إخوان مصر وتركيا.. هل يتعظ الآخرون؟

إخوان مصر وتركيا.. هل يتعظ الآخرون؟


29/03/2021

سعد الحمد

راهنوا على تركيا وضعوا بيضهم كله في سلتها ارتهنوا لها ولم يراودهم أدنى شكٍ في راعيتها واحتضانها لهم، فانسكبوا عليها وتنادوا إليها.

ولأن المعادلات والحسابات السياسية أرقام تتغير ونتائج تتبدل «ضيقت عليهم اسطنبول»، فقال قائلهم «أرض الله واسعة»!!.

قول ناتج عن صدمة التحول والتغير، صحيح إن أرض الله واسعة، لكنهم لم يحددوا أرضًا أو جهة ولم يتخذوا قرارًا لأن الانقلاب لم يرد على بالهم ولا في تفكيرهم، فساحوا بلا تحسب حتى حدثت الصدمة.

امتلكوا فضائيات ولم يكونوا تحت رقيب، فقالوا ما شاء لهم القول خلال سبع طوال من السنين، لكنها الأيام تدور وبقاء الحال من المحال، فلا الأرض أرضك ولا الوطن وطنك ولا النظام نظامك فاتخذ قراره بدون مقدمات فكانت الصدمة.

التجربة قاسية وكما قلنا صادمة، لكنها ليست الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لكن البعض لا يتعظ ولا يستفيد، وإن شئت لا يتعلم من التجارب التي سبقت وإن كانت لغيره.

مصر الناصرية في نهاية الخمسينيات ومطلع ستينات القرن الماضي احتضنت «البعث» كونهم ذراعها الإعلامي والسياسي ضد نظام عبدالكريم قاسم، تغيرت المعادلات وتحركت الزوايا فطردتهم وطاردتهم من بعد أن رعتهم واحتضنتهم، وكذلك فعلت العراق احتضنت القوميين ورعتهم لكنها في النهاية طردتهم وسجنتهم «نايف حواتمة» مثالاً.

وتجارب أخرى قاسية قلبت ظهر المجن للذين راهنوا على أنظمةٍ غير أنظمتهم واستجاروا بهم واعتبروها منصات للانطلاق في الهجوم الشنيع ضد أوطانهم وبلدانهم، فندموا حين لا ينفع الندم، تشتتوا بين المنافي وتسولوا العيش وبعضهم مات غريبًا حسيفًا على ما كان في وطنه.

تلك حكايات لم تروَ ولم تسرد تفصيلاً وبدقة، فبعضهم ذاق قسوة سجون من احتصنه ومن استخدمه حربة مسمومةً ضد وطنه، وحين انتهى وقته ودوره «سجنوه» أو ألقوا به على الحدود غريبًا مشرودًا.

تلك تجارب، لكن من يقرأ التجارب بعيون مفتوحة وعقولٍ قادرة على التحليل والتفسير والتوقع في زمن محكومٍ بمعادلاتٍ وحساباتٍ لا يقر لها قرار.

مصيبة المصائب أن تتحول من «معارض وطني» إلى أداة يستخدمها خصم بلادك أو حتى عدوها، تلك قضية لم يطروحها على الطاولة بشكلٍ صريح، فهل الاختلاف مع وطنك يعني أن تذهب إلى خندق عدوه وتطلق عليه الرصاص او توجه له الطعنات.

فعلها التيار السياسي الشيعي العراقي فقاتل أخوة له عراقيين حين قاتل في صفوف الايرانيين الخمينيين، فماذا كانت النتيجة لأغلبهم، اسألوهم عن التجربة، هذا اذا تحدثوا بصدق وصراحة.

فمن يستفيد من مثل تلك التجارب الطويلة والمريرة، ومن يدرك أن الاحتضان والرعاية هنا لغرضٍ محددٍ وفترةٍ محددة، ثم من يثق في المعادلات السياسية ويراهن على بقائها للأبد.

دائمًا ما يظن «وبعض الظن إثم» من يلجئون إلى خصوم بلدانهم وأعداء أوطانهم إنهم وجدوا البديل عن الوطن فيوجهون سهامهم ويسددون رميهم ضده، وهم على «يقين» إن بقاءهم وإن من احتضنهم ورعاهم مستمر في ذلك إلى ما لا نهاية، ولا يعلمون إن من احتضنهم يقول بيقين ثابت «إن من خان وباع وهاجم وطنه وطعن بلاده لن يتردد عن طعن من آواه واحتضنه» وتلك قصة أخرى.

عن "الأيام"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية