اتجاهات التصويت العربية في انتخابات الكنيست الأخيرة؟

اتجاهات التصويت العربية في انتخابات الكنيست الأخيرة؟

اتجاهات التصويت العربية في انتخابات الكنيست الأخيرة؟


07/11/2022

شهدت انتخابات الكنيست الأخيرة رقم (25) مفاجأة كبيرة بإحراز معسكر اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو الأغلبية المريحة لتشكيل حكومة يمينية مستقرة، بعد ما حصد معسكره 64 مقعداً في الانتخابات التي أُجريت في الأول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.

وكان الوسط العربي في إسرائيل محوراً كبيراً في هذه الانتخابات من جانب المعسكرين المتنافسين؛ معسكر يائير لابيد - بيني غانتس وحلفائهما، ومعسكر اليمين الاستيطاني بزعامة نتنياهو. دعم الأول قائمتين عربيتين وهما؛ القائمة العربية الموحدة وقائمة الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير، من أجل أنّ يكونا بيضة القبان في نتائج الانتخابات لمنع معسكر نتنياهو من الفوز بالأغلبية.

لا بيضة قبان

لكنّ نتائج الانتخابات جاءت عكس ما تشتهي سفن معسكر لابيد وداعميه من اليهود الإصلاحيين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، الذين أنفقوا أموالاً طائلة بحسب العديد من التقارير داخل الوسط العربي لرفع نسب التصويت لصالح قائمة الجبهة والعربية للتغيير، بعد تبنيها خيار التأثير عبر التوصية لحكومة بقيادة لابيد، دون المشاركة في الائتلاف بعكس القائمة العربية الموحدة.

في المقابل، غرد حزب التجمع الوطني الديمقراطي (بلد) وحيداً في انتخابات الكنيست، بعيداً عن وعود التأثير من داخل البرلمان، بعد افتراقه عن رفيقي القائمة المشتركة السابقة. وحقق حزب التجمع نتائج يراها مؤيدوه نجاحاً كبيراً في مسار تجربته السياسية بعد التخلص من إرث القائمة المشتركة، حتى وإن لم يحصل على أي مقعد في الكنيست، لعدم تمكنه من تجاوز نسبة الحسم.

أنور القصاصي: نتائج الموحدة تعكس مطلب الشارع العربي

وبحسب النتائج النهائية لانتخابات الكنيست رقم (25)، فيما يخص الأحزاب العربية، تصدرت القائمة العربية الموحدة نسب التصويت بنسبة 4.07% بعدد 194 ألف صوت تقريباً، وبحصة (5) مقاعد، وتلتها قائمة الجبهة - العربية للتغيير، بنسبة 3.75%، بعدد أصوات 179 ألف صوت تقريباً، وحصة (5) مقاعد، وفي المؤخرة حل حزب التجمع الوطني (بلد) بنسبة تصويت 2.90%، وكتلة تصويتية بنحو 138 ألف صوت، وبدون أي مقعد، لعدم تجاوز نسبة الحسم التي تُقدر بـ 3.25% من الأصوات الصحيحة.

وفي حديثه لـ"حفريات" قال الناشط السياسي والاجتماعي، القريب من القائمة الموحدة، أنور القصاصي: "لا شك أنّ نتائج الموحدة تعكس مطلب الشارع العربي، في خطاب عقلاني يتماشى مع الواقع"، مشيراً إلى أنّ الجماهير العربية لديها آمال كبيرة، تعتبر الموحدة هي الأقرب إلى تحقيقها، وهو ما ترجمته القائمة بشعارها "الموحدة أقرب لنبض الشارع".

بنيامين نتنياهو الذي استطاع توحيد معسكر اليمين المتطرف، وانتهاج سياسية انتخابية قائمة على التواصل مع القواعد الانتخابية، أتت أوكلها بحصول معسكره على 64 صوتاً

وأوضح الناشط الفلسطيني أنّ أبرز ما حدث في هذه الانتخابات هو تجاوب الناخب العربي وبالتالي زيادة التصويت، وبحسبه لذلك "دور كبير في تخفيف إسقاطات ارتفاع نسبة التصويت عند اليمين اليهودي، نتيجة خمول المركز - يسار اليهودي".

وفي انتخابات الكنيست الأخيرة في عام 2021، شارك العرب بقائمتين، وهما القائمة المشتركة التي ضمت الجبهة والعربية للتغيير وحزب التجمع، وحازت على نسبة تصويت 4.82%، وكتلة تصويتية بنحو 213 ألف صوت، وحصة (6) مقاعد، وتلتها القائمة الموحدة بنسبة 3.79%، وكتلة تصويتية بعدد 167 ألف صوت، وحصة (4) مقاعد.

حرق الأصوات

وفي بيانها اتهمت قائمة الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير حزب التجمع بحرق أصوات الناخبين العرب. وقالت في بيانها: "نُشرت في الساعات الأخيرة الكثير من المغالطات من طرف قيادات في التجمع الوطني الديمقراطي التي تستحق الرد والتوضيح، فالتجمع الذي اعتزم خوض هذه الانتخابات وفق أجندة سياسية، سرعان ما وضعها جانباً، ووجه أسهمه تجاه الجبهة والعربية للتغيير ليؤسس لحملة كاملة على الاستعطاف والتشويه والتضليل".

وتابع البيان: "إنّ ادعاءه بأن قائمتنا كانت مضمونة لم يكن مبنياً على أي معطيات حقيقية ولا يمكن أن يدخل إلا في باب الاستهانة بأصوات المجتمع العربي، وكأنه ما كان ليكتفي بإهدار أكثر من 100 ألف صوت، وهو ما حدث بالفعل، إنما أراد أن يهدر أصوات قائمتنا نحن أيضاً دون الاهتمام بما يعنيه ذلك من تتويج لأصحاب "النهج الجديد" اياه كممثل وحيد للجمهور العربي في البلاد".

عبد القادر وتد: من حرق الأصوات هو من اختار بناءً على وعود وخدمات بلدية

ومن جانبه، يرى الناشط السياسي الفلسطيني، عبد القادر وتد، أنّ من صوّت لحزب التجمع لم يحرق صوته، بل اختار التوجه السياسي المعبر عنه. وزاد: "من يقع تحت طائلة هذه التهمة هو من صوّت لحزب ميرتس من العرب؛ فهو حزب صهيوني يساري منافق، لم يقف ضد الحرب على لبنان وغزة، وله بديل عربي وهو حزبا الجبهة والعربية للتغيير".

وتابع لـ"حفريات" أما التجمع فليس هناك حزب في داخل الطيف السياسي الإسرائيلي شبيه له، فلهذا من صوت له "صوت لمن يمثله". وشدد الناشط وتد على أنّ "138 ألف مصوت للتجمع لم يحرقوا أصواتهم؛ فهؤلاء اختاروه دون وعود بميزانيات ولا خدمات بلدية كما تفعل القائمتان العربيتان الأخريان، بل صوتوا بناءً على رؤية تعبر عنهم وهي أشياء غير محسوسة".

الناشط عبد القادر وتد لـ"حفريات": حقق التجمع 138 ألف صوت، منفرداً دون دعم، ولم يكن لديه سوى مقعد واحد في الكنيست لسامي أبو شحادة، وهذه نتائج مُرضية

وأوضح الناشط الفلسطيني، أنّ حرق الأصوات هو الاختيار بناءً على وعود وخدمات بلدية باسم "التأثير" سواء الموحدة الذين دخلوا في ائتلاف حكومة بينيت - لابيد التي ارتكبت الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك قائمة الجبهة والعربية للتغيير التي رفعت شعار "نؤثر بكرامة" بما يعني من نيل خدمات بلدية أيضاً. ولفت إلى أنّهما باتوا يملكون "شيكاً بلا رصيد" بعد انتفاء الحاجة إليهم حين حسم نتنياهو الأغلبية، ولم يعد لهم دور، وسقط زعمهم بفكرة "بيضة القبان"، ولهذا هم من حرقوا أصوات الناخبين العرب.

موقع حزب التجمع

وحملت القوائم العربية الثلاث برامج انتخابية تعتبر ثلاث رؤى للعرب في إسرائيل؛ الأولى رؤية ذهبت نحو المشاركة في ائتلاف سياسي إسرائيلي للمرة الأولى وهي القائمة الموحدة، وربما كانت لتذهب أبعد من ذلك إذا توافق مع نهجها للمشاركة السياسية. والرؤية الثانية وهي للجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير والتي أخذت خطوة جديدة نحو التأثير على الحكومات الإسرائيلية عبر التوصية لائتلاف سياسي مقابل خدمات بلدية، دون الاشتراك فيه مباشرةً، وهي الخطوة التي تبعت فيها القائمة الموحدة، رغم انتقادهم للأخيرة.

والرؤية الثالثة وهي لحزب التجمع (بلد) التي ترفض أية مساومات من تحت الطاولة في العمل السياسي، ولا تفرط في القضية لصالح الخدمات البلدية، ولهذا فجمهور هذه الأخيرة لن يتأثر بإنتهاء فكرة العرب كـ"بيضة القبان".

ويقول الناشط الفلسطيني، أنور القصاصي: "حصة اليمين الصهيوني في البرلمان ستكون سلبيةً على الشارع العربي وعلى مؤسسات الدولة". وأضاف "في تصوري السبب الذي أرجع بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم فـي إسرائيل هو محاربة حكومة بينت - لابيد من قِبل القائمة المشتركة، ومذ اليوم الأول من أجل عدم نجاح القائمة العربية الموحدة، وتحقيق الكثير في مطالب في قضايا الأرض والمسكن، مثل قانون لم الشمل وقانون الكهرباء وقانون الفتمال المتعلق بتوسيع مسطحات نفوذ السلطات المحلية العربية".

أبو شحادة في تجمع انتخابي للتجمع

ونوه إلى أنّ شعار القائمة المشتركة في الانتخابات الماضية كان إسقاط نتنياهو، ولم تستطع ذلك. وذكر أنّ من أطاح بنتنياهو هو منصور عباس، الذي دخل لأول مرة في ائتلاف حكومي، أدى إلى تغيير ملحوظ.

وبخلاف ذلك، يرى الناشط عبد القادر وتد، أنّ "الحقوق لا تأتي إلا من خلال العمل في الشارع، مثل تجربة العام 2011 في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها الأسرى، وكان لهم الدور الأكبر فيها، وحظيت بدعم الشباب العرب في الجامعات في الداخل، وكذلك تجربة التصدي لمخطط "برافر" لسرقة 150 ألف دونم من النقب، والذي أسقطه نضال 30 ألف شاب عربي في الداخل".

وشهدت الانتخابات الأخيرة زيادة نسبة التصويت ككل من 67.44% في عام 2021 إلى 70.06%، ويعود الفضل في ذلك إلى بنيامين نتنياهو الذي استطاع توحيد معسكر اليمين المتطرف، وانتهاج سياسية انتخابية قائمة على التواصل مع القواعد الانتخابية، أتت أوكلها بحصول معسكره على 64 صوتاً، بعد استقطاب ما يقرب من نصف مليون صوت جديد.

ونفس الأمر حصل بين الناخبين العرب، حيث ارتفعت نسبة التصويت من 36% إلى 53%، وهو الأمر الذي يرجعه الناشط السياسي عبد القادر وتد إلى "حزب التجمع" الذي نجح في كسب شريحة لم تكن تصوت بسبب رفض نهج القائمة المشتركة والموحدة.

وقال لـ"حفريات": "حزب التجمع كان المفاجأة؛ لأنّ الجميع كان يعلم أنّه لن يعبر نسبة الحسم، وكان الرهان على الأصوات التي يحققها، فلو كان رقماً يقف عند 50 ألف صوت لكانت انتهت تجربته، أما وقد حقق 138 ألف صوت، منفرداً دون دعم، ولم يكن لديه سوى مقعد واحد في الكنيست لسامي أبو شحادة، فهذه نتائج مُرضية، ولها ما بعدها".

مواضيع ذات صلة:

محللون فلسطينيون يقرأون لـ"حفريات" حظوظ الأحزاب العربية في الكنيست القادم

تجربة الإسلاميين في الكنيست الإسرائيلي: خطاب العبري يدعو إلى التعايش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية