محللون فلسطينيون يقرأون لـ"حفريات" حظوظ الأحزاب العربية في الكنيست القادم

محللون فلسطينيون يقرأون لـ"حفريات" حظوظ الأحزاب العربية في الكنيست القادم

محللون فلسطينيون يقرأون لـ"حفريات" حظوظ الأحزاب العربية في الكنيست القادم


06/10/2022

قدم محللون سياسيون فلسطينيون تصوراتهم حول مآلات انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقبل، في ظل انقسام واسع في صفوف الأحزاب العربية المتنافسة في الانتخابات.

ورغم أنّ لجنة الانتخابات الإسرائيلية قررت شطب قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي من الانتخابات، فإنّ الحزب مستمر في خطته الانتخابية، معوّلاً على لجوئه إلى المحكمة العليا لإلغاء قرار اللجنة، الذي يصفه بالسياسي، وهي لجنة تتكون من عضوية أحزاب سياسية مشاركة في الانتخابات، يرأسها قاض من المحكمة العليا.

وليست تلك المرة الأولى التي تُشطب فيها قائمة الحزب، بل وحتى أسماء أفراده حين كان يترشح ضمن القائمة العربية المشتركة، فهو أمر بات مألوفاً مع لجنة الانتخابات، وعادةً ما تلغي المحكمة العليا قرار اللجنة، الذي ينبني على دوافع سياسية، وهذه المرة كانت أشد وضوحاً، حيث اتّهم رئيس الحزب، وزير الدفاع وعضو اللجنة، بيني غانتس، بدعم شطب قائمة الحزب من أجل تصعيد أحزاب عربية بعينها، تدعم تحالف لابيد – غانتس.

في هذه الغضون يهيمن مشهد ضبابي على مستقبل العرب في الكنيست الإسرائيلي، بعد تفكّك القائمة العربية المشتركة، التي كانت تضمّ ثلاثة أحزاب: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، والتجمّع الوطني الديمقراطي، وذلك بعد خلاف الحزبين الأولين مع حزب التجمع، لتنقسم القائمة إلى تحالف الجبهة والعربية، ويخوض التجمع الانتخابات منفرداً.

ويفرض ذلك واقعاً جديداً على المشاركة السياسية للعرب في إسرائيل، سيمتدّ إلى الحزب العربي الرابع، القائمة العربية الموحدة، ليضع العرب أمام عدة احتمالات، أحدها هو تفتّت الكتلة التصويتية العربية، وتوزّعها على الجميع؛ حيث لا تنجح أية واحدة من الكتل السياسية الثلاث (الجبهة - العربية، الموحدة، التجمع) في تجاوز نسبة الحسم (العتبة الانتخابية). وقتها لن يحقق العرب مقعداً واحداً في الكنيست، مقارنةً بـ 10 مقاعد في آخر انتخابات للكنيست، منها 6 للقائمة المشتركة السابقة، و4 للقائمة الموحدة.

اتهامات متبادلة

وفي منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، ظهر إلى العلن الانقسام بين حزب التجمع، وكلّ من الجبهة والعربية للتغيير، وأعلن الفريقان الانفصال، لتتفكك بذلك القائمة العربية المشتركة، التي خاضت انتخابات الكنيست كوحدة واحدة منذ عام 2015، والتي ضمّت معها الحركة الإسلامية الجنوبية (القائمة العربية الموحدة) حتى انسحاب الأخيرة، مطلع عام 2021، وخوض الانتخابات الأخيرة بشكل مستقل.

أحمد شقير: السبب الذي من أجله انسحب التجمع من المشاركة واهٍ جداً

وتُجرى الانتخابات التشريعية في إسرائيل بنظام التمثيل النسبيّ على أساس دائرة واحدة، ويعني ذلك الترشح وفق قوائم انتخابية، تتشكل من حزب سياسي أو عدة أحزاب صغيرة، بهدف تجاوز نسبة الحسم التي تبلغ 3.25% من الأصوات الصحيحة، والتي يجب على أيّة قائمة تجاوزها حتى تحصل على مقاعد في الكنيست، بعد حساب نسبة الأصوات الصحيحة اللازمة للمقعد الواحد.

وتشمل القائمة الواحدة عدداً من المترشّحين، يكون لهم ترتيب يحدّد أولوية من يحصلون على المقاعد وفق نسبة الأصوات الصحيحة التي حققتها القائمة، حال تجاوزت نسبة الحسم، وهي القضية التي كان لها دور كبير في اختلاف أحزاب القائمة المشتركة الثلاثة، وصولاً إلى التفكك.

وتبادل حزب التجمع وتحالف حزبي الجبهة - العربية للتغيير الاتهامات حول المسؤولية عن تفكك القائمة المشتركة، ويقول الإعلامي الفلسطيني، القريب من الجبهة - العربية للتغيير، أحمد شقير: "قدّم حزب التجمع طلبات عديدة إلى حزب الجبهة خلال المناقشات على تشكيل القائمة المشتركة، وعلى سبيل المثال؛ طالبوا برئاسة القائمة، ثم غدروا بحزب الحركة العربية للتغيير، بعد الاتفاق معه أن يكونا "بلوك" واحد، وبعد ذلك ذهبوا إلى الجبهة وطلبوا الانضمام معها".

تُجرى الانتخابات التشريعية في إسرائيل بنظام التمثيل النسبي على أساس دائرة واحدة، ويعني ذلك الترشح وفق قوائم انتخابية تتشكّل من حزب سياسي أو عدة أحزاب صغيرة

وأضاف لـ "حفريات": "كذلك رفض التجمع الوطني الجلوس بشكل ثلاثي مع الجبهة والعربية للتغيير، وأخيراً لم يعترفوا باتفاقية موقعة بين الجبهة والعربية للتغيير بتقسيم الفترة الزمنية بين المكان السادس والسابع والثامن في القائمة، بعد أن علموا بالأمر من الجبهة، بمعنى أنّ السبب الذي من أجله انسحب التجمع من المشاركة سبب واهٍ جداً".

ومن جانبه، يرى الناشط السياسي، عبد القادر وتد؛ أنّ التجمع "لم يكن راضياً عن سلوك المشتركة في الكنيست؛ بسبب التفاهمات تحت الطاولة مع الأحزاب الإسرائيلية، مثل التنسيق على التصويت على ميزانيات ورئاسة الكنيست، لهذا في نقاشات القائمة المشتركة الأخيرة طالب بتفاهمات سياسية واضحة؛ فهو حزب لا يعدّ العرب في الداخل إسرائيليين، ويؤيد المقاومة، وحقّ تقرير الشعوب لمصيرها، وهو حزب عربي قومي، أقرب إلى التيار الناصري".

وذكر لـ "حفريات"؛ بأنّ "التجمع بدأ في عزل نفسه عن الجبهة والعربية للتغيير، اللذين يتبنيان مفهوم التعايش والاندماج وتقديم التنازلات، كما أنّ التجمع فقد من خلال وجوده في القائمة المشتركة العديد من الكوادر والنشطاء، ومع الخلاف حول توزيع مقاعد القائمة، أعلن التجمع الانشقاق، وعاد إلى الصوت الوطني القوي، الذي كان معهوداً عنه حتى عام 2006، قبل حادث اضطرار مؤسسه عزمي بشارة إلى ترك إسرائيل".

وبحسب رئيس جمعية الشباب للتغيير والتطوير، القريب من القائمة الموحدة، محمود صلاح نجيدات: "بات واضحاً للقاصي والداني أنّ دحر التجمع خارج المشتركة، ليس إلا كي يتسنى للحمائم (الجبهة - العربية للتغيير) اتخاذ قرارات مصيرية، ذات أبعاد تنفيذية ومشاركة فعلية باللعبة السياسية، بل حتى تسنّم مناصب وزارية بالحكومة القادمة، وهكذا يكونون قد سبقوا الموحدة لما هو أبعد من المشاركة الإيجابية".

عبد القادر وتد: التجمع هو حزب قومي عربي أقرب للناصرية

وأشار لـ "حفريات"؛ بأنّ "رئيس الحركة العربية للتغيير، أحمد الطيبي، يريد أن ينهي عهده كوزير أو نائب وزير"، موضحاً أنّ المرحلة الحالية تعدّ مفصلية في تاريخ عرب الداخل.

رؤى متباينة

وكانت مشاركة القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس، في التوصية بحكومة (بينيت - لابيد) سابقةً في تاريخ العمل السياسي العربي في الكنيست. ومن جانبه، نفى الإعلامي الفلسطيني، أحمد شقير، ما يتردد عن نية الجبهة والعربية للتغيير الدخول إلى الحكومة الإسرائيلية.

وبدوره، أفاد الناشط الفلسطيني، عبد القادر وتد، بأنّ كلّ طرف من الأحزاب الثلاثة (التجمع، الجبهة، العربية للتغيير) لديه دوافع وأسباب، أو بمعنى أشمل رواية لما حدث من تفكك القائمة المشتركة. ولفت إلى أنّ "رواية حزب التجمع هي التي تلقى مصداقية أكبر في الشارع العربي في الداخل؛ لأنّ رئيسا الجبهة والعربية للتغيير، أيمن عودة وأحمد الطيبي، في نظر الناس هما سياسيان مجرّبان، أي لديهما قدرة على تجميل الحقائق، بينما رئيس التجمع، سامي أبو شحادة، غير مُجرَّب في قضايا سياسية مفصلية، ولهذا غير معروف عنه تجميل الحقائق، ولهذا يلقى حديثه مصداقية".

وحول وزن الأحزاب الثلاثة، قال: "الجبهة أكبر من التجمع بمرتين أو مرتين ونصف، والعربية للتغيير لم تخضْ الانتخابات لأية مرة بشكل منفرد، لهذا غير معروف وزنها الانتخابي، وربما يقدر بين 20 - 25 ألف صوت". وبسؤاله عن وزن الأحزاب العربية ككل، بعد تفكّك المشتركة، رتبها الناشط الفلسطيني تنازلياً كالآتي؛ القائمة الموحدة، حزب الجبهة، حزب التجمع، وأخيراً الحركة العربية للتغيير، وهو ترتيب تقريبي.

وبحسب رواية حزب التجمع؛ فإنّ الحزب قدم تنازلات عديدة من أجل الحفاظ على القائمة المشتركة، وقرّر الانسحاب حين طُلبت منه تنازلات أكبر، لم يكن ليقبل بها.

الناشط عبد القادر وتد لـ "حفريات": سترتفع نسبة التصويت بين العرب؛ لأنّ العديد من قيادات التجمع المؤثرة عادت إليه بعد الانفصال عن الجبهة العربية للتغيير

وحول التباينات الفكرية بين أحزاب القائمة المشتركة، قال الناشط الفلسطيني: "الجبهة ليست حزباً عربياً، بل حزب عربي يهودي يأمل للتعايش، في المقابل حزب التجمع حزب قومي عربي أقرب للناصرية. وبعد أزمة سوريا انقسم التجمع من الداخل، وأصابه الترهل، فضلاً عن أنّ الجبهة هيمنت على القائمة المشتركة، وصبغتها برؤيتها التي تخالف أفكار حزب التجمع".

ووفق حديثه، ما حدث أثر على قواعد وكوادر التجمع، الذي فقد الكثير منها، والتي عاد أغلبها إلى الحزب بمجرد الانفصال عن القائمة المشتركة، واستعادة الصوت الوطني. وبدورها تتبنى القائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) رؤية تدعو إلى الانخراط الإيجابي في الكنيست، بهدف تحقيق مصالح أوسع للمجتمع العربي في إسرائيل.

مستقبل العرب في الكنيست

وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة، آذار (مارس) 2021، حصلت القائمة المشتركة على نسبة 4.8% من مجمل الأصوات الصحيحة، بعدد 212.5 ألف صوت، وحصلت على 6 مقاعد، وحازت القائمة الموحدة على نسبة 3.8%، بعدد 168 ألف صوت، وحصلت على أربعة مقاعد، وستعقد الانتخابات التشريعية المبكرة، في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لتكون الانتخابات الخامسة خلال عامين.

وعقب إخفاق الفريقين المتنافسين على السلطة في إسرائيل؛ نتنياهو وحلفاؤه، يائير - غانتس وحلفاؤهما، في الحصول على نسبة الحسم لتشكيل الحكومة، وهي 61 مقعداً من مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعداً، باتت للمقاعد العربية أهمية كبرى، بصفتها قادرة على ترجيح كفة أحد المتنافسين، وهو ما فعلته القائمة العربية الموحدة حين أوصت لصالح تحالف نفتالي بينيت - يائير لابيد.

د. محمود نجيدات: المرحلة الحالية تعدّ مفصلية في تاريخ عرب الداخل

ومن المؤكد أنّه حال لم يتجاوز أيّ من الفريقين نسبة الحسم سيكون للمقاعد العربية وزن كبير، وستجري الأحزاب الإسرائيلية مناقشات وتعقد صفقات مع العرب لنيل دعمهم.

وقبل الوصول إلى ذلك، تُثار العديد من الأسئلة حول حظوظ العرب في الكنيست المقبل، رقم (25)، بعد تفكّك القائمة المشتركة، والتي سيطول تأثيرها الأحزاب العربية الأربعة بما فيها القائمة الموحدة.

ويطرح الناشط الفلسطيني من الداخل، عبد القادر وتد، عدة سيناريوهات حول ذلك، ويقول: "وصلت نسبة التصويت بين العرب في الانتخابات الأخيرة إلى 41%، من بينهم العرب الذين يصوتون لأحزاب صهيونية، تحقيقاً لمصالح قبلية وشخصية، ومن هؤلاء من صوّت للقائمة الموحدة نقمةً على القائمة المشتركة".

وتابع: "أتوقع ارتفاع نسبة التصويت بين العرب؛ لأنّ العديد من قيادات التجمع المؤثرة عادت إليه بعد الانفصال عن الجبهة والعربية للتغيير، ومن يتأثر بهم كانوا في إحجام عن التصويت. وبينت استطلاعات الرأي، ارتفاع فرص التجمّع، بدايةً من 1.4 نقطة وحتى 2.4 نقطة، وهي ترتفع بشكل دائم".

وتوقّع الناشط الفلسطيني أن تنخفض نسبة التصويت للقائمة العربية الموحدة، بسبب سكوتهم عن جرائم الاحتلال، ما خيّب آمال عدد ممن صوتوا لهم نقمةً على المشتركة فقط.

وحول حظوظ حزب التجمع الديمقراطي، قال: "هو مفاجأة الانتخابات، وتنتظره عدة سيناريوهات سيكون لها تأثير كبير على الأحزاب العربية الأخرى، وهي؛ إما أن يحصد 50 ألف صوت تقريباً، وبذلك تنتهي تجربته السياسية، وتحصد الجبهة والعربية للتغيير أربعة مقاعد ونصف، والموحدة أربعة مقاعد".

وأضاف "بحسب الاستطلاعات سيحصل التجمع على 85 ألف صوت، وبذلك لن يجتاز نسبة الحسم، لكن إذا واصل الصعود حتى نسبة 3.1%، وهي أقل من نسبة الحسم، لكنّها تعني مستقبلاً واعداً للتجمع، مع عدم تجاوز الموحدة والجبهة - العربية للتغيير نسبة الحسم أيضاً، وعدم فوز العرب بأيّ مقعد في الكنيست".

مواضيع ذات صلة:

تجربة الإسلاميين في الكنيست الإسرائيلي: خطاب العبري يدعو إلى التعايش

أول محجبة في الكنيست الإسرائيلي لـ "حفريات": أعتز بردائي وهويتي الفلسطينية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية