ترجمة: محمد الدخاخني
ليس سرّاً أنّ لدى رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، نقطة ضعف عندما يتعلق الأمر بالإسلامويين، حتى أولئك الذين ينفذون هجمات عنيفة في كلّ من أفغانستان وباكستان، ويلقي خان باللوم على الولايات المتحدة في زعزعة استقرار المنطقة الباكستانية-الأفغانية، ويبرّر الطبيعة القتالية لطالبان بأنّها ردّة فعل على الغزو الإمبريالي، لكن وصف زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، بالـ "شهيد"، يعدّ مستوى أدنى جديد حتى بالنسبة إلى خان.
لطالما كان دور باكستان المشبوه في الحرب على الإرهاب مشكلة بالنسبة إلى الغرب، الذي يحتاج إلى دعم إسلام آباد لإدارة الأزمة، لكنّه لا يسيطر على سياسات البلاد
يقول بعض الناس إنّها كانت "زلّة لسان"، وأودّ أن أقول إنّها كانت "زلة فرويدية" كشفت عن فكره اللاشعوري.
في خطابه أمام البرلمان، في 25 حزيران (يونيو) الماضي، كان من المفترض أن يسكن خان قلق المعارضة حول فشل حكومته في إدارة أزمة فيروس كورونا في باكستان، لكنّه يميل إلى الاستطراد في الحديث، وهكذا، تحدّث في خطاب موسَّع عن العديد من القضايا، بما في ذلك الحرب على الإرهاب، وكيف أضرت بباكستان، وقد كانت هذه سرديته السياسية على مدى الأعوام الـ 19 الماضية.
سردية الدولة الباكستانية
قتل بن لادن على يد القوات الأمريكية، في مدينة أبوت آباد الباكستانية، عام 2011، وبدا أنّ إسلام آباد قد تعاونت مع الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، في عملية بن لادن، وربما لم يكن لديها خيار آخر سوى دعم العملية، لكنّ حقيقة أنّ زعيم القاعدة السابق كان مختبئاً في مدينة تتمركز فيها قوات عسكرية أثار تساؤلات كثيرة حول دعم باكستان لمكافحة الإرهاب، ودعونا لا ننسى أنّ إسلام آباد قد تلقت مليارات الدولارات من واشنطن لمطاردة قيادة كلّ من القاعدة وطالبان.
لطالما كان دور باكستان المشبوه في الحرب على الإرهاب مشكلة بالنسبة إلى الغرب، الذي يحتاج إلى دعم إسلام آباد لإدارة الأزمة، لكنّه لا يسيطر على السياسات الخارجية والداخلية للبلاد، والتعاطف مع الإسلامويين متعمّق في باكستان، سواء على مستوى الدولة أو المجتمع؛ إنّه أداة لإثارة المشاعر المعادية للهند وإبقاء الجنرالات العسكريين في أدوار قوية.
اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر اغتيال قاسم سليماني أهم من تصفية بن لادن؟
كما أنّ علاقات خان الوثيقة بالجيش ليست سراً؛ لذلك فإنّ ما قاله خان عن بن لادن هو في الواقع انعكاس لسياسة الدولة، ومن ثم دعونا لا نلقي باللوم على رئيس الوزراء لقوله شيئاً يؤمن به فعلياً كثيرون ممن هم في ممرات السلطة في البلاد، ومع ذلك، لم يسبق أن ذكر الأمر بشكل صريح، وبالتأكيد ليس في البرلمان.
خطوط المعركة
يحقّ لخان، بالطبع، أن تكون له وجهات نظره، وإذا كان يعتقد أنّ بن لادن "شهيد"، فعليه أن يلتزم برأيه، يجب أن يوضح للولايات المتحدة أنّ حكومته لن تتعاون في الحرب ضدّ الإرهاب، إنّها واجهة غير ضرورية، والحقّ أنّ إسلام آباد لم تتعاون قطّ في الحرب ضدّ الإرهاب.
وصف بن لادن، بالـ "شهيد"، يعدّ مستوى أدنى جديد حتى بالنسبة إلى خان، إذ يقول بعضهم إنّها كانت "زلّة لسان"، وأودّ أن أقول إنّها كانت "زلة فرويدية"
يجب على باكستان، أيضاً، التوقف عن لعب دور الضحية؛ فخان يذكر باستمرار أنّ باكستان دفعت ثمناً باهظاً لمشاركتها في الحرب على الإرهاب؛ حيث قتل آلاف المدنيين والجنود على أيدي الجماعات المسلحة منذ عام 2001، إذا كان أولئك الذين قاموا بقتل الأبرياء "شهداء"، فليس لرئيس الوزراء الحقّ في التحدث عن "تضحيات" بلاده.
عزيزي رئيس الوزراء: لقد عانى شعب باكستان بالفعل وبشدة بسبب الإرهاب، والسياسيون الليبراليون الذين اتخذوا موقفاً ضدّ المتطرفين قتلوا على يد المسلحين، ومن ناحية أخرى؛ حافظت أنت على علاقات ودّية مع طالبان، ولم يكن عليك دفع ثمن تحدّي التطرف والتشدّد.
اقرأ أيضاً: صناعة الإرهاب: بماذا يختلف أردوغان عن بن لادن؟
وأخيراً، سيد خان، سوف يواصل التقدميون والعلمانيون تحدّي سردية الدولة وسياساتك، لم يكن هناك شكّ في أنّك تتعاطف مع الإسلامويين، لكنّك الآن كشفت عن نفسك بشكل أكبر.
إنّ مكافحة التطرف سوف تتواصل في باكستان، وقد أوضحت إلى أيّ جانب تقف؛ عبر تمجيدك لابن لادن.
مصدر الترجمة عن الإنجليزية:
شامل شمس، "دويتشه فيله"
https://www.dw.com/en/opinion-martyr-bin-laden-and-khans-slip-of-the-tongue/a-53945663