اللاجئون السوريون رهينة المزاج السياسي... هل استخدمهم أردوغان للتعتيم على فساد مالي؟

اللاجئون السوريون رهينة المزاج السياسي... هل استخدمهم أردوغان للتعتيم على فساد مالي؟


24/04/2022

بعد أعوام من عمليات فرز للاجئين السوريين على أساس الموالاة والمعارضة لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم والرئيس رجب طيب أردوغان، الذي وظّف ورقة اللاجئين السوريين لصالحه في انتخابات 2014 بتجنيس بعضهم لاستغلال أصواتهم في الانتخابات، شهد موقف أردوغان من اللاجئين السوريين تغيراً جذرياً، حيث بنى الرئيس التركي جانباً كبيراً من دعاياته الانتخابية "البروباغندا" على أكاذيب تتعلق بلاجئي سوريا وتشعل الكراهية ضدهم، بعدما شعر أنّ أصوات السوريين المجنسين قد تفوز بها المعارضة التركية، ولا سيّما في ضوء التمييز والظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها بعض السوريين في تركيا سواء من المجنسين أو غير المجنسين.

قد يفسّر هذا التغير منشور خالد خوجة، الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث كشف أنّ "زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو يفند ادّعاء الرئيس أردوغان الذي تزامن مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت تركيا منذ 2018 بأنّه صرف على اللاجئين السوريين مبلغ (40) مليار دولار، ويوضح أنّه لو كان الأمر كذلك، لكان كل سوريّ يمتلك خاناً، بينما الحال أنّ السوري يعمل مقابل نصف الحد الأدنى من الأجور".

وكان الرئيس التركي قد زعم في 13 أيلول (سبتمبر) 2019 أنّ "تركيا أنفقت (40) مليار دولار حتى الآن لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين في البلاد"، غير أنّ زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو ردّ عليه في تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه بتوجيه اتهامات بالفساد وسرقة الأموال المخصصة للاجئين السوريين.

وظّف أردوغان ورقة اللاجئين السوريين لصالحه في انتخابات 2014 بتجنيس بعضهم لاستغلال أصواتهم

وقال أوغلو: "أنفق (40) مليار دولار، وفقاً لتصريحات السلطة الحاكمة، على (3.5) مليون سوريّ، لماذا تم إنفاق (40) مليار دولار؟ لمن أُعطيت، وكم أُعطي؟، ولأيّ سوري أُعطي، وكم أُعطي؟ نحن لا نعلم هذا"، مضيفاً: "أيضاً لا نعلم هل رقم (40) مليار دولار صحيح أم لا، ونسأل من أجل ماذا أنفقتم تلك الأموال، وعلى أيّ مخيم أنفقتموها؟ يوجد (3) ملايين و(600) ألف سوري، ومن الممكن إيجاد منزل لكلّ سوري منهم بـ (40) مليار دولار، وإلى أين ذهبت تلك الأموال؟ نحن لا نعلم ذلك."

 

شهد موقف أردوغان من اللاجئين السوريين تغيراً جذرياً، حيث بنى جانباً كبيراً من دعاياته الانتخابية على أكاذيب تتعلق بلاجئي سوريا

 

واللافت أنّ رقم الـ(40) مليار دولار ظلّ ثابتاً في تصريحات أردوغان في المحافل الدولية، رغم مرور نحو (3) أشهر في 2019، فقد أدلى بالتصريح نفسه أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول في 9 كانون الأول (ديسمبر) 2019، وأمام المنتدى العالمي للاجئين في جنيف في 17 من الشهر نفسه. وجاءت تصريحاته قبل وبعد العملية العسكرية "نبع السلام" واحتلال تركيا للأراضي السورية "تل أبيض" و"رأس العين"، ممّا أثار الشكوك حول لجوء أردوغان لقارب الإنفاق على اللاجئين السوريين لتخفيف حدة الانتقادات التي تعرّض لها على خلفية انتهاك السيادة السورية واحتلال أراضيها.

وفي تفنيد جديد لتصريحات أردوغان، نقل موقع "عفرين بوست" عن وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية زهراء زمرد سلجوق قولها في آب (أغسطس) 2020: إنّ كافة المساعدات المقدمة للسوريين مموّلة من قبل الاتحاد الأوروبي، ولم تنفق تركيا شيئاً من الموارد المالية المخصصة للمواطنين، الحقيقة التي لم تظهر إلا بعد اتهامات كالتها الأحزاب التركية المعارضة لنظام أردوغان باستنزاف الخزينة التركية في سبيل دعم اللاجئين السوريين.

 السوريون بين الترحيل والتجنيس

يعيش اللاجئون السوريون في تركيا رهينة المزاج السياسي للنظام والمعارضة، فقد أشار خوجة إلى أنّ "تفنيد كليجدار أوغلو أتى متأخراً، ولكنّه مهم حيث وفر أردوغان مادة لحملات الكراهية ضد السوريين على مدى أعوام، ممّا ساعد في الإيحاء بأنّ فوز المعارضة ليس في صالح اللاجئين أو المتجنسين. لكن يبدو الآن أنّ الحسابات بدأت تتغير؛ تصريحات أردوغان وحليفه بهجلي في الآونة الأخيرة بنيّة الحكومة إعادة توطين اللاجئين في الأراضي السورية أخذ يقابلها طراوة في موقف المعارضة الرئيسية".

 

زعيم المعارضة التركية يفند ادّعاء أردوغان، الذي تزامن مع الأزمة الاقتصادية منذ 2018، بأنّه صرف على اللاجئين السوريين (40) مليار دولار

 

ولفت خوجة، وهو سوري من أصل تركي وزعيم سابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إلى أنّ إدارة الهجرة التركية تقوم بترحيل أيّ سوري شارك في مخالفة قانونية أو عراك، حتى في حال برّأته المحكمة.

وفي 14 نيسان (أبريل) الجاري، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ترحيل أكثر من (19) ألف سوري تمّ ترحيلهم من تركيا منذ 2016 بزعم انتهاكهم القانون والنظام، وفقاً لصحيفة "حرييت" التركية.

وكان كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري قد فاجأ الأوساط السياسية التركية والسوريين في 11 نيسان (أبريل) الجاري بموقف غير متوقع ومقاربة جديدة لقضية اللاجئين السوريين ووعد بتقديم المساعدات.

 لعبة الكراسي الموسيقية

في ما يشبه لعبة الكراسي الموسيقية، تتبادل المعارضة التركية ونظام أردوغان الأدوار، حيث تحولت قضية اللاجئين السوريين من ورقة في يد أردوغان إلى يد المعارضة، فقد نقل موقع "عفرين بوست" عن حزب الشعب الجمهوري، الذي يقود "تحالف الأمّة" المعارض، قوله: إنّه أنشأ حملات لمساعدة اللاجئين السوريين في عدة مدن تركية.

 كافة المساعدات المقدمة للسوريين مموّلة من قبل الاتحاد الأوروبي، ولم تنفق تركيا شيئاً من الموارد المالية المخصصة للمواطنين

وبعدما تعهد زعيم الحزب، في كانون الثاني (يناير) الماضي، بإعادة إرسال اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وعد الحزب بمنح السوريين الجنسية المزدوجة في حال فوزه، على حدّ قول "عفرين بوست".

 سوري ولكن مستثمر

في حين يلجأ أردوغان، الذي أنهكت سياساته وإنفاقه على العمليات العسكرية غير الشرعية في دول الجوار العربية ومن بينها سوريا والعراق، إلى الادّعاء باستمرار بأنّ حجم الإنفاق على قضية اللاجئين السوريين "كبير"، ويتباكى في المواقع الموالية له بأنّ "المجتمع الدولي تخلى عنّا"، فإنّه يتغافل عن عمد حجم الاستثمارات السورية في تركيا، ففي تموز (يوليو) 2019، أشار موقع "العربية نت" إلى اهتمام وسائل إعلام تركية بالمستثمرين السوريين ومجالات عملهم في تركيا، وفقاً لـ"عفرين بوست".

ونقل "عفرين بوست" عن تقارير إعلامية تركية قولها: إنّ عدد الشركات السورية في تركيا بلغ (15159) شركة، حتى شهر شباط (فبراير) 2019، وأنَّها تتصدّر قائمة الشركات الأجنبية المؤسسة بتركيا خلال الأعوام الأخيرة، وهذه المشاريع وفرت عشرات آلاف فرص العمل للسوريين وحتى الأتراك، وهذا عدا العمالة السورية الرخيصة بدون ضمانات قانونية ملزمة، وكذلك حملة الشهادات الجامعية الذين تمّ تجنيسهم للاستفادة من خبراتهم.

خوجة: تصريحات أردوغان وحليفه بهجلي بنيّة إعادة توطين اللاجئين في الأراضي السورية أخذ يقابلها طراوة في موقف المعارضة الرئيسية

 

وفي نيسان (أبريل) 2019، نقل موقع "عين على تركيا" عن زياد شمعون نائب رئيس جمعية رجال ورواد الأعمال السوريين "سياد" قوله: إنّ الجمعية تأسست مع (200) من رواد الأعمال السوريين بولاية غازي عنتاب، وأنَّ حجم الاستثمار بلغ نحو (1.5) مليار دولار، إلا أنّ الرقم ضئيلٌ جداً، والتقارير تتحدث عن أكثر من (10) مليارات دولار في عام 2014، فيما تواصل تهريب الرساميل السورية حتى اليوم.

تجدر الإشارة إلى أنّ مشاريع الاتحاد الأوروبي الموجهة للاجئين السوريين في تركيا تعود بالنفع على الأتراك بنسبة لا تقلّ عن 40% من المتدربين أو المستفيدين من المشروع.

وفي كانون الأول (ديسمبر) 2020، أعلن سفير الاتحاد الأوروبي في تركيا نيكولاس ماير لاندروت تخصيص مساعدات بقيمة (6) مليارات يورو لتركيا لدعم اللاجئين واستقبالهم، ممّا يشير إلى تناقض المسؤولين الأتراك، الذين يرفعون تارة سقف الدعم المقدّم للسوريين لابتزاز الاتحاد الأوروبي، والتهديد بفتح بوابات الهجرة وإغراق أوروبا بالمهاجرين، وتارة أخرى يخفضون السقف إلى أدنى الحدود لامتصاص سخط المعارضة والناخب التركي.

مواضيع ذات صلة:

بعد استخدامهم أعواماً ورقة ابتزاز مالي وسياسي.. تركيا تدير ظهرها للاجئين

إيران تعيد اللاجئين إلى جحيم طالبان وتركيا تكثف الإجراءات الأمنية على حدودها

هل تضطهد تركيا لاجئين مسيحيين من سوريا والعراق؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية