الإمارات نموذج يقتدى في رفض العنصرية

الإمارات نموذج يقتدى في رفض العنصرية

الإمارات نموذج يقتدى في رفض العنصرية


20/10/2022

سمير اصطفان

شكل استنكار دولة الإمارات العربية المتحدة للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، خلال افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية الجديدة في بلجيكا، ما يجب أن يكون عليه الموقف الدولي الواجب والرافض لكل تصريح يحمل العنصرية كونها تسبب تفشي التعصب والتمييز على المستوى العالمي.

وكان بوريل قد شبه القارة الأوروبية بـ”الحديقة” وما سواها من العالم بـ”الأدغال”، وهو تصريح يحض على الكراهية والتمييز في وقت يبدو فيه العالم أشد ما يكون في حاجة إلى تقريب وجهات النظر واحترام كافة الأجناس والأديان ونشر ثقافة التسامح والمحبة وتأكيد أهمية التعايش، خاصة أن ما يعانيه من تحديات وأزمات يتطلب التكاتف والتلاحم للمواجهة، وليس نشر التفرقة والكره والبغض واعتماد لغة بعيدة كل البعد عن مصلحة البشرية.

وقد شكل استدعاء وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الدولة، والطلب من مكتب الممثل الأعلى تقديم تفسير مكتوب بشأن تصريحات بوريل المؤذية والعنصرية، موقفاً شجاعاً ومعهوداً من دولة الإمارات التي تؤكد أهمية رفض كل موقف يمكن أن يسبب إساءة من أي نوع بناء على أسباب عنصرية، وهو تبيان لنهجها الذي تحرص من خلاله على قرع جرس الإنذار في مواجهة كافة محاولات نشر التعصب لما يمكن أن ينتج عنه.

على كل من يصدر تصريحات عنصرية كبوريل وغيره، أن يتحرى الدقة ويعاين المشهد والاختلافات خلال العقود الأخيرة بدقة، ليكتشف حينها أن من يريد واحات تنبض بالحياة والسعادة في أروع معانيها ومجتمعات تنتفي فيها العنصرية وتشريعات تحصن الإنسان وكرامته وتقدم أرقى الصور على التساوي في الحقوق والواجبات، سيرى في الإمارات نموذجا عالميا ملهما في احتضانها رعايا أكثر من 200 جنسية من مختلف الثقافات ويمارسون حرية المعتقد وسط حالة وعي مشرف يستند إلى قيم وطن وأصالة شعب لا يقبل بأي شكل من أشكال التمييز.

ومن يريد أن يعاين كيف تحول العزيمة الصحراء إلى جنة وارفة بظلال المحبة والتعايش والانفتاح وتلاقي الثقافات تحت مظلة القيم الإنسانية النبيلة، فدار زايد، إمارات المحبة، تفتح ذراعيها لكل من يقصدها وهو مؤمن بما يجمع الجنس البشري من روابط ومشاعر ونوايا حميدة.

من يريد أن يختبر إرادة الإنسان وقد تجلت في الازدهار والإبداع والابتكار والإنجازات الرائدة والفريدة وقوة استشراف المستقبل ومدى تمكنه العلمي، فليتابع مسيرة الإمارات في التنمية الشاملة وخططها الإستراتيجية وقدرتها على قيادة التحول العالمي في قطاعات بالغة الأهمية مثل المناخ والطاقة والأمن الغذائي، وليعاينوا من هم صناع السلام وقادته الذين جعلوا من وطنهم منارة له.

الشجاعة الحقيقية تكمن في العمل للسلام وتوسيع رقعته والبناء عليه وتأكيد أهميته بعيداً عن الشعارات التي فقدت بريقها من شدة الاستهلاك وينتهجها الآخرون والكثير منهم في القارة الأوروبية.

مواكبة الحداثة والتطور وسبل مواجهة التحديات تجعلنا ندرك بشكل مباشر الفارق بين صناع الحضارة وحملة مفاتيح المستقبل بروح عصرية ورؤى تتسم بشدة الحداثة واستشراف القادم، وبين عدد كبير من دول القارة العجوز الذين باتت أيامهم، مع كل أسف، هزات وأزمات وعدم استقرار وتحديات تتراكم بسرعة، في الوقت الذي ينتظرون فيه أن يأتيهم الحل من واحات الحياة والحكمة.

هناك فارق كبير بين من رفع سقف التحدي في كل ما يعمق السعادة وراحة الإنسان وزيادة الرفعة والتنافس للوصول إلى أعلى قمم الصدارة، وبين من كان تعاملهم مع الأوضاع الصعبة أشبه بمحاولات يائسة لإيقاف الزمن أو العودة قليلاً إلى الوراء للتنعم بأوضاع لم تعد أسسها قادرة على حملها كما يجب.

وهناك فارق كبير، أيضا، بين التأكيد الدائم على أهمية القيم الإنسانية النبيلة، ومحاولة تمرير سلوكيات غريبة تحت مسميات لا تعدو عن كونها قشوراً وجعلها معياراً لتقييم الآخر.

الصورة تعبر بوضوح عن الذين جعلوا القيم والأخلاق زاداً لشعوبهم وأجيالهم ونجحوا في رهاناتهم، بينما تاهت رؤى الآخرين عبر خطب رنانة من على منابر تعكس إفلاس من اعتقدوا أن خوض السباق الحضاري يمكن أن يتم بآليات عفا عليها الزمن.

قوة الأمم تظهر خلال الأزمات الصعبة، كما في حقبة كوفيد – 19 التي كانت بمثابة زلزال عالمي لا تزال دول كثيرة تعاني من هزاته الارتدادية، بينما شكلت مواقف الإمارات وثقتها في المواجهة ومبادراتها الإنسانية شريان حياة للكثير من الدول المصنفة “عريقة”، وهو ما يؤكد الفارق بين الواقع والادعاء.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية