الإخوان كفاعل موازٍ للدولة في ليبيا... تحالف مع السلطة والسلاح لتعطيل التحول الديمقراطي

الإخوان كفاعل موازٍ للدولة في ليبيا... تحالف مع السلطة والسلاح لتعطيل التحول الديمقراطي

الإخوان كفاعل موازٍ للدولة في ليبيا... تحالف مع السلطة والسلاح لتعطيل التحول الديمقراطي


21/05/2025

تعيش ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة على وقع تصعيد سياسي وأمني متفاقم، إثر اغتيال القيادي المسلح عبد الغني الككلي (غنيوة)، واندلاع احتجاجات واسعة في طرابلس ومدن الغرب الليبي مطالِبة برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة. غير أنّ التحول الأبرز في المشهد الليبي لم يكن فقط في موازين السلاح، بل في طريقة إدارة السلطة من خلف الكواليس، حيث تُتهم جماعة الإخوان المسلمين بلعب دور "حكومة ظل" فعليّة تدير القرار السياسي والأمني من خلال دعم حكومة تصريف الأعمال، والتحالف مع فصائل مسلحة، ومحاولات مستمرة للالتفاف على أيّ مسار انتخابي يهدد نفوذها.

الإخوان وحكومة الدبيبة: شراكة في القرار والشرعية

يرى كثير من المراقبين أنّ الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة لم تعد فقط سلطة تنفيذية تمّ الاعتراف بها في الغرب الليبي، بل أصبحت واجهة لتحالف أعمق وأكثر رسوخاً بين جماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي. ويؤكد المحلل السياسي والعسكري الليبي محمد الترهوني لـ (حفريات) أنّ "حكومة الدبيبة تُدار فعلياً من جماعة الإخوان، وعلى رأسهم المفتي المعزول الصادق الغرياني"، موضحاً أنّ قرارات الحكومة تُستمد من الجماعة الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة أيضاً.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا: عبد الحميد الدبيبة

بحسب الترهوني، فإنّ "الدبيبة قدّم للإخوان الشرعية المطلقة، وسمح لهم بالتمدد السياسي والمسلح بشكل غير مسبوق، مستفيدين من حالة الجمود الانتخابي لزيادة نفوذهم وترسيخ وجودهم في مفاصل الدولة"، مضيفاً أنّ "بقاء حكومة تصريف الأعمال جعل الجماعة أكثر قوةً وأكثر تمركزاً في طرابلس والمنطقة الغربية".

التحالف مع السلاح: فصائل ذات ولاء عقائدي للإخوان

لا يقف حضور الإخوان عند حدود السياسة، بل يمتد إلى المجال العسكري من خلال تحالفات مباشرة مع فصائل مسلحة قوية. ويشرح الترهوني أنّ الجماعة "تمتلك تياراً عسكرياً حقيقياً"، من أبرز مظاهره "التشكيلات المسلحة مثل كتيبة (444) التي تُعطي ولاءها الكامل للمفتي الغرياني وحكومة الدبيبة".

وفي سياق اغتيال عبد الغني الككلي، يوضح الترهوني أنّ ما جرى لم يكن فقط تصفية حسابات بين ميليشيات، بل "إزاحة لخصم سياسي كان بالأمس حليفاً للدبيبة"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة هي من سهلت التخلص من الككلي بسبب تحوّله إلى تهديد سياسي".

يؤكد المحلل السياسي والعسكري الليبي محمد الترهوني أنّ "حكومة الدبيبة تُدار فعلياً من جماعة الإخوان، وعلى رأسهم المفتي المعزول الصادق الغرياني"، موضحاً أنّ قرارات الحكومة تُستمد من الجماعة الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة أيضاً.

 

تشويه الاحتجاجات وقمع المتظاهرين: منظومة دعائية وأمنية متكاملة

رغم اتساع رقعة الحراك الشعبي المناهض لحكومة الدبيبة في طرابلس ومدن مثل تاجوراء وسوق الجمعة والزاوية، تحركت أدوات الجماعة، بحسب مصادر ميدانية، لتشويه المظاهرات وتحويلها إلى مشهد فوضوي.

ويؤكد الترهوني أنّ "هناك محاولة ممنهجة من جماعة الإخوان لتشويه المتظاهرين، بقيادة وليد اللافي ـ أحد المسؤولين عن الملف الإعلامي والمقرب من الجماعة ـ من خلال اتهام المشاركين في الحراك بأعمال سرقة ونهب". ويضيف أنّ بعض المتظاهرين "تعرّضوا لإطلاق نار مباشر من أسلحة متوسطة وثقيلة، بالإضافة إلى تسجيل حالات تخويف وخطف وضغوط على شخصيات داعمة للاحتجاجات".

هذا السلوك، بحسب المراقبين، يعكس رغبة الجماعة في خنق أيّ صوت معارض، وفرض سيطرتها الأمنية والإعلامية، وهو ما يُفاقم مناخ الرعب ويفاقم من أزمة الشرعية التي تواجهها السلطة القائمة في طرابلس.

 المحلل السياسي والعسكري الليبي: محمد الترهوني

تعطيل المسار الديمقراطي: معركة ضد الانتخابات والمساءلة

أكثر ما يثير المخاوف في ليبيا اليوم، وفق مراقبين، هو ما يرونه "انقلاباً ناعماً" على المسار الانتخابي برعاية الإخوان والدبيبة. يقول الترهوني: إنّ "الجماعة ترفض إجراء انتخابات رئاسية، وتسعى لتقسيم ليبيا إلى (3) أقاليم: (برقة، طرابلس، فزان)، وإجراء انتخابات برلمانية فقط تتحكم من خلالها بمخرجات القرار السياسي".

ويضيف أنّ الدبيبة يسعى بكل ما أوتي من دعم من الجماعة لإسقاط مجلس النواب الحالي، باعتباره العقبة الرئيسية أمام مشاريعه، بما فيها مشاريع السيطرة على النفط والمؤسسات السيادية، وذلك عبر "برلمان بديل موالٍ يُنتج لاحقاً حكومة وأجساماً تابعة بالكامل".

ويشير مراقبون إلى أنّ هذا التوجه ينسجم مع استراتيجية الجماعة التاريخية القائمة على "التمكين عبر التشريعات" قبل الانتقال إلى السيطرة الشاملة على مؤسسات الدولة.

تحالف السلطة والسلاح ضد الدولة

ما تكشفه التطورات الأخيرة في الغرب الليبي هو أنّ جماعة الإخوان، ومن ورائها تيارات الإسلام السياسي، لم تغادر المشهد، بل أعادت تشكيل أدواتها بتحالف وثيق مع حكومة الدبيبة وبعض الفصائل المسلحة ذات الولاء العقائدي.

في ظل هذا التداخل بين المصالح السياسية والعسكرية، وبين الدولة والميليشيات، تبدو ليبيا مرتهنة لنموذج "الحكم الموازي"، حيث تتحول جماعة الإخوان إلى فاعل فوق الدولة، يستخدم أدوات الشرعية والدين والسلاح لتعطيل أيّ مسار يؤدي إلى الاستقرار أو الانتخابات أو المساءلة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية