استثمارات حماس تخنق المتنزهات في غزة وتستولي على الأملاك العامة

استثمارات حماس تخنق المتنزهات في غزة وتستولي على الأملاك العامة


01/09/2020

منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، خلال عام 2007، عملت على إنشاء العديد من المشروعات الزراعية والسياحية والتجارية، وكذلك تأسيس عدد من الجمعيات التي ميزتها بطابع إسلامي، كلجان الزكاة والجمعيات الإسلامية، لجمع التبرعات الداخلية والخارجية للفقراء والمحتاجين في قطاع غزة، لكن سرعان ما تلاشى الدور التي تقوم به هذه الجمعيات، وذلك للقيام بمشروعات استثمارية وتجارية يعود ريعها على حركة حماس.

وتعود أرباح وعوائد هذه المشروعات لعدد من قيادات الحركة، في وقت تتجاهل فيه أعداد العاطلين عن العمل من العمال والخريجين، المنهكين اقتصادياً بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أعوام.

اقرأ أيضاً: تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي

وبحسب تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط"، الصادرة في لندن، تقوم حماس بتشغيل أموالها في السوق، فيقيم رجال أعمالها المشروعات المختلفة، ولديهم محلات ومؤسسات تجارية كبيرة، وعلى سبيل المثال؛ لديهم جمعيات استهلاكية، ومعارض سيارات، ومفروشات، وأجهزة كهربائية، ومحلات كمبيوتر، ومصانع، تنتشر في الضفة الغربية وقطاع غزة.

منتجع النور السياحي غزة

ووفق تقرير نشرته وكالة "وفا" الفلسطينية، في كانون الأول (ديسمبر)2015؛ فإنّ حماس اتخذت 560 قراراً بتخصيص أكثر من 10 ملايين متر مربع،  بين عامَي 2007 و2014، في قطاع غزة، خصّصت منها 100 ألف متر مربع لإقامة مشروعات سياحية، و15 ألف متر مربع لمشروعات ربحية، ومليونين و228 ألف دونم لإقامة مشروعات إسكانية، فيما خصصت أيضاً 81 ألف و200 متر مربع لصالح الهلال الأحمر التركي، وتخصيص 3 ملايين و868 ألفاً و930 دونماً، أي ما نسبته 36% من الأراضي، لصالح كتائب القسام بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني.

حماس واصلت مشروعاتها الربحية بافتتاح منتجعات ومناطق ترفيهية على أراض حكومية مخصصة لإقامة مشروعات عامة تخدم كافة المواطنين واستغلالها في مشروعات تجارية؛ كإقامة مدينة أصداء الترفيهية وسواها

ووفق إحصائية صادرة عن وزارة التنمية الاجتماعية في غزة، خلال عام 2019؛ فإنّ نسبة الفقر والبطالة في القطاع وصلت إلى ما يقارب 75%، وأنّ 70% من سكان قطاع غزة غير آمنين غذائياً.

وتنشط حماس في مجال الاستثمار في غزة، عبر المشاركة في مشروعات تجارية متنوعة، وكان من بينها قيام بلدية غزة، التي جرى تعيين رئيسها من قبل حركة حماس قبل عدة أشهر بمشروع تأجير الأكشاك على كورنيش المدينة، في حزيران (يونيو) الماضي، بحجّة تطوير الواجهة البحرية للمدينة، وألزمت المستأجرين بدفع مبلغ 2500 دولار أمريكي سنوياً، متجاهلة أوضاع هؤلاء البائعين السيئة والبائسة.

اقرأ أيضاً: سلطتان في غزة ورام الله لحكم الفلسطينيين: أما لهذا العذاب من نهاية؟

وكان آخر تلك المشروعات الاستثمارية؛ قيام لجنة زكاة مخيم الشاطئ للاجئين والتابعة لحركة حماس، بإزالة المتنزه الوحيد بالمخيم، والذي يسكنه ما يزيد عن 90 ألف نسمة، في مساحة لا تتجاوز 2 كيلو متراً مربعاً، وإقامة مشروع استثماري على أنقاضه، ما شهد معارضة كبيرة من قبل الأهالي والقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، والتي رفضت، عبر بيان لها في 11 آب (أغسطس) الجاري، تحويل منتزه في مخيم الشاطئ إلى مشروع تجاري، باعتبار ذلك خطوة مرفوضة يجب التراجع عنها، وأنّ تلك المشروعات ما هي إلا لتصفية قضية اللاجئين، وإعطاء حالة من الاستقرار في المخيم، للتخلي عن حقّ العودة، وتغيير شواهد المخيمات الفلسطينية.

تجفيف منابع حماس المالية بالخارج

يقول الباحث والمختصّ في شؤون الجماعات الإسلامية، منتصر أبو شرخ، في حديثه لـ "حفريات": "بعد انقلاب حركة حماس على السلطة الفلسطينية الشرعية في قطاع غزة، خلال العام 2007، لجأ أشخاص محسوبين عليها للسيطرة على الأنفاق الحدودية الممتدة مع جمهورية مصر العربية، وذلك في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، لإدخال البضائع المهربة كالسيارات ومواد البناء والمواد التموينية، وتقوم بجباية رسوم باهظة على دخول تلك البضائع لقطاع غزة".

مشروع الأكشاك التجارية على كورنيش غزة

وتابع: "بعد سقوط مرسي ازداد الوضع سوءاً، وتمّ تجفيف منابع حماس المالية، والتي كانت تأتي عبر نظام ما يسمي "الشنطة"، من خلال تهريب ملايين الدولارات للحركة عبر الأنفاق, وتلاشي حصول حماس على الدعم المالي من عدة دول خارجية، بعد حملات واسعة شنتها دول أجنبية على جمعيات إسلامية في الخارج، تدعم الحركة، كما حصل بعد قضاء محكمة دالاس الأمريكية، خلال العام 2009، بسجن رؤساء لعدة جمعيات خيرية في الولايات المتحدة، بعد إدانتهم بتحويل أموال  لحركة حماس".

اقرأ أيضاً: "كوماندوز".. فريق شبابي يتحدّى البطالة في غزة

ولفت إلى أنّ "التضييقات على الدعم المالي لحركة حماس لم تشمل الجانب الدولي فقط؛ حيث قامت إسرائيل خلال عام 2008، بشنّ حملة موسعة أطلقت عليها عملية "البدلة الشخصية" لملاحقة عدة محلات صرافة في الضفة الغربية، بعد اتهامهم بقضايا غسيل أموال وجلب ملايين الشواكل من عدة دول أجنبية، بغرض تحويلها إلى حركة حماس في غزة".

مشروعات حماس الاستثمارية

"ونتيجة لتلك الإجراءات المشددة؛ لجأت مؤسسات وجمعيات وأشخاص يتبعون لحركة حماس، وفق أبو شرخ، لإنشاء مشروعات تجارية واستثمارية وسياحية، كاستصلاح ملايين الدونمات الزراعية من أراضي المستوطنات التي انسحبت منها إسرائيل بالقطاع، خلال عام 2005، لزراعة محاصيل زراعية وتأجيرها لعدد من المزارعين مقابل مبالغ مالية، وكذلك إنشاء البنك الوطني الإسلامي من قبل رجال أعمال ينتمون لحماس، وهو غير معترف به من قبل سلطة النقد الفلسطينية، ويدفع البنك رواتب موظفي الحركة بغزة".

المواطن تيسير اللوح لـ "حفريات": "بدلاً من أن تصطفّ حماس إلى جانب سكان غزة، الذين يعيش 80% منهم تحت خطّ الفقر، تمارس الحركة بحقهم كافة أشكال القهر

وأكّد أنّ "حركة حماس واصلت مشروعاتها الربحية بافتتاح منتجعات ومناطق ترفيهية سياحية على أراضٍ حكومية مخصصة لإقامة مشروعات عامة تخدم كافة المواطنين واستغلالها في مشروعات تجارية؛ كإقامة مدينة أصداء الترفيهية والإنتاجية في مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، على مساحة 750 دونماً خلال عام2007، ومنتجع النور السياحي وسط قطاع غزة، ويمتلكه القيادي في حماس روحي مشتهي، وفي عام 2010؛ تمّ إنشاء مدينة بيسان الترفيهية، شمال قطاع غزة، على مساحة 260 دونماً، وتمّ تخصيص جزء من المدينة لإقامة مشروعات لتربية المواشي والأبقار والدواجن، وتتبع المدينة لوزير داخلية حماس الأسبق، فتحي حماد".

 مدينة بيسان الترفيهية والإنتاجية شمال غزة

وأضاف أبو شرخ: "آخر مشروعات حماس التجارية كان تطوير الواجهة البحرية لكورنيش غزة، خلال حزيران (يونيو) الماضي؛ بإنشاء عدد من الأكشاك التجارية عبر بلدية غزة، وتأجيرها للبائعين مقابل مبالغ مالية باهظة، إضافة إلى إقامة محال تجارية في مخيم الشاطئ للاجئين، من قبل لجنة زكاة الشاطئ التي تتبع حماس، خلال شهر آب (أغسطس) الحالي، على مساحة 950 متراً مربعاً، ليتمّ حرمان المخيم المكتظ بأهله من متنفسهم الوحيد".

دعم الفقراء والمحتاجين

وبيّن نور الدين عقيلان، رئيس لجنة زكاة الشاطئ الجنوبي، التابعة لحركة حماس؛ أنّ "المشروع المزمع إنشاؤه هو عبارة عن سوق شعبي لدعم الفقراء والمحتاجين والأيتام في المخيم"، مبيناً أنّ "بناء السوق سيتمّ على أنقاض الملعب الرياضي المعشب الملاصق لمنتزه المخيم، ولن يقتطع أيّ جزء من المنتزه".

اقرأ أيضاً: ما سر دعم إيران لحركتي حماس والجهاد؟

ويضيف عقيلان، في حديثه لـ "حفريات": "أرض المشروع كانت سابقاً تتبع لمركز شرطة الشاطئ، مع بداية قدوم السلطة للقطاع، عام 1996، وبعد قصفه من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي في الحرب الإسرائيلية على غزة، عام 2008، تمّ تحويله إلى ملعب معشّب يتبع لحركة حماس، خلال عام 2015م، ويتم تأجيره لهواة ممارسة كرة القدم مقابل أجور مالية".

وتابع: "بعد متابعة لجنة الزكاة مع المسؤولين في حركة حماس لإقامة المشروع على أرض الملعب، تنازلت الحركة عنه لصالح لجنة زكاة الشاطئ".

رفض شعبي

بدوره، تساءل المواطن سعدي فياض (33 عاماً) من سكان غزة، عن "سبب التغوّل والشمولية من حركة حماس في مناطق مختلفة من قطاع غزة لإقامة مشروعات تجارية واستثمارية على حساب السكان، وذلك تحت حجج وذرائع واهية، بدعوى تعزيز صمود المواطنين، وهو على العكس تماماً مما ينادي به القائمون عليها؛ حيث تحرم تلك المشاريع الربحية المواطنين وعائلاتهم، الذين يئنون تحت ظروف معيشية واقتصادية صعبة، من الانتفاع من الأماكن العامة للاستجمام والترفيه".

وشدّد فياض، في حديثه لـ "حفريات": على "ضرورة تراجع حركة حماس عن الاستمرار في إقامة تلك المشروعات التي تزيد من أعباء الفقراء والمحتاجين، وتعدّ تعدّياً واضحاً على حقوقهم المشروعة في الاستفادة من المرافق العامة والمتنزهات، مجاناً ودون دفع رسوم مالية على ارتيادها".

اقرأ أيضاً: خبراء لـ "حفريات": غزة أصبحت بيئة خصبة للانتحار

أما المواطن تيسير اللوح، فيقول لـ "حفريات": "بدلاً من أن تصطفّ حركة حماس إلى جانب سكان غزة، الذين يعيش 80% منهم تحت خطّ الفقر، تمارس الحركة بحقهم كافة أشكال القهر؛ كجمع الأموال والجباية، بعد تحويل العديد من الممتلكات العامة لمشروعات استثمارية تدرّ دخلاً مالياً على مؤسسات وشخصيات تعود للحركة".

ولفت اللوح (45 عاماً)، من مدينة غزة، إلى أنّه "لم يعد في غزة أيّ مكان أو متنفس مجاني لسكانها، ويتمّ استغلال غالبية المناطق بالقطاع من قبل حركة حماس لإقامة مشروعات سياحية وتجارية، لتحقيق مكاسب مادية على حساب جراحات المواطنين في غزة وآلامهم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية