الأفارقة ينحازون للحق: (لا) لانضمام إسرائيل للقارة السمراء

الأفارقة ينحازون للحق: (لا) لانضمام إسرائيل للقارة السمراء


13/02/2022

على الرغم من المساعي الإسرائيلية الحثيثة لتوثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول القارة السمراء، إلا أنّ محاولاتها لم تكلل بالنجاح، بعد قرار الاتحاد الأفريقي، في جلسته الأخيرة، تعليق عضوية انضمامها إليه، على الرغم من العلاقات الواسعة التي تتمتع بها دولة الكيان في هذا القارة، لإيجاد موطئ قدم لها وتمرير سياساتها وأهدافها في المنطقة؛ حيث يرى محللون سياسيون أنّ تعليق عضوية إسرائيل خطوة إيجابية لمساندة القضية الفلسطينية ودعمها، وتقليص الوجود الإسرائيلي في القارة الأفريقية.

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": تقرير "أمنستي" وضع بأيدي الفلسطينيين ورقة رابحة

وأكّد الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور ناجي شراب، لـ "حفريات"؛ أنّ "تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي إنجاز سياسي وخطوة متقدمة قامت الجمهورية الجزائرية من خلالها بلعب دور مهم وواضح، إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى، لمساندة القضية الفلسطينية، وعدم إتاحة الفرصة أمام دولة الكيان للحضور على مستوى القارة السمراء، حيث تولي إسرائيل اهتماماً بارزاً للتواجد أفريقياً، وذلك منذ زمن المقاطعة العربية، باعتبار هذه الساحة مهمة جداَ لها لاحتواء المنطقة العربية.

الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور ناجي شراب: تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي إنجاز سياسي

وبيّن شراب أنّ "الاحتلال الإسرائيلي سيواصل مساعيه المتكررة للانضمام لعضوية الاتحاد الأفريقي، في ظلّ العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية القوية التي تربطها بعدد من الدول الأفريقية، مثل إثيوبيا وغيرها، بالإضافة إلى الحضور البارز لدولة الكيان في عدة مجالات"، مبيناً أنّ "إسرائيل سوف تستمر في محاولاتها للحصول على عضوية الاتحاد، وفي النهاية ستحصل على ما تريد، في ظلّ تزايد العلاقات الدبلوماسية العربية مع الاحتلال واتساعها".

تقويض القضية الفلسطينية

ولفت إلى أنّ "إسرائيل تفاجأت بالقرار الأفريقي، على الرغم من التواجد الصهيوني الواسع في القارة الأفريقية، حيث بدت الأخيرة مطمئنة لحصولها على عضوية مراقب في الاتحاد الأفريقي، لكن يبدو أنّ السياسات الصهيونية الأخيرة، إضافة إلى المقاطعة الدولية لها، ساهما بشكل كبير في تعليق عضويتها وكسر طموحها، ولو بشكل مؤقت في الانضمام لعضوية الاتحاد".

تم رفض طلبات إسرائيل المتكررة للانضمام إلى الاتحاد الأفريقي بصفة دولة مراقب، وذلك ثلاث مرات، خلال الأعوام 2013، و2015، و2016، رغم أنها تقيم علاقات مع 46 دولة

وبسؤاله عن تداعيات انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي على القضية الفلسطينية بيّن الكاتب والمحلل السياسي؛ أنّ "الهدف الرئيس للاحتلال هو تقويض القضية الفلسطينية وتهميشها، ومحاولة عزلها إقليمياً ودولياً، لذلك تسعى دولة الكيان بكل قوة لتكون حاضرة بالقارة السمراء، وذلك أحد أهم أولوياتها، في حين ما تزال دول هذه القارة تشكّل عاملاً مهماً على المستوى العربي والفلسطيني، إلا أنّ النهاية تشير إلى أنّ إسرائيل سوف تكسب القارة الأفريقية يوماً ما".

خطوة إيجابية

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، نهاد أبو غوش، في تصريح لـ "حفريات"؛ أنّ "تعليق محاولة إسرائيل الحصول على عضوية الاتحاد الأفريقي خطوة إيجابية، تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية، وذلك بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها عدد من الدول العربية والأفريقية، وعلى رأسها الجزائر ومصر وتونس وجنوب أفريقيا، لعدم القبول بعضوية الاحتلال، بسبب عدم التزام الاحتلال بشروط السلام مع الفلسطينيين ومواصلة احتلالها أراضي ثلاث دول عربية".

الكاتب والمحلل السياسي، نهاد أبو غوش: عليق محاولة إسرائيل الحصول على عضوية الاتحاد الأفريقي خطوة إيجابية، تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية

 ولفت أبو غوش إلى أنّ "إسرائيل ماضية في بناء نظام الأبارتايد العنصري الذي يثير ذكريات مؤلمة لدى مئات الملايين من الأفارقة، بالتالي، انضمام إسرائيل يثير حساسية قوى سياسية واجتماعية، ودول كثيرة في القارة".

وتابع بأنّ "دولة الاحتلال استطاعت، منذ خمسينيات القرن الماضي، التغلغل داخل القارة الأفريقية، وإقامة علاقات مع عدد من الدول في القارة، كما سعت إسرائيل دوماً لتطويق دول العالم العربي، خاصة مصر، من خلال إستراتيجية "دول الجوار" التي اعتمدها رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، دافيد بن غوريون، حيث عمل على استمالة إثيوبيا وتحريضها على مصر، لكن معظم دول أفريقيا قطعت علاقاتها مع إسرائيل إثر حرب عام 1973".

تسهيل التدخل الإسرائيلي

وأكّد أنّ "المشكلات الداخلية التي واجهتها عدد من الدول العربية مؤخراً، ساهم في تسهيل التدخل الإسرائيلي في العديد من الدول الأفريقية، كما مكّن ذلك من زيادة توسيع نفوذ الدول الاستعمارية في القارة السمراء، ومن بينها الاحتلال، لتمرير مخططاتها في بيع الأسلحة، وتزويد بعض الدول ببرامج للتجسس والخبرات التكنولوجية والفنية وغيرها، في هذه المنطقة الإستراتيجية والواعدة لإسرائيل في مواردها وثرواتها الغنية التي تمتلكها".

اقرأ أيضاً: مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية عبر "اتحاد كونفدرالي" بين دولتين.. هل يلقى قبولاً؟

ولفت الكاتب والمحلل السياسي؛ إلى أنّ "ضعف وتراجع الأداء الفلسطيني السياسي والدبلوماسي ساهم في تشجيع إسرائيل على تحقيق مثل هذه الاختراقات في عدد من الدول العربية والأفريقية، في ظلّ مبدأ العلاقات الدولية الذي يقوم أساساً على المصالح وليس على المبادئ وحسن الجوار، حيث لم يقدم العالم العربي، الذي يضمّ دولاً غنية جداً، وأخرى لديها خبرات وطاقات بشرية وفنية مميزة، لأفريقيا، الحدّ الأدنى من المساعدات والمعونات التي تحتاجها هذه الدول، والتي دائماً ما كانت على تواصل وجوار مع العالم العربي، في حين استغلت دولة الاحتلال هذه الثغرات لمصلحتها".

تعليق عضوية إسرائيل

وعلّقت قمة الاتحاد الأفريقي، التي انطلقت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في 5 شباط (فبراير) الجاري، قرار منح إسرائيل صفة مراقب، وقرّرت تشكيل لجنة من سبعة رؤساء دول، من بينها الجزائر، لإصدار توصية في القضية تُقدم إلى مؤتمر القمة.

واعتمدت قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي قراراً يقضي بتعليق منح صفة مراقب لدولة الاحتلال، والتي كان قد منحها بصورة انفرادية مفوض الاتحاد، موسى فكي، في 22 تموز (يوليو) الماضي، من دون استشارة الدول الأعضاء.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، خلال كلمته في القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: إننا "نثق بكم وبانحيازكم لمنطق الحقّ والحرية والسلام والعدل، ونثق بحرصكم على دعم الشعب الفلسطيني الخاضع لاحتلال إسرائيلي مديد".

اقرأ أيضاً: البرد والتعذيب يتناوبان في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين

وأضاف اشتية: "لا نعتقد أنكم ستكافئون إسرائيل على انتهاكاتها وعلى نظام الفصل العنصري الذي تنتهجه وتطبقه ضدّ الفلسطينيين"، موضحاً أنّ "إسرائيل ككيان تدرّجت من عقدة الضحية إلى البارانويا ثم التطرف والعسكرة والتوسع الاستعماري. هذا الأمر يجب أن يتوقف".

وذكر اشتية "استناداً إلى مواقفكم التاريخية ومساندتكم للحقّ الفلسطيني، واستناداً إلى مقررات الأمم المتحدة، ومقررات القمم الأفريقية السابقة ذات الصلة، فإننا نطلب سحب ورفض اعتماد اسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، حيث لا يجب أن تكافأ اسرائيل على القتل غير المشروع والتعذيب والاعتقال الإداري، وإلحاق الإصابات الجسيمة، والحرمان من الحريات أو الاضطهاد ضد السكان الفلسطينيين الأبرياء".

علاقات إسرائيلية أفريقية واسعة

وعلى الجانب الآخر، مُنحت فلسطين صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، منذ عام 2013، ويتحدث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بانتظام في القمم الأفريقية السنوية، لحشد الدعم الأفريقي للقضية الفلسطينية، وهي القمم التي تُختتم عادةً ببيانات تؤكد ضرورة تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وعلى مدار سنوات تم رفض طلبات إسرائيل المتكررة للانضمام إلى الاتحاد الأفريقي بصفة دولة مراقب، وذلك ثلاث مرات، خلال الأعوام 2013، و2015، و2016.

وتتمتع إسرائيل بعلاقات مع 46 دولة في أفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في العديد من المجالات المختلفة بما في ذلك التجارة والمساعدات.

وخلال عام 2016؛ ظهر جلياً التوجه الإسرائيلي نحو أفريقيا؛ فبعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، إلى كينيا وأوغندا وإثيوبيا ورواندا، والتي كانت أول زيارة تاريخية يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي إلى أفريقيا منذ عقود.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع السلطة الفلسطينية الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل؟

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل"، معلنًا أنّ مبادرته الدبلوماسية الجديدة مع الدول الأفريقية على رأس أولوياته.

وكانت مبادرة نتنياهو تسعى في الأساس إلى تحقيق مزيد من الاختراق في العمق الأفريقي مستغلاً الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها الدول الأفريقية، فبحسب ورقة بحثية لـ "مؤسسة البحوث الإستراتيجية "(FRS)، تحت عنوان" الهجوم الدبلوماسي الإسرائيلي في أفريقيا"، استوردت إسرائيل، عام 2017، منتجات أفريقية تزيد قيمتها على 413 مليون دولار.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية