الهجمات أمريكية.. الأهداف إيرانية.. القتلى عراقيون

الهجمات أمريكية.. الأهداف إيرانية.. القتلى عراقيون


30/06/2021

فاروق يوسف

أيحق لنا أن نصف أفراد الحشد الشعبي بأنهم عراقيون؟

هم بالتأكيد عراقيون سابقون. فقراء، أميون، جياع، محرومون. لم يتحروا عن أسباب فقرهم وحرمانهم وجوع عوائلهم. ليس لديهم ما يؤهلهم عقليا للقيام بذلك. كل الأبواب كانت مغلقة أمامهم. إذاً خذ بندقية واقتل. لم يكن الهدف هو العدو. أين يقع ذلك العدو؟ ذلك ما تقرره إيران.

اما حين يُقتل فرد من أفراد تلك الفصائل المسلحة فإنه يذهب إلى العدم. كما لو أنه لم يكن. يتم محوه ونسيانه. المعاق نتيجة للعمليات العسكرية هو أشبه بالميت. الحشد الشعبي يتألف من عصابات لا إنسانية ولا أخلاقية. جوهر وجودها يقوم على لا إنسانيتها ولا أخلاقيتها. كذبة دفاع إيران عن نفسها لا تنطلي على أحد. اما حماية الأضرحة الدينية وهي قبور غير مؤكدة تاريخيا فإنها أسوأ من سابقتها. فتلك القبور كانت موجودة دائما ولم يهدمها إلا الغزاة.

يبقى الغرض الطائفي واضحا. تطهير وتهجير من أجل تغيير الطابع الديمغرافي في مناطق بعينها. إحلال شعب محل شعب آخر. هذا بالضبط ما فعلته فصائل الحشد الشعبي في العراق. ما فعله حزب الله اللبناني في سوريا. جريمة ستكون المقاومة غطاءها البارد الذي يتم تسخينه بين حين وآخر.   

تحول عراقيون سابقون بسبب ولائهم العقائدي لإيران إلى قتلة ومجرمين ولصوص ونصابين وقطاع طرق. لا يجمع بينهم شيء إلا رذيلة خيانة شعبهم. الدفاع عن المذهب وحمايته والاخلاص له، كلها تفسيرات يجب أن لا تٌستعمل لتبرير الجريمة.

في لقاء تلفزيوني يصرح زعيم أحد الفصائل بأنه لو قامت حرب بين ألعراق وإيران فإنه سيقاتل في الجانب الإيراني. كلام يدعو إلى الاشمئزاز. رائحة الخيانة نتنة. ولكن ما قاله ذلك المجرم يمكن أن يقوله أي من رفاقه. هناك مسعى إيراني لتطبيع الخيانة. شعب من الخونة. مصير أسود. شعب يقتل بعضه البعض الآخر. الخيانة مقابل الوطنية. الفساد مقابل النزاهة. الحرب في مواجهة السلام.

منذ الغزو الأميركي والعراق يعيش حالة حرب لا تنقطع. أكثر من ثمانية عشرة سنة والحرب تغير أشكالها وتفتح جبهاتها واحدة تلو الأخرى. لا وقت إلا للقتل والدمار والتخريب والتهجير والابتزاز والمساومة والخطف. تبخرت مئات المليارات من الدولارات ولم تبن مدرسة او مستشفى أو مكتبة أو مسرح ولم تُشق طريق بل فقد العراق كل ما كان يملكه. فككت معامله وبُيعت. قُطع الماء عن مزارعه فتحولت إلى أراض بور. انهار قطاعا التعليم والصحة وباتت المناصب الحكومية تُباع وتُشترى. ولم يعد الوزير موظفا رسميا بل هو أداة لواحدة من الميليشيات التي رشحته لمنصبه ليتولى الاشراف على عملية نهب المال العام لصالحها. وكانت الحرب ضرورية لكي لا يطالب الشعب بالخدمات.

من يظن أن الولايات المتحدة غير راضية عن الاستراتيجية الإيرانية في العراق فهو واهم. لم تفعل الدولة التي غزت العراق بجيوشها العظمى وأسلحتها الفتاكة شيئا يكشف عن موقف إيجابي يمكن أن يفتح بابا للأمل أمام الشعب العراقي.      

لقد أشرفت الولايات المتحدة على ادخال الميليشيات القادمة من إيران إلى العراق من خلال فتح حدوده الشرقية وحين كان مقتدى الصدر يؤسس جيش المهدي فإنه كان يفعل ذلك تحت أعين الأميركان ولم تكن رعاية الحرس الثوري الإيراني لعدد من الفصائل وتمويلها كما هو الحال مع فيلق بدر يتم خفية. كان القادة العسكريون الأميركان يستقبلون زعماء الميليشيات ولم يحظ رئيس وزراء عراقي بالدعم الأميركي الذي حُظي به نوري المالكي وهو المعروف أميركيا بأنه الأشد طائفية والأكثر ميلا إلى العنف من بين كل الأشخاص الذين اختارتهم الولايات المتحدة لتمثيل الشيعة في مشروعها القائم على تفتيت الوطنية العراقية وتفكيك العراق.

نوري المالكي المرضي عنه أميركياً هو المسؤول عن سقوط ثلثي العراق في قبضة التنظيم الإرهابي داعش غير أن الإدارات الأميركية التي حكمت بعد 2014 لم تدنه وظل عصيا على القانون. يحضر المالكي باعتباره زعيما مقاوما. مَن يقاوم ومن أجل أية قضية؟ نوري المالكي هو العقدة التي لو انتصر عليها العراقيون لنجحوا في تفكيك أسرار المتاهة التي مشوا فيها منذ أكثر من ثمانية عشرة سنة. الحرب التي اتفق الأميركان والإيرانيون على أن يكون العراق مساحتها.

يصفي الطرفان حساباتهما في العراق والعراق هو المجال الحيوي لحربهما المؤجلة. والحشد الشعبي ضروري للطرفين. ذلك لأن إيران تقاتل من خلاله وهو الهدف الذي تجده أميركا مناسبا للرد على العدوان الإيراني. وحين تُضرب معسكرات الحشد داخل الأراضي العراقية يشعر الطرفان بالراحة. تشعر القوة الكبرى في الكون أنها أدبت إيران أما إيران فإنها تزداد فخرا حين نجحت في أبعاد النار عن أراضيها من خلال تقديم عملائها حطبا لتلك النار.

ليست الولايات المتحدة جاهلة أن عدوها يمارس حربا بالوكالة وتعرف إنها حين تقصف الأراضي العراقية فإنها تقتل عراقيين غير أنها على يقين أن أولئك العراقيين كانوا عراقيين وأنهم في وضعهم الحالي انما يدافعون عن الجمهورية الإسلامية. هي تقتل إيرانيين. وهي من خلال ذلك الاعتبار لا تعتدي على العراق. أينما مضى الحشد الشعبي فإن إيران تمضي معه.

عن "ميدل إيست أونلاين"

الصفحة الرئيسية