اعتبر نشطاء ومراقبون أمميون أنّ ما يجري في الغوطة الشرقية بدمشق يرقى إلى عملية "إبادة"؛ حيث أبلغوا وسائلَ إعلام دولية أنّ "نظام بشار الأسد قصف الأحياء السكنية في الغوطة الشرقية بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً" التي جعلت ليلها نهاراً.
وقالوا إنّ نظام الأسد وحلفاءه الروس يواصلون حملة "إبادة الغوطة". ويأتي "هجوم ميليشيات النظام على الغوطة الشرقية، إثر تداول وسائل إعلام موالية للنظام، قبل أيام مقاطع فيديو تظهر وصول تعزيزات عسكرية قادمة من أرياف حماة وإدلب إلى أطراف الغوطة الشرقية لاقتحامها"، كما أفادت قناة "أورينت" التلفزيونية.
ليبراسيون: القنابل المستخدمة في القصف تستطيع اختراق الملاجئ السفلية، والسكان وجدوا أمس أطفالاً وأمهاتهم تحت الأنقاض
وكان منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس، قال إن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية "لا يمكن تصوره، ويجب أن يتوقف حالاً"، في وقت "يخرج الوضع الإنساني عن السيطرة".
وأعربت الخارجيتان الأمريكية والفرنسية عن "القلق البالغ" جراء التصعيد في الغوطة الشرقية، وشاركهما التعبير عن "القلق البالغ" الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي حضّ جميع الأطراف على التزام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين.
موسكو ترفض هدنة إنسانية لشهر
وتتواصل المفاوضات في مجلس الأمن لإقرار "هدنة إنسانية" لمدة شهر، وهي الهدنة التي اعتبرتها موسكو "غير واقعية"، معطية بذلك دمشق الضوء الأخضر لمواصلة قصفها العنيف بالطائرات والمدفعية.
وقال دوجاريك إن "نحو 400 ألف شخص في الغوطة الشرقية قد تعرضوا لضربات جوية وقصف بالمدفعية".
وأضاف أنّ سكان الغوطة الشرقية، الذين تحاصرهم القوات النظامية السورية، "يعيشون في ظروف قاسية، بما في ذلك سوء التغذية".
الغوطة معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، والقوات الموالية للحكومة السورية والمدعومة من روسيا كثفت من جهودها لاستعادته
وأفادت تقارير بأنّ 250 شخصاً قتلوا خلال يومين فقط جراء قصف القوات الحكومية السورية في الغوطة الشرقية التي تعد، بحسب "بي بي سي"، آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق. وأنّ القوات الموالية للحكومة السورية والمدعومة من روسيا كثفت من جهودها لاستعادته.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان من مقره في بريطانيا أنّ "250 شخصاً على الأقل قتلوا جراء الضربات الجوية وقذائف المدفعية". وأكد أنّ هذا "أكبر عدد من القتلى يسقط في يومين منذ الهجوم الكيماوي في عام 2013 على المنطقة المحاصرة".
وشغلت الغوطة الشرقية وسائل الإعلام العالمية التي أفردت تغطيات عن قصف المنطقة، متحدثة عن أن الوضع أصبح "أبعد من الخيال".
الغوطة في عناوين الصحافة العالمية
صحيفة "الغارديان" البريطانية عنونت افتتاحيتها اليوم، الأربعاء 21 شباط، أنّ الغوطة أصبحت سربرنيتسا أخرى، وسط تجاهل من العالم.
وسربرنيتسا جيب مسلم في البوسنة تعرض لحصار وقصف من قبل الجيش الصربي عام 1995، وصنفت العمليات على أنها "إبادة جماعية".
وأوضحت الصحيفة أنه "مع كل طفل يموت وكل عملية من الأعمال الوحشية التي لا تميل إلى العقاب، الغوطة الشرقية تشبه إلى حد بعيد أسوأ جريمة ارتكبت على الأراضي الأوروبية منذ عام 1945. الغوطة تتحول إلى سربرنيتسا في سوريا".
تتكرر القضية اليوم في الغوطة التي تحاصرها قوات النظام السوري، فبينما أعلنت الأمم المتحدة سربرنيتسا منطقة آمنة عام 1993، لم يسمح بدخول المواد الغذائية والمساعدات، وكذلك أعلن عن الغوطة الشرقية منطقة لـ "تخفيف التوتر" وفق اتفاق أستانة العام الماضي، لكن بنوده لم تتطبق.
توقعت صحيفة "إندبندنت" أن يكون هذا آخر حصار في الحرب السورية، في وقت حذرت من هجوم بري قريب
ونقلت "الغارديان" وصحف عالمية أخرى، عبر مواقعها الإلكترونية، تسجيلات مصورة من الغوطة لما يسفر عنه القصف ولعمليات انتشال الضحايا والمصابين من تحت الأنقاض، من قبل "الدفاع المدني" السوري وجهود محلية أخرى.
وعنونت "ليبراسيون" الفرنسية "عندما يصبح ليل الغوطة نهاراً بسبب القصف"، وأوضحت، نقلاً عن سكان تحدثت إليهم عبر "واتساب"، أنّ القنابل المستخدمة في القصف تستطيع اختراق الملاجئ السفلية، وأنهم وجدوا أمس أطفالاً وأمهاتهم تحت الأنقاض.
صحيفة "دير شبيغل" الألمانية كانت أكثر تشاؤماً، وعنونت "إذا كنت تبكي للحصول على مساعدة، لن يسمعك أحد". وقالت: منذ أشهر لا تكاد توجد أية إمدادت، هناك نقص في الأغذية والأدوية والمحروقات، مؤكدة أنّ أكثر من 350 ألفاً محاصرون من قبل القوات الحكومية.
وحملت الصحيفة روسيا مسؤولية عدم الوصول إلى وقف إطلاق النار، مستندة إلى مثال حلب نهاية العام الماضي، حين حاصرت قوات الأسد أحياءها الشرقية وبدأت قصفها بغطاء روسي حتى وصلت إلى اتفاقية أخلت من خلالها السكان والمقاتلين.
تكرار سيناريو حلب
وكان الحديث عن تكرار سيناريو مدينة حلب في الغوطة هو ما لوح به وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الإثنين الماضي.
وتوقعت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن يكون هذا آخر حصار في الحرب السورية، وفي وقت حذرت من هجوم بري قريب، لم تستبعد اتفاقاً لإخلاء المحاصرين على غرار سيناريو حلب.
وكان النظام السوري اعتمد سياسة الحصار والتجويع والقصف في أكثر من منطقة سورية، أبرزها داريا والزبداني، ووادي بردى، وأحياء حلب، وهي مناطق استعاد السيطرة عليها.
فيديو عن قصف الغوطة الشرقية من (فرانس 24):