محللون لـ "حفريات": تقرير "أمنستي" وضع بأيدي الفلسطينيين ورقة رابحة

محللون لـ "حفريات": تقرير "أمنستي" وضع بأيدي الفلسطينيين ورقة رابحة


12/02/2022

لم يعد تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي"، الذي اتّهم دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنّها دولة فصل عنصري "أبارتهايد"،  تمارس التمييز العنصري بأشكاله كافة ضدّ الفلسطينيين، مجرد إعلان عبر وسائل الإعلام، فهذا التقرير نقطة البداية لفضح الاحتلال الإسرائيلي، ومحاسبته أمام المحافل الدولية على سائر الجرائم التي ارتكبها، وتفكيك بنية الفصل العنصري القائمة منذ احتلال فلسطين عام 1948.

 واتهمت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية "أمنستي"، أنييس كالامار، إسرائيل؛ بأنّها دولة "أبارتهايد" تمارس نظام فصل عنصري تجاه الفلسطينيين كافة في أماكن وجودهم بالضفة الغربية، وقطاع غزة، وداخل إسرائيل، وتحتل أراضيهم منذ 74 عاماً، وتمارس التمييز ضدّهم.

 

اقرأ أيضاً: هل تستطيع السلطة الفلسطينية الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل؟

ومن الممارسات العنصرية التي ذكرتها  كالامار؛ هي حرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة، والقيود الصارمة على الحركة والتنقل بين المدن الفلسطينية، والنقل القسري، والاعتقال الإداري، والتعذيب، والقتل غير القانوني، إضافة إلى مصادرة الأراضي، والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع، معتبرة تلك الممارسات أنّها انتهاكات مكوّنات نظام عنصري تمييزي يرقى إلى جريمة ضدّ الإنسانية بموجب القانون الدولي.

وبعد إصدار هذا التقرير تنضمّ منظمة العفو الدولية إلى منظمتَي "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية و"هيومن رايتس ووتش" في اتّهام إسرائيل بممارسة "الآبارتهايد"، أو "نظام الفصل العنصري" في الأراضي الفلسطينية، وضدّ مواطنيها العرب.

وتستخدم المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية، مثل "بتسيلم"، عبارة "الفصل العنصري" للإشارة إلى سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، والقدس الشرقية وقطاع غزة.

إسرائيل لن تستطيع فعل شيء لتعطيل  تقرير "أمنستي"، لأنّه صدر، والأمينة العامة للمنظمة وضعت توصياتها بضرورة العمل على مخرجات هذا التقرير، وعدم وضعه بالأدراج

ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية، بعد عام من فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في "جرائم ضدّ الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.

ومن المتوقّع أن يركز هذا التحقيق جزئياً على جرائم الحرب المحتملة التي يمكن أن تكون ارتُكبت خلال حرب 2014 في قطاع غزة بين حركة حماس، والجيش الإسرائيلي.

وأثار استخدام مصطلح "الفصل العنصري" غضب السلطات الإسرائيلية، التي شجبت التقرير، ورأت أنّه منشور دعائي غير متصل بالحقائق والأرض.

وأصدر وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، بياناً قال فيه: إنّ "منظمة العفو كانت يوماً ما منظمة موقّرة نحترمها جميعاً"، مضيفاً: "اليوم هي على عكس ذلك تماماً، وبدلاً من البحث عن الحقائق، تستشهد منظمة العفو بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية".

 

اقرأ أيضاً: هل تنجح الجزائر في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين؟

ولفت لبيد إلى أنّ دولة "إسرائيل" ليست كاملة، لكنّها ديمقراطية ملتزمة بالقانون الدولي، ومنفتحة على التدقيق، متهماً منظمة العفو الدولية بمعاداة السامية، قائلاً: "أكره استخدام الحجة بأنّه لو لم تكن إسرائيل دولة يهودية، فلن يتجرأ أحد في منظمة العفو الدولية على التحدث ضدّها، لكن في هذه الحالة لا يوجد احتمال آخر".

تأثير كبير

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" له تأثير كبير جداً على إسرائيل؛ لأنّه يصفها بشكل واضح بأنّها دولة "أبارتهايد عنصري"، وهذا يصدر للمرة مرة يصدر عن جهة دولية محايدة لديها مصداقية كبيرة؛ إذ إنّ هذا التقرير يتحدث عن الفلسطينيين في سائر المناطق بالضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى في أراضي 1948، ويعود الأمر إلى تشكيل دولة إسرائيل".

الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله: تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" له تأثير كبير جداً على إسرائيل

يضيف: "تقرير "أمنستي" وضع في أيدي الفلسطينيين وثيقة ذات مصداقية عالية، يمكن أن يلوّحوا بها أمام العالم، وتكون ورقة رابحة لهم يذهبوا بها إلى الأمم المتحدة، ويقولوا نعم هذه الحياة التي نعيشها باعتراف المراقبين الدوليين، ومؤسسات حقوق الإنسان، ويمكن أن يحاكموا "إسرائيل" أمام المحاكم الدولية، على الجرائم التي ارتكبتها بحقّ المدنيين خلال الحروب التي شنتها".

 

اقرأ أيضاً: النواة التوراتية: سلاح فتّاك لتهجير العرب من المدن الفلسطينيّة المختلطة

يتابع: "رغم أهمية تقرير أمنستي إلا أنّه لن يغير كثيراً من واقع الفصل العنصري في فلسطين؛ لأنّ إسرائيل تمارس التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين، ولا يعنيها ما يحدث بالخارج، لكن على المدى البعيد سيكون هناك تأثير على كبير على إسرائيل، سوف يجعلها تفكّر كثيراً عندما تبدأ بترجمة هذا التقرير بشكل عملي، وتتغير سياسات دول عالمية تجاهها، وقتها لن تجد مفراً أمام حقيقة هذا التقرير".

شجاعة

ويبيّن عطا الله أنّ إسرائيل سوف تحاول الرد على هذا التقرير، وتستخدم حنكتها السياسية في إطار كيف ستردّ، وماذا ستفعل، لكنّها لن تستطيع فعل شيء؛ لأنّ منظمة العفو الدولية قالت كلمتها، واتّخذت قرارها، وكانت هناك شجاعة كبيرة في نشر هذا التقرير.

وبسؤاله عن سبب عدم تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لتقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي"؟ أجاب قائلاً: "الولايات المتحدة الأمريكية تشكل غطاءً لإسرائيل في كل المحافل الدولية وهذه سياسة أمريكية لن تتغير حتى مع تغيّر الرؤساء.

المحلل السياسي أكرم عطا الله لـ"حفريات": تقرير "أمنستي" وضع في أيدي الفلسطينيين وثيقة ذات مصداقية عالية، وستكون ورقة رابحة لهم ليذهبوا بها إلى الأمم المتحدة

ويشير إلى أنّ هذا التقرير سيعزز الرواية الفلسطينية، ويعمل على تعرية إسرائيل، وكشفها أمام العالم، بأنّها دولة ليست ديمقراطية، ولا تلتزم بالقوانين والأعراف الدولية، وسوف يزيد الدعم للقضية الفلسطينية بشكل أوسع.

 وينوّه عطا الله بأنّ تقرير أمنستي كان بعيداً عن الحالة الفلسطينية الداخلية، وتحدّث بموضوعية تامة عن منطقة معينة تمارَس ضدّ سكانها ممارسات عنصرية، بكل التفاصيل التي ذكرها التقرير "قومية يهودية تسيطر على قومية عربية، وتمارس ضدها العنصرية".

ما الذي يجعل تقرير أمنستي مهماً؟

من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، طلال عوكل، لـ "حفريات": "التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية مهم جداً؛ لأنّه صادر عن مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، وهذه المنظمة ملتزمة بقراراتها وقوانينها، وهذه القيمة الأساسية لهذا التقرير، فهو لم يصدر عن جهة فلسطينية، أو عربية، أو عن لجنة جانبية".

الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، طلال عوكل: التقرير خطوة بالاتجاه الصحيح، وسوف يساعد الفلسطينيين كثيراً

فضلاً عن ذلك، فإنّ التقرير، يردف عوكل، "خطوة بالاتجاه الصحيح، وسوف يساعد الفلسطينيين كثيراً، لأنّ العالم سيتعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري، بالتالي، على من يستمر بالتعامل معها أن يواجه أزمة أخلاقية، وأزمة سياسية أيضاً، كما حصل مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهذا التقرير له أهمية في ضبط الخطاب الإسرائيلي، والذي بدأ يفقد مصداقيته أمام العالم".

 

اقرأ أيضاً: تنظيمات إرهابية إسرائيلية تهدد برمي الفلسطينيين وراء النهر

ويواصل حديثه: "هذا التقرير، الذي عدّ إسرائيل دولة "أبارتهايد" سيفتح الباب أمام منظمات مجتمع مدني، وجماعات سياسية واجتماعية على مستوى العالم؛ كي تستجيب للمقاطعة الفلسطينية، وتضغط على إسرائيل، وتتعامل معها باعتبارها دولة فصل عنصري؛ إذ إنّ هذا  التقرير يعدّ إضافة للتقرير الصادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي صنّف دولة الاحتلال على أنّها نظام فصل عنصري".

انتزاع الشرعية من إسرائيل

وبحسب عوكل؛ فإنّ المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا بأنّ هذا التقرير يحاول انتزاع الشرعية من إسرائيل، وأنّه يشكّل خطراً عليها، ولذلك سوف تبذل الدولة العبرية جهداً كبيراً مع سائر حلفائها بالمجتمع الدولي، لمحاصرة هذا التقرير وتداعياته، والضغط على الفلسطينيين حتى لا يقدموا ذلك للجنائية الدولية.

ويؤكد عوكل أنّ إسرائيل لن تستطيع فعل شيء لتعطيل  تقرير "أمنستي"، لأنّه صدر، والأمينة العامة للمنظمة وضعت توصياتها بضرورة العمل على مخرجات هذا التقرير، وعدم وضعه بالأدراج، لأنّه جزء من حالة الصراع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية