
في ظل ظروف حرب طاحنة يعيشها السودان، وانهيار اقتصادي غير مسبوق، انفجرت فضيحة فساد جديدة كشفت الوجه الحقيقي للتحالف بين تنظيم الإخوان المسلمين وحكومة بورتسودان، وهذه المرة داخل بعثة الحج السودانية لعام 2025، حيث تحوّلت شعيرة دينية مقدسة إلى فرصة للإثراء غير المشروع والنهب المنظم.
الناشط الإنساني سيف الدين الناير أكد في تصريح لصحيفة (إدراك) أنّ هيئة الحج والعمرة كانت، وما تزال، مؤسسة خاضعة لهيمنة الإسلاميين، وتُستخدم أداة للفساد والمحسوبية منذ أعوام.
وقال: إنّ الحج تحوّل إلى "امتياز خاص" لدوائر تنظيم الإخوان، بعيدًا عن الرقابة والمساءلة، وإنّ الحجاج يُعاملون سنويًا كرهائن داخل منظومة فساد متكاملة.
ووفق وثائق وشهادات ميدانية، قاد عدد من المسؤولين داخل البعثة عمليات فساد شملت كل مراحل الحج، (الهدي وترحيل الحجاج، والسكن والإقامة).
وأكدت الوثائق أنّ فساد الهدي ظهر عند تحصيل مبلغ (720) ريالًا سعوديًا من كل حاج مقابل الهدي. وتم التعاقد مع وكيل لتنفيذ الهدي بـ (420) ريالًا فقط، باستخدام ماعز صومالي منخفض الجودة. وفرق السعر بلغ (300) ريال لأكثر من (12) ألف حاج، والمبلغ الكُلّي (3.6) ملايين ريال سعودي تقريبًا تمّ التلاعب بها هذا العام فقط.
أمّا عن ترحيل الحجاج، فقد تمّ توقيع عقود نقل بحري بأسعار مبالغ فيها وحافلات نقل متهالكة عرّضت حياة الحجاج للخطر.
تحصيل مبلغ (720) ريالًا سعوديًا من كلّ حاج مقابل الهدي. وتم التعاقد مع وكيل لتنفيذ الهدي بـ (420) ريالًا فقط.
وحول الإقامة والسكن فقد تمّ فرض عمولات على أصحاب الفنادق وابتزازهم، وإلزام الولايات بالتعامل مع جهات بعينها دون مناقصات لمصلحة أعضاء البعثة.
في تجاوز خطير، تدخل عدد من المسؤولين لإطلاق سراح أحد أعضاء البعثة، الذي كان يقيم بشكل غير قانوني في السعودية لأكثر من (4) أعوام، وهو متورط في مديونيات تجاوزت (200) ألف ريال. وتم استخراج تأشيرة حج له رغم المخالفات، ممّا تسبب في حرج دبلوماسي للقنصلية السودانية بجدة.
في سابقة فاضحة، تم احتكار التغطية الإعلامية للبعثة لصالح شركة "كردفان" المرتبطة بموقع "الحاكم نيوز" ـ إحدى أذرع الإخوان الإعلامية ـ بعقد مباشر دون منافسة، وتمّ تضخيم أسعار بطاقة الحاج من (4) ريالات إلى (15) ريالًا، ورفع تكلفة الوجبات من (25) إلى (55) ريالًا، ضمن حلقات متصلة من الفساد.
ما يُعرف بـ "مافيا الحج السودانية"، التي يقودها عناصر من الإخوان، تنفذ أجندتها تحت حماية مباشرة من حكومة بورتسودان التي صمتت طويلًا عن هذا الفساد، بل ساهمت في ترسيخه عبر تعيينات سياسية وتوزيع المناصب على أساس الولاء الحزبي لا الكفاءة.
ويؤكد مراقبون أنّ هذه الفضيحة ليست سوى نموذج مُصغّر للانهيار المؤسسي في السودان، حيث تدار القطاعات الحيوية وفق منطق الفساد السياسي لا الإدارة الرشيدة.
يُذكر أنّ فضيحة بعثة الحج تكشف عمق الانهيار في مؤسسات الدولة السودانية، وتؤكد أنّ تحالف الإخوان مع سلطة بورتسودان ما يزال يعمل بأدوات الفساد نفسها التي أسقطت نظامهم في 2019.