التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا... غزة، والمقاتلون في سوريا، وصعود اليمين المتطرف

التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا... غزة، والمقاتلون في سوريا، وصعود اليمين المتطرف

التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا... غزة، والمقاتلون في سوريا، وصعود اليمين المتطرف


03/02/2025

يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات أمنية معقدة، تتراوح بين قضية الهجرة واللجوء، والتهديدات الإرهابية، وصولاً إلى تصاعد الجماعات اليمينية المتطرفة. ويشكل المقاتلون الأجانب في الصراعات مثل سوريا تحدياً بالغاً للاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف من عودتهم إلى بلدانهم الأصلية لتنفيذ هجمات، كما أنّ التصعيد في حرب غزة وأوكرانيا، والتهديدات الهجينة، يزيد من تعقيد الوضع الأمني.

ووفق تقرير للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإنّ العواصم الأوروبية تنظر عموماً إلى المقاتلين الأجانب باعتبارهم تهديداً أمنياً رئيسياً، لأنّها تشتبه في أنّ بعضهم قد يسعى إلى تنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية بعد اكتساب الخبرة في الخارج. وقد تطرّق وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا (جان نويل بارو) و(أنالينا بيربوك) إلى قضية المقاتلين الأجانب المجندين في الجيش السوري خلال اجتماعهما مع السلطات السورية في الثالث من كانون الثاني (يناير) 2025، وتم إحصاء نحو (50) مطلوباً داخل الجيش السوري المعاد تشكيله، من بينهم (6) مقاتلين أجانب على الأقل.

وأشارت نتائج استطلاع تمثيلي بتكليف من مؤسسة (برتلسمان) في الدول الأعضاء الـ (27) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 إلى أنّ حوالي (21%) من الأشخاص في الاتحاد الأوروبي يرون أنّ الهجمات الإرهابية هي التهديد الأكبر، وأنّ (23%) من المشاركين في الاستطلاع المقيمين في ألمانيا يرون أنّ خطر الإرهاب هو أكبر تهديد للسلام في أوروبا.

إنّ العواصم الأوروبية تنظر عموماً إلى المقاتلين الأجانب باعتبارهم تهديداً أمنياً رئيسياً

وبما يتعلق باليمين المتطرف، فقد تكتسب القوى المتطرفة واليمينية زخماً متزايداً في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي. وتثير هذه التطورات تداعيات على مستقبل الاتحاد الأوروبي وسياساته. كذلك لها انعكاسات على عملية صنع القرار وتوجهات التكتل الأوروبي في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل تبنّي هذه الأحزاب مواقف متشددة تجاه قضايا الهجرة واللجوء، والتغير المناخي، والإنفاق الدفاعي، وغيرها من الملفات.

وسجلت وزارة الداخلية الألمانية إجمالاً (33) ألفاً و(963) جريمة ذات دوافع يمينية حتى 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، وكان من بينها (1136) جريمة عنف، وفق المركز الأوروبي.

وأشارت البيانات إلى أنّ نحو ثلثي الجرائم اليمينية (21 ألفاً و311 جريمة) وقعت في نطاق الجرائم الدعائية، بينما تم تصنيف (5) آلاف و(97) جريمة أخرى على أنّها إثارة فتن. وكانت إحصائيات الجرائم ذات الدوافع السياسية قد أظهرت مستوى قياسياً من الجرائم اليمينية المتطرفة في عام 2023 بإجمالي (28) ألفاً و(945) جريمة.

ويواجه الاتحاد الأوروبي، الذي أنفق بالتعاون مع حلفائه الغربيين أكثر من (100) مليار يورو على تسليح كييف ومساعدتها منذ حرب أوكرانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، يواجه اختباراً مهمّاً لتماسكه، ومن المؤكد أنّ عودة (دونالد ترامب)، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، إلى البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) 2025 من شأنها أن تهز العلاقات عبر الأطلسي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالدعم الغربي لأوكرانيا.

وأظهر استطلاع للرأي أجري لصالح المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وتقرير أوروبا لجامعة أكسفورد في خلال أول شهر في 2025 أنّ حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا هم الأكثر تشاؤماً بشأن النظام العالمي المستقبلي تحت قيادة دونالد ترامب.

تكتسب القوى المتطرفة واليمينية زخماً متزايداً في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، وتثير هذه التطورات تداعيات على مستقبل الاتحاد الأوروبي وسياساته.

وأكد التقرير أنّ الوضع في سوريا يشكّل تحدياً للاتحاد الأوروبي، وقد بدأت العواصم إعادة تقييم سياساتها تجاه سوريا بعد الإطاحة بالنظام السوري السابق من قبل الجماعات المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام". وأكّد العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على توخي الحذر والحفاظ على بعض النفوذ في مواجهة السلطات الجديدة، في حال لم تتطور الأمور كما هو متوقع. 

أمّا بما يتعلق في غزة، فإنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعاني من الانقسامات الداخلية بشأنها، ومن المتوقع أن يكون للدول الأعضاء دور مهم تلعبه لدعم تنفيذ وقف إطلاق النار. وكان الاتحاد الأوروبي قد أشار في 15 كانون الثاني (يناير) 2025 إلى أنّه على أهبة الاستعداد للعمل مع الشركاء الدوليين، وخاصة دول الخليج، لإعادة تفعيل مهمة المراقبة المتوقفة منذ فترة طويلة عند معبر رفح.

وحول الهجرة واللجوء إلى الاتحاد الأوروبي، اعتبر الخبير البيلاروسي (سيرجي بولبا): "أنّ السبب الرئيسي لبناء بولندا هياكل وقائية للحدّ من تدفق المهاجرين غير الشرعيين هو المحاولات المستمرة للهجرة غير الشرعية من بيلاروسيا إلى بولندا، وذلك لحماية حدود حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي". وتابع: "نحن ندرك أنّ (بوتين ولوكاشينكو) يستخدمان هذا كوسيلة للضغط على أوروبا". وأوضح "أنّ بوتين يزيد من "الحروب الهجينة غير المتكافئة" التي يشنها، بما في ذلك بمساعدة موجات الهجرة غير الشرعية.

الرئيس الروسي: فلاديمير بوتين

وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أنّ حوالي (25%) من أكثر من (26) ألف مشارك في الاستطلاع من الدول الأعضاء الـ (27) في الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 يعتبرون أنّ عدم فعالية حماية الحدود يزعجهم أكثر من أيّ شيء آخر. و(21%) من الأشخاص في ألمانيا يعتبرون أنّ الافتقار إلى أمن الحدود، وتسلل الجريمة المنظمة، والهجوم العسكري، هي أكبر تهديد للسلام في أوروبا. 

أمّا عن مخاطر التهديدات الهجينة في أوروبا، فإنّ مسؤولين أمنيين غربيين يشتبهون في أنّ الاستخبارات الروسية تحاول زعزعة استقرار حلفاء أوكرانيا بمجموعة من التهديدات الهجينة، من بينها التضليل والتخريب والحرق العمد والهجمات الإلكترونية، وتخريب خطوط السكك الحديدية، وأعمدة الكهرباء والكابلات البحرية، والبنية التحتية الحيوية، وخاصة على أنظمة التحكم الصناعية.

ويشير الخبراء إلى تزايد الأضرار المادية وتعريض حياة البشر للخطر في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من خلال أعمال التخريب، وتنامي أنشطة الصين وإيران وكوريا الشمالية في الهجمات السيبرانية. وأشار استطلاع للرأي بشأن أكبر تهديد للسلام في أوروبا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 إلى أنّ (19%) من المشاركين يعتبرون أنّ الهجمات الإلكترونية هي أكبر تهديد للسلام في أوروبا.

وختم المركز تقريره بالتأكيد على المخاوف الأوروبية بشأن المقاتلين الأجانب والتهديدات الإرهابية، خاصة الإسلاموية واليمينية المتطرفة في أوروبا، ممّا يدفع الدول الأوروبية إلى تعزيز آليات التنسيق الأمني وتطوير استراتيجيات لمكافحة هذه الجماعات على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وتابع التقرير أنّ استمرار تصاعد الأحزاب المرتبطة باليمين المتطرف في بعض دول الاتحاد الأوروبي يدفع إلى المزيد من التشدد في السياسات الداخلية تجاه قضايا الهجرة واللجوء والتغير المناخي، بالتزامن مع استغلالها كأداة ضغط سياسية من قبل دول مثل روسيا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية