هل يعيد الحشد الشعبي خريطة التحالفات لمواجهة تنظيم داعش؟

هل يعيد الحشد الشعبي خريطة التحالفات لمواجهة تنظيم داعش؟


03/06/2021

أثارت عودة عشرات العائلات العراقية التي يشتبه بارتباطها بتنظيم داعش الارهابي من مخيم الهول في سوريا إلى الموصل مخاوف في صفوف سكان المنطقة؛ إذ ما تزال ذكرى فظائع هذا التنظيم ماثلة في الأذهان.

وقد عبرت نحو 100 عائلة عراقية ليل الثلاثاء الماضي في جنح الظلام ووسط حراسة أمنية مشددة، من مخيم الهول في سوريا إلى العراق، لتستقر في مخيم الجدعة الواقع جنوب الموصل.

 

تنظيم داعش يستهدف الحشد الشعبي، والهيئة تستعد لشنّ الحرب وحيدة بعد تخفيض عدد القوات الأمريكية وطرد القوات الكردية من مناطق شمال العراق

 

وهي المرة الأولى التي يُعاد فيها نازحون عراقيون من الهول الذي يضم أكثر من 60 ألف شخص، بينهم أقارب لمقاتلين من تنظيم داعش، وفق ما أوردته شبكة "الحرّة".

 وقال مسؤول في الإدارة المحلية الكردية في شمال شرق سوريا: إنّ العملية نظّمت بموجب اتفاق بين بغداد والتحالف الدولي لمكافحة التنظيم الإرهابي الذي تقوده واشنطن، وتشكل "الموجة الأولى" على أن تليها دفعات أخرى.

وأعادت العملية إلى أذهان الكثير من سكان الموصل ذكرى فظائع تنظيم داعش الذي سيطر على المنطقة مدة تزيد عن 3 أعوام.

عودة عشرات العائلات العراقية التي يشتبه بارتباطها بتنظيم داعش الارهابي من مخيم الهول في سوريا إلى الموصل

مساعي الإفراج عن العائلات التي تتصل بشكل أو بآخر بتنظيم داعش وعودته إلى العراق تصطدم بطموحات ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية التي تتطلع للسيطرة على المناطق الغنية بالنفط وبالموارد الطبيعية، وتنبئ بحرب جديدة، لكن هذه المرّة سيكون الحشد الشعبي طرفاً فيها بعد أن دفعت القوى الشيعية نحو إخراج القوات الأمريكية التي تشارك بالحرب ضد تنظيم داعش من العراق، وبعد طرد القوات الكردية من شمال العراق، وهي المناطق التي يحتفظ بها التنظيم حتى الآن بخلايا نائمة.

اقرأ أيضاً: خطر "داعش" يخيّم من جديد على العراق

وفي سياق الحرب المستقبلية، كثف التنظيم الإرهابي من هجماته على الحشد الشعبي، فقد أعلنت هيئة الحشد في العراق عن تعرّض قواتها لهجوم من تنظيم "داعش" شمالي العاصمة بغداد.

وذكرت في بيان صحفي، نُشر أمس ونقلته وكالة "رويترز"، أنّ "هجوماً استهدف مقر فوج الطارمية التابع للحشد في القضاء بـ8 قنابر هاون".

 

عودة عشرات العائلات العراقية التي يشتبه بارتباطها بتنظيم داعش الإرهابي من مخيم الهول في سوريا إلى الموصل يثير مخاوف سكان المنطقة

 

وأضافت هيئة الحشد الشعبي أنّ "القنابر سقطت على مقر خلف الفوج وعند باب النظام"، مؤكدة أنّ التعرض "الإرهابي" لم يسفر عن سقوط ضحايا.

وفي الإطار ذاته، قُتل عنصران من الحشد الشعبي الشيعي، الأحد الموافق 9 أيار (مايو) الماضي، بهجوم شنه عناصر من تنظيم داعش استهدف حواجز أمنية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق.

اقرأ أيضاً: ما الذي تعنيه سيطرة داعش على معاقل بوكو حرام؟

وقال بيان للحشد الشعبي نقلته قناة السومرية: إنّ "عناصر من تنظيم داعش شنوا هجمات على حواجز أمنية تابعة للواء 315 في الحشد الشعبي شرقي مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، ما تسبب بمقتل 2، وإصابة 2 آخرين بجروح".

ووفق بيان ثانٍ للحشد الشعبي، فإنّ "قوات من ألوية 31 و51 و6، وقوات من وزارة الداخلية، بدأت عملية عسكرية من 5 محاور لتأمين المناطق الواقعة شمالي قضاء بيجي في شمال محافظة صلاح الدين، بهدف تأمين تلك المناطق من تواجد تنظيم داعش".

وفي الإطار ذاته، قتل 11 عنصراً من قوات الحشد الشعبي الشيعية أواخر كانون الثاني (يناير)، في كمين لتنظيم داعش شمال بغداد، وفق ما أفاد مصدر أمني في الحشد لوكالة "فرانس برس".

ونفذ الهجوم ليلاً بأسلحة خفيفة شرق مدينة تكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين، ويأتي بعد يومين من تفجيرين انتحاريين في قلب بغداد أسفرا عن مقتل 32 مدنياً، وقد تبناهما التنظيم المتطرف.

اقرأ أيضاً: الحشد وداعش عدوان في صداقة دائمة

وأصدر الحشد الشعبي آنذاك بياناً أعلن فيه التصدي "لتعرّض" نفذته مجاميع من عناصر تنظيم داعش في منطقة العيث بناحية حمرين شرقي صلاح الدين.

وأفاد صحفيون غربيون ووسائل إعلام محلية بأنّ الهجوم أسفر عن مقتل قائد بارز في اللواء 22 حشد شعبي التابع لمنظمة بدر، الموالية لطهران، خلال الهجوم.

التنظيم الإرهابي يكثف من هجماته على الحشد الشعبي في مناطق متعددة في العراق ويوقع قتلى وإصابات بالعشرات  

 

هذا، وشهد الأمن في مناطق شمال العراق تدهوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، حيث نجح تنظيم داعش في اغتيال عدد من المواطنين والجنود الأبرياء، وعليه؛ بدأ العديد من المراقبين العراقيين والأجانب في التحذير من التصعيد وعواقبه المحتملة في المستقبل.

ويدعو البعض إلى تطبيق نموذج أمني جديد لمنع تكرار آخر لاحتلال "داعش" الموصل، وأخيراً، يعدّ هذا تحدياً خطيراً وناشئاً لحكومة الكاظمي، وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: صعود داعش في أفغانستان.. ما علاقة الانسحاب الأمريكي؟

من الناحية الجغرافية، تُعدّ المنطقة المعنية استراتيجية للغاية لأسباب عديدة؛ فهي تشكل شريطاً يمتد من الحدود العراقية - السورية إلى الحدود العراقية – الإيرانية، هذه المنطقة التي يبلغ طولها 100 كيلومتر ومساحتها نحو 37000 كيلومتر مربع، فيها مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة، وتقع كركوك، المحافظة الغنية بالنفط، في قلب هذه المنطقة. علاوة على ذلك؛ تشكل المنطقة جسراً برياً يربط إقليم كردستان العراق بالأجزاء العربية الأخرى من هذا البلد، وبالإضافة إلى كركوك، تضم المنطقة أيضاً محافظات حيوية أخرى: نينوى وصلاح الدين وديالى وواسط، وقد عاشت مجموعات مختلفة من الإثنيات هناك منذ قرون، وبحسب السلطات الكردية يعيش الآن نحو 1.2 مليون كردي في تلك الأجزاء من العراق.

من ناحيتها، تؤكد المجموعات العربية أنها الأغلبية في المنطقة، وأوضحت بعض القبائل العربية أنها مستعدة للقتال من أجل منع الأكراد من ضم المدينة رسمياً إلى منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي.

لقد تغير الوضع الجيوسياسي في هذه المنطقة بشكل كبير منذ أيلول (سبتمبر) 2017؛ إذ سبق للمقاتلين الأكراد (البيشمركة) أن رسّخوا وجودهم في أجزاء كثيرة من المنطقة، لكن عندما مضى الأكراد قدماً في استفتاء الاستقلال الفاشل، انتهز رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الفرصة وتمكن من إخراج المقاتلين الأكراد من كركوك والأجزاء الأخرى من المناطق الشمالية المتنازع عليها. وحالياً تحرس قوات "الحشد الشعبي" إلى جانب الفصائل العراقية الأخرى المنطقة، ومع ذلك، هناك نوع من "فراغ" بينهم وبين المقاتلين الأكراد الذين استسلموا منذ ذلك الحين لإقليم كردستان العراق.

اقرأ أيضاً: مذكرات منشق داعشي.. ماذا جاء فيها؟

لقد نجح عناصر تنظيم داعش في استغلال هذا الوضع لمصلحتهم... الآن أصبحت خلاياهم النائمة نشطة وتعرّض أمن المنطقة بأكملها للخطر، ولمعالجة المشكلة، عقد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤخراً اجتماعاً مع قادة من الجيش العراقي والبيشمركة، وأكد أنه لا بدّ من إنشاء غرفة عمليات مشتركة لتسهيل التعاون والتنسيق العسكري، ومع ذلك، لم يتم تحديد موعد البدء في هذه الخطوة بعد، وبالتالي يخشى الأكراد من أنّ الحكومة قد تتراجع عن الصفقة، وتتفاقم هذه المخاوف أكثر من خلال احتمال ألّا تكون هذه الحكومة في السلطة بعد 5 أشهر من الآن.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: أبو ولاء العراقي روج لداعش في ألمانيا.. تفاصيل

ويقول الأكراد: إنّ قوات "الحشد الشعبي" ترفض السماح لقوات البيشمركة الكردية بالعودة إلى المناطق المتنازع عليها، وهي تضغط على رئيس الوزراء لعدم تفعيل الغرفة المشتركة للعمليات العسكرية، علاوة على ذلك، يزعم العديد من القادة الشيعة أنه وفقاً للدستور، فإنّ الجيش الفيدرالي العراقي وقوات "الحشد الشعبي" هما القوات الوحيدة المصرّح لها بالوجود في المنطقة، خصوصاً في كركوك، وهذا بالطبع يمنع المقاتلين الأكراد من المشاركة في الآليات الأمنية في المنطقة؛ وبالتالي يجادل القادة الأكراد بأنّ الفراغ الأمني سيستمر.

وخلال الشهور الأخيرة زادت وتيرة هجمات مسلحين يشتبه بأنهم من "داعش"، لا سيّما في المنطقة بين كركوك وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق)، المعروفة باسم "مثلث الموت".

وأعلن العراق عام 2017 تحقيق النصر على "داعش" باستعادة كامل أراضيه، التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها التنظيم صيف 2014.

إلا أنّ التنظيم الإرهابي ما يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالعراق، ويشنّ هجمات بين فترة وأخرى. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية