المقداد يخرج عن صمته ويُعلق على تقارير التقارب التركي السوري... ما موقف بلاده؟

المقداد يخرج عن صمته ويُعلق على تقارير التقارب التركي السوري... ما موقف بلاده؟

المقداد يخرج عن صمته ويُعلق على تقارير التقارب التركي السوري... ما موقف بلاده؟


25/09/2022

بعدما أدلى المسؤولون الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتصريحات تعكس محاولات تركية لحوحة للتقارب مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أكد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أنّ بلاده لا تجري في الوقت الراهن أيّ مفاوضات مع تركيا حول تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة.

وشدّد المقداد، في تصريحات نقلتها "روسيا اليوم"، على أنّ عدم التزام تركيا يُعدّ عقبة تعيق التسوية في سوريا بموجب اتفاقات أستانا، لافتاً إلى أنّ هذه الاتفاقات تمثل الإطار الوحيد القابل للتطبيق لحل الأزمة السورية.

في الوقت نفسه، نفى كبير مستشاري الرئيس التركي إلنور شفيق، في مقابلة خاصة مع "سكاي نيوز عربية" وجود تقارب بين بلاده وسوريا، لافتاً في الوقت ذاته إلى وقائع جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار والتعايش معها.

أكد المقداد أنّ بلاده لا تجري في الوقت الراهن أيّ مفاوضات مع تركيا حول تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة

وتعكس تصريحات كلا المسؤولين، السوري والتركي، مدى الصعوبة التي تواجه مسار التقارب بين تركيا وسوريا، ممّا شكل صدمة لدى المراقبين حول الدعوة إلى المصالحة بين النظام السوري ومعارضيه، والاتصال مع دمشق لدفع مخططات خارجية تهدد الأمن القومي لتركيا، على حدّ قول "النهار العربي".

 تفاؤل نسبي

سادت الأسبوع الماضي أجواء من التفاؤل النسبي بعد تسريب معلومات عن زيارة قام بها هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية إلى دمشق استغرقت يومين، اجتمع خلالها مع رئيس الاستخبارات السورية اللواء علي مملوك، وتبادل خلالها الطرفان المطالب والشروط لوضع خارطة طريق للانتقال بالاتصالات بين البلدين من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي، وفقاً لـ"النهار العربي".

والتقطت موسكو الإشارة التي بعث بها أردوغان حول رغبته بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن استعدادها للعمل على "تهيئة الأجواء" من أجل عقد لقاء بين وزيري خارجية سوريا وتركيا، داعية إلى "تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة"، ممّا دفع صحيفة "الوطن" السورية المقربة من الحكومة إلى توقع الانتقال من المفاوضات الأمنية إلى السياسية خلال "وقت ليس ببعيد" نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية، ولكن سرعان ما بدأت بوادر التشاؤم تسود، والتي كان أوّلها "إلغاء أو تأجيل" زيارة كان رئيس حزب الوطن التركي دوغو برينجك يعتزم القيام بها إلى دمشق، حيث ذكرت سائل إعلام تركية تصريحات تلفزيونية لـ"برينجك"، أفاد فيها بأنّ زيارته التي أعلن عنها في وقت سابق إلى دمشق "أُجلت" لفترة من الوقت، وذلك بناءً على طلب النظام السوري.

نفى كبير مستشاري الرئيس التركي وجود تقارب مع سوريا، لافتاً إلى وقائع جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار والتعايش معها

وأشار "برينجك" إلى أنّ النظام السوري طلب تأجيل الزيارة بسبب التزام بشار الأسد ببعض الزيارات الدولية في الفترة المقبلة، موضحاً: "قالوا نريدك أن تلتقي بشار الأسد، إلا أنّ جدوله مكتظ بالرحلات الدولية، ولهذا السبب أجلنا زيارتنا لسوريا بناء على طلبهم".

واتهم برينجك حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالوقوف وراء إلغاء الزيارة، واصفاً إياه بالجناح الأمريكي، وأنّهم قالوا للحكومة السورية: "لا تقابلوا دوغو برينجك قبل أن تقابلونا، اجتمعوا بنا قبل أن تجتمعوا به".

وإذا صحّ ما قاله برينجك حول تبرير دمشق لتأجيل زيارته وربط ذلك بانشغال الرئيس السوري بزيارات دولية، يكون من الواضح أنّ الدبلوماسية السورية "تتهّرب" من هذه الزيارة، إمّا لأنّها تأتي في توقيت لا يلبي مصالحها، وإمّا لأنّها تريد إيصال رسالة إلى أطراف عدة مفادها أنّها غير مستعجلة لأنّ الوقت يسير في صالحها. إذ من الواضح أنّه برغم بعض الاختراقات التي طرأت على طوق العزلة السياسية التي تعاني منها دمشق منذ اندلاع الأزمة فيها عام 2011، بقيت زيارات الرئيس السوري إلى الخارج ضمن نطاق محدود للغاية.

وتضافر تأجيل الزيارة مع معطيات تشير إلى أنّ اجتماعات القادة الأمنيين لم تستطع أن تستكمل وضع خارطة الطريق التي يفترض أن ترسم مسارات التقارب بين الطرفين ومستوياتها وتوقيتاتها، أو أنّ بعض ما اتُّفق عليه ليكون بنداً في خارطة الطريق قد تعرّض لسوء فهم أو اختلاف في التفسير بين الجانبين، وقد تبدّى ذلك من خلال صدور تصريحات متبادلة من مسؤولين سوريين وأتراك تنفي احتمال حدوث لقاء سياسي بين مسؤولي البلدين.

وكانت تسريبات قد انتشرت حول إمكان عقد "اجتماع سرّي" بين وفد الائتلاف السوري المعارض ووفد الحكومة السورية إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الـ 77 للجمعية العمومية للأمم المتحدة.

واستندت التسريبات على محضر اجتماع بين الائتلاف السوري المعارض مع الجانب التركي جاء فيه أنّ الروس طلبوا عقد لقاء سرّي بين وفد الائتلاف والحكومة السورية برئاسة وزير الخارجية  فيصل المقداد في السفارة الروسية بواشنطن. ووفق المحضر، فإنّ الجانب التركي عرض فكرة أن يكون الاجتماع في السفارة التركية في واشنطن، وذلك للتقليل من مخاوف وفد المعارضة.

واستبعد مراقبون سوريون حدوث ما يجري تداوله في هذه التسريبات استناداً إلى مواقف دمشق السابقة حول عدم رغبتها في إجراء لقاءات مباشرة مع مؤسسات المعارضة، مشيرين إلى أنّه حتى في اجتماعات اللجنة الدستورية تتحفظ دمشق على تبعية الوفد المشارك برئاسة الدكتور أحمد الكزبري لها، إذ غالباً ما تصفه بأنّه "الوفد المدعوم من الحكومة السورية" وليس "وفد الحكومة السورية"، وذلك كي لا تلزم نفسها بما قد يترتب على اللقاءات المباشرة من دلائل سياسية متصلة بالاعتراف السياسي أو الشرعية، فإذا كان الحال كذلك مع وفد غير رسمي، فلا يعقل أن تقبل دمشق أن يعقد وزير خارجيتها أيّ لقاء مع أيّ طرف معارض.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية