العلاقة القطرية الإخوانية: منصّات إعلامية ومراكز بحثية تخدم سياسات الدوحة

العلاقة القطرية الإخوانية: منصّات إعلامية ومراكز بحثية تخدم سياسات الدوحة


07/12/2020

بعد العام 2014؛ وصلت شبهات تمويل قطر لمنصّات إعلامية ومواقع إلكترونية تحريضية إلى ذروتها، ذلك أنّ قطر تعدّ نفسها مروّجة ووكيلة لأحداث "الربيع العربي"، فعارضت وهاجمت أيّ دولة عربية حاولت لعب دور إيجابي في علاج ما نتج عن هذه الأحداث، وركّزت من خلال منابر ومواقع إلكترونية مختلفة على مهاجمة أيّ خطاب يمسّ شركاءها من الإخوان المسلمين.
صحف ومواقع إلكترونية عديدة، تتوزّع مقارّها في دول عربية وغربية، إضافة إلى جمعيات إعلامية وأخرى تعمل تحت غطاء العمل الخيري، يديرها عرب من مختلف الجنسيات، ساهمت في دعم سياسات قطر والدفاع عنها، والترويج لخطاب الإخوان، ومنذ العام 2015 كشفت عدة ملفات رعتها قطر عن دعمها للإخوان حول العالم.
وتشكل اعترافات عبد الرحمن السويدي؛ الإماراتي المسؤول في تنظيم الإخوان السري في الإمارات، واحدة من أهم الأمثلة على دور قطر في تمويل ودعم التطرف.

ركزت قطر من خلال منابر ومواقع إلكترونية مختلفة على مهاجمة أي خطاب يمسّ شركاءها من الإخوان المسلمين

ويذكر تقرير نشرته صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية في شهر أيار (مايو) 2017 رأي خبير سابق في مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية  لم تذكر اسمه، يقول: "إنّ قطر ترفض فرض قوانين ضد تمويل الإرهاب، وتشكل مركزاً لمكاتب حركات إسلامية مثل طالبان"، كما تطرّق التقرير إلى وجود مسؤولين لحركات متطرفة في سورية وغيرها، "يقطنون في قطر ويحصلون على دعم ماليّ ولوجستيّ منها".

الدور القطري في تغذية العنف والتطرف

وفي العام 2017 أعلنت دول عربية، هي؛ السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، قطع علاقاتها مع قطر، بسبب "تهم دعم الإرهاب؛ إعلامياً ومادياً"، لكن قطر رفضت تلك التهم، ولم تستجب، وشنّت هجوماً مضادًّا على هذه الدول من خلال منصاتها الإعلامية؛ فبرزت مواقع عديدة حجبتها الدول الأربع، منها: العربي الجديد التي تعدّ حجراً أساساً انطلقت منه شبكة قطر الإعلامية بعد "الربيع العربي" على الإنترنت.
العربي الجديد؛ يشرف على سياستها التحريرية الفلسطينيّ عزمي بشارة، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، الذي عمل باحثاً في معهد "فان لير" الإسرائيلي للبحوث العام 1990، وهو يقيم اليوم في قطر، ويبدو مقرّباً من السلطة الحاكمة هناك، ولبشارة دورٌ رئيس في دعم سياسات قطر الخارجية، ودفعها للعب "دور أكبر من حجمها يقوم على التناقضات والتحريض" كما يشير الكاتب المصري محمد إسماعيل في مقالته المنشورة على موقع اليوم السابع بتاريخ 7 آذار (مارس) 2017.

قطر ترفض فرض قوانين ضد تمويل الإرهاب وتشكل مركزاً لمكاتب حركات إسلامية مثل طالبان

وفي كتابه الذي يحمل عنوان "تحت خط 48" المنشور العام 2016؛ يرى الكاتب الفلسطيني عادل سمارة أنّ الفكرة التي طرحها بشارة عام 1991م، وتتلخّص في "دفع التيارات الإسلامية إلى استلام الحكم السياسي لجعلها أكثر براغماتية"، قرّبته من حكم حركة حماس ومن حزب الله اللبناني المصنف كحركة إرهابية، وقد وافق هذا، في رأي سمارة، التوجهات القطرية التي منحت بشارة حاضنة لفكرته هذه، فيما قدم بشارة أفكاره القائمة على جمع المتناقضات ووضعها في خدمة الدوحة.

الأزمة الخليجية تفضح سياسات قطر
توظيف التناقضات والإسلام السياسي ممثّلاً بالإخوان، بدأ يتّضح- أكثر فأكثر- منذ بدء الأزمة الخليجية العام 2017؛ فبعد إعلان قطر على منبر الجزيرة أنّها تعاني "حصاراً غير قانوني" تكشفت منصات عديدة لتدافع عنها، منها؛ قناة الحوار الفضائية ومقرّها لندن، ويشرف عليها الكاتب الإسلامي المنتمي للإخوان أنس التكريتي؛ الذي يعدّ مهندس علاقات الإخوان في أوروبا، كما أنّه يتبنّى خطاب قناة الجزيرة في مقابلاته المتلفزة على قناة الحوار بمهاجمة دول الخليج التي تنتقد سياسات قطر الداعمة للتطرف.
كما ظهرت محطات فضائية أخرى، هي؛ شرق، مكملين، وطن، انطلقت إبّان سقوط حكم الإخواني محمد مرسي في مصر العام 2013، وأظهر محتواها- المرئيّ والمسموع- تحريضاً على الفوضى في مصر ودول عربية أخرى، إضافة إلى دعم مطلق للإخوان وسط شبهات واضحة حول تلقيها الدعم القطري، خاصّةً بعد ظهور تقرير نشرته (CNN) العام 2017، يحوي وثائق عن "خرق قطر للاتفاقيات مع السعودية والإمارات ودعمها الجماعات المتطرفة".

لعزمي بشارة دور رئيس في دعم سياسات قطر الخارجية ودفعها للعب دور أكبر من حجمها يقوم على التناقضات والتحريض

وعلى صعيد المنصّات الإلكترونية، هنالك موقع "هافينغتون بوست عربي"؛ الّذي يديره المدير السابق لشبكة قنوات الجزيرة وضاح خنفر، كذلك موقع "عربي 21"؛ الذي اعترف مديره فراس أبو هلال في العام 2017، من خلال تغريدة له على موقع تويتر، بأنّ الموقع "يتلقّى دعماً قطرياً"، ولا تنتهي القائمة بذكر مواقع أخرى، منها؛ نون بوست، وألترا صوت، وصفحات تواصل اجتماعي على موقع فيسبوك، مثل: "aj+  عربي وإنجليزي" و"ميدان"؛ التي يمكن رؤية دعمها لسياسات قطر التحريضية بوضوح، من خلال المحتوى الذي تنشره وتبثه، خاصّةً بعد تفاقم الأزمة الخليجية منذ حزيران (يونيو) 2017.
  ويعود عادل سمارة في كتابه "تحت خط 48" ليشير إلى الدور الذي أوكلته قطر إلى عزمي بشارة "في ترسيخ سياسة تحرير تخدم قطر من خلال هذه المواقع، ومراكز الأبحاث التابعة لها"، وحتى هذا اليوم، لم تعرض قطر أيّة مراجعة واضحة لسياساتها القائمة على توظيف الإخوان المسلمين وما يسمى "الربيع العربي"، لتكون شوكة في خاصرة دول عربية لفرض سياساتها الخارجية.

باتت مراكز مدعومة قطرياً في مرآة تقارير عربية وغربية عديدة غطاء لدعم جماعات مصنفة إرهابية في عدد من الدول

يذكر أنّ مراكز أبحاث مثل؛ معهد بروكنجز الدوحة، والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات؛ الذي يشرف عليه عزمي بشارة، إضافة إلى مركز بحوث الجزيرة، ومؤسّسة قرطبة التي حُظرت مؤخّراً ومقرّها لندن، كذلك مؤسسات، مثل: "قطر الخيرية" و"قطر للعمل التطوعي" وغيرها، باتت اليوم في مرآة تقارير عربية وغربية عديدة، غطاء لدعم جماعات إرهابية.
كتب ووثائق وتقارير وآراء عديدة تناولها هذا التقرير الموسع، أشارت إلى  دور شبكة الجزيرة الإعلامية، ومراكز بحوث قطرية ومؤسسات أخرى فيها، في دعم التطرف منذ بدء علاقة قطر مع الإخوان في خمسينيات القرن الماضي، في ظل حالة عربية تستدعي، بلا شك، رؤية عربية موحّدة لمكافحة العنف والتطرف.

الصفحة الرئيسية