حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس.. هل هو بداية نهاية الأزمة؟

حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس.. هل هو بداية نهاية الأزمة؟


07/02/2022

أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بحلّ المجلس الأعلى للقضاء، على خلفية اتهامات بالتلاعب في ملفات قضايا الاغتيال والفساد، موجة من ردود الفعل المؤيدة والرافضة للقرار.

وقد قامت قوات الشرطة التونسية اليوم الإثنين بإغلاق أبواب المجلس بالأقفال الحديدية ومنع الموظفين من الدخول، إثر قرار رئيس الجمهورية بحلّه.

يأتي قرار حلّ المجلس وإغلاقه بعد يومين من تصريحات لسعيد، خلال زيارته لمقر وزارة الداخلية، حيث قال: إنّه تمّ "التلاعب بملف الشهيد شكري بلعيد من قبل بعض القضاة"، تزامناً مع الذكرى الـ9 لاغتيال بلعيد، أحد أبرز النشطاء المناهضين لجماعة الإخوان المسلمين، الذي قتل رمياً بالرصاص أمام منزله في 6 شباط (فبراير) في عام 2013، أي في عهد الإخوان.

اقرأ أيضاً: إشارات قوية من قيس سعيد إلى فتح ملفات حركة النهضة

مساء السبت، انتقد الرئيس التونسي خلال زيارته لمقر وزارة الداخلية، الهيئة القضائية، واتّهم عدداً من قضاتها ومستشاريها بالفساد والمحسوبية وتعطيل الإجراءات في عدة قضايا، بما في ذلك الاغتيالات السياسية.

هل المجلس دمى متحركة بيد الجماعة؟

في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية أمس الأحد قال سعيّد: "إنّ المجلس يخدم أطرافاً معيّنة بعيداً عن الصالح العام"، في إشارة إلى ولاء المجلس لجماعة الإخوان المسلمين.

 وأضاف سعيّد أنّ "هذا المجلس أصبحت تُباع فيه المناصب، بل يتمّ وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات".

 في الواقع، اتهامات سعيّد للمجلس الأعلى للقضاء بخدمة أطراف معيّنة بعيداً عن الصالح العام لم تأتِ من فراغ، فقد شهدت فترة حكم الإخوان المسلمين في تونس تغّول الجماعة، المصنفة إرهابية في بعض دول العالم، في الجهاز الإداري للدولة بفصل العديد من الموظفين بزعم أنّهم "فلول" لنظام زين العابدين بن علي، واستبدالهم بآخرين منتمين للجماعة.

 

قوات الشرطة التونسية تغلق أبواب المجلس الأعلى للقضاء بالأقفال، وتمنع دخول الموظفين بعد قرار رئاسي بحلّ المجلس

 

وفي تلك الفترة التي شهدت عمليات الاغتيال أيضاً، كانت حركة النهضة الإخوانية مهيمنة على وزارة العدل إلى جانب وزارة الداخلية خلال الفترة من منتصف 2012 إلى 2014، فقد قام نور الدين البحيري وزير العدل آنذاك بعزل أكثر من (80) قاضياً، ومكّن آخرين موالين للحركة، الأمر الذي وصفته المعارضة حينها بأنّه "مجزرة" في حق القضاة؛ ممّا أثار موجة من الاحتجاجات داخل تونس.

اقرأ أيضاً: تونس: البحيري يواجه تهماً جديدة تتعلق بالتعذيب والقتل.. وهذا ما قاله قيس سعيد

"ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة"، تلك كانت رسالة الرئيس التونس لمجلس القضاء الذي يتهمه سعيد بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين، وليس للصالح العام. وتعهد سعيد بإصدار مرسوم "قريباً" لتشكيل مجلس أعلى "مؤقت" للقضاء.

 قرار حلّ المجلس بين مؤيد ومعارض

مدفوعة باتهامات سعيّد للمجلس الأعلى للقضاء بالتلاعب في ملف قضية بلعيد، وملفات الاغتيالات التي حدثت في عهد الإخوان المسلمين، طالبت عدّة أحزاب ذات التوجه اليساري والاجتماعي، وعدّة مكوّنات من المجتمع المدني والمنظمات الوطنية، طالبت القضاء التونسي بضرورة الإسراع بالبتّ في ملف اغتيال "شكري بلعيد" السياسي والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (وطد).

واتهموا، خلال وقفة احتجاجية بساحة حقوق الإنسان بشارع محمد الخامس، جانباً من القضاء بالتستر على قضية اغتيال بلعيد، وكذلك محمد البراهمي أمين عام حزب التيار الشعبي، وتعطيل سير الملف. ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية لافتات تندد بالبطء في مسار القضية، التي اعتبروا أنّها ما تزال تراوح مكانها، مرددين شعارات ضدّ زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، تتهمه بالضلوع في عملية اغتيال بلعيد.

اقرأ أيضاً: عبير موسي تلوح بمقاضاة قيس سعيد... ما علاقة الإخوان؟

 وانتقدوا ما سمّوه "بقضاء وزير العدل السابق في فترة الترويكا، نور الدين البحيري"، الذي ما يزال، وفق اعتقادهم، "مؤثراً في القضاء وفي كشف حقيقة الاغتيالات".

 وعن موقفه من حلّ المجلس، أوضح الأمين العام لحزب "وطد" زياد الأخضر، في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية، أنّه لا يمكن الربط بين حلّ المجلس الأعلى للقضاء ومسار القضية، لافتاً إلى أنّ المجلس لم يلعب دوراً إيجابياً في مسار التقدم بكشف الحقيقة ومحاسبة الجناة.

 

الرئيس التونسي يقول: ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة، ويتعهد بإصدار مرسوم قريباً لتشكيل مجلس أعلى "مؤقت" للقضاء

 

 من جانبه، وصف عبيد البريكي أمين عام حركة "تونس للأمام"، في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية، قرار حلّ المجلس أنّه "جريء، ومستجيب لطبيعة المرحلة الحالية"، مؤكداً "وجود نافذة من القضاة قامت بتعطيل مسار القضائي الطبيعي والقانوني لملف الاغتيالات السياسية."

 على الجانب الآخر، أثار إعلان سعيد مخاوف بشأن سيادة القانون في تونس بعد أن استحوذ على كلّ السلطات تقريباً الصيف الماضي. وأعلنت أحزاب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الجمهوري" و"التيار الديمقراطي"، المجتمعة في إطار تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، في بيان مشترك  أمس، عن رفضها قرار حلّ المجلس، داعية سائر القضاة والأحزاب الديمقراطية والمنظمات المدنية إلى "التصدي لهذه المحاولة".

 وقد أعلنت جمعيّة القضاة رفضها الشديد للقرار، ولما سمّته "كلّ محاولات المساس بالسلطة القضائية وبالمجلس الأعلى للقضاء"، وزعمت جمعية القضاة الشبان أنّ "رئيس الجمهورية لا يملك أيّ سند قانوني لحلّ المجلس الأعلى للقضاء".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية