البرد والتعذيب يتناوبان في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين

البرد والتعذيب يتناوبان في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين


08/02/2022

أوضاع صعبة وشديدة القسوة يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية، والتي تزداد وتيرتها مع دخول فصل الشتاء، في ظلّ منع مصلحة السجون تزويدهم بالأغطية والملابس الكافية ووسائل التدفئة الملائمة، لحمايتهم من الأجواء الباردة، ليواصل الاحتلال ممارسة إجراءاته التنكيلية المضاعفة بحق الأسرى، ويفاقم من معاناتهم المتواصلة.

وقالت وزارة الأسرى والمحررين إنّ إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي تتعمد زيادة انتهاكاتها بحقّ الأسرى الفلسطينيين في فصل الشتاء.

اقرأ أيضاً: أبو هواش ينتصر رغم تغيير قواعد التعامل مع إضرابات الأسرى الفلسطينيين

وأوضحت وزارة الأسرى، في بيان لها في 16 كانون الثاني (يناير) الماضي"؛ أنّ إدارة السجون الإسرائيلية تتعمّد اقتحام غرف وأقسام الأسرى في ساعات الليلة المتأخرة والفجر، وإخراجهم دون ملابس كافية في ساحة السجن تحت المطر والبرد الشديد.

وطالبت الوزارة منظمة الصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان، بتأمين الحماية للأسرى داخل السجون، والنظر بجدية إلى خطورة الأوضاع الصعبة التي يعيشونها مع اشتداد برودة الشتاء، والعمل على إدخال سائر المستلزمات التي تَقِيهم من البرد الشديد.

إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي تتعمد زيادة انتهاكاتها بحقّ الأسرى الفلسطينيين في فصل الشتاء

وبيّنت أنّ إدارة السجون تفرض قيدوداً على استخدام الكهرباء وأدوات التدفئة، "وتمنع الأسير، حتى ولو على حسابه الخاص، من شراء أية مدفأة لاتقاء البرد؛ حيث تتسبب البرودة الشديدة في بعض السجون، مثل سجن النقب والسجون التي تقع جنوب فلسطين المحتلة، لتجمد بعض أطراف المعتقلين من شدّة البرد، خاصّة في ظلّ عدم وجود وسائل للتدفئة".

ولفتت إلى ارتفاع أعداد الأسرى المرضى بسبب هذه الانتهاكات، حيث يصاب العديد منهم بوعكات صحية، بالإضافة لانتهاج إدارة السجون سياسة الإهمال الطبي، دون تقديم العلاج والرعاية الصحية اللازمة.

على سائرالمنظمات الدولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التدخل الجاد والحقيقي لحماية الأسرى من جرائم الاحتلال، وعمليات التنكيل المستمرة التي ترتكب بحقهم، ومساندتهم لتأمين الاحتياجات اللازمة لهم

وتنص المادة (13) من اتفاقية جنيف الثالثة، بشأن معاملة أسرى الحرب، إلى ضرورة معاملة الأسرى معاملة إنسانية في جميع الأوقات، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أيّ فعل أو إهمال غير مشروع، يسبّب موت أسير في عهدتها ويعدّ انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية.

 كما تنص المادة (85) من اتفاقية جنيف الرابعة على وجوب أن تتخذ الدولة الحاجزة جميع التدابير اللازمة والممكنة لضمان إيواء الأشخاص المحميين، منذ بدء اعتقالهم، في مبانٍ أو أماكن تتوافر على كلّ الشروط الصحية وضمانات السلامة، وتكفل الحماية الفعالة من قسوة المناخ وآثار الحرب، ولا يجوز، بأيّ حال، وضع أماكن الاعتقال الدائم في مناطق غير صحية أو أن يكون مناخها ضاراً بالمعتقلين.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تحصّن سجونها.. ومحللون لـ "حفريات": الأسرى سينالون الحرية

ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية؛ فقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية 4 آلاف و600 أسير، من بينهم 34 أسيرة فلسطينية، و500 أسير يواجهون الاعتقال الإداري، فيما يعاني 600 أسير أمراضاً مختلفة، كما يقضي 547 أسيراً أحكاماً بالسجن المؤبد.

عام ثقيل على الأسرى

بدوره، أكّد مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، رياض الأشقر، لـ "حفريات"؛ أنّ "فصل الشتاء يحلّ كلّ عام ثقيلاً على الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهذا العام كان الأصعب عليهم، في ظلّ حرمان عائلاتهم من زياراتهم داخل السجون الصهيونية منذ العام 2020، بذريعة وباء كورونا، بالتالي، عدم حصولهم على الأغطية والألبسة التي يجلبها ذووهم لهم، في حين ترفض مصلحة السجون تزويد الأسرى بالملابس والأغطية، وما يتم تأمينه لهم قليل جداً، ولا يفي بمتطلباتهم المشروعة".

مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، رياض الأشقر: صلحة السجون الإسرائيلية تهدف دوماً إلى مضاعفة معاناة الأسرى

ولفت الأشقر إلى أنّه "في حال أتاحت مصلحة السجون الأغطية والملابس الشتوية الثقيلة وأجهزة التدفئة الكهربائية للأسرى، عبر ما تُعرف بـ "الكانتينا"، فإنّ الأسرى الفلسطينيين، تحديداً في المعتقلات التي تقع في صحراء النقب، والتي يعاني المعتقلون فيها من البرد القارس، لا يستطيعون شراءها، كونها تفوق قدرتهم المادية، نظراً للأسعار المضاعفة التي تفرضها عليهم السلطات مقارنة بأسعارها الحقيقية".

 

اقرأ أيضاً: محللون يكشفون لـ "حفريات" سياسة الابتزاز الإسرائيلية ضد الأسرى

وأشار إلى أنّ "الإجراءات التي تتخذها قوات الاحتلال بحق الأسرى تؤدي إلى تدهور أوضاعهم الصحية، خاصة المرضى منهم، والذين يعانون أمراضاً مزمنة منذ عدة سنوات، دون تأمين الرعاية الطبية اللازمة لهم، وهي أمور خطيرة تهدّد بانتشار فيروس كورونا وتفشّيه بينهم، وذلك في ظلّ تشابه أعراض الفيروس مع الإنفلونزا الموسمية، التي يصيب الأسرى بشكل واسع في مثل هذه الأوقات، نتيجة البرد الشديد، وعدم توافر وسائل التدفئة والأغطية والملابس الشتوية الكافية لحمايتهم، حيث إنّ مصلحة السجون لا تبالي بإجراء الفحوصات اللازمة للأسرى، لمعرفة المصابين منهم وعزلهم".

الانتقام من الأسرى

الأشقر أوضح أنّ "مصلحة السجون الإسرائيلية تهدف دوماً إلى مضاعفة معاناة الأسرى، والتنكيل بهم، وهذا ما يرغب به الاحتلال بشكل مستمر، وهو الانتقام من الأسير وحرمانه من أبسط مقومات الحياة، ليجعل من السجن قبراً له، تُنتهك فيه كل الأعراف والاتفاقيات الإنسانية، ويتجاهل الاحتلال المعاهدات كافة التي كفلت الحماية اللازمة للأسرى، وتلبية كافة المتطلبات المشروعة لهم".

الأسير المحرّر عصمت منصور لـ"حفريات": الاحتلال لا يمنح الأسير سوى غطاء أو غطاءين فقط، وذلك لا يكفي لحمايته من البرد القارس، ما يضطره للاستعانة بأغطية الأسرى المفرج عنهم

وبسؤاله عن المطلوب للضغط على الاحتلال لوقف ممارساته القمعية بحقّ الأسرى، بيّن الأشقر؛ أنّه "على سائرالمنظمات الدولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التدخل الجاد والحقيقي لحماية الأسرى من جرائم الاحتلال، وعمليات التنكيل المستمرة التي ترتكب بحقهم، ومساندتهم لتأمين الاحتياجات اللازمة لهم، تحديداً في تلك الفترة، التي يشهد فيها الأسرى أوضاعهاً صعبة نتيجة للظروف الجوية القاسية، نظراً لافتقار السجون لها، خاصة المعتقلات التي تقع في منطقة جنوب فلسطين المحتلة (كالنقب، ونفحة، وايشل)، وكذلك يتوجب على المؤسسات القانونية والتي تعنى بحقوق الإنسان، أن تقوم بدورها في زيارة مراكز التوقيف والمعتقلات، للاطلاع عن قرب على طبيعة ممارسات الاحتلال التعسفية والعنصرية بحق الأسرى".

أوضاع سيئة

وتعليقاً على ما يكابده الأسرى في سجون الاحتلال، يرى الأسير المحرر والكاتب والمحلل السياسي، عصمت منصور، لـ "حفريات"؛ أنّ "الأسرى الفلسطينيين يعانون الأمرّين في سائر فصول العام، وفي فصل الصيف تتفاقم معاناتهم أيضاً، في ظلّ عدم توافر المراوح والتهوية المناسبة داخل غرف المعتقلات لمجابهة الحرّ الشديد، إلا أنّه في فصل الشتاء يتفاقم الوضع ويزداد سوءاً، مع عدم وجود الملابس والأغطية ووسائل التدفئة، تحديداً في السجون التي تقع في المناطق الصحراوية؛ مثل بئر السبع وريمون والنقب، والتي يكون بعضها عبارة عن خيام مفتوحة من مختلف الجوانب، تتسبّب بمعاناة إضافية للأسرى القابعين داخلها".

الأسير المحرر والكاتب والمحلل السياسي، عصمت منصور: الأسرى يتعرضون لسلسلة من العقوبات المتنوعة على مدار الساعة

وأكّد منصور، الذي أمضى في سجون الاحتلال 20 عاماً؛ أنّ "الاحتلال لا يمنح الأسير سوى غطاء أو غطاءين فقط، وذلك لا يكفي لحمايته من البرد القارس، وهو ما يضطرهم إلى الاستعانة بأغطية الأسرى الذين يتم الإفراج عنهم بعد انتهاء محكوميتهم، وتقديمها للأسرى كبار السنّ، الذين يعانون أمراضاً متنوعة، ولا يستطيعون تحمّل طبيعة الطقس القاسية، في عملية تدوير للأغطية داخل المعتقلات بين الأسرى، وهو جزء من العقاب والتنكيل الممنهج من قبل مصلحة السجون؛ كي يشعر الأسير الفلسطيني دائماً بالإهانة والنقص".

 

اقرأ أيضاً: مهرجان الجونة السينمائي.. قضية الأسرى الفلسطينيين إلى الواجهة عبر فيلم "أميرة"

وتابع: "الأسرى يتعرضون لسلسلة من العقوبات المتنوعة على مدار الساعة، كما تستغلّ مصلحة السجون البرد الشديد للتنكيل بهم، من خلال عمليات التفتيش في منتصف الليل، إضافة إلى نقلهم بواسطة عربة "البوسطة" إلى المحاكم العسكرية، وهي إحدى وسائل النقل القاتلة، وفيها يبقى الأسير مقيّد اليدين بالمقاعد الحديدية لساعات طويلة، ويمنع من تناول الطعام أو حتى قضاء حاجته".

منصور بيّن أنّ "الإجراءات التعسفية والعنصرية بحقّ الأسرى، تترك آثاراً نفسية وصحية وجسدية بعيدة المدى على حياتهم، وتتسبّب بإصابتهم بأمراض عدة؛ كتساقط الشعر، وضيق التنفس، والروماتيزم، والصداع المستمر، وهي أمراض قد تتطور وتصبح مزمنة يعاني منها الأسير مدى الحياة، في ظلّ الإهمال الطبي الذي يتعرضون له داخل المعتقلات، وذلك للإمعان في قمع الأسرى".

 

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": لهذا ظهر الأسرى مبتسمين

وأشار الأسير المحرر إلى أنّ "قرار مصلحة السجون الإسرائيلية الأخير بتقليص ساعات "الفورة"، بالإضافة إلى الإجراءات العقابية الأخرى التي ترتكبها بحقهم، سوف يزيد ويراكم من حالة الغليان، والتي قد تكون بداية الشرارة لاندلاع انتفاضة داخل السجون الصهيونية، تنديداً بالممارسات القمعية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية