العراق يدخل أطول فترة جمود سياسي في ظل صراع مفتوح بين أقطابه

العراق يدخل أطول فترة جمود سياسي في ظل صراع مفتوح بين أقطابه


28/07/2022

دخل العراق الأربعاء في أطول فترة جمود بعد انتخابات؛ إذ حال التناحر الداخلي، لاسيما بين التكتلات الشيعية والكردية، دون تشكيل حكومة، وسط مخاوف من انفجار الوضع خصوصا بعد أن عمد التيار الصدري إلى تحريك أنصاره.

وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر على إجراء انتخابات في أكتوبر لا يبدو أن المشرعين المكلفين باختيار رئيس للبلاد ورئيس للوزراء قد اقتربوا من الاتفاق على شيء، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ 290 يوما دون رئيس أو حكومة.

وكانت أطول مدة سابقة في عام 2010 عندما مر 289 يوما دون حكومة إلى أن تولى رئيس الوزراء نوري المالكي فترة ثانية في المنصب.

وتواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال. وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات جديدة.

وهذا الشلل السياسي ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.

ويقول العراقيون إن هذا الوضع يزيد من حدة نقص الخدمات والوظائف حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام ورغم أنها لم تشهد صراعات كبرى منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية قبل خمس سنوات.

وقال محمد محمد، وهو موظف متقاعد في القطاع العام عمره 68 عاما ويقطن مدينة الناصرية الجنوبية، “لا توجد حكومة فلا توجد موازنة، والشوارع مليئة بالحفر، والكهرباء والماء نادران، والرعاية الصحية والتعليم متداعيان”.

وأثارت نفس الظروف التي تحدث عنها محمد احتجاجات في بغداد وجنوب العراق في 2019. آنذاك طالب المتظاهرون برحيل الأحزاب التي كانت في السلطة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم صدام حسين واتهموها بالفساد الذي حال دون تقدم العراق. وقتلت قوات الأمن ورجال فصائل مسلحة المئات من المتظاهرين وتوقفت الاحتجاجات تدريجيا في عام 2020.

وتولى الكاظمي المسؤولية كمرشح توافقي إثر الاحتجاجات ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين وبانتخابات مبكرة أجراها في العاشر من أكتوبر الماضي. وفقد أغلب من خرجوا في مظاهرات سابقا الأمل في التغيير.

وقال علي الخيالي، وهو ناشط مناهض للحكومة شارك في المظاهرات، “ستتشكل الحكومة، أيا كانت، من أفراد وأحزاب شاركت في قتل أصدقائنا”.

وعادة ما يستغرق تشكيل حكومة في العراق أشهرا ويستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسية.

ومنذ الإطاحة بحكم الراحل صدام حسين، تحتفظ الأحزاب الشيعية التي تمثل الأغلبية السكانية في العراق بمنصب رئيس الوزراء ويتولى الأكراد رئاسة البلاد والسنة رئاسة البرلمان.

وأطال تزايد الانقسامات بين هذه الكتل أمد عملية تشكيل الحكومة بشكل استثنائي هذه المرة.

وفي المعسكر الشيعي سحب رجل الدين مقتدى الصدر، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر، نوابه البالغ عددهم 74 نائبا من البرلمان الشهر الماضي بعدما فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة وأغلبهم مدعومون من إيران، ولديه أجنحة مسلحة تسليحا جيّدا.

وبهذا الانسحاب ترك الصدر العشرات من هذه المقاعد لمنافسيه، لكنه أشار إلى أنه لن يقف صامتا هو وفصيله وقاعدته الشعبية التي تضم الملايين إن هم حاولوا تشكيل حكومة لا يوافق عليها.

وهدم بضع مئات من أنصار الصدر حاجزا خرسانيا ودخلوا المنطقة الخضراء التي تضم مباني حكومية الأربعاء. ولم تقع اشتباكات لكن قوات الأمن استخدمت خراطيم المياه لتفريقهم.

وحال الصدر فعليا هذا الشهر دون ترشيح منافسه اللدود المالكي متهما رئيس الوزراء الأسبق بالفساد في تغريدة على تويتر.

وطرح منافسو الصدر مرشحا آخر هو محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء لكن التيار الصدري أعلن معارضته له.

وقال عضو في حزب الصدر السياسي طلب عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مصرح له بالإدلاء بتصريحات للإعلام، “السوداني مجرد ظل للمالكي”.

من ناحية أخرى حالت الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسية التي تدير منطقة كردستان في شمال العراق دون اختيار رئيس للبلاد، وهو منصب يتيح لصاحبه فور موافقة البرلمان عليه أن يعين رئيسا للوزراء.

ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003. أما منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير، فيتمسك بمرشحه للرئاسة. ولا يبدو أن أي طرف على استعداد للتزحزح عن موقفه.

وقال شيروان الدوبرداني، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، “لم نتمكن من الاتفاق بعد، منصب الرئيس يجب ألا يظل في قبضة حزب واحد أبد الدهر”.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية