اتهمت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قاضياً محسوباً على "حركة النهضة" الإخوانية بـ"التواطؤ والتستر، وتعطيل سير التحقيقات في الاغتيالات السياسية" التي شهدتها تونس قبل أعوام، وفي عرقلة التحقيقات بما يتعلق بالغرفة السوداء.
وكشفت الهيئة في مؤتمر صحفي، عُقد أمس في العاصمة تونس، عن أنّ القاضي البشير العكرمي وهو أحد معلّقي التحقيقات التي تدين النهضة، ملاحق من القضاء العسكري بتُهمتي "الخيانة والتجسّس"، ومن القطب القضائي المالي والاقتصادي في جرائم فساد مالي، وفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.
وكانت السلطات قد أخضعت منذ تموز (يوليو) الماضي العكرمي إلى الإقامة الجبرية، وتتهم الهيئة العكرمي بتعطيل أعمال التنصت، التي كانت ستفضي إلى كشف حقائق عن جريمة اغتيال شكري بلعيد، وعن "الجهاز الأمني الموازي" الذي تُتهم "حركة النهضة" بإدارته، وعن الغرفة السوداء التي ضمّت كل الملفات التي تدير الحركة الإخوانية.
هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي تتهم بشير العكرمي بـالتواطؤ والتستر، وتعطيل سير التحقيقات في الاغتيالات السياسية في تونس
هيئة الدفاع اتهمت أيضاً المجلس الأعلى للقضاء بالتواطؤ، وهو المجلس الذي أعلن الرئيس قيس سعيد حلّه، وقالت إنّها تملك إثباتات موثقة حول فساد مالي، على خلفية التستر على معلومات وحقائق ومنع وصولها إلى القضاء.
وخلال المؤتمر الصحفي، الذي تضمّن كثيراً من الاتهامات لحركة النهضة، قال كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي: إنّه جرى تقديم شكوى بحقّ جميع القضاة الذين تسلموا ملف الجهاز السرّي لحركة النهضة؛ "لأنّهم تورطوا في حجب الحقيقة والتدخل في القضاء"، مبرزاً أنّ الهيئة تقدمت بشكوى قضائية في حق (26) شخصاً على علاقة بعمليات الاغتيال السياسي التي شهدتها تونس، لكنّ وكيل الجمهورية أحال للقضاء فقط (10) أشخاص، وجرى حفظ التهم في حقّ البقية، وعلى رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
وأضاف بوعلاق أنّ "الأخطبوط الذي يتحكم في القضاء، والذي تتحكم فيه (حركة النهضة)، هو من كان يقف وراء تكليف أحد القضاة بمحكمة أريانة ملف الاغتيال السياسي، وهو من عطل الملف"، على حدّ قوله.
وكان بوعلاق قد صرّح سابقاً بأنّ وزيرة العدل ليلى جفال قررت فتح بحث ضدّ وكيل الدولة العام لمحكمة الاستئناف، بعد رفضه فتح تحقيق قضائي حول "الجهاز السري" لحركة النهضة، متهماً يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بأنّه من يقف وراء هذا الرفض.
كثير بوعلاق: جرى تقديم شكوى بحقّ جميع القضاة الذين تسلموا ملف الجهاز السري لحركة النهضة، لأنّهم تورطوا في حجب الحقيقة والتدخل في القضاء
في السياق ذاته، أعلنت هيئة الدفاع أنّه قُدّمت شكوى ضدّ كل القضاة الذين لم يتخذوا أيّ إجراء في قضية "الجهاز السري" و"الغرفة السوداء" لحركة النهضة، وحرمان أعضاء هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي من حقهم في الولوج إلى القضاء، والكشف عن الحقيقة.
بدورها، أكدت فاتن مهناوي، عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، وجود (4) قضايا تحقيق ضد القاضي العكرمي، منها ما يتعلق بـ"التزوير المادي والمعنوي، وإتلاف وثائق، والمشاركة في القتل العمد"، إضافة إلى وجود متابعة من قبل القضاء العسكري، تتعلق بجرائم الخيانة والتجسّس، والمساهمة في وقف وتعطيل جميع أعمال التنصت التي "كانت ستكشف عن المتورطين في جرائم الاغتيالات" .
وأكدت مهناوي التقدم بقضية أمام القضاء بخصوص علاقة العكرمي بـ"الجهاز السرّي المالي" لرئيس حركة النهضة، متهمة العكرمي بـ"التخابر مع دول أجنبية"، وتلقي أموال منها، على حدّ قولها.
وتعود قضية الجهاز السري للنهضة إلى تشرين الأول (أكتوبر) عام 2018، عندما كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال البراهمي وبلعيد وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سرّي أمني موازٍ للدولة، متورط في اغتيال المعارضين، وفي ممارسة التجسّس، واختراق مؤسسات الدولة، وملاحقة خصوم الحزب، غير أنّ القضاء لم يحسم بعد في هذه القضية.