... هل تعتقدون أنّ تويتر يلتزم بهذا المبدأ؟".+

وفي 14 نيسان (أبريل)، قبيل شراء موقع التواصل الاجتماعي، كتب ماسك لـ"تويتر"، قائلاً: "لقد استثمرت في تويتر لأنّني أؤمن بإمكانية أن يكون منصة لحرية التعبير في جميع أنحاء العالم، وأعتقد أنّ حرية التعبير هي ضرورة مجتمعية لديمقراطية فاعلة"، إلّا أنّه رهن ذلك بتحويل المنصة إلى شركة، وقال: إنّ تحويل "تويتر" إلى منصة مجتمعية مبنية على أساس حرية التعبير غير ممكن قبل تحويل المنصة إلى شركة.

 

بعد أعوام قضاها طائر تويتر الأزرق في قفص من القيود، علق الكثيرون آمالاً عريضة على الإدارة الجديدة لتويتر

ونقل موقع "بوبيولار ميكانيكس" عن ماسك قوله: "لدى تويتر إمكانيات استثنائية... سأفتحها". وأشار الموقع إلى أنّ ذلك ليس مفاجئاً، مشيراً إلى أنّ ماسك يستطيع فعل ذلك لأنّه بالفعل على رأس العديد من المشاريع الأخرى مثل "تسلا"، و"سبيس إكس"، و"ذا بورنج كومبني"، و"نيورالينك".    

وبينما يسمح التعديل الأول للدستور الأمريكي لأصحاب العمل في القطاع الخاص بتقييد بعض الكلام الذي يمسّ أعمالهم، يريد ماسك رؤية تويتر يتوقف عن "خنق الأصوات".

وأثارت تغريدات ماسك مؤخراً جدلاً واسعاً، مع انتقاده المستمر لموظفي تويتر، على الرغم من أنّه كان قد قطع وعداً بألّا "يستخف" بالشركة أو بممثليها أثناء إتمام صفقة الاستحواذ على تويتر، وفقاً لجريدة "الغارديان" البريطانية، التي أشارت إلى أنّ ماسك بعد يوم واحد من توقيع الصفقة ردّ على تغريدات اثنين من المعلقين السياسيين انتقدوا فيها موظفي تويتر، منتقداً إيقاف حساب مؤسسة إخبارية كبرى لنشرها "قصة حقيقية"، واعتبر أنّ ذلك "غير لائق".

ورأى ديفيد كاي في مقاله عبر "الغارديان" أنّ تويتر منصة عالمية سيصطدم فيها "حماس ماسك" ببعض الحقائق الصعبة، ومن بينها أنّ الحكومات تتوقع من الشركات مراقبة برامجها للتعامل مع كلّ شيء من المحتوى غير القانوني كـ"المحتوى الإرهابي" و"استغلال الأطفال" إلى المحتوى "البشع لكن القانوني" كـ"خطاب الكراهية"، و"التضليل الانتخابي"، و"التلاعب الأجنبي".

وشدد كاي على أنّ تويتر يحتاج إلى "قواعد" للحدّ من العنصرية وكراهية النساء ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا والمحتويات السيئة الأخرى التي ليست مريعة للمستخدمين فقط، ولكنّها مصممة خصيصاً لإبعاد المجتمعات المهمشة عن النظام الأساسي، لافتاً إلى أنّ ماسك أمام خيارين: إمّا أن يضاعف نظريته لحرية التعبير عبر الإنترنت وجعل المنصة غير مستساغة للمستخدمين والحكومات على حد سواء، وإمّا الاعتراف بأنّ الزمان وتويتر قد تغيرا، وأنّهما يحتاجان إلى نهج يزيد من قيمة المنصة إلى أقصى حد.

 خوارزمية عامة

كان ماسك واضحاً في أنّه يعتقد أنّ تويتر يجب أن يفتح خوارزميته التي من خلالها يمكن للمستخدمين رؤية كيف تقرر المنصة رفع درجة مواد معينة أو الترويج لها، وربما تقديم اقتراحات بشأن هذا الرمز.   

ماسك ليس من المعجبين بالإعلانات على تويتر

وفتح الكود للعرض ليس بالمهمّة الرئيسية، ففي الواقع، الكثير من أكواد تويتر مفتوحة المصدر بالفعل، لكن فتح الشيفرة لإظهار كيفية قيام مهندسي المنصة بتشغيل الموقع هو أمر لم يفعله سوى القليل من منصات التواصل الاجتماعي كـ"بيكسلفيد" و"أوكونا"، لأنّهم يريدون الحفاظ على خصوصية عملياتهم الداخلية.

القضاء على عمليات الاحتيال

بعد تضرّره شخصياً من انتحال صفته، ممّا كلف أولئك الذين خدعهم المحتالون أكثر من مليوني دولار في العملة المشفرة، فضلاً عن اختراق حسابه بالكامل في 2020، اشتكى ماسك من أنّ من سمّاهم بـ"محتالي العملات المشفرة" يطلقون كتلة "سبام بوت"- برنامج كمبيوتر مصمم للمساعدة في إرسال البريد العشوائي- في كلّ سلسلة رسائل.

 

جاءت صفقة استحواذ ماسك على "تويتر" بعد سلسلة تغريدات له انتقد فيها القيود التي فرضها تويتر على حرية التعبير

ونقل الموقع الأمريكي عن ماسك رغبته في تنظيف "تويتر" وتخليصه من المحتالين والروبوتات لإنشاء مكان أكثر أماناً للمستخدمين، على الرغم من عدم وجود أيّ ذكر لكيفية وضع حد للمحتوى الاحتيالي.

نهاية لإعلانات تويتر

ماسك ليس من المعجبين بالإعلانات على تويتر، قائلاً إنّها تمنح الشركات الإعلانية سلطة كبيرة على الموقع، وفقاً لـ"بوبيولار ميكانيكس".

وعلى الرغم من أنّه من المحتمل ألّا تتوقف الإعلانات على منصة التواصل الاجتماعي "فجأة" إذا أرادت أن تظل مجدية من الناحية المالية، فقد غرّد ماسك على تويتر أنّه "مؤمن بتويتر قائم على الاشتراك بدلاً من إصدار مدعوم بالإعلانات"، وفقاً للموقع الأمريكي الذي أشار إلى أنّ الثري الأمريكي قام بحذف التغريدة لاحقاً.

وبالفعل، توجد خدمة "تويتر بلو"، وهي خدمة اشتراك شهري تتيح للمستخدمين الوصول إلى ميزات متميزة مقابل سعر معيّن، لذلك يعمل ماسك على تجديد هذا المخطط وإغراء أصحاب الحسابات ذات الأسماء الكبيرة للتغريد أكثر.

"زر التعديل"

إضافة ميزة "تعديل" التغريدة قد يكون خبراً سعيداً للعديد من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، الذي عمل على مدار العقد الماضي كاستطلاع شبه يومي للرأي العام العالمي حول أهم القضايا الدولية الأكثر حساسية وربما الأكثر تسلية أيضاً، ففي الوقت الراهن لا توجد ميزة تعديل التغريدة، وفور اكتشاف خطأ ما بتغريدة أحد المستخدمين، قد يكون أمام خيارين؛ هما إمّا حذفها، وإمّا تركها بأخطائها.

 

رأى ديفيد كاي في مقاله عبر "الغارديان" أنّ تويتر يُعدّ منصة عالمية سيصطدم فيها "حماس ماسك" ببعض الحقائق الصعبة

في 5 آذار (مارس) الماضي أجرى ماسك استطلاعاً للرأي على حسابه الرسمي على تويتر، حول إضافة "زر التعديل" لموقع التواصل الاجتماعي، المقترح الذي أيده 73.6% من مستخدمي تويتر. وفي استطلاعه، ربما تعمّد ماسك كتابة "نعم" بشكل خاطئ لغوياً، حيث كتب "yse"  بدلاً من"Yes"، ليسلط الضوء على أهمية وجود مثل هذه الميزة في "تويتر"، وما يؤكد أنّه تعمّد ذلك هو كتابة "No" بشكل خاطئ أيضاً، فقد كتبها."On"

 التأثير السياسي

بدأ تويتر في 2006 كخدمة "مدونات قصيرة جداً لنشر رسائل قصيرة بين مجموعات من المتلقين باستخدام كمبيوتر شخصي أو هاتف نقال"، باقتراح من جاك دورسي، فيما أطلق نواه غلاس اسم "Twttr" قبل أنّ يتم إطلاق النسخة المكتملة من موقع ."Twitter"

في البداية، اقتصر استخدام "تويتر" على المشاهير وبعض المغرمين بالتكنولوجيا وما هو جديد فيها، قبل أنّ يصبح شيئاً فشيئاً مادة منافسة بين المشاهير من حيث عدد المتابعين، غير أنّ انطلاقة "تويتر" الأهم كانت عندما بدأ الصحفيون والإعلاميون يستخدمونه لبث المعلومات والأخبار العاجلة على الفور من موقع الحدث، أو الكشف عمّا هو جديد من معلومات، وهكذا تحول الموقع من منصة للمشاهير حيث يتبارون لزيادة معجبيهم إلى مصدر للأخبار والمعلومات.

إضافة ميزة "تعديل" التغريدة قد يكون خبراً سعيداً للعديد من مستخدمي تويتر

وكان أول من انتبه لأهمية "تويتر" تلك وتأثيره السياسي الهائل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فقد استخدم "تويتر" بكثافة في حملته الانتخابية عام 2008 ليتمكن من الفوز على منافسه الجمهوري السيناتور الراحل جون ماكين، فقد كان لدى أوباما وقتها متابعون على الموقع يزيدون (20) ضعفاً عمّا لدى ماكين والحزب الجمهوري، لكنّ الحدث الذي قلب مستقبل "تويتر" كان يوم 15 كانون الثاني (يناير) 2009 حين التقط راكب على عبّارة صورة لطائرة "يو إس إيرويز" الرحلة 1549 وهي تهبط في نهر هادسون في نيويورك، ونشر تغريدة فوراً وصورة للركاب وهم يخرجون من الطائرة إلى الماء، وانهار موقع "تويتر" مع محاولة الآلاف الدخول على حساب جانيس كرومس الذي نشر خبر هبوط الطائرة في النهر بوقت واحد.

 

شدد كاي على أنّ تويتر يحتاج إلى "قواعد"  للحدّ من العنصرية وكراهية النساء ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا

واستخدم "تويتر" بكثافة خلال ما أطلق عليه ثورات "الربيع العربي" في مصر وتونس وعدد من دول الشرق الأوسط، فقد تحول منذ ذلك الوقت إلى ساحة دولية مهمة للمنظمات الحقوقية لعرض الحقائق بالصوت والصورة. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل إلى اتهامات لدول باستخدام مواقع التواصل، ومنها "تويتر" للتلاعب بالعمليات السياسية في البلدان الغربية، كما حدث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

 وعبر كتائبها الإلكترونية، استغلت جماعة الإخوان المسلمين والمجموعات التابعة لها "تويتر" في الحشد الكاذب وتحريض الشعوب العربية ضد حكامها عبر نشر الشائعات، وبالتحديد في مصر حيث ما تزال الجماعة تسعى لتأليب الشعب المصري ضد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بمحمد مرسي في تموز (يوليو) 2013.

وفي 22 نيسان (أبريل) وافق الاتحاد الأوروبي مؤقتاً على قانون "الخدمات الرقمية" الأكثر تنظيماً للإنترنت والأكثر شمولية منذ أعوام، والذي سيجبر أكبر المنصات على الإنترنت على التحلي بالشفافية بشأن أنشطتها وتقييم الأضرار التي قد تسببها منتجاتها والتخفيف من حدتها، وفقاً لـ"الغارديان"، التي أشارت إلى أنّ ماسك قد يتعرض لضغوط هائلة من خلال تعليق الحكومات الفوائد على "تيسلا" و"سبيس إكس"، مقابل اعتدال المحتوى.

مواضيع ذات صلة:

حروب "تويتر" الثقافيّة... من يحارب من؟

"تروث سوشيال": مشروع ترامب الفاشل لمحاربة تويتر

-  ترامب يصف تويتر بـ"الممل"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية