"تروث سوشيال": مشروع ترامب الفاشل لمحاربة تويتر

"تروث سوشيال": مشروع ترامب الفاشل لمحاربة تويتر


20/03/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

في حوالي التاسعة ودقيقتين من صباح يوم الجمعة، ظهر وميض أرجوانيّ غير متوقّع على الشّاشة المغلقة لجهاز "الآيفون" الخاصّ بي: "انتهى وقت الانتظار! انقر هنا لبدء استخدام "تروث سوشيال"".

نقرت، وداخل منصّة وسائل التّواصل الاجتماعيّ الجديدة التي أنشأها الرّئيس السّابق، وجدت نسخة شبه دقيقة لحبّ دونالد ترامب الأوّل "تويتر"، الموقع الذي طرده منذ أكثر من عام.

اقرأ أيضاً: بعد حجب "فيسبوك" و"تويتر"... الروس يعتمدون على منصة "فكونتاكتي" للتواصل

بنى جيمي كارتر منازل مع منظّمة "هابيتات فور هيومانتي"، تعلّم جورج بوش الرّسم، خرج باراك أوباما مع المغنّي بروس سبرينغستين، وأنشأ دونالد ترامب، الرّئيس الخامس والأربعون للولايات المتّحدة، عالمه البديل على الإنترنت للرّجل العادي المحبّ لشعار "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، والكاره لشركات التّكنولوجيا الكبيرة، بعد أشهر من الضّجيج، أُطلِق الموقع، وبدا إلى حدّ كبير مثل الشّيء الذي من المفترض أن يحلّ محلّه.

...

داخل "تروث سوشيال"، كلّ شيء كان في يوم من الأيّام باللّون الأزرق أصبح الآن أرجوانيّاً لؤلؤيّاً ساطعاً. "التويتس" (التّغريدات)، المعروفة أيضاً بالمنشورات، أصبحت الآن "تروثس" (حقائق)، وأصبحت إعادة التّغريد الآن إعادة نشر للحقيقة، بألف ولام التّعريف، وفوق اسم المستخدم الخاصّ بي، رأيت الصّورة الرمزيّة الافتراضيّة للموقع: البيضة الكريميّة في تويتر، الصّورة الممنوحة لجميع المستخدمين الجدد، يبدو أنّها أنجبت نسراً أرجوانيّاً فخوراً، بدا باقي الموقع مألوفاً: الرّدود ما تزال ردوداً.

يمتلك مشرّعون جمهوريّون، مثل: مارجوري تايلور جرين، ومات غايتز، وكيفن مكارثي حسابات بالفعل، ويبدو أنّهم ينشرون محتوى مشابهاً أو متطابقاً على كلّ من "تروث سوشيال" وتويتر

الإعجابات ما تزال إعجابات. الرّسائل المباشرة، التي ما تزال قيد التّطوير، ما تزال رسائل مباشرة.، ودونالد ترامب ما يزال "ريل دونالد ترامب"، ويتابعه، حتّى كتابة هذه السّطور، 140 ألف شخص، وهو جزء ضئيل من إجماليّ جمهوره على تويتر.

"استعد. رئيسك المفضّل سيراك قريباً!"

ظهرت حقيقة واحدة فقط على صفحته: "استعد! رئيسك المفضّل سيراك قريباً!"، كتب قبل أسبوعين، قبل إطلاق التّطبيق. أعيد نشر هذه "الحقيقة" 7,750 مرة، وحصدت 30,500 إعجاباً، و4,700 ردّاً (لسبب غير مفهوم، على عكس الرّدود على مشاركات المستخدمين الآخرين، لم تكن أيّ من الرّدود على رسالة ترامب مرئيّة لي).

في صندوق الوارد الخاصّ بي، رحّب بي بريد إلكترونيّ غير موقَّع في "مجتمع الباحثين عن الحقيقة".

ما يزال معظم النّاس ينتظرون الدّخول إلى هذا المشهد المظلّل بالّلون الأرجوانيّ، بعد أحد عشر يوماً من إطلاقه في 21 شلاط (فبراير)، بالتّوقيت المناسب للعطلة الفيدراليّة غير الواضحة التي هي "يوم الرّئيس"، رُحّب بي في منزل دونالد ترامب الجديد على الإنترنت، بعد أن كنت رقم 169,685 في قائمة الانتظار (يبلغ طول الطّابور مئات الآلاف من المستخدمين، وفق أشخاص آخرين ينتظرون الدّخول).

اقرأ أيضاً: حملة ممنهجة تستهدف السعودية عبر تويتر... ما القصة؟

يَعد الموقع بمساحة آمنة لـ "حرّيّة التّعبير"، وتشجيع "جميع وجهات النّظر"، وفقاً للبريد الإلكترونيّ التّرحيبيّ "لأنّنا لا نميّز بين النّاس بحسب الأيديولوجيا السّياسيّة".

 لكن داخل التّطبيق تطايرت البيانات الرّقميّة من خلال موجز الويب الخاصّ بي، الموقع بطيء بعض الشّيء وفارغ قليلاً، وطرحه المنطفئ، بقيادة ديفين نونيس، مؤيّد ترامب وعضو الكونغرس الجمهوريّ السّابق من كاليفورنيا، أصبح مصدر إحباط وارتباك في عالم "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وفق زميلي ميريديث ماكغرو.

يمتلك مشرّعون جمهوريّون، مثل: مارجوري تايلور جرين، ومات غايتز، وكيفن مكارثي حسابات بالفعل، ويبدو أنّهم ينشرون محتوى مشابهاً أو متطابقاً على كلّ من "تروث سوشيال" وتويتر، إلى جانب منصّات ذات ميول يمينيّة، مثل "غيتر" و"بارلر" (على ما يبدو، لا أحد مستعدّ تماماً لإدارة ظهره للجمهور الفعليّ حتّى الآن)، لكن عندما يتلقّون أخيراً رسائل البريد الإلكترونيّ التّرحيبيّة، فإنّ الآلاف من معجبي ترامب المنتظمين من الذين ما يزالون ينتظرون في الطّابور، متلهّفون لفرصتهم للبحث عن الحقيقة، سوف يعثرون على نسخة مقلّدة من تويتر من دون أيّ تحسين ملحوظ بشكل مباشر على النّسخة الأصليّة - مشروع غرور لم يُثبت بعد فائدته.

ترامب في المركز الأوّل

ببساطة، لا يحدث الكثير على الموقع، بعد إعداد ملفّي الشّخصيّ تحت اسمي، ظهرت قائمة بالمستخدمين المقترحين على الشّاشة؛ احتلّ دونالد ترامب المركز الأوّل، متبوعاً بصفحات "تروث سوشيال"، و"إن إف إل"، و"أخبار الجيش الأمريكيّ"، و"الدّيلي ميل"، و"شون هانيتي"، و"كايل ريتنهاوس".

اقرأ أيضاً: تويتر يغلق حساب خامئني... ما علاقة ترامب؟

بالتّمرير لأسفل، رأيت مستخدمين عاديّين ومتصيّدين (ترولز) في القائمة، حسابات باسم: "جيف بيزوس غريب الأطوار"، و"ترودو المنافق"، و"هانتر بايدن الزّائف" (السيرة الذاتيّة لهذا الحساب تقول: "نحتفل هنا بحبّ هانتر بايدن للفنّ، والبغايا، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة").

أثناء التّمرير عبر القائمة، ظهر إشعار آخر أعلى هاتفي؛ أول متابعة لي! أبلغني التّطبيق أنّ "حساب "اللعنة على جو بايدن للعملات الرمزيّة" يتابعك الآن". من خلال النّقر على الصّفحة، وجدت حساباً يروّج لنوعٍ من عروض العملات المشفّرة الجديدة، ومكتوب في وصف الحساب "عملة الشّعب الرّمزيّة".

يُعدّ الموقع المنتج الأبرز لمشروع ترامب التكنولوجيّ

بعد دقائق، جاء متابعي الثّاني على "تروث سوشيال"، مصيباً الطّيف الكامل من أعداء ترامب، خشية أن ننسى 2016. جاء في الإشعار: "كارهو هيلاري" يتابعك الآن، أظهرت الصّورة الرّمزيّة للحساب هيلاري كلينتون جالسة على مكنسة ساحرة، تطير عبر أرض مظلّلة بالّلون الأرجوانيّ، وجاء في السّيرة الذّاتيّة للحساب: "أب لأربعة رجال بالغين، لا يمكن أن أكون أكثر فخراً بعدم وجود نتف ثلج للأطفال"، تابعت كلا الحسابين، على أمل أن أقوم ببعض المشاركة.

في صفحة الحساب الرسمية الخاصة بـ "تروث سوشيال"، نصح مسؤولو الموقع المستخدمين بالتّحلّي بالصّبر حيث تستمرّ المنصّة في التّعامل مع قائمة الانتظار الخاصّة بها ومعالجة الأخطاء والتّناقضات التّقنيّة.

اقرأ أيضاً: تويتر تُدخل تحديثاً جديداً على سياستها.. هل سيمنع التنمّر؟

ويُعدّ الموقع المنتج الأبرز لمشروع ترامب التكنولوجيّ "مجموعة ترامب للإعلام والتّكنولوجيا"، التي تأسّست العام الماضي، كجزء من صفقة شركات استحواذ ذات أغراض خاصّة، بمبلغ 1 مليار دولار من مستثمرين لم يُكشف عنهم، وفقاً للشّركة "التي يقال إنّها قيد التّحقيق الآن من قِبل المشّرعين الفيدراليّين".

صفحة "تروث سوشيال" مليئة بالـ "ميمات": سيارة تنحرف عن الطّريق السّريع، بعيداً عن لافتة تقول "شركة تكنولوجيا كبرى" باتّجاه منحدر خروج مكتوب عليه "تروث سوشيال"، وبابان، أحدهما لتويتر ويعرض غرفة خالية، والآخر لـ "تروث سوشيال"، حيث يحاول عشرات الأشخاص الدّخول، لكن من الدّاخل يبدو "تروث سوشيال" فارغاً.

المحادثة المُختَلقة

يبدو أنّ المحادثة الأكثر نشاطاً على الموقع هي المحادثة المُختَلقة تماماً التي ظهرت في نماذج ما قبل الإطلاق.

في الصّور المتوافرة في متجر تطبيقات آبل، يظهر حساب يُسمّى جاك في مراسلة مع رجل يدعى ريك، ​​مجرياً محادثة على شاكلة "إلى أيّ مكان في العالم تفضّل الذّهاب؟ لن تصدّق كم هي جميلة جامايكا"، يُظهر نموذج مختلق آخر، موضحاً ميزة الرّسائل المباشرة التي لم يُكشف عنها بعد، جاك وهو يطلب من امرأة تدعى جين أن تطلب من فريق الإشراف في "تروث سوشيال" إزالة حساب مسيء. تردّ جين: "هل أنت متأكد من أنّك تريد أن تفعل ذلك؟ أعني أنّ فرض رقابة على هذا المحتوى يُعدّ شيئاً كبيراً، بمثابة تجاوز... أليس كذلك؟"، في هذا النّموذج المختلق، يردّ جاك "وربما الإشارة هنا إلى مؤسّس تويتر، جاك دورسي": "فقط امسحوا هذا المحتوى!"، مع رمز تعبيريّ غاضب أحمر الوجه.

صفحة "تروث سوشيال" مليئة بالـ "ميمات"

ما كان من المفترض أن يوضّحه النّموذج، تجربة مستخدم خالية من الرّقابة، أو الاعتدال الآمن، غير واضح. لكن على الموقع كان هناك تفاعل ضئيل بين المستخدمين، تضمّن منشور من نيونز ينصح "بيوم آخر مع انضمام المزيد من الأشخاص إلى المنصّة" 149 ردّاً، بما في ذلك رسائل تشجيع.

 قال أحد المستخدمين: "اجعل وسائل التّواصل الاجتماعيّ عظيمة مرّة أخرى!"، وقال آخر: "إنّ الموقع بالفعل أفضل من تويتر إذا كان بإمكان أيّ شخص قراءة هذه الرّسالة!".

اقرأ أيضاً: تويتر يضع حداً لممارسات إيران.. ما القصة؟

يبدو أنّ دان سكافينو، نائب رئيس الأركان السّابق لترامب، هو أحد أكثر المستخدمين نشاطاً على الموقع، حيث نشر 74 حقيقة، وحسابه في ازدياد، في الجزء السّفليّ من صفحته، يُظهر أوّل منشور له على الموقع، والذي نُشر قبل حوالي أسبوعين، صورة لموجة حمراء دمويّة تتساقط بعنف على البحر، فوق صفّ من الرّموز التّعبيريّة، قلب أحمر، وقلب أبيض، وقلب أزرق، والعلم الأمريكيّ، ونسر طائر، كتب سكافينو: "هناك كثيرون منّا، أكثر ممّا هناك الكثير منهم!".

في حوالي العاشرة صباحاً، كتبت "حقيقتي" الأولى: "هل من أحد هناك؟"،

وبحلول نهاية اليوم، لم يردّ أحد.

المصدر:

روبي كرامر، بوليتيكو، 5 آذار (مارس) 2022

https://www.politico.com/news/magazine/2022/03/05/truth-social-emptiness-donald-trump-00014355




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية