التونسيون يدخلون ولاية رئاسية جديدة.. ما هي مخططات قيس سعيّد؟

التونسيون يدخلون ولاية رئاسية جديدة.. ما هي مخططات قيس سعيّد؟

التونسيون يدخلون ولاية رئاسية جديدة.. ما هي مخططات قيس سعيّد؟


23/10/2024

تحت شعار "البناء والتشييد"، يدخل التونسيون الفترة الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيد، الذي حاز بالأغلبية المطلقة للأصوات، ناهزت 91 في المئة، فيما يعتقد مراقبون أن الفوز الساحق لسعيد جاء على خلفية الإجراءات التي اتخذها ضد تنظيم الإخوان وقيادات حركة النهضة الإخوانية.

وقد دعا سعيّد، خلال اجتماع بأعضاء الحكومة، إلى "مضاعفة الجهود لتفكيك كل شبكات الفساد وتطهير الإدارة، ممّن لا يزالون يعتقدون أنهم فوق المحاسبة ولا يمكن أن يطالهم أي جزاء"، في إشارة لجماعة "الإخوان" وفلولهم.

وكانت الهيئة العليا للانتخابات في تونس قد أعلنت في وقت سابق الشهر الجاري فوز الرئيس سعيد بالأغلبية المطلقة للأصوات، بنسبة وصلت إلى 90 في المئة وبالتالي توليه مجددا رئاسة البلاد للسنوات الخمس المقبلة.

وحسب هيئة الانتخابات فقد بلغت نسبة الإقبال العامة حوالي 29 في المئة. وحصل العياشي زمّال الرئيس السابق لحركة "عازمون" الليبرالية، والموجود في السجن على 7 في المئة من الأصوات، وزهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب القومية على حوالي 2 في المئة.

(العياشي زمّال) الرئيس السابق لحركة "عازمون" الليبرالية

ثورة تشريعية

الرئيس التونسي شدد، خلال اجتماع مع الحكومة في قصر قرطاج، على أهمية الإسراع في إعداد تشريعات جديدة ووضع حد للتشريعات “التي وُضعت على المقاس”، مؤكداً عدم التسامح مع أي شخص يُخلّ بواجباته. 

وأشار إلى أن تونس قد دخلت مرحلة جديدة من تاريخها، وأنه لا عذر لأحد في عدم الاستجابة لمطالب الشعب التونسي المشروعة، مشيرا إلى أن الشعب قد انتظر طويلاً، وأن هناك حاجة لوضع تصورات جديدة وعملية تفتح آفاقًا جديدة. وأضاف أن تونس غنية بالخيرات والطاقات، ويجب تعبيد الطريق أمام الشباب لتحقيق طموحاتهم.

إلى ذلك، لفت سعيد إلى أن الشعب التونسي انتظر كثيرا ولا عذر لأحد في أن يُخيّب آماله، وقال: "لابد من وضع تصورات وطرق عمل جديدة تقطع مع الماضي البغيض وتفتح للجميع آفاقا رحبة، فتونس تزخر بالخيرات وتعجّ بالطاقات ولا بدّ من تعبيد الطريق خاصة أمام الشباب حتى يُحقق طموحاته وآماله".

"جرائم الإخوان"

وخلال أدائه اليمين الدستورية، ذكر قيس سعيد بجرائم الإخوان، قائلا إن "القوى المعادية للثورة بدأت منذ 15 كانون الثاني (يناير) 2011، بتحويل المطلب الشعبي الداعي لإسقاط النظام بمطالب جهوية وقطاعية بهدف الإبقاء على المنظومة السابقة مع تغيير صوري وشكلي ببعض ملامحها".

وزاد "هذا إلى جانب العمليات الإرهابية منها ذبح جنودنا البواسل، وتفجير حافلة الأمن الرئاسي ..هذا غيض من فيض".

وأضاف "ولا ننسى ما كان يحصل في البرلمان بوضع نصوص فصلت على مقاس من وضعوها وكم من مرة ترفع الجلسة العامة بحجة التوافق ومزيد التفاوض من أجل تغيير النصوص ودفع الأموال خدمة لمصالحهم"، في إشارة لسلوك الإخوان أثناء السيطرة على البرلمان.

وتابع: "وكانت الأصوات ترتفع في كل مكان، ويدعو أصحابها لحل البرلمان قبل أن تنتشر جائحة الكوفيد، حيث لم يتوانوا حتى من الاتجار بالأوبئة والأمراض".

تهدئة سياسية

ويرى مراقبون أن الرئيس قيس سعيد يعمل على تحقيق تهدئة سياسية مع جميع أطياف المعارضة ما عدا الإخوان للتركيز على تنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي، واستكمال ما بقي من مشروعات والاستجابة السريعة لمطالب الناخبين.

أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية حكمًا بالسجن لمدة عشرة أعوام على نور الدين البحيري القيادي بحركة النهضة

في السياق، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري إن البلاد لا بد أن تعود إلى التهدئة، داعيا الأطراف السياسية لاستعادة وعيها وتدرك أن لا وزن لها في الشارع، في إشارة إلى الإخوان.

وأضاف غواري في تصريح لموقع "العين الإخبارية" أنه "يجب التفرقة بين المعارضة الوطنية والمعارضة التي ترتبط بأجندات خارجية مثل جماعة الإخوان التي تستقوي بالخارج والتي تعمل على تأجيج الأوضاع في البلاد من أجل العودة للحكم".

وأكد ضرورة الاستمرار في مسار محاسبة كل من تآمر مع أطراف خارجية على أمن بلاده مثل حركة النهضة الإخوانية التي تعاقب حاليا على جرائم متعددة، لعل أبرزها الاغتيالات السياسية وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والفساد المالي وقتل الجنود.

وأشار إلى أن جميع خطابات الرئيس قيس سعيد بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية حملت تغييرا في حدة الخطاب، دون أن يتغير من حيث مضمونه السياسي القائم على ضرورة استكمال حرب التحرر الوطني والتي يقصد فيها التحرر من براثن الإخوان وتطهير البلاد من الفساد المتفشي خلال السنوات العشر الماضية (فترة حكم الإخوان).

الرئيس التونسي: قيس سعيد

وقد دعا نوفل سعيد، مدير الحملة الانتخابية للرئيس التونسي قيس سعيد وشقيقه أيضا، إثر فوز سعيد بالرئاسية إلى تهدئة سياسية شاملة بعد نتائج الانتخابات وضرورة القطع مع التجاذبات و"وضع حد للمناكفات"، وفق تعبيره.

مواصلة محاسبة الإخوان

وكان سعيد قد تحدث مرارا عن تلقي شكاوي كثيرة حول توظيف عناصر إخوانية في مؤسسات الدولة بناءً على الولاءات الحزبية، واستنادًا إلى شهادات مزورة، وبدأت السلطات التونسية في إجراء تدقيق شامل لعمليات التوظيف التي تمت منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 وحتى نهاية حكم الإخوان في 25 تموز / يوليو 2021.

وكانت حركة النهضة الإخوانية قد دفعت بكوادرها في وظائف حكومية، خاصة في قطاعات التربية والشؤون المالية والصحة وغيرها، عبر تدليس شهادات علمية مختلفة طيلة العشرية الماضية.

وقد قدّرت الجمعية التونسية لمكافحة الفساد عدد الشهادات العلمية المدلسة بنحو (100) ألف، من إجمالي (500) ألف وظيفة حكومية جديدة بعد 2011، ولا توجد أرقام دقيقة حول المستفيدين من الشهادات المزورة.

هذا وتجري السلطات القضائية التونسية محاكمات لعدد من قادة حركة النهضة، بما في ذلك زعيمها راشد الغنوشي، بتهم الفساد والإرهاب. وقد كشفت التحقيقات الأخيرة عن تشغيل 47 ألف موظف اعتمادًا على شهادات علمية مزورة خلال فترة حكم الحركة.

وفي خطوة جديدة تعكس عزم تونس على محاسبة المتورطين في الفساد والإرهاب، أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية حكمًا بالسجن لمدة عشرة أعوام على نور الدين البحيري، القيادي بحركة النهضة ووزير العدل الأسبق.

الحكم يتعلق بتدوينة نشرها البحيري عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، عقب مسيرة لجبهة الخلاص الإخوانية في منطقة المنيهلة بالعاصمة تونس. وقد وُجهت له تهم تتعلق بالتآمر وتدبير اعتداء يهدف إلى تغيير هيئة الدولة، بالإضافة إلى تحريض المواطنين على مهاجمة بعضهم البعض وإثارة الفوضى في البلاد.

وتم إيقاف البحيري في 14 شباط / فبراير 2023، عندما أمر قاضي التحقيق بحبسه ضمن سلسلة من التوقيفات التي طالت عددًا من القيادات السياسية من حركة النهضة وحلفائها، بالإضافة إلى قيادات قضائية ورجال أعمال بارزين، وذلك في إطار التحقيق في مؤامرة تتعلق بأمن الدولة والتخطيط لقلب النظام.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية